بعد سنوات اليوم جاءت بنتي إلى الحياة وأنا ناجحة وفخورة بعملي

عيشوا حياتكم وحققوا أنفسكم قبل الحزن على الإنجاب كنت فتاة في بداية العشرينات من عمري تزوجت من صديق لي بالجامعة وكنا على وفاق في كل الأمور تقريباً، ولكن كنا نعاني من تدخل الكثير في أمور حياتنا والتساؤلات التي لا حصر لها عن المستقبل والخلفة والأولاد وماذا نفعل في أمورنا في فترة من الفترات توقفت عن الإجابة عليهم وقررت أنني لن أسمح لأحد بالتدخل في حياتي ولو وصل الأمر باحراجهم .. فقد أصبحت حياتي بشعة وإن لم نكن نفكر في الأمر قررنا التفكير فيه ! لماذا تمر الأعوام ولم ننجب بعد ؟ هل هناك مشكلة فكل منا سليم على حد علمه ؟ هل فعلاً تأخرنا بعد مرور 4 سنوات من الزواج الذي كان فيه الحلو والمر ولكن معاً كانت الحياة تمر. وبدأت التساؤلات تزداد بعقولنا والحياة تقف ولو لحظات بدون الشعور بالزمن فاليوم مهم لنا تاريخ من ضمن تواريخ حلوة كثيرة نحتفل بها سوياً ولكن لا احتفال ولا ذكرى والعقل مشغول بسؤال واحد، لماذا لم ننجب بعد.. وفي لحظة قررنا فتح الحديث معاً والذهاب للطبيب لمعرفة الأسباب، وهنا كانت المفاجأة !. أول طبيب قرر أن الرحم مقلوب ولا يمكن الخلفة، والثاني أكد أن هناك مشكلات تحتاج لأعوام كي تُحل، والثالث قال أرضوا بما كتبه الله لكم فلعل فيه خير ؟ الذهاب للمنزل في هذه الحالة كان أمر صعب .. أيام من التفكير مرت وكأنها سنوات، والصمت سيد الموقف. قرر زوجي أن نجرب ونخوض فترة العلاج ومهما مر الوقت نحن سوياً، بداخلي كنت أشعر أن الكلمات التي ألقاها هي مجرد تهدئة للموقف، ولكن لا يمكن الصبر كثيراً، ولكن قررت أن أخوض تلك الفترة وأتحمل وعقلي يشت "كيف يحدث هذا لي .. هل اخطأت في حق الله .. هل أنا لا استاهل أكون أم .. ممكن أتعالج فعلاً .. ياترى زوجي هيستحملني لحد أمتى"، فتاة وصلت لمنتصف العشرينات كانت طموحها أن تعمل ويكون لها اسم ومستقبل مع زوجها، لديها الكثير من الأحلام تريد تحقيقها وتكمل دراستها وتصبح دكتورة في الجامعة، وكل هذا توقف في لحظة ما والتفكير كله فقط "هل سأكون أم". مرت أشهر كانت هي الأصعب في تاريخ حياتي العلاج يسبب الاكتئاب والنوم المستمر، لا أرغب في الحديث مع أحد، أصبحت دبلة وليس لدى أحلام، تركت العمل، وتوقفت عن الشغف اتجاه أي شيء، لا خروجات ولا جلسات سوياً بين وبيني زوجي تحدث فيها معاً كما كنا نفعل، البعد بيننا يزداد، والألم بالداخل يزداد، والجميع يتفرجون ويتساءلون ونحن ليس لدينا إجابة!. هنا جاء دور زوجي بعدما استبقظت في يوم لا أعرف من أكون، بكاء مستمر وخوف ورعشة، نظر لوجهي بشدة وتسأل أين ابتسامتك، فلم أكن حتى على استعداد لذلك، فقرر أن نتوقف عما نفعله لن أخذ العلاج مرة آخرى، سأذهب لطبيب آخر، سأتوقف عن الجلوس بالمنزل وحيدة طوال اليوم، وسأعود للعمل مهما كلف الأمر، وسأتعلم أي نشاط جديد، وسنبدأ رحلة آخرى سوياً ولكن رحلة من أجل السعادة وعدم تدمير منزلنا، رحلة لاستعادة أروحنا التي ضاعت، رحلة للحياة التي كنا نرغب وليست التي يرغبها الآخرون لنا، رحلة لنا نحن الاثنان فقط لا غير. بالفعل بدأت في الخطوات كانت صعبة بالبداية ومليئة بالألم فقد ظللت بالمنزل لأشهر لا أذكر منها شيء وكأن هناك ذاكرة ممسوحة، تائهة بين البشر، ولكن لدي الرغبة في استكمال ما قررنا فعله معاً، كان يأخذني معه بالصباح أثناء الذهاب لعمله، أجلس في إحدى الكافيهات أفطرواقرأ الكتب حتى أجد عمل آخر يتناسب معي وأتعلم فيه الجديد، مرت الأيام وتعلمت لغة جديدة وعملت في شركة متخصصة بمجال التكنولوجيا والتقنية، كنت أثبت نفسي يوماً وراء يوم وأحقق الانجازات، وعادت نظرته بالفخر، وعادت نظرتي لنفسي بالفخر، وأصبح بيتنا يملؤه الحيوية من جديد، ونتقابل مع الأصدقاء ونقوم بالأنشطة المختلفة سوياً. ولكني في لحظة قررت أن أذهب لطبيب آخر شكرت فيه إحدى صديقاتي، وكانت المفاجأة ! "أنتِ سليمة 100% لا يوجد أي أمر يدعو للقلق فقط الراحة والحالة النفسية وسيرزقك الله قريبًا، لا أرغب في رؤيتك إلا قبل 3-4 شهور وستأتي بالأخبار السعيدة. قررت أن لا أفصح عن ذلك الخبر السعيد له، كنت أعلم أن يحتاج إلى سماعه ولكن كنت أخاف أن أعشمه بأمر من الممكن أن يتأخر أكثر من ذلك، ولكن بعد 3 شهور فعلياً بدأت الأعراض تظهر ولا أعرف أن كانت أعراض حمل أم أنها مجرد آلالام بالرحم والمعدة والقاولون العصبي الذي دمرني كثيراً. تمر الأيام وقررت أن أقوم بعمل تحليل وها هي النتيجة التي انتظرتها كثيراً وكثيراً، فأنا حامل، لم استطع الانتظار للعودة للمنزل وأتصلت عليه تليفونياً وأخبرته وكان البكاء هو حليفنا، اختفينا عن أعين كل من حولنا، 9 أشهر وأصبحنا أم وأب لأجمل بنت في الدنيا، فرحة لا مثيل لها، نظرة لها تنسيني كل مامررت به في حياتي, فلكم نصيحتي لا تستمعوا لكلام الناس، عيشوا حياتكم، كونوا أنتم، حققوا أنفسكم، وتعلموا، اليوم جاءت بنتي إلى الحياة وأنا ناجحة وفخورة بعملي وعمل زوجي وحققت نجاحات كثيرة لم أكن أتخيلها يوماً، نورت حياتنا في الوقت الصح والمناسب لينا حقيقي، فالصبر والتمسك بالأمل والأحلام هم الحياة فعلاً.