إعاقة الفكر أصعب من إعاقة الجسد

ننظر للاعاقة على انها اعاقة لاعضاء الجسم ولكنها تكون معظم الاوقات اعاقة الفكر والقلب فإعاقة الجسد نستطيع ان نتغلب عليها ونتأقلم معها الا ان الاعاقة عندما تصل الى الفكر فهي تشل حركة الجسد تجعله يدور كالخنفساء لا وجهة له ولا هدف لهذا قررت التغلب على اعاقتي وقررت ان اجعلها دافعي لابلغ ما اريد .ولدت بإعاقة في قدمي اليمنى تجعل منها اقصر من اليسرى كانت حال اهلي معدمة وكنا نقطن في حي شعبي يسيطر عليه الجهل والعادات السيئة فكيف يتطور قوم هجرو العلم وبات التحشيش هو همهم الاكبر كان والدي نظرا لبؤرة الفساد التي نعيش فيها متشددا كثيرا لا يسمح لنا بمخالطة.اولاد الجيران ولا يسمح لامي بالخروج كان فقيرا ولكنه كان عفيفا لايقبل مساعدة احد كنا ستة اخوة وكان راتبه يكفينا عندما كنا صغارا ولكننا بدأنا نكبر سنة تلو الاخرى ويكبر مصروفنا وراتبه على ماهو عليه وبما انه كان متشددا كثيرا كان لايسمح لنا ولامي الا بالخروج لمجالس الذكر وبدأنا بالالتزام الديني وكان هذا فاتحة خير لامي فصوتها الجميل في الانشاد جعل لها عملا تكسب من ورائه مايسد بعض احتياجاتنا ومايكون سندا للنقص الذي كان يفوق قدرة والدي ومع نضوجنا اكثر كان يزداد تشدد والدي لدرجة انه وصل الى اغلاق النوافذ بالاخشاب واذا جاءت زميلة لي كي ندرس سويا يجلس معنا كي يعرف عن ماذا نتحدث فخوفه اصبح هاجسا .وصعقني عندما اخذ قرارا بالنيابة عني اني لن اكمل تعليمي ذهلت وبكيت بشدة فامتحانات الشهادة الثانوبة على الابواب كان كلما رأى كتابا في يدي اخذ بتمزيقه كنت اتعاون انا واخوتي على اخفاء الكتب كان يفعل هذا ظنا منه انه باستطاعته ان يحمينا من العالم الخارجي بعزلنا عنه ولكن انا واخوتي اصرينا واتحدنا على ان ندعم بعضنا ونساعد بعضنا في تكميل دراستنا فعندما يغادر والدي المنزل صباحا يخرج اخي المفتاح الاخر ويفتح لنا الباب ونذهب الى مدارسنا وامتحاناتنا وفي بعض الاوقات نتغيب لجلوس والدي في المنزل وفعلا نجحت في امتحان الشهادة الثانوية ومجموعي اهلني لدخول الادب العربي وفعلا دخلت كلية شرعية بالاضافة الى قسم الادب العربي واستمرينا في الدراسة وفي السنة التي تلت نجاحي نجح اخي واختص بهندسة الكهرباء رغم انه اضطر للعمل مع الدراسة لسوء حالنا المالي وكان اهل الخير يقدمون لوالدتي مساعدات في نفقات دراستنا لعلم بعضهم بتشدد ابي وتخرجت وتخرج اخي وايضا اختي درست المحاماة وجاء اليوم الذي علم به والدي ماكنا نفعله .استشاط غضبا على والدتي وانهال عليها بالضرب وبقيت صامتة الى ان انتهى واعتزلنا ولكن فاجأنا رد فعله بعد الهدوء جمعنا كلنا واعتذر لنا وابدى فخره بمافعلناه وعاهدنا على اتمام تعليم بقية اخوتي حتى لو اضطر الى العمل طوال اليوم وفعلا اكمل اخوتي الثلاثة دراستهم وتخرجو باختصاصات مختلفة ولكن لم تفارقني اعاقتي بدأ العرسان يدقون بابنا ولكن ليس لي بل لاخواتي اللاتي هن اصغر مني وفعلا في مدة قصيرة تزوجت اختي واخي واختي الثانية خطبت وانا اجلس متفرجة ولكن لست معترضة على قضاء الله الى ان جاء شاب على خلق كبير كان معنا في الكلية وكان التزامي يعجبه وتقدم لخطبتي فرحت كثيرا لانني سانشئ عائلة مثل باقي اخواتي وزميلاتي وفعلا تزوجنا وكان عونا لي في عملي وانجبت ثلاثة اولاد في غاية الروعة.