بأي ذنب يعاقب ذوي الاحتياجات الخاصة...
ولدت بعيب خلقي بقدمي مما دفع و الدي لإتخاذ قرار صعب لكنه كان لمصلحتي. اخذني والدي لبريطانيا للعلاج لاول مرة و انا لم اتجاوز بعد العام الثاني من حياتي.. عدت لبلدي و كانت اموري طيبه لكنني للأسف نتيجه للشقاوة و عدم ادراكي للعواقب الوخيمة الناتجة عن التسلق فوق أعلي شجرة بالحديقة و السقوط منها و كسر رجلي . لم أخبر ماما بأنني وقعت من فوق الشجرة ، فقط شكوت من عدم المقدرة علي المشي...اتصلت و الدتي ببابا و اخبرته انني كسرت قدمي . و تم وضع قدمي بالجبس لشهور دون فائدة و اتصل و الدي بالطبيب المعالج ببريطانيا و الذي نصح و الدي بإحضاري لبريطانيا .سافرنا و جلست بالمشفي و كان علي و الدي تركي هناك لان العلاج مدته طويله و يتطلب وجودي هناك. اتخذ اهلي هذا القرار الصعب...قرار العقل و ليس العاطفه و الذي انا ممنونه لهم علي اتخاذه رغم صعوبته. اصبحت بين ليله و ضحاها طفله في السادسه في مستشفي ببريطانيا ، اعيش في غرفه خاصه لها باب زجاجي كبير يطل علي حديقه ذات أشجار كثيفة . كنت لا اتحدث غير بضعة كلمات من اللغة الانجليزيه .كان هذا يسبب لي ضيقا شديدا و كنت أفتقد ماما و بابا و اخوتي و كان لدي صورهم في برواز بجانب سريري.انظر لتلك الصور فأحس بالوحشه و الشوق لهم ، شعرت بالغربه و بالوحده و كنت ابكي بصمت...كنت المريضه التي يدللها جميع الاطباء و الممرضات . أصابني نوع من الحدة و الغضب لانني كنت لحالي و لأنني كنت لا استطيع التحرك من فراشي. قررت هيئه الاطباء نقلي بالصباح لعنبر الاطفال و كنت أعود لغرفتي في مواعيد الوجبات ؛ هذا أدي لتحسن نفسيتي .كانت هناك مدرسه تقرأ لنا و كنت العب مع الاطفال و أعود بروح الطفله التي كادت ان تختفي بين جدران غرفتي. أقدر اختيار ابي رحمه الله عليه لهذه الغرفه الخاصه و التي كانت باهظه الثمن لكن العنايه كانت مكثفه و الطعام متنوع و شهي و موقعها استراتيجي مقابل مكتب الممرضات. كل العوامل التي تساعد علي الاكتئاب كانت متواجدة....الاحساس بالوحدة و الشوق لأسرتي و الشعور بأنني مكبله بالجبس اي لا حراك و لساني عاجز عن التحدث بلغة الفرنجه، و الخوف من ظلام الليل و الاشجار التي كانت تبدو لي كألاشباح حين يحركها الهواء!! خوفا علي حالتي النفسيه قرر والدي نقلي الي سكن داخلي خاص بالاطفال الذين لديهم حالات مرضيه..قضيت هناك اجمل ايام و بعد اسبوعين انطلق لساني و لم اتوقف عن التحدث باللغه الانجليزية لدرجه انني نسيت لغتي الام ..اللغه العربيه. بابا كان يحضر لزيارتي و كثير من الاهل و اصدقاء الاسرة كانوا ياتوا من لندن لزيارتي . عدت لبلدي بعد سنوات العلاج ، و هناك وجدت نفسي غريبه لا اتحدث العربيه .أجمل مكان و مصدر الحب و الآمان هو في منزلنا بين والدي و اخوتي . عانيت من عقدة الظلام لفترة و اذا كنت أريد الذهاب لدورة المياة كنت أيقظ اختي و اطلب منها مرافقتي! و في المدرسه كان عذاب من نوع آخر كان الاطفال يتاهمسون و يضحكون علي رجلي التي كنت البس فوقها واقي من الجلد...كانوا يعايروني و كنت اضربهم بسوط اقطعه من الشجر.جلست ماما معي ساعات تخبرني ان هذا خطأ في التعامل و انه يجب ان أكون فخورة بنفسي فأنا كنت متفوقة في المدرسه . ماما و بابا و اخوتي كانوا صمام الآمان ، نبع الثقه و الحب..لم يشفقوا علي بل اعطوني الكثير من الحب و الدعم العاطفي. كبرت و لدي ثقه بنفسي و مقدراتي نعمه من رب العالمين. في سن المراهقه دب الخوف في قلبي من عدم اعجاب الشباب بي. و كان لي اصدقاء من الذكور يعتبروني صبي مثلهم!! لم أري نظرات حب أو اعجاب و كنت اظن ان قدمي هي السبب. نوعا ما هي كانت السبب ، فالشاب الشرقي ينظر فقط للشكل الخارجي و ليس المضمون. و لاحقا في الجامعه عندما يتعرف بي زميل و يكون اول سؤال ماذا حل بقدمك؟ كنت اتركه و اذهب ...شعرت ان الانسان الذي لديه اي نوع من الاعاقه ينفر منه الناس و هو لا حول له و لا قوة. مع مرور السنين اصبحت اكثر صلابة و لا ابالي بقدمي...طلبوني للزواج عدة اشخاص و العامل المشترك انهم لم يسألوني ما هي مشكلة قدمك. الحمدلله اعيش حياة طبيعيه 100%درست و تخرجت و تزوجت و اصبحت ام و اعمل . و الشكر لله و لماما و بابا و اخوتي الذين أعطوني كل الحب و الدعم ولم يخجلوا مني أو يعايروني يوما ما. نصيحتي لكل ام و اب : أدري ان الإعاقات متنوعه و التعامل معها و الصبر عليها و تقبلها ليس بالسهل. فالمجتمع قاسي و لا يتقبل و اذا تقبل نظرته نظرة شفقة و ليس نظرة قبول و حب. علي الوالدين عدم الشعور بالحرج من حاله ابنتهم أو ابنهم، وعليهم عدم الشعور بالشفقة علي حالته لان هذا يؤثر علي نفسيته سلبيا. الحب و التشجيع و قبول هذه الاعاقه مهما كانت صعبه تساعد المصاب علي قبول حالته و علي ايجاد القوة و الأشياء الايجابيه بداخله. المجتمع جلاد لا يرحم و عين الناس و السنتهم مثل الخناجر... بأي ذنب يعاقب الشخص ذوي الاحتياجات الخاصه... و دوما تسبق كلمه يا حرام ابن فلان معاق.... لن نرتقي بأنفسنا طالما كان مجتمعنا جلاد ظالم و قاسي اين ذهبت الرحمه؟ و الرحمه في نظري هي تقبل هذا الشخص ذوي الاحتياجات الخاصه و احترامه و تقدير حالته دون التفريق و دون استخدام كلمه يا حرام... يجب توعيه الامهات و الآباء بحاله طفلتهم او طفلهم و تقديم يد العون و توعيه الاطفال بالمدارس فالطفل يعاني بين مقاعد المدارس من زملائه و حتي المدرسين...يجب تثقيف و تهذيب المجتمع كافة.
شارك في الاجابة على السؤال
يمكنك الآن ارسال إجابة علي سؤال
كيف تود أن يظهر اسمك على الاجابة ؟
-
- 0
- اعجبني
- .
- اضف رد
- .
- عرض الردود
- .
- 07-08-2019
-
اعلم انه يجب ان يكون همالك توعية لكل افراد هذا المجتمع الذي يحقر ويستهين بهذه الفتئة المميزة عن الجميع ونصيحتي لكك يا بنتي بعد قرات قصتك المؤثرة هو انه عليك مواجهة كل من سخر منك، ليس بضعفك، بل بإنجازاتك ونجاحاتك.. ثقي أن أسعد ايامك لم تأت بعد.وان شالله ربنا بعوضك على صبرك وتحملك للاذى
شارك في الاجابة على السؤال
يمكنك الآن ارسال إجابة علي سؤال
أضف إجابتك على السؤال هناكيف تود أن يظهر اسمك على الاجابة ؟
احدث الوصفات
فيديوهات ذات صلة
مقالات ذات صلة
اختبارات ذات صلة
أسئلة ذات صلة
مقالات ذات صلة
احدث مقالات قصص النجاح
احدث الوصفات
احدث اسئلة قصص النجاح
اسئلة من بلدك
احجز استشارة اونلاين