قصة زوجة انقذت عائلتها
تزوجت زواجاً تقليدياً ولم أكمل بعد الثامنة عشرة من عمري ، وحصلت على شهادة الثانوية بمعدل جيد بعد زواجي بعدة شهور. وكأي زواج تقليدي، بدأت رحلة المعاناة بعد الاشهر الاولى. اكتشفت الفارق العقلي والعائلي والفرق في العادات والتقاليد. كما بدأ زوجي بمشوار التشكيك وعدم الاقتناع بما انا عليه والمقارنة بين ما تربى عليه ، وبين ما تربيت عليه. وحاول ارغامي بطرق فظة على تبني طريقته في رؤية الامور، ومنعي من المشاركة في القرارات التي تهمنا كشريكين . ولم اكن ارضى بذلك . وبرغم اقتناعي ان لدى زوجي ، مثله مثل أي انسان آخر، لديه عيوب ومساوىء ، كما لديه خصال حميدة ، الا انني لم اكن ارى فيه الا المساويء التي كانت تتضخم في نظري يوما بعد يوم. كان اشبه ما يكون بطفل يريد الحصول على كل شيء بالعناد، وكنت لا اقل عنادا عنه ،مع مرور الوقت تطور سوء التفاهم بيننا ، الذي كنت افسره احيانا بسبب فارق السن بيننا ، وإلى عقلية السيطرة الذكورية وشعوره بالتفوق كرجل ، لم اكن اعرف لقلة خبرتي سوى اسلوب الاعتراض العصبي الدائم له في الكثير من الامور، وبأسلوب فج يخلو من الحكمة ، فصار امعانا في اغاظتي ، يلجأ إلى اسلوب التهديد بالزواج الثاني بعد كل مشكلة تحدث بيننا ، وكنت لا ابالي ، لأنني كنت استبعد ان يفعلها وخصوصا ، بعد ان صار لدينا طفلين. الا اننا وصلنا لمرحلة مسدودة ، وبدأت رحلة العذاب والصبر بالتنازل عن كثير من حقوقي ، وذلك خوفا على مصير عائلتي واطفالي ،ونتيجة للخوف من ان يلجأ الى زواج ثاتي، اضفت الى العائلة ثلاثة اطفال جدد، ظناً مني ان شعوره بالمسؤولية ربما اعاد اليه رشده ، الا ان الخلافات بيننا تصاعدت اكثر فأكثر وتصاعد معها تهديده بالزواج . كانت الحالة المادية لزوجي ميسورة ، فهو يمتلك ورشة للخياطة الجاهزة ، ولا ادري لماذا استبعدت ان يلجأ زوجي للزواج مرة اخرى، وخصوصا انه كان في وضع مادي يمكنه من الاقدام على هذا الفعل ، اضف الى ذلك ،انه كان عنيدا جدا ومتشبث بآرائه حتى لو ثبت له بالواقع بطلانها . كما انه ليس من النوع المرن والحكيم ،فقد كان عناده وحبه للمماحكة والسيطرة قويا بحيث يعميه عن التبصر بنتائج عمله . كنت وبرغم خلافاتنا ،أحبه حبا جماً ، وبمرور السنوات تعلقت به ،فهو مرآتي للعالم الخارجي وسبيلي الوحيد للحياة .كنت احاول التنفيس عما يصيبني منه من غضب وآلام وجروح ،من خلال جارة او صديقة ابثها همومي ، الا انه سد على هذا المتنفس من خلال ردود فعله العنيفة على مخالطتي لجاراتي ومحاولاته منعي من الالتقاء بأحد ، الى ان اتت الازمة التي عمت سوريا وتهجرنا من بيوتنا، وظننت اننا معها تركنا خلافاتنا وراءنا ، إلا ان هذا لم يحدث، بل ازداد قسوة وتقريعا لي ، كان دائما يحملني نتيجة كل الاخطاء والعثرات، ويحملني ذنوبا لست مسؤولة عنها . بعد ان فقدنا بيتنا في الحرب ،تهجرنا وانتقلنا للسكن في بيت اهله الذي ضم اضافة الينا، والديه واخته واخاه وزوجته واولاده .واتسعت شقة الخلافات بيننا والتي اضيف اليها هذه المرة عدم الاستقرار وتدخل الجميع في خصوصياتنا ،فكنت انام انا واطفالي الستة مع امه في نفس الغرفة وكانت اخته العزباء دائما تقتحم الغرفة علينا، بدون سابق انذار بحجة امها الضريرة المقعدة، وكنت اعامل امه كانها والدتي، ولكن كل هذا لم يشفع لي ، فإصراره على الزواج الثاني ظل مخبئا إلى حين. تصاعدت وتيرة الخلافات مع اهله واضطررنا الى ترك منزلهم والاقامة كلنا في غرفة واحدة بفندق .ارتحت نفسيا لمدة ثلاثة اشهر ، ظننت خلالها ان مركبنا قد سار،ولو انني كنت اشك في تصرفاته خلالها، الا انني لم ابحث، ولم ادقق ، وكنت اكذب نفسي واتغافل عن الكثير من تصرفاته التي تشي بعلاقته بامرأة، وبقيت على حسن نيتي ، الى يوم جاءني فيه هو بالخبر الذي زلزل كل كياني والذي زفه لي بهدوء وبرود قاتل ، قالي لي انه قد تزوج من اخت عاملة عنده في ورشة الخياطة.. وضعني تصرفه امام الامر الواقع، ولكي يبرر فعلته اخذ بنبش خلافات الماضي. اصابتني الصدمة في اللحظات الاولى بالعجز .لا ادري ماذا سافعل وكيف ساتصرف ، ولحظة لاحت مني نظرة الى اطفالي الخمسة ، تراءت لي مثل شريط سينمائي سريع مدى البؤس الذي سيحل بهم اذا ما تخليت عنهم واخترت الطلاق . لاحت في مخيلتي عذابات كثيرة لا قدرة على تخيلها، يقاسيها اولادي وانا بعيدة عندهم ،وقررت ان اواجه بشجاعة الواقع الذي اجبرت ان اعيش فيه ، وامعانا في اذلالي فقد أتى بزوجته الجديدة لتعيش معنا في الغرفة ذاتها ، كنا ثمانية اشخاص نعيش في غرفة واحدة ، ومع ذلك صممت على عدم التراجع ، واخذت قراري بأن ابقى قوية واستمر في رعاية هذه الاسرة .وفكرت بشكل عملي، اذا طلبت الطلاق وفي مجتمع محافظ كمجتمعنا، ففرصي بحياة افضل تكاد تكون معدومة . الطلاق معناه ان ان افقد اولادي واعود الى بيت ابي وزوجته كخادمة ومربية، وفي احسن الاحوال، ان اتزوج بأرمل او مطلق لأربي له اولاده ، وتساءلت بين وبين نفسي اليس اولادي اولى برعايتي من رعايتي اولاد الاخرين ؟ وما الذي يدريني ان من سزتزوج به لا يكون اسوأ من زوجي؟ ليست لدى أية ضمانات بأي شيء اذا ما اخترت الانفصال . فقررت الصمود ، ومواجهة قدري بعزيمة وتصميم، لم اتح اية فرصة لضرتي من اخذ دوري كأم .لم اعطها أي مجال للعب دور الام الثانية ،صمتت اكثر فأكثر على ضرورة تحفيز اولادي على العلم ، وركزت على هذا الامر وخصوصا بنتي الكبرى التي كانت تستعد لامتحانات الشهادة الاعدادية ، اريد لبناتي بالذات ان يتابعن ا تعليمهن ويكن اقوياء في مواجهة ظروف ممثلة ، لا اريد لهن ان يتعرضوا الى ما تعرضت له من ظلم . كان هم الزوجة الثانية ان تنجب، وخصوصا انها باتت كبيرة في السن، فهي اكبر مني واكبر من زوجي عمرا . نعم ، قررت ان اتصرف بحكمة .تحملت تلك الزوجة على مضض، وصرت اعاملها كصديقة وليست كضرة ، وذلك لقناعتي الاكيدة ان مشكلتي ليست معها ، بل زوجي الذي تزوجها واعطاها الفرصة لاقتحام حياتنا . جاء خبر حملي بالطفل السادس صاعقة لها وله .وشعرت بمزيد من الامتعاض والغيرة . وبدأ احساسي بلفها ودورانها، فامامي كانت تبدي حسن النية .وبما انها تعمل معه في الورشة فقد كانت تبث له سمومها في العمل .كانت تحاول استغلال جميع ما يحصل من مشاكل بيني وبينه لصالحها سعيا وراء تطليقي منه ، لم اكن اعلم الى اي حد شكل إصراري على رعاية اسرتي بالشكل الصحيح ،والصبر على هذا الوضع المأساوي تكسيرا لخطتها في الاستحواذ على زوجي ، كأني بذلك كنت ادفعها للجنون .وعندما وضعت طفلتي، عملت بشتى الوسائل على ان تأخذ مكاني في رعايتها كأم لها، الا انني لن افتح لها اي مجال لتحقيق ما تريد. بقينا على هذا الوضع سنتين كاملتين، واستمرت خلافاتنا بشكل متواري، ولكن دون تصعيد من جانبي، ولكن حسن نيتي وعقلانيتي دفعتها للجنون والى التصرف بنزق وعصبية ، ومع تكرار المواقف المشابهة بينها وبينه ومع مرور الوقت بدأ زوجي يكتشف سلبيات زوجته الثانية وانانيتها لا بل وبخلها ،وبدأ بالمقارنة ، فتحولت نقاط ضعفي الى قوة ،وعندما يئست هي من محاولة ازاحتي عن دربها. قررت ان تبتعد . فجأة ، ودون سابق انذار ،لملمت اغراضها وحوائجها وعادت الى بيت اهلها ،وفي ظنها انني سوف اخرب حياتي مع زوجي بعصبيتي، وانه سيلجأ إلى استرضائها ، الا انه فاتها عناده ،وانها بانسحابها وطلبها للطلاق ، قدمت لي فرصة ذهبية انتظرتها بفارغ الصبر، مع الدموع والآلام والاذلال والغيرة التي اعتملت في صدري طوال اكثر من سنتين . لقد كانت فرصتي الثمينة، وقررت ان لا اضيعها هذه المرة .بدأ مشواري من هنا ، اعدت اجواء الهدوء والثقة الى حياتنا العائلية ، وبينت لزوجي تمسكي به ، وبدأت اهتم به وبمشاكله ، وبدأت اشاركه اهتماماته وهمومه وابين استعدادي التام للتضحية من اجله ، وانه زوجي الذي احب والذي لا يمكنني التفريط به . استعاد زوجي الهدوء وبدا اكثر التصاقا بب وأسرته ، وكان الندم باديا عليه ، الا انه كان لكبريائه يعف عن الافصاح عنه، وانا بدوري لم اشأ ان افتح الباب لعتاب افتح به جروح الماضي ، فقد تبين لي وباعترافه انه أخطأ كثيرا بفعلته ، وانه نادم على ما تسبب لي من آلام ، وبدا مستعدا لفتح صفحة جديدة في علاقتنا ، قلت له انني صفحت عنه وانه زوجي وأبو اولادي الذي لا يمكنني التضحية والاستغناء عنه . جن جنونها ،وحاولت بشتى الوسائل استعادته والتودد اليه، ولكنه رفض كل محاولاتها. نعم، لقد صبرت على وضع لايحتمله عقل بشر ولا حجر، كنت اشعر كلما دنى منها بالمذلة والمهانة، تصوروا! انا وزوجي وامرأة اخرى ننام على نفس السرير، لم تتمالك نفسها هي الاخرى ، ومؤكد انها كانت تشعر بالغيرة والمهانة وهي بمثل هذا الوضع، فحاولت الضغط عليه من خلال حردها، الا ان النتيجة كانت عكسية تماما ، وعدا عن هذا كله لم تحسن الاستفادة من النقاط التي كان يكرهها زوجي عندي، بل زادت عليها ، مما جعله يقارن بيننا، وخصوصا في اوقات الشدة والسقوط، ودعمي الكامل له ماديا ومعنويا ، الامر الذي لم تقو عليه ، كان كل ذلك في صالحي . فصمم زوجي على طلاقها وعاد إلى والى اسرته . وهكذا عادت حياة الهدوء والانسجام الى اسرتي . تركت اسلوب التعنيف واستبدلته بأسلوب ايجابي يعكس طابع المحبة والحرص . بعدها قرر زوجي ترك الغرفة التي كنا نسكنها في الفندق ، واستأجر لنا بيتا مناسباً ، ولكن الاهم هي اجواء الهدوء والتفاهم التي بدأت تعرف طريقها الينا. هكذا اجتزت اصعب تجربة في حياتي، تجربة كانت ستطيح بكل ما انجزته ، وكان يمكن ان تؤثر على مستقبل اطفالي الذين تمكنوا شيئا فشيئا من استعادة الهدوء والاستقرار الذين يحتاجونه!
شارك في الاجابة على السؤال
يمكنك الآن ارسال إجابة علي سؤال
كيف تود أن يظهر اسمك على الاجابة ؟
- الدكتورة سناء مصطفى عبده بارك الله بك، وشكرا جزيلا لمشاركتنا قصتك لتكون مثالا على حاجتنا للصبر رغم كل القهر من الرجل، في هذا المجتمع الذكوري لتثبتي للنساء وللجميع ان الصابرين على خير.وفقك الله وادام عليك الصحةمحبتنا
- 0
- اعجبني
- .
- اضف رد
- .
- عرض الردود
- .
- 01-07-2016
- أخصائية علم النفس والتثقيف الصحي ميساء النحلاوي احييك على حكمتك وصبرك ونجاحك.
- 0
- اعجبني
- .
- اضف رد
- .
- عرض الردود
- .
- 26-01-2017
- 0
- اعجبني
- .
- اضف رد
- .
- عرض الردود
- .
- 06-12-2016
- 0
- اعجبني
- .
- اضف رد
- .
- عرض الردود
- .
- 03-07-2016
- 0
- اعجبني
- .
- اضف رد
- .
- عرض الردود
- .
- 29-06-2016
شارك في الاجابة على السؤال
يمكنك الآن ارسال إجابة علي سؤال
أضف إجابتك على السؤال هناكيف تود أن يظهر اسمك على الاجابة ؟
احدث الوصفات
فيديوهات ذات صلة
مقالات ذات صلة
اختبارات ذات صلة
أسئلة ذات صلة
مقالات ذات صلة
احدث مقالات قصص النجاح
احدث الوصفات
احدث اسئلة قصص النجاح
اسئلة من بلدك
احجز استشارة اونلاين
شارك في اخر الاختبارات