تخلصت من بخل والدي وأصبحت أكثر استقلالاً
أنا فتاة في الثالثة والعشرين من عمري. عانيت كل حياتي من بخل والدي الشديد و نزاعه الدائم مع والدتي حول الموضوع. فبالرغم من حبي الشديد لوالدي واحترامي له كونه انسان عصامي وعمل كثيراً على جمع ماله واستقرار حياته إلا أنني لم أستطع خلال حياتي أن أتقارب أو أتفهم الفكر الذي يدير به هذا المال. فهو يشعر دوماً أنه مضطر لجمعه وتكديسه دون أن يصرف منه ربما لشدة خوفه من الفقر الذي كان يعيشه في طفولته ولكن أنا بالنسبة لي كنت دوماً أفكر أن هناك احتياجات أخرى ينبغي للمال تلبيتها عدا عن أن يحقق لنا الأمان المادي في حال حصل شيء في المستقبل. يعني كنت أرى أننا يجب أن نستغل جزءاً من مادياتنا للاستمتاع في الحياة وخوض التجارب طالما أن الله قد أكرمنا ورزقنا ولكن والدي بقي شديد التحفظ في هذا الموضوع ولم يكن يقبل أن يتجاوب مع طلباتنا نهائياً. حتى أنه كان كثيراً ما يتشاجر مع والدتي بسبب أي طلب تطلبه مهما كان سخيفاً والمشكلة أن أمي ربة منزل وهي غير عاملة وكان يطلب منها دوماً تدبر أمرها بمبالغ قليلة لذا دوماً كانت تفضل نفسها علينا وتستخدم هذا المال لمصروفنا فقط دون أن تشتري شيئاً لنفسها فاضطرت أن تبخل على نفسها أيضاً وتضطر على سبيل المثال أن تبالغ بالاهتمام بقطع الملابس التي لديها كي لا تضطر لشراء غيرها. كانت دوماً تعتذر عن الكثير من المناسبات الاجتماعية أو الخروجات لأنها لم تملك ما يكفي لمجاملة هذه المظاهر الاجتماعية. بالطبع في طفولتي لم أكن ألحظ هذه الأشياء إلا أنني بعدما كبرت لاحظت مدى التفاني الذي عاشت به امي طوال حياتها ومقدار التضحيات الذي قدمته لنا. الحق أن والدي لم يقصر في موضوع دراستي متلاً يعني لم يجرب إطلاقاً أن يمنعني من المتابعة أو من التأفف من مصاريف الجامعة ولكن كان مقنناً جداً في أي مصاريف أخرى سواء الملابس أو الخروج أو المواصلات أو ثمن فنجان قهوة في الاستراحة بين المحاضرات وكان يقول أنني أبذر أمواله بهذه الحركات التي لا داعي لها وكان هذا يحز في نفسي فالحياة الاجتماعية تجبرنا على مواقف معينة كأن ندفع ذات مرة بدل صديقة مثلاً أو أن نضطر لشراء قرطاسية إضافية أو رسم تسجيل لأامر ما أو معاملة ورقية وكنت أشعر أي حدث مفاجىء من هذه أشبه بالجبال على كتافي لانه يسبب لي الإحراج الشديد وغالباً لا أملك المبلغ أو أملك ولكن سيلومني أبي على صرفه. بقيت على هذه الحال حتى نهاية عامي الدراسي الثالث حيث أقامت صديقاتي عيد ميلاد مفاجئة لصديقة مقربة وطلبوا مني أن تتم المفاجأة في منزله كونه المنزل الأقرب إلى الجامعة ومناسب أكثر للحجة التي خططوا لها وعندما اتصلت بأهلي لأستئذنهم بإحضار صديقاتي ثارت ثائرة أبي وبدأ بالصياح أنه غير مضطر لاستقبال الكثير من الضيوف وسيكون مجبراً على إكرامهم والتكلف وإحضار ضيافة أو مشروبات أو ماشابه وشعرت بغصة شديدة فرفضه غير مبرر أبداً ولن يكلفه الموضوع شيئاً ولكن وكأن البخل تحول عنده إلى فوبيا اجتماعية فاعتذرت من صديقاتي ولكن بالطبع بإحراج شديد وشعرت بأنهم انزعجوا مني فتخليت أنا نفسي عن الذهاب والمشاركة من شدة إحراجي ولم أستطع أن أمنع نفسي من البكاء قبل النوم وشعرت أنني أكره والدي كثيراً. ولكنني في الايام التالية وبعد التفكير بالموضوع كثيراً شعرت أنني لا اود علاً أن أحول مشاعري مع أبي إلى الكره بسبب هذا العيب الوحيد رغم أنه جوهري وأساسي ولكن في الوقت نفسه شعرت انه ضحية لحياة صعبة وغير قادر على التحكم بنفسه وأنني لا أود أن أكون عبئاً عليه بعد اليوم بل يجب أن أجد حلاً بدل الاختباء خلف مشاعر الحقد والكراهية. لذا في ذلك الصيف بدأت بالتفكير بطريقة لادخار المال وبالمصادفة والحمدلله كانت إحدى جاراتنا تشتكي أن أطفالها منذ أغلقت المدارس أبوابها يقضون وقتهم باللعب ولم يعودوا يذكرون أياً مما تعلموه في المدرسة وأنها تتمنى أن ترسلهم إلى معهدد تعليمي صيفي أو ما شابه ولكن المعهد الذي نصحت به بعيد جداً وهي لا تملك سيارة. فأخبرتها أنه بوسعي أن أشرف عليهم وأدرسهم لساعتين في اليوم أكثر من يوم أسبوعياً يعني أن أكون مدرستهم الخصوصية بمقابل مادي زهيد خاصة وأنني طالبة أدب انكليزي. رحبت جارتنا بالفكرة وكذلك أهلي لأني أخبرتهم أن هذا سيكون مفيداً لي في النستقبل وبالفعل بدأت وكان الأطفال دوماً متحمسين وشديدي التجاوب فأصبحت والدتهم سعيدة جداً وخاصة أن المقابل لم يكن كبيراً بل إنها كانت هي بنفسها غالباً ما تزيد على اتفاقنا كنوع من المكافأة. وخلال شهرين بدأت تتحدث أمام جارات أخريات أو صديقاتها أنها سعيدة بهذا التعليم الصيفي لأولادها وتمتدحني أمامهم فكلمتني امرأتان أخريتان لكي أعطي دروس خصوصية لأطفالهم طوال العام وبالفعل استمريت بالتدريس لثلاث ساعات يومياً طوال العام الدراسي التالي وأصبحت دومأً أملك في جيبي نقوداً تكفي لمصروفي بل وتزيد للادخار إضافة إلى شعوري الشديد بالرضا عن نفسي كوني لم اعد مضطرة للشجار مع أهلي وطلب المال منهم وأصبحت قادرة على جلب هدية لوالدتي واختي كل فترة. والحمدلله تخرجت هذا العام وسوف أباشر بعد فترة إن شاء الله في وظيفة ثابتة وأملك مدخراتي الخاصة وأصبحت أكثر تفاؤلاً وفي العام القادم سوف تدخل أختي الصغرى إلى الجامعة وقد أخبرتني أنها هي أيضاً تريد أن تبدا بعمل بسيط إلى جانب دراستها فشعرت أنني أشبه بقدوة لها وكان لي تاثير إيجابي على حياتها لأنني لم أستسلم للتذمر والانتقادات.
شارك في الاجابة على السؤال
يمكنك الآن ارسال إجابة علي سؤال
كيف تود أن يظهر اسمك على الاجابة ؟
-
- 0
- اعجبني
- .
- اضف رد
- .
- عرض الردود
- .
- 30-03-2018
- 0
- اعجبني
- .
- اضف رد
- .
- عرض الردود
- .
- 29-03-2018
- 0
- اعجبني
- .
- اضف رد
- .
- عرض الردود
- .
- 28-03-2018
شارك في الاجابة على السؤال
يمكنك الآن ارسال إجابة علي سؤال
أضف إجابتك على السؤال هناكيف تود أن يظهر اسمك على الاجابة ؟
احدث الوصفات
فيديوهات ذات صلة
مقالات ذات صلة
اختبارات ذات صلة
أسئلة ذات صلة
مقالات ذات صلة
احدث مقالات قصص النجاح
احدث الوصفات
احدث اسئلة قصص النجاح
اسئلة من بلدك
احجز استشارة اونلاين