إصلاح العلاقة وإعادة بناء الثقة بين الزوجين
يعد قرار إعادة بناء علاقتك خطوة أولى إيجابية، لكنك ستحتاج إلى الاستعداد، وقد يكون الطريق إلى إصلاح العلاقة طويلاً، إذ سيكون هناك الكثير من العواطف المتراكمة والمشكلات التي تحتاج إلى حل وذكريات مؤلمة.. بينما تعمل على إعادة بناء علاقتك مع الشريك، مع ذلك لن يكون هناك ما يصعب تحقيقه إذا كنتما تحبان بعضكما البعض، وستلتزمان بإعادة بناء الزواج، بالنتيجة.. العلاقة التي ستنمو من رماد علاقتك القديمة؛ ستصبح بلا شك أكثر قوة وإشباعاً.
لإعادة بناء العلاقة الزوجية، يحتاج الطرفان إلى القيام بدورهما
إذا لم يصل أحد الأطراف إلى القرار بضرورة إعادة بناء العلاقة، أو يدرك أنه يريد العمل على ذلك، فإن هناك بعض الخطوات والاستراتيجيات والاعتبارات، التي قد يلزم اتخاذها من قبل الطرفين؛ قبل الاستمرار في إعادة بناء العلاقة والالتزام بها.
فقط يمكنك أن تقرر ما إذا كنت تريد إعادة بناء زواجك أم لا، وقد يعبر أصدقاؤك وعائلتك عن آرائهم فيما يتعلق بما يجب عليك فعله؛ غالباً ما يكون لرأيهم تأثيره.. هذا طبيعي، مع ذلك تحتاج إلى تحديد ما هو صحيح بالنسبة لك، فيجب أن يلتزم كلا الشريكين بإعادة بناء الزواج، التي تتطلب الكثير من العمل العاطفي الشاق، وإذا كان أحدكما غير قادر على خوض هذا المسعى لن يتحقق تقدم، ففي بعض الأحيان يرغب أحد الشريكين بشدة في إصلاح الزواج ويتغاضى عن حقيقة أن الآخر لن يفعل ذلك، كما قد يكون أحد الشركاء (وفي بعض الأحيان كليهما) في حالة إنكار حول الالتزام بإعادة البناء.
التزامك بإعادة بناء علاقة الزواج يترافق مع تغيير عادات الماضي
بعد اتخاذ قرار مشترك للالتزام بالعلاقة؛ ستحتاج إلى العمل الجاد لتغيير بعض من عاداتك السابقة، وليس هناك شك في أنه إذا كان لابد من إعادة بناء علاقتك، فستواجه أحاسيس اللوم والشعور بالذنب والإحساس بفقدانك شيئاً ما مثل: عدم الثقة وعدم وجود الحميمة (العلاقة الجنسية) كذلك انعدام التواصل، لهذا السبب من المهم البدء في معرفة كيف يتواصل كل منكما مع الآخر، والعمل بجد لتغيير الطريقة التي تتحدثان من خلالها مع بعضكما، بحيث يمكن أن يصبح تواصلكما أكثر محبة ومراعاة لمشاعر بعضكما، لأنك عندما تُظهِر الحب وتأخذ بالاعتبار قيمة الشريك وأهميته في حياتك؛ ستبدأ في التخلص من بعض "آلامك" الماضية، وزرع البذور لإعادة بناء علاقتك بطريقة ستصبح أكثر صلابة وحميمية.
التعامل مع التجارب غير السعيدة في علاقتكما المملة
على الرغم من أنك قد تكون ملتزماً بإعادة بناء علاقتك، إلا أن جزءاً كبيراً من ذلك سيكمن في حل التجارب غير السعيدة، التي تشكل جزءاً من ماضيكما وذكريات العلاقة المؤلمة، مثلاً: إذا كانت هناك مشكلات تتعلق بالثقة، فستحتاج إلى التعامل معها، كما هو الحال مع الغضب والحزن وما إلى ذلك، وقد تحتاج للعمل مع مستشار ومتخصص بالعلاقات الزوجية، حيث سيساعدك على حل هذه المشاكل، حتى لا تستمران في استعراضها في حلقة مفرغة لن تساعد في إعادة بناء علاقة وأنت تريد تجنبها بالتأكيد.
إذا كان من الصعب عليكما الحصول على الدعم من مستشار متخصص في حل المشكلات الأسرية؛ حاول التعبير عن هذه التجارب غير السعيدة؛ سيساعد ذلك كثيراً.. فكل المشاعر تتلاشى عندما تجسدها بالكلام، أنت تعلم.. فحتى لو تواصلت مع صديق مقرب حول مشكلة معينة في العمل مثلاً حيث لا تستطيع حلّها؛ فإن مجرد طرح هذه المشكلة للحوار بوجود طرف يصغي إليك بانتباه؛ فقد تصل إلى حلّ لأنك عبّرت عن المشكلة ولم تتركها تأكلك من الداخل! لذلك ومن خلال التصور الإبداعي في موضوعنا الأساس (إعادة بناء علاقة الزواج)؛ يمكنك تخيل السماح للعاطفة غير السعيدة بالخروج من أعماقك، وإذا وتاك أي مشاعر أو تريد البكاء، فاسمح لتلك المشاعر أو الأحاسيس بالتعبير عن نفسها (في بعض الأحيان يمكن أن تظهر هذه المشاعر غير السعيدة؛ في إحساس بالوخز في مكان ما من جسدك، فقط اجلس لتسمح لنفسك بالتعبير عن أي شيء يحتاج إلى التعبير عنه، سوف يتوقف عن إزعاجك، سيؤدي ذلك إلى إطلاق تلك المشاعر المكبوتة، مما يسمح لك بالتركيز على إعادة بناء علاقتك دون قمع المشاعر السلبية، الأمر الذي سيعزز التواصل بطريقة محبة ومدروسة.
لا تركز على سلبيات الشريك واطلب استشارة متخصصة
تشبه هذه الخطوة ما سبقها، وعندما يعيد أي شخص بناء علاقة زواجه، من المهم ترك أي استياء أو أذى من أي مواقف طائشة سابقة، على سبيل المثال، إذا كنت تعيد بناء علاقة زواج بعد علاقة غرامية خارج الزواج؛ فيجب أن يكون الطرف الذي تعرض للخيانة؛ جاهزاً بالفعل ومستعداً للتخلي عن المشكلة والمضي قدماً، حيث لا ينبغي أن يكون شيء يتم طرحه باستمرار في الأوقات الصعبة أو أثناء الجدل بينكما مستقبلاً.
إذا كنت تشعر بأن السبب الوحيد لإعادة بناء الزواج هو (من أجل الأطفال)، فقد يكون من المفيد التحدث إلى مستشار، وعادةً ما يكون البقاء معاً من أجل الأطفال سبباً غير كافٍ لتقرير إعادة بناء زواجك، مع ذلك فإنه من الصحيح أيضاً أنه سبب مهم لبذل كل جهد ممكن في محاولة إصلاح الزواج.
ألقي نظرة أعمق إلى ذاتك وماذا تريد في العلاقة الزوجية
إذا كنت مسئولاً عن تصرف طائش في علاقتك (الخيانة الزوجية مثلا)، فإن جزءاً من إعادة بناء هذه العلاقة سوف يتطلب منك فهم سبب قيامك بما قمت به في المقام الأول، ربما أنت بعيد عن معرفة نفسك جيداً فتسببت بالمشاكل، ربما هناك غضب أو غيرة أو تحديات مع ميزانية البيت أو تربية الأطفال وما إلى ذلك، حان الوقت لإلقاء نظرة أعمق على نفسك ومعرفة أي أنماط من المشاكل التي تسببها أنت في حياتك، انظر إلى الوراء عندما بدأت لأول مرة أحد المشاكل واسأل نفسك "بماذا كنت تفكر، وماذا كنت تأمل كسبه"، هذا واجب فردي قد لا تشعر أنه يمكنك مشاركته مع شريكك، وهو أمر جيد تماماً.. يجب أن يكون لديك مساحة شخصية للعمل على ذلك، لكن من المهم عدم استخدامه كعذر لتجنب العمل في المهمة الصعبة لإعادة بناء علاقتك، على الأقل ليس إذا كنت تريد إصلاحها!.. عندما تعرف أنماط السلوك والمشاكل التي قد تكون موجودة لسنوات سابقة عديدة، يمكنك البدء العمل من خلالها وفهم سبب حدوثها، وفي فهم السبب ستتمكن من إجراء التغييرات، التي قد تحتاج إلى إجرائها لتحقيق حياة سعيدة، وعلاقة متينة مع شريك حياتك.
كيف تعيد بناء الثقة في زواجك؟
يمكن أن تلحق الخيانة الزوجية الضرر الشديد بالثقة بين الزوج والزوجة، ولا يعني هذا بالضرورة أنه لا يمكن إنقاذ العلاقة، رغم أن إعادة بناء الثقة قد تكون صعبة في حال الخيانة، إلا أنها في الواقع ممكنة، لأن التعافي من الصدمة الناجمة عن انقطاع الثقة هو المكان الذي يمكن أن يتعثر فيه كثير من الأزواج يريدون العودة إلى المسار الصحيح، وأظهرت الأبحاث أن الأزواج يجب أن يعالجوا النقاط التالية لكي ينتقلوا بفعالية إلى مرحلة إعادة بناء الثقة بعد الخيانة:
- معرفة التفاصيل: حتى في حالات الخيانة الواضحة على ما يبدو هناك دائما جانبان أحدهما؛ أن يكون الشريك الخائن صريحاً وصادقاً في المعلومات، بالإضافة إلى تقديم إجابات واضحة على أي وجميع الأسئلة من الطرف الذي تعرض للخيانة، وهذا من شأنه أن يمنح الأخير فهماً أوسع للحالة، ماذا حدث ومتى وأين؟ ما هي المشاعر أو المشاكل التي ربما ساهمت في هذا الوضع؟ ما هي الظروف التي خففت وقع الخيانة عليه؟
- الإفراج عن الغضب: حتى الاختراقات البسيطة للثقة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية عقلية وعاطفية وجسدية أيضاً، قد يواجه الزوجان مشكلة في النوم أو انعدام الشهية، كما قد يصبحون عصبيّين على الأشياء الصغيرة والتافهة، في حين أنه قد يكون من المغري اغتنام كل الغضب لتصعيد المشكلة، لذا فكر في تأثير خيانة شريكك عليك وعلى الآخرين، كذلك في كيفية تعطل الحياة وجميع الأسئلة والشكوك التي تظهر، ثم احرص أن يعرف شريكك بكل هذه المشاعر، كما لا بد من تشجيعه للتعبير عن أي مشاعر من الاستياء والغضب، الذي ربما كانا يسيطران عليه ما قبل حادث الخيانة.
- إظهار الالتزام: قد يتساءل الطرفان لاسيما من تعرضا للخيانة، عن التزامهما بالعلاقة ويتساءلا عما إذا كانت العلاقة مناسبة لهما أو حتى قابلة للإنقاذ، فسلوكيات التعاطف وتقاسم الألم والإحباط والغضب، كذلك إظهار الندم والأسف والسماح بمساحة للاعتراف ومصداقية الشعور بالأذى.. يمكن أن يكون شفاء لكلا الطرفين، انطلاقا من هذا فإن تحديد ما يحتاجه كلا الطرفين من العلاقة، يمكن أن يساعد على توضيح أن المضي قدما في العلاقة يأتي مع توقعات واضحة بأن كل شخص.. قد وافق على الوفاء به، لذا يجب على الطرفين العمل لتحديد ما هو مطلوب للالتزام كي تستمر العلاقة، وعند التحدث عن التزامك؛ تجنب استخدام الكلمات التي يمكن أن تؤدي إلى نشوب جدال (على سبيل المثال، يجب، دائماً، لا ينبغي أبداً) في وصف ما تراه أو تتوقعه أو تريده من شريك حياتك، بدلاً من ذلك اختر الكلمات التي تسهل المحادثة المفتوحة واستخدم عبارات مثل: "أنا بحاجة إلى الشعور بأنني أشكل أولوية في حياتك" بدل من عبارة: "أنت لا تضعني أولاً".
- للطرف الخائن: بصفتك الشخص الذي عرقل العلاقة، قد يكون من الصعب أو حتى مؤلم أن يتم تذكيرك بأخطائك، وعلى أهمية المذكور أعلاه فعليك أنت من طرفك أن:
1- تظهر أن الكذب قد انتهى من خلال تغيير سلوكك، هذا يعني عدم وجود المزيد من الأسرار أو الخيانات أو أي شيء آخر من هذا القبيل، كن شفافاً من الآن فصاعداً.
2- تكون صادقاً ليفهم الشريك سبب حدوث الخيانة، حيث لا تشكّل عبارات مثل "لا أعرف" الثقة أو تساعدك في الوصول لحل المشكلة.
3- تتحمل المسؤولية عن أفعالك وقراراتك، لأن الدفاع عن النفس لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الخلاف، كما أن تبرير سلوكك بناءً على ما يفعله شريكك أو فعله في الماضي.. ليس خياراً جيداً.
- للطرف الذي تعرض للخيانة: عليك العمل على فهم السبب وما حدث في العلاقة قبل حدوث الخيانة، في حين أن هذا لن يساعدك في نسيان ما يحدث، قد يساعدك ذلك في الحصول على بعض الإجابات التي تحتاجها للمضي قدماً، وبقدر ما يكون الأمر صعباً، بمجرد التزامك بالمغفرة؛ اعمل على تقديم تعزيزات إيجابية لشريكك، واعلم أنه لا بأس إذا كنت لا تريد متابعة العلاقة بعد النظر في الخطوات السابقة أو البدء بها، فقط كن صريحا مع نفسك وشريكك.
في النهاية.. عندما يلتزم الأزواج بإعادة بناء الثقة، يجب عليهم العمل على معالجة العلاقة، كما يجب على كلا الطرفين أن يطلب ما يحتاج إليه فعلاً ولا يتوقع من شريكه أن يعرف ببساطة ما يريده، ولا تحجب الثقة في علاقتك المتجددة لأن "حجب الثقة" سيمنعك من إعادة التواصل العاطفي مع شريك حياتك لبناء علاقة صحية، شاركنا رأيك في هذا الموضوع.