التعامل مع كذب الأطفال وتشجيع الطفل على الصدق
تحدثنا في مقال سابق عن كون الكذب حالة إيجابية تطورية لدى الطفل.. وفي مقالنا هذا كما وعدناكم سنتحدث حول؛ كيفية التعامل مع كذب الأطفال بالتفصيل، كما سنتعرف على أهم الطرق التي عليك اتباعها إذا تحول سلوك الكذب لدى طفلك إلى مشكلة حقيقية.
أسباب تدفع الطفل للكذب
عند معالجة هذه المشكلة الشائعة، يجب على الوالدين النظر إلى عمر الطفل، وظروف وأسباب الكذب، ومدى تكرار الطفل لهذا السلوك، على سبيل المثال: لا يستطيع الكثير من الأطفال الأصغر سناً (عادة ما يكونون أصغر من 6 سنوات)؛ التمييز الواضح بين الخيال والواقع، وقد تكون "كذبتهم" مجرد تعبير عن خيالهم، ومع ذلك فإن الطفل الذي لا يتجاوز عمره 4 أعوام قادر تماماً على قول الأكاذيب عمداً لتجنب الدخول في المشاكل أو الحصول على شيء يريده، وتشمل بعض الأسباب الشائعة للكذب في الأطفال في عمر الدراسة ما يلي:
1. اللعب الخيالي الدال على الرغبات والأمنيات.
2. الخوف من العقاب الذي يفرضه الأهل عادة على الطفل عندما يكذب.
3. الرغبة في التباهي أمام الأصدقاء أو زملاء الدراسة والأقران؛ لتعزيز وضعه بينهم وإثارة إعجابهم.
4. ليتجنب شيء لا يرغب في القيام به (مثل: ترتيب غرفته أو تنظيف وترتيب الألعاب).
5. الرغبة في ألا يخيب أمل الآباء عندما تكون التوقعات من هذا الطفل مرتفعة للغاية (توقع تحقيق المركز الأول في الفصل الدراسي).
6. التعاسة والحزم من شيء ما في حياته (مثل طلاق الوالدين أو تميز شقيقه أو شقيقته عنه).
7. محاولة من الطفل للحصول على الاهتمام.
ماذا لو تحول الكذب عند الطفل إلى مشكلة؟
يبدو أن الأطفال قادرين على الكذب حتى حول أكثر الأشياء غير المهمة، فهم يكذبون أنهم قد غسلوا أسنانهم بينما لم يفعلوا ذلك، سيكذبون وينظرون إليك في العين ويقولون: "لم يكن أنا" لأنهم يقفون بجانب الزجاج المكسور الذي أسقطوه للتو.. إنهم يكذبون حتى عندما يتم الإمساك بهم في أمر لا مفر منه، لأن تعلم خداع هو مهارة يكتسبها الطفل في وقت مبكر من الحياة، حيث يتعلم الصغار استخدام الصيحات المزيفة لجذب انتباهك! (ألم تلاحظ ذلك لدى طفلك الرضيع؟).. على الرغم من أن الدراسات حول سبب كذب الأطفال قد وجدت أن الكذب هو سلوك شائع ومنتشر بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 18 عاماً، يبدو أن الكذب المستمر له تأثير اجتماعي، على الرغم من أن النتائج لا تزال غير حاسمة؛ تشير بعض الدراسات إلى أن الكذب المبكر والمستمر قد يكون مؤشر على الجنوح وسوء التوافق في وقت لاحق من مرحلة البلوغ، ووفقاً لهذه الدراسة؛ يزداد السلوك المخادع والكذب مع تقدم العمر ويزيد من فرص السلوك المحفوف بالمخاطر، خاصةً خلال مرحلة المراهقة.
عندما يصبح الكذب مشكلة
الكذب سمة بشرية طبيعية، على الرغم من أننا نحتاج إلى تعليم الأطفال أن الكذب هو سلوك غير مقبول، إلا أنه غالباً ما يكون غير ضار، الأسباب الأكثر شيوعاً التي يكذب فيها الأطفال هي الخوف من العواقب (على سبيل المثال العقاب) والاعتقاد بأنهم بالكذب سيحصلون على ما يريدونه، مع ذلك هناك مواقف قليلة تحتاج منك الاهتمام بأكاذيب أطفالك:
- عندما يكذب الأطفال باستمرار.
- عندما لا يظهر الأطفال أي ندم عندما يكذبون.
- عندما يتعرض الأطفال إلى مشاكل سلوكية ونفسية أخرى على سبيل المثال: (انخفاض احترام الذات والعنف والاكتئاب).
- عندما لا يتوافق الأطفال مع الآخرين على سبيل المثال: (الأشقاء وزملاء الدراسة).
ماذا تفعل عندما يكذب الأطفال باستمرار؟
- كن أحد الوالدين الموثوقين: يصبح الكذب عادة عندما يخشى الأطفال من عواقب الاعتراف بالحقيقة، يشير قدر كبير من الأدلة إلى أن تربية الأطفال في البيئات العقابية من المرجح أن تعزز عدم الأمانة (تحدثنا بالتفصيل عن ذلك في مقالنا السابق). كونك والداً موثوقا يعني أن تكون حازماً ومتقبلاً، هذا يعني أيضاً المرونة والرغبة في رؤية الأشياء من وجهة نظر طفلك، أنت تعلم أن الحقيقة ليست دائماً سوداء أو بيضاء، إن كونك والداً موثوقاً يعني معرفة متى وأين وكيف تتحدث مع طفلك، ومن غير المرجح أن يشعر الأطفال بالحاجة إلى الكذب عند تربيتهم في بيئة دافئة ومتفهمة.
- اهدأ ثم تصرف: رد الفعل في ذات اللحظة لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور وتخويف الأطفال، عندما تتصرف بغضب؛ فمن المرجح أن يكذب طفلك في المرة القادمة لتجنب عواقب قول الحقيقة.
- تذكر.. الجميع يكذب لسبب ما: عندما تفكر في الأمر، بدلاً من تشغيل شخصية المحقق أو المخبر لديك؛ قم بالوصول إلى السبب ولماذا يكذب طفلك باستمرار؟.. أحيانا يكذب الطفل لأسباب معقدة، والطريقة الوحيدة للتعامل مع كذب الطفل.. هي فهم سبب شعوره بالحاجة إلى الكذب ومعالجة تلك الأسباب، يمكن أن يساعدك فهم لماذا يكذب الأطفال؛ في تعليم ابنك السبب في أن الكذب ليس الخيار الأفضل، كذلك ما يمكنه فعله بدلاً من ذلك.
- كن واضحا حول موقفك من الكذب: من المهم أن تدع الأطفال يعرفون أين تقف من موضوع الكذب، كن واضحاً بشأن العواقب، من المهم أيضاً معرفة أن الأطفال يتعلمون عن الكذب من أفعالنا، عندما نمدح أصدقائنا في وجوههم لكنك تتحدث بشكل سيئ عنهم في غيابهم بوجود أطفالك، فماذا تتوقع؟.. إنهم يسمعون هذا ويتعلمون منك.
- تجنب إطلاق لقب "كذاب" على طفلك: حيث يميل اللقب للالتصاق بصغيرك، وعندما تصف طفلك بأنه "كذاب"، يمكنه أن يبدأ النظر إلى الكذب كجزء لا يتجزأ من طبيعته وشخصيته! بدلاً من ذلك؛ دع طفلك يعرف أنك تفكر فيه كشخص صادق، قل "أعلم أنك ستخبرني بالحقيقة" أو "أعلم أنك تريد أن تخبرني بالحقيقة".
- التمييز بين الخيال والواقع: عندما ينسج طفلك الأكاذيب؛ فهل يحاول تظليلك كي يتلافى العقاب؟ إذا كان طفلك يستخدم خياله، ساعده للتمييز بين الواقع والخيال دون تثبيط إبداعه (حتى إذا أصر على ذهابه إلى القمر مع أصدقائه الخياليين، تفاعل معه بأنك ترغب في الانضمام إليه لنيل بعض المرح)، من ناحية أخرى إذا زعم أن أحد الأصدقاء الوهميين قد كسر شيئاً لم يكن من المفترض أن يلمسه، فأكد له أولاً أنه لن يُعاقب إذا أخبرك بما حدث فعلاً، بعد ذلك اشرح "أنه على الرغم من أنه قد يكون من الأسهل في بعض الأحيان الاعتقاد بأن شخصاً آخر ربما يكون قد فعل ما لا ترغب في الاعتراف به، فإن قول الحقيقة يساعد دائماً على تحسين الأمور".
- لا تجعل الطفل عاجز عن اللجوء إليك: إذا شعر الطفل بالقلق من غضبك، فقد يحاول تجنب قول الحقيقة مهما كلف الأمر، وتحدثنا عن أهمية كونك أحد الوالدين الموثوقين؛ الشيء المهم هو مساعدة طفلك على الشعور بالأمان والدعم، بحيث يعرف أنه يستطيع التحدث معك، دون أن يفقد عاطفتك ومحبتك، اشرح لطفلك أنه إذا أخبرك بالحقيقة، فلن تغضب وأن الحقيقة أكثر أهمية بالنسبة إليك من أي شيء آخر، ثم استمع بهدوء مهما كان سوء سلوكه؛ التركيز على ذلك، وعلى عواقب أفعاله بدلا من إلقاء اللوم، ثم امدحه لأنه صادق معك.
- علّم طفلك العواقب، بدلاً من العقاب: ما هو الفرق؟ تأتي العقوبة من الغضب بينما تتركز العواقب على تصحيح سوء السلوك، على سبيل المثال إذا كان ابنك يكذب في القيام بوظائفه المدرسية، ناقش معه أهمية مواجهة تصرفاته، واعملا معاً لتقرير مهمة مناسبة للتعويض عن خطأه، مثل القيام بالأعمال المنزلية الإضافية المناسبة لعمره.
- كن واضحا بشأن توقعاتك من طفلك: علمه أن الكذب شيء لا تريده في أسرتك، دعه يعرف أن قول الحقيقة لا يقل أهمية عن السلوك الجيد، الذي تتوقعه منه مثل التحدث إليك بطريقة محترمة وعدم التحدث أثناء حديث الكبار أو محاولة إثارة الشجار والجدال مع أشقائه.
- تحدث مع الطفل عن تأثير الكذب على العلاقات: اشرح أن الكذب يمكن أن يدمر الثقة الموجودة بين الأشخاص الذين يحبون بعضهم البعض، اطلب من طفلك أن يتخيل كيف ستشعر إذا كذبت عليها بشأن شيء ما.
- ضع في اعتبارك أنه إذا كان الطفل يكذب مراراً وتكراراً؛ حتى بعد العواقب والتطمينات من قبلك، يكون الوقت قد حان للتحدث مع طبيب الأطفال أو متخصص آخر للأطفال لتقييم السلوك والحصول على المزيد من التوصيات والنصائح.
نصائح لتشجيع طفلك على قول الحقيقة
وفقاً للكتاب التربوي (Nurture shock: New thinking About Children)؛ يريد الأطفال قول الحقيقة.. ففي المرة التالية التي يكذب فيها ابنك، جرّب الاستراتيجيات التالية:
- "سأطرح عليك سؤالاً؛ لكن قبل أن أفعل ذلك، هل تعدني بأن تقول الحقيقة؟" إن قول هذه العبارة للصغير ستقلب الأمر لصالح التعامل مع مشكلة الكذب، وهناك أدلة على أن الطلب من الأطفال الصغار أن يعدوك بإخبار الحقيقة؛ يمكن أن يقلل كثيراً من الكذب.
- "لن أكون منزعج إذا أخطأت، وإذا قلت الحقيقة، سأكون سعيداً جداً".. إن هذا ينفع صدقني، لأن الأطفال يكذبون عندما يعتقدون أن الكذب سيجعل والديهم سعداء، عندما نقول لهم "إن الحقيقة ستعجبني أكثر".. فهم على الأرجح سيقولون الحقيقة، نحن نعلّم أطفالنا أننا نقدّر الصدق في المقام الأول من خلال أعمالنا، فتأكد من أنك مثال جيد وتذكر: إنهم يستمعون إليك ويراقبون أفعالك دائماً!
وفي النهاية.. تأكد من أنك قدوة جيدة لأطفالك، لذلك اجعل الصدق أولوية في منزلك، وقم بإنشاء قاعدة للأسرة تقول: "قل الحقيقة"، سيكون أطفالك أكثر قابلية للتعرف على أهمية الصدق وبطبيعة الحال تجنب الكذب، شاركنا رأيك حول هذا المقال من خلال التعليقات، وإذا أعجبك شاركه لأصدقائك ممن يعانون مع كذب أطفالهم بشكل دائم، رأيك يهمنا نحن بانتظارك.