كيف تطوّر ذكاء طفلك؟ نصائح تنمية ذكاء الطفل
هل شعرتم يوماً أن لطفلكم مهارات عديدة تخوّله لقيادة مستقبل مشرق؟ هل ترغبون في تعزيز هذه المهارات بما يصب في مصلحة أطفالكم؟ هل تشعرون بأنكم تريدون تطوير ذكاء أطفالكم في عمر مبكرة؟.
العلم في الصغر كالنقش في الحجر. كل ما تفكّرون به هو صحيح وصحيّ، اهتمامكم بذكاء أطفالكم يعني رغبتكم في بناء مستقبل مستقل لهم، يكونون قادرين فيه على اتخاذ القرارات السليمة في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والدراسية والمهنية. في مقالنا هذا سنقدم لكم يد العون لنقوم معاً بعرض جميع المعلومات اللازمة والضرورية لتعزيز وتطوير ذكاء أطفالكم.
ماذا يعني الذكاء عند الأطفال؟ وكيف يشرحه العلماء؟
يختلف الأطفال فيما بينهم في قدراتهم العقلية، فلكل طفل مهاراته الخاصة التي تجعله مختلفاً عمّن حوله. يلاحظ الأهل أن بعض الأطفال يبدعون في المواد الدراسية التي تطرحها المدارس، حيث يستطيع هؤلاء الأطفال إحراز درجات عالية في أغلب المواد أو جميعها. إلا أن هذه العملية لا تنطبق على جميع الأطفال الأذكياء، حيث يعاني البعض منهم من مشاكل في الدراسة والمواد التي تقدّمها المدارس، إلا أنهم يظهرون مهارات أخرى سواء كانت اجتماعية أم موسيقية أم رياضية. في الماضي كان ينظر الجميع للذكاء عل أنه هدية وراثية يتلقّاها الطفل فطرياً من والديه، إلا أن الذكاء ليس مفهوماً ثابتاً إلى هذا الحد. هنالك العديد من المتغيرات التي تؤثر على ذكاء الأطفال، حيث أن للتربية المنزلية والمجتمعية دور لا يقل أهمية عن الوراثة في تعزيز ذكاء الأطفال وتنميته. يشير علم الأعصاب (وهو علم ينظر إلى بنية ووظيفة الدماغ البشري والجهاز العصبي، كما يستند هذا العلم إلى السلوك البشري وذلك من أجل الوصول إلى معلومات حول كيفية عمل الدماغ) إلى أن معظم الأطفال الحديثي الولادة يولدون بإمكانيات كثيرة في العديد من المجالات المعرفية، حيث يؤكدون على أن دماغ الطفل مرن وقابل للتعلم.
كيف يتطوّر دماغ الأطفال؟
ينمو دماغ الطفل بشكل كبير في الفترة بين قبل الولادة وحتّى سن الرابعة، حيث أن نمو دماغ طفلكم سيصل إلى 90% من حجمه الطبيعي قبل أن يدخل رياض الأطفال. لذا تعتبر هذه الفترة الزمنية هي الأكثر أهمية على الإطلاق لتعليم طفلك كل المهارات التي يحتاجها. بالطبع لا يتوقف الدماغ عن التطور عندما يبلغ طفلكم الرابعة من عمره، حيث يستمر الدماغ في تنظيم وإعادة هيكلة نفسه طوال مرحلة الطفولة ليصبح تدريجياً أكثر تعقيداً. يقوم بعض الآباء بوضع أطفالهم في مراكز ما قبل رياض الأطفال وذلك لاستغلال فترة ما قبل الرابعة من العمر، ظنّاً منهم أنهم يقومون بالأمر الصحيح، إلا أن هذا ليس صحيّاً أبداً لطفل في هذا السن. حيث يقول العلماء أن عملية تسريع التعليم ليست مفيدة، وأن الأطفال الذين يتعلمون بمعدل طبيعي سيظهرون تقدماً مبكراً مع وصولهم إلى المدرسة الابتدائية.
ما هي أهم الخطوات التي تساعد في تعزيز وتطوير ذكاء طفلكم؟
هنالك العديد من الأمور التي يمكن أن تعزز ذكاء الأطفال، فكما ذكرنا سابقاً لا تلعب الوراثة الدور الأساسي والوحيد في عملية بناء دماغ الطفل. تحتل التربية مركزاً هاماً للغاية في مسيرة تعزيز دماغ الأطفال وذكائهم، لذا قمنا بجمع كل المعلومات الضرورية لمساعدة الأهل المهتمين بتعزيز أطفالهم، آملين بأن يجدوا في هذه الخطوات الأساسية الطريق السليم لتحقيق ما يرغبون به.
الدروس الموسيقية
أثبتت الدراسات أن الدروس الموسيقية تلعب دوراً مهماً جداً في تعزيز ذكاء أطفالكم. بالمقارنة بين مجموعتين من الأطفال، المجموعة الأولى تتلقى دروساً موسيقية أما المجموعة الثانية فلا تتلقاها، وجدت الأبحاث أن الأطفال الموسيقيين أكثر ذكاء. في الواقع، تساعد الموسيقى الجميع مهما اختلفت فئاتهم العمرية، حيث يظهر طلاب المدارس الذي يتعلّمون الموسيقى ذكاء أكبر ضمن الصف المدرسي، كما يظهر كبار السن تحسناً كبيراً في آثار الشيخوخة عند تعلّمهم للموسيقى.
التدريبات الرياضية
تكثر الإشاعات حول كون الأشخاص الرياضيين أغبياء في العموم وذلك بسبب قضائهم لمعظم وقتهم في الملعب وعدم انتباههم للأمور الدراسية على الإطلاق. إلا أن الحقيقة لا تدعم هذه الفرضيات، حيث تثبت الدراسات أن الطفل ذو الجسم الرياضي الجيد تزيد قدرته على التعلم، حيث يلتقط الأطفال الرياضيون المفردات الجديدة بعد قيامهم بالتمارين الرياضية أسرع من غيرهم بنسبة 20%، كما أن 3 أشهر من القيام بالتمارين الرياضية بالنسبة للأطفال يمكنها أن تزيد من معدل تدفق الدم إلى أجزاء الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والتعلّم بنسبة 30%.
القراءة
على عكس ما هو متعارف عليه، القراءة لأطفالك لا تعزز من ذكائهم بشكل كبير. بدلاً من أن تقرؤوا القصص لأطفالكم وتدعونهم يشاهدون الصور في الكتب وحسب، قوموا بجعل أطفالكم يشاركونكم في القراءة، فهذه هي الطريقة الصحيحة التي تمكّنكم من تطوير ذكاء أطفالكم. لا توجّه انتباه أطفالك للصور الموجودة في الكتب بل للكلمات وخصوصاً المفردات الجديدة منها. تظهر الأبحاث أن القراءة المشتركة بين الآباء والأطفال تطور مهارات واستراتيجيات القراءة عند الأطفال، فهي وسيلة فعالة لتعزيز القدرة على القراءة المبكرة حتّى عند الأطفال من ذويالاحتياجات الخاصة.
النوم
إن الحرمان من النوم يجعل من طفلك غبياً بالتأكيد، حيث أن فقدان ساعة واحدة من النوم بالنسبة للطفل كافية لتجعل دماغ طفل في الصف السادس يتراجع إلى دماغ طفل في الصف الرابع. يوجد علاقة وثيقة بين الدرجات المدرسية التي يحرزها الطفل وبين متوسط ساعات النوم التي ينامها، فالمراهقين الذين يتلقون درجة "ممتاز" يزيد معدل نومهم عن الطلاب الذين يحصلون على درجة "جيد" بخمسة عشر دقيقة تقريباً. كما يزيد معدل نوم الطلاب الذين يحصلون على درجة "جيد" عن الذين يحصلون على درجة "مقبول" بمقدار خمسة عشر دقيقة تقريباً. وبهذا نرى أن نصف ساعة من النوم كفيلة برفع درجة طفلكم من "مقبول" إلى "ممتاز".
الانضباط الذاتي والضمير والمثابرة
يتفوّق الانضباط الذاتي على معدّل الذكاء في أهميته في بناء حياة ناجحة في المستقبل. تظهر العشرات من الدراسات أن الأطفال الذين يمارسون مستويات عالية من قوة الإرادة يحصلون على درجات أعلى في فصولهم الدراسية، كما يكون عدد أيام غيابهم عن المدرسة أقل ويقضون وقتاً أقل في مشاهدة التلفاز ووقتاً أكثر في حل الواجبات المنزلية. وبهذا يمكننا التأكد أن الانضباط الذاتي له تأثير أكبر على الأداء الأكاديمي من الموهبة الفكرية ومعدل الذكاء. كما تقول الدراسات بأن الأطفال الذين يتمتعون بمستوى عالي من الضمير يحصلون على درجات أفضل في المدرسة والجامعة، كما يرتكبون جرائم أقل في حياتهم المستقبلية، كما أنهم يبقون متزوجين لفترة أطول، حتى أن المحاسن الصحية لهؤلاء الأطفال تصبح أكثر، فهم أقل عرضة للإصابة بالسكتات الدماغية وانخفاض ضغط الدم والزهايمر في المستقبل. وفي النهاية نضيف أن الأطفال المثابرين في صغرهم ينتظرهم مستقبل ناجح أكثر من غيرهم من الأطفال غير المثابرين على الدراسة.
التعليم التفاعلي
تظهر الدراسات الى أن البرامج والألعاب التعليمية التي لا تعتمد أسلوب التعليم التفاعلي غير مجدية أبداً في تعزيز ذكاء الأطفال خصوصاً في المرحلة العمرية بين 17 و24 شهراً، بل على العكس تماماً. وجدت الدراسات أن هذه الطريقة في التعليم مضرة للأطفال، فالأطفال الذين يشاهدون ويلعبون هذه الألعاب والبرامج يفهمون 6 الى 8 مفردات أقل من نظرائهم ممن لا يشاهدون هذه البرامج. إن التعليم السليم هو التعليم التفاعلي الذي يتعمد على قيام الطفل بفعل الأشياء بنفسه، فمن الضروري أن يمضي الطفل ما يقارب ثلثي وقته في تعلم شيء ما باختبار قدرته على القيام به بدلاً من التعلم النظري له.
الطعام الصحي
إن الطعام الصحي يظهر بشكل واضح في درجات الأطفال في المدرسة، حيث تظهر الأبحاث أن الأطعمة عالية الكربوهيدرات والألياف والأطعمة التي تهضم بشكل بطيء كدقيق الشوفان هي الأفضل لتعزيز ذكاء طفلكم، خصوصاً في صباح يوم الامتحان المدرسي. أما الأطعمة المليئة بالدهون وقليلة الكربوهيدرات تخفض بشكل ملحوظ من أداء الأطفال. وبشكل غريب للغاية، أوضحت دراسات أخرى أن الكافيين والسكر بكميات قليلة يمكنها أن تعزز من انتباه الأطفال وقدرتهم على الأداء.
في النهاية، نتمنى أن نكون قد قدمنا المساعدة الكافية والدليل الواضح للآباء ليقوموا بتطوير ذكاء أطفالهم وتعزيزه. ونضيف في نهاية مقالنا هذا أن هذه الخطوات كفيلة لتطوير ذكاء الأطفال، لكننا بالطبع لا نستطيع أن ننكر دور سعادة الطفل الهام جداً في هذه العملية، فعالمنا هذا يعتمد على الأداء في العمل والدراسة، ولا يمكن للطفل الوصول إلى الأداء المثالي دون أن يكون سعيداً في حياته، وتذكروا أن سعادتكم كآباء تنعكس على سعادة أبنائكم. كما لا نستطيع أن نلغي دور الوراثة وأثرها على ذكاء الأطفال، لذلك ننصح جميع الآباء الذين لا يشعرون بأن أطفالهم يمتلكون مهارات كافية أن يحيطوا أبنائهم ببيئة صحية اسرية ومجتمعية. لا تنسوا قرائنا الأعزاء أن تؤمنوا بقدرات أطفالكم، إيمانكم بمهاراتهم ومقدراتهم على التطور تلعب دوراً أساسياً في عملية تعزيز ذكاء أطفالكم. نشكر لكم قراءتكم لمقالنا، نحن بانتظار آرائكم وتعليقاتكم حول موضوع تعزيز الذكاء عند الأطفال. إن واجهتكم أي مشكلة لا تترددوا بالاتصال مع خبراء حلوها.