الفوائد الصحية لشرب الماء الساخن
يعلم الجميع أن شرب الماء أمر ضروري للبقاء على قيد الحياة، وأن من الضروري شرب حوالي 8 كؤوس من الماء يومياً أو أكثر في الأيام الحارة من أجل تجنب التجفاف ومخاطره الصحية، ولكن القليل منا يعلم أن الماء الساخن يملك بعض الميزات الصحية التي لا يمكن أن يقدمها الماء البارد.
في المقال التالي سنتحدث عن محاسن شرب الماء الدافئ أو الساخن، بالإضافة إلى الجوانب السلبية الممكنة لهذه العادة والحرارة المثالية للماء الساخن الذي يجب شربه.
شرب الماء الساخن لتخفيف الوزن
يعتبر الماء الساخن ضرورياً للحفاظ على نشاط استقلابي صحي، فهو وسيط هام في عملية حرق السعرات الحرارية الموجودة في الغذاء أو النسيج الشحمي وهذا ما يساعد على تخفيف الوزن والتخلص من بعض الكيلوغرامات الإضافية، أفضل وسيلة للحصول على هذه الفائدة هي تنشيط الاستقلاب منذ الصباح الباكر بشرب كأس كبير من الماء الساخن مع الليمون مثلاً حسب الرغبة.
في دراسة نشرت عام 2003، وجد أن التحويل من شرب الماء البارد إلى الساخن كان له دور في تحريض خسارة الوزن، كما وجد الباحثون أن شرب نصف ليتر من الماء قبل الوجبة أدى إلى زيادة فعالية الاستقلاب بنسبة 30 في المئة، وارتفعت هذه النسبة إلى 40% عندما انتقل أفراد التجربة إلى الماء بحرارة 37 درجة مئوية، واستمرت هذه الزيادة في فعالية الاستقلاب لمدة 30 إلى 40 دقيقة بعد شرب الماء الساخن.
الماء الساخن لتخفيف الاحتقان في الأنف والبلعوم
شرب السوائل الساخنة بشكل عام هو علاج رائع للزكام والسعلة والتهاب البلعوم، فهو يفكك المفرزات التنفسية ويخفف لزوجتها مما يسهل إخراجها من الطريق التنفسي، لذلك ينصح الأطباء مرضى الزكام باستنشاق المشروبات الساخنة وشربها لإزالة الاحتقان وتقليل ألم الحلق.
تخفيف آلام الدورة الشهرية
يمكن للماء الساخن أن يقضي على التشنجات المؤلمة للدورة الشهرية، لأن حرارة الماء تملك تأثيراً مرخياً للعضلات الموجودة في البطن والحوض، كما أنها توسع الأوعية الدموية وتزيد جريان الدم في المناطق المتشنجة والمتألمة.
المساعدة على الهضم
عندما لا يشرب الشخص كميات كبيرة من الماء، تقوم الأمعاء الدقيقة بامتصاص معظم الماء الموجود في الطعام والشراب، وهذا ما يؤدي إلى جفاف محتويات الجهاز الهضمي وصعوبة التخلص من الفضلات.
كما يمكن للتجفاف المزمن أن يسبب الإمساك على المدى الطويل، وما يرافق الإمساك من صعوبة في التغوط وتعريض الشخص إلى البواسير والنفخة.
كما أن الماء الساخن يملك أفضلية على الماء البارد في هذا المجال لأنه يفكك الطعام بشكل أسرع من الماء البارد، كما أنه يزيد الحركات الحيوية الطبيعية للأمعاء والكولون ويخفف من تشنجات الكولون المؤلمة، ولذلك ننصحك بشرب كأس من الماء الساخن خاصة بعد الوجبات الدسمة بحوالي 40 دقيقة لتسريع الهضم وتجنب النفخة والألم.
إيقاف الشيخوخة المبكرة
الشيخوخة المبكرة وعلاماتها من تجاعيد وجفاف في البشرة هي أكثر كوابيس النساء رعباً، ويمكن لحسن الحظ تجنب الوقوع في هذه المشكلة عبر شرب الماء الدافئ، فهو يساعد على تخليص الجسم من الفضلات السامة، ويوسع الأوعية الدموية في الجلد مما ينشط عملية تجديد خلايا البشرة والإبقاء على رطوبتها ونضارتها.
صحة الشعر ونموه
شرب الماء الساخن أمر مفيد لاكتساب شعر ناعم ولماع، فهو ينشط النهايات العصبية في جذور الشعر ويعيد إليها الحياة والفعالية ويمنعها من الجفاف والتقصف، كما أنه يفعل بصلات الشعر ليسرع نمو الشعر ويزيد كثافته مع الوقت.
إضافة إلى ذلك، يمكن للماء الساخن أن يمنع ظهور القشرة بإبقاء فروة الرأس رطبة وجيدة التروية الدموية، وهذا ما يعمل ضد الجفاف والتقشر المسببين لظهور قشرة الرأس.
مكافحة عسرة البلع
الأكالازيا (Achalasia) هي حالة مرضية تضطرب فيها حركات المري (Esophagus) وهو الأنبوب العضلي الذي يربط البلعوم بالمعدة، كما يتشنج القسم السفلي من المري الذي يربطه بالمعدة مما يسبب صعوبة بلع الطعام وبقاء كمية منه محتجزة في المري بدل أن تتابع مسيرها نحو المعدة.
يبدو أن الباحثين لا يعلمون السبب الدقيق وراء هذه الظاهرة حتى الآن، ولكن شرب الماء الساخن يساعد مرضى الأكالازيا والتهاب المري على ابتلاع الطعام وهضمه بشكل جيد، وتصبح هذه الفائدة هامة بشكل خاص بعد تناول الوجبات الدسمة أو الغنية باللحوم والبروتينات.
تخفيف الألم
نعلم أن الماء الساخن يحسن الدوران الدموي ويمكن أن يزيد التروية الدموية للمناطق المصابة والمتضررة، لا يوجد دراسات تربط شرب الماء الساخن مع تخفيف الألم بشكل مباشر، ولكن المعروف أن الماء الساخن رائع وضروري لتخفيف الآلام الجسدية الناتجة عن الرضوض أو التعب العضلي بعد ممارسة الرياضة، يفضل الكثير من الأشخاص الاستحمام بالماء الساخن أو وضع أكياس الماء على المناطق المؤلمة في هذه الحالات، أما شرب الماء الساخن فيملك الأفضلية في الآلام العميقة التي يعود مصدرها إلى الأحشاء.
ومن المهم هنا أن نشير إلى أثر غير مرغوب قد يكون الماء الساخن سبباً خلفه وهو احتقان المنطقة المصابة وتوذمها نتيجة زيادة الجريان الدموي الموضعي فيها، لذلك يمكن أن يكون وضع الماء البارد أو الثلج على المنطقة المصابة هو الخيار الصحيح في بعض الحالات.
التخلص من التوتر
يمكن لكأس دافئ من الماء أو أي مشروب ساخن آخر مثل الشاي أو الأعشاب أن يساعدك على التخلص من التوتر والقلق، وفي دراسة نشرت عام 1997، ظهر أن استهلاك المشروبات الساخنة مثل الشاي أو القهوة أدى إلى تخفيف التوتر وتقليل الشعور بالقلق.
تفترض الدراسة أن بعض التأثيرات الإيجابية كانت ناتجة عن الكافيين الموجود في هذه المشروبات، لكن هذا لا ينفي دور حرارة المشروب في تحسين مزاج الأفراد المشاركين في الدراسة.
الجانب السلبي الأهم في شرب الماء الساخن هو التعرض للحرق، فالحرارة التي تعتبرها دافئة عند لمسها بطرف إصبعك قد تكون غير مناسبة لفمك، فتسبب حرق الحليمات الذوقية على اللسان أو أذية البلعوم أو المري، ولهذا ننصح بتوخي الحذر من هذه المشكلة وارتشاف كمية قليلة من الماء في البداية لتجريب حرارته قبل التسرع بالشرب.
عادة ما يتم تقديم المشروبات الساخنة مثل الشاي والقهوة بدرجة حرارة قريبة من درجة الغليان، وهذه المخاطرة الصحية غير ضرورية للحصول على ميزات وفوائد الماء الساخن، بل من المفيد شرب الماء بدرجة حرارة أعلى من حرارة الجسم بقليل، وفي دراسة نشرت عام 2008، ذُكر أن حرارة 136 فهرنهايت (تقريباً 58 درجة مئوية) هي الحرارة المثالية التي تخفف احتمال الحرق، وتحافظ على الشعور المحبب للمشروبات الساخنة.
إضافة إلى ذلك، قد تحمل المشروبات الساخنة جوانب سلبية من الناحية الصحية تبعاً لمكونات كل مشروب، مثل ارتفاع السكر لدى مرضى السكري عند الإكثار من المشروبات المحلاة، أو الأرق بسبب تناول المشروبات الغنية بالكافيين، أو النعاس والخمول الناتجين عن شرب بعض الأعشاب، لذلك علينا تحديد الكمية التي نتناولها من هذه المشروبات وتفضيل شرب الماء الساخن على المشروبات المنبهة والغنية بالكافيين.
كما ينصح العلماء بعدم شرب الماء الساخن إذا كان الشخص يعمل في بيئة حارة أو يمارس الرياضة، إذ أظهرت الدراسات أن شرب الماء الساخن يقلل من الشعور بالعطش، لذلك ننصحك بتجنب شرب الماء الساخن إذا كانت بيئتك أو نشاطاتك الجسدية أو المهنية تجعلك عرضة أكثر من غيرك للتجفاف، لا يوجد مانع صحي حقيقي بالطبع فإذا كان بإمكانك تذكر شرب الماء باستمرار دون الشعور بالعطش لن يكون هناك مشكلة.
خلاصة الحديث
اكتساب عادة صحية جديدة مثل شرب الماء الساخن لا يحتاج إلى الكثير من الجهد، يمكنك محاولة أن تبدأ يومك بشرب كأس من الماء المغلي والمتروك لفترة حتى يصبح دافئاً، واعتمد على هذا المشروب بديلاً للمشروب الصباحي التقليدي إن كان شاياً أو قهوة، ومن الأفضل أن تضيف بضعة دقائق من التمارين البسيطة الصباحية في انتظار الماء حتى يبرد مثلاً، وهذا ما يجعل جسمك أكثر نشاطاً واستعداداً للبدء باليوم الجديد.
إذا لم تتقبل طعم الماء الساخن لوحده يمكنك إضافة عصير الليمون الحامض أو النعناع فهو يعطي طعماً مميزاً ومقبولاً، كما أن شرب الماء الساخن قبل النوم طريقة رائعة لتجنب شرب المنبهات أولاً، والتخلص من تشنجات البطن وآلام الدورة الشهرية التي تزداد قبل النوم.
وفي الختام.. نعلم أن الكثيرين يعتبرون شرب القهوة في الصباح أحد أهم طقوس الحياة اليومية، ولكن التغيير لن يكون صعباً إلا خلال الأيام القليلة الأولى، لأن ’قوة العادة’ كما يحلو لعلماء النفس تسميتها كفيلة بتحويل أكثر الأعمال صعوبة إلى نشاطات يومية نقوم بها دون تردد أو تفكير، فكيف بأمر بسيط مثل شرب كأس من الماء!