أعراض حصيات المرارة وطرق علاج حصى المرارة
يعاني الكثير من الأشخاص من حصيات المرارة أو حصوات المرارة، هذه الحصيات عبارة عن قطع صغيرة صلبة تشبه الحصى تتكون وتتوضع في مرارتنا التي هي جزء من جهازنا الهضمي، ولحسن الحظ معظم حالات حصيات المرارة تكون بلا أعراض إلا في حال سببت خللاً في عمل المرارة وعندها يجب التدخل طبياً ومعالجتها.
موقع المرارة ووظيفتها
نحتاج كبشر كما يعلم الجميع للطعام للحصول على الطاقة والمواد الضرورية لأجسامنا ولممارسة نشاطاتنا اليومية، وبالطبع هذا الأمر يتم عن طريق تناول الطعام ومن ثم يقوم جهازنا الهضمي بالتعامل مع هذا الطعام وهضمه وتفككيه لمكونات يمتصها الجسم ويستفيد منها،يستخدم جهازنا الهضمي في عملية تفكيكه للطعام مواداً ذات تركيبة خاصة تفرزها الغدد الموجودة في جهازنا الهضمي والتي هي الكبد والبنكرياس بشكل أساسي، حيث يخرج الطعام من المعدة إلى الأمعاء فيفرز الكبد والبنكرياس هذه العصارات الهاضمة ويتم نقلها إلى الأمعاء عبر قنوات خاصة، بعدها تختلط بالطعام القادم من المعدة وتبدأ عملية الهضم بمساعدة هذه العصارات في الأمعاء.
قد تكون هذه المعلومات التي ذكرناها بديهية وبسيطة ومعروفة للجميع لكنها ضرورية لفهم موقع وعمل المرارة ضمن عملية الهضم، حيث تشكل المرارة مخزناً يقوم بتجميع هذه العصارات الهاضمة القادمة من الكبد على نحو أساسي ومن ثم تقوم المرارة بطرحها وتفريغها في الأمعاء عند تناول الطعام وبداية عملية هضمه، وقبل أن نبدأ بالحديث عن حصيات المرارة لابد أن نستعرض موقع المرارة وبنيتها ووظيفتها.
المرارة : عبارة عن عضو صغير بشكل الكيس يتوضع أسفل الكبد في الناحية اليمنى من البطن.
وظيفة المرارة الأساسية : تخزين العصارات الهاضمة المنتجة من قبل الكبد تدعى هذه العصارة بالصفراء (Bile)، تتكون هذه العصارة من مجموعة من الأملاح الصفراوية والأحماض و الكوليسترول (Cholesterol) والبيلروبين (Bilirubin)، وظيفتها هضم المواد الغذائية والدسم على وجه الخصوص، ينتج الكبد هذه العصارة الصفراء وينقلها عبر مجموعة من القنوات التي تدعى بالقنوات الصفراوية التي توصل الصفراء إلى مكان تخزينها الذي هو المرارة.
تقوم المرارة بتخزين الصفراء (العصارة الهاضمة) ضمنها وعندما نتناول الطعام ويصل إلى الأمعاء يتم تحريض المرارة لإفراغ هذه الصفراء في الأمعاء، حيث أنه وبعد خروج الطعام من المعدة يُفرز هرمون يدعى كوليسيستوكينين (Cholecystokinin)، هذا الهرمون يدفع المرارة لتتقلص وتدفع العصارة الهاضمة إلى الأمعاء عبر قناة تدعى بالقناة الجامعة (Common Bile Duct)، عندها تصل الصفراء للأمعاء وتمتزج بالطعام وتبدأ عملية الهضم.
أسباب تشكل حصيات المرارة
لم يتم تحديد سبب واضح يحرض حصيات المرارة على التشكّل، لأن عملية تشكل الصفراء في الكبد وتحديد مكوناتها ونسبتها وعملية نقلها وتخزينها في المرارة ومن ثم إفراغ المرارة للعصارة الصفراوية تُعدُّ عملية معقدة وطويلة تتم في جسمنا وبالتالي قد يكون هناك خلل في أي مرحلة مما يسبب ظهور الحصيات، لكن في المقابل تم وضع عدة فرضيات توضح سبب تشكل الحصيات، أهم هذه الفرضيات هي:
- نسبة كولسترول مرتفعة: الكولسترول عبارة عن نوع من أنواع المواد الدسمة التي توجد في الجسم بشكل طبيعي ويتم أيضاً الحصول عليه عن طريق الطعام، يشكل الكولسترول مكوناً أساسياً من مكونات العصارة الصفراوية التي يتم تخزينها في المرارة، لكن في بعض الحالات كالمرضى الذين يعانون من فرط شحوم مثلاً ترتفع نسبة الكولسترول في العصارة المخزنة في المرارة وهذا يجعل العصارة أكثر كثافة (سميكة)، مما يجعل عملية إفراغها أصعب؛ بالتالي تتجمع وتكوّن حصيات في المرارة.
- نسبة بيلروبين مرتفعة: البيلروبين عبارة عن مادة كيمائية ناتجة عن موت وتحلل كريات الدم في الكبد، لها عدة وظائف من ضمنها الدخول في تركيب العصارة الهضمية الصفراوية التي تُخزَّن في المرارة، وبنفس آلية الكولسترول عند ارتفاع نسبة البيلروبين في العصارة المخزنة في المرارة تصبح العصارة الصفراوية أكثف وأسمك، هذا يساعد على تشكل الحصيات في المرارة، ترتفع نسبة البيلروبين في الأمراض التي تصيب الدم وتجعله ينحل ويتخرب بشكل أسرع كالتلاسيميا مثلاً.
- خلل في عملية إفراغ المرارة: المرارة تخزن العصارة الهاضمة وتفرغها عن طريق التحريض الهرموني بهرمون الكوليسيستوكينين الذي يُفرز عند وصول الطعام للأمعاء، إن وجود خلل في عملية الإفراغ التي تقوم بها المرارة كنقص الهرمون المحرض للإفراغ أو تراكم العصارة الصفراوية بشكل كبير في المرارة وعدم إفراغها نتيجة صيام طويل عن الطعام وعدم تناوله؛ يجعل العصارة المخزنة تتراكم في المرارة وتحرض تشكل حصيات.
الأشخاص الأكثر تعرضاً لخطر تشكل حصيات المرارة
عرضنا قبل قليل الفرضيات التي تفسر سبب تشكل حصيات المرارة، هذه الفرضيات تنطبق وتتحقق عند مجموعات معينة من الأشخاص أكثر من غيرهم، أي بمعنى آخر هناك أشخاص لديهم صفات محددة أو يعانون من أمراض أو اضطرابات محددة تجعلهم أكثر عرضةً لتشكل حصيات المرارة من البقية، وأكثر الأشخاص الذين يحملون خطر تشكل حصيات المرارة هم:
- النساء: تبيَّن أن النساء أكثر عرضةً لتشكل حصيات في المرارة من الرجال بحوالي ثلاثة أضعاف، السبب في ذلك الهرمونات الجنسية الأنثوية التي تتغير نسبها باستمرار خلال حياة المرأة نتيجة الدورة الشهرية لديها أو عندما تصبح حاملاً، حيث تبيَّن أن هذه الهرمونات ترفع نسبة وتركيز الكولسترول في العصارة الصفراوية الهاضمة التي تُخزَّن في المرارة، هذا الارتفاع في الكولسترول كما ذكرنا هو أحد محرضات تشكل الحصيات في المرارة.
- البدانة: يعاني الشخص البدين عادةً من نسبة مرتفعة من الشحوم والمواد الدسمة في جسمه، ومن ضمن هذه المواد ترتفع نسبة الكولسترول لديه كأحد أنواع المواد الدسمة، هذا الارتفاع ينعكس على تركيز الكولسترول في العصارة المخزنة في المرارة وبالتالي يرفع نسبة تشكل الحصيات فيها.
- التقدم بالعمر: كلما تقدم الشخص بالعمر أكثر أصبح تشكل الحصيات المرارية أمراً مرجحاً أكثر.
- وجود سوابق عائلية: إن إصابة أحد أفراد الأسرة كأحد الأبوين بحصيات المرارة يرفع نسبة الإصابة بها عند الأبناء.
- وجود أمراض كبدية: يعد الكبد كما قلنا المكان الرئيسي لصنع العصارة الصفراوية الهاضمة التي تخزنها المرارة، بالتالي عندما يصاب الكبد بخلل أو مرض ما قد يختل تركيب ومكونات العصارة وتصبح المرارة أكثر عرضةً للحصيات نتيجة هذا الأمر.
لحصيات المرارة نوعين
تتشكل الحصيات في المرارة بشكل أساسي كما قلنا نتيجة خلل في نسبة المواد المكونة للعصارة الصفراوية التي تتجمع وتتخزن في المرارة، وبشكل خاص خلل في مكونين على وجه التحديد وهما الكولسترول والبيلروبين، كذلك قلنا أن زيادة نسبة هاتين المادتين يجعل إفراغ المرارة أصعب وأبطأ فتتراكم العصارة في المرارة وتتجمع لتشكل الحصيات لاحقاً، بالتالي نجد نوعين أساسيين للحصيات المرارية هما:
- حصيات الكولسترول (Cholesterol Stones): تشكّل هذه الحصيات نسبة 80% من مجمل الحصيات التي تتكون في المرارة، تكون هذه الحصيات ذات لون أصفر أو أخضر، ناجمة عن ارتفاع نسبة الكولسترول في العصارة المخزنة في المرارة.
- حصيات البيلروبين أو الحصيات الخضابية (Pigment Stones): تشكّل حوالي 20% من بقية الحصيات، تتشكل نتيجة ارتفاع نسبة البيلروبين في العصارة المخزنة في المرارة، غالباً ما تكون هذه الحصيات الخضابية ناجمة عن حالة مرضية على مستوى الدم تجعله يتحلل بشكل أكثر وأسرع، بالتالي تنتج كميات أكبر من البيلروبين نتيجة هذا التحلل، وترتفع نسبته في جسم المريض وفي العصارة المخزنة في المرارة مما يجعل تشكّل الحصيات فيها أمراً أكثر حدوثاً.
ما هي الأعراض المترافقة مع الإصابة بحصيات المرارة؟
لا تترافق كل حالات حصيات المرارة مع وجود أعراض حيث من الممكن أن يكون لدى الشخص حصيات مرارية لفترة طويلة أو حتى مدى حياته دون أن يظهر أي عارض، لكن الأعراض تظهر بشكل أساسي حين تعيق هذه الحصيات عمل المرارة وتعيق إفراغها لمحتواها من العصارة الهاضمة المخزنة فيها، بل وحتى من الممكن أن تسد الحصيات المرارة وتمنعها تماماً من الإفراغ.
تتنوع الأعراض التي تظهر مرافقة للحصيات، ويمكن جمع هذه الأعراض في عنوان عريض يدعى بـ المغص المراري أو القولنج المراري (Biliary Colic)، أهم الأعراض التي يتضمنها المغص المراري هي:
- الألم: وهو العارض الأكثر شيوعاً والأكثر ثباتاً حيث يعاني المريض من ألم على مستوى الجزء الأيمن من البطن وهذا الألم قد يمتد لمنطقة الظهر بين لوحي الكتف، السبب في هذا الألم هو منع وإعاقة المرارة عن عملية الإفراغ فيصبح تقلصها أصعب ويظهر الألم، وأوضح نقطة للألم تكون بعد تناول الطعام حيث يتحرض إفراغ المرارة لاستكمال عملية الهضم، هنا تحدث نوبة الألم نتيجة الانسداد والإعاقة للإفراغ من قبل حصيات المرارة، يستمر هذا الألم لعدة ساعات بعد تناول الطعام ويخف تدريجياً.
- إسهال.
- إقياء.
- غثيان وإحساس بالدوار.
- عسر في الهضم.
كيفية تشخيص الإصابة بحصيات المرارة
عند ظهور الأعراض يقصد المريض الطبيب المختص الذي يقوم بأخذ قصة المرض من المريض ويسأله عن الأعراض، متى بدأت؟ كم تدوم هذه الأعراض؟ هل من أمور معينة تحرض الأعراض؟ وغيرها من الأسئلة التي تساعد الطبيب في التوجه للتشخيص، بعدها يقوم الطبيب بإجراء فحص للمريض، ومن ثم يطلب تحاليل مخبرية وإجراءات تساعده في استكمال التشخيص، هذه الإجراءات تتضمن:
- تحاليل دموية: يستطيع الطبيب من خلالها تحديد وجود التهاب مرارة عند المريض فرضاً أو التهاب آخر على مستوى الجسم، وأيضاً تحديد وجود أمراض دموية عند المريض قد تكون سبباً في تشكل حصيات البيلروبين في المرارة عنده.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية (Ultrasound Scan): أو ما يعرف بالإيكو، عبارة عن إجراء بسيط يتم في عيادة الطبيب عبر جهاز الإيكو الذي يوضع على البطن في منطقة توضع المرارة ويتم معاينتها عبره، يمكن في الكثير من الحالات رؤية الحصيات في المرارة مباشرة عبر هذا الإجراء.
- تصوير المرارة الظليل (Cholescintigraphy): هنا يتم حقن مادة ظليلة في دم المريض تصل هذه المادة مع العصارة الهضمية إلى المرارة حيث تخزن العصارة، ويتم عبر الأشعة السينية X-RAY مراقبة عملية امتلاء المرارة بهذه المادة الظليلة وعملية إفراغ المرارة والزمن اللازم حتى يتم إفراغ المرارة بشكل كامل، بعدها تظهر الحصيات في حال وجودها في المرارة بشكل ظلال متوضعة في المرارة بعد إفراغها.
- التصوير الطبقي المحوري (CT scan): يتم أخذ صورة للبطن عبر جهاز الطبقي المحوري تظهر فيها المرارة مع محتوياتها، ويتبين ما إذا كان هنالك حصيات فيها أم لا.
- تصوير الطرق الصفراوية والبنكرياسية الراجع التنظيري (ERCP): إجراء يُستخدم في التشخيص والعلاج في نفس الوقت، حيث يتم استخدام منظار مزود بكاميرا يتم إدخاله عن طريق الفم ليصل للأمعاء وتحديداً لمكان وجود الفتحة التي تخرج منها العصارة الصفراوية القادمة من المرارة، وبعد الوصول للفتحة يتم حقن مادة ظليلة في هذه الفتحة، هذه المادة تسير في القناة وتلونها وتصل للمرارة وتظللها أيضاً، بعد حقن هذه المادة الظليلة يتم مراقبة سيرها في الطريق الصفراوية ووصولها للمرارة وتلوينها عبر الأشعة السينية، هنا يظهر وجود حصيات سواء ضمن القناة القادمة من المرارة أو في المرارة بحد ذاتها ويتم تشخيص حصيات المرارة، وفي حال وجود حصيات في الطرق الصفراوية تقوم بسد الطريق وتمنع إفراغ المرارة يمكن استئصالها مباشرةً عبر هذا الإجراء.
العلاجات التقليدية والتنظيرية والجراحية لحصيات المرارة
كما ذكرنا سابقاً فإن حصيات المرارة لا تسبب أعراضاً إلا في حال أثرت على عمل المرارة وإفراغها، وبالتالي لا تحتاج إلى علاج إلا عندما تظهر الأعراض، بشكل عام لا توجد خيارات علاجية كثيرة لحصيات المرارة ومشاكلها واختلاطاتها، فالعلاج الأساسي يعتمد على استئصال المرارة جراحياً أو محاولة استئصال الحصيات التي تسد القناة الجامعة القادمة من المرارة باتجاه الأمعاء.
وبشكل عام يوجد نوعين من وسائل علاج حصيات المرارة، هما:
- العلاج الجراحي: هنا يتم استئصال المرارة بشكل كامل مع الحصيات فيها والتخلص منها، بالطبع فإن هذا الأمر لا يؤثر على حياة الشخص بعد استئصال المرارة لأن هذه المرارة ليست سوى مكان تخزين العصارة الهاضمة وتفريغها، وفي حال غابت يتم التفريغ مباشرةً من الكبد الذي يصنع هذه العصارة الصفراوية باتجاه الأمعاء عبر القناة الجامعة.
بشكل أساسي يوجد نمطين للجراحة واستئصال المرارة:
1.الجراحة التنظيرية (Laparoscopic Cholecystectomy): الإجراء الأكثر شيوعاً حالياً والمستخدم بشكل أساسي في عمليات استئصال المرارة؛ نظراً لأن الجرح الذي تخلِّفه هذه العملية التنظيرية أخف والاختلاطات أقل، ومن الممكن المغادرة للمنزل في نفس اليوم، حيث يتم إحداث فتحة عبر جلد البطن وإدخال جهاز التنظير المزود بكاميرا والوصول للمرارة، ويتم عبر أدوات خاصة قطع المرارة وسحبها للخارج والتخلص منها.
2.الجراحة التقليدية المفتوحة: هنا يتم الأمر بالشكل التقليدي حيث يتم فتح البطن وإحداث جرح فيه فوق منطقة المرارة والوصول إليها واستئصالها ومن ثم خياطة الجرح، لكن انخفضت نسب اجرائها بشكل كبير في الفترة الأخيرة.
تحتاج طريقتا الجراحة السابقتان وضع المريض تحت التخدير العام خلال العملية.
- العلاج غير الجراحي: تتم محاولة التخلص من الحصيات الموجودة في المرارة والأعراض المرافقة لها بشكل غير جراحي، حيث أنه قد يوجد العديد من المرضى ممن يخشون العمل الجراحي ويحاولون تأجيله قدر الإمكان.
وبشكل عام هناك وسيلتان للعلاج غير الجراحي وهما:
1.تصوير الطرق الصفراوية والبنكرياسية الراجع التنظيري ERCP: هو كما ذكرنا في وسائل تشخيص الحصيات المرارية إجراء يُستخدم في تشخيص الحصيات وعلاجها، حيث يقوم بتصوير الطرق الصفراوية من الأمعاء وبشكل عكسي وراجع باتجاه المرارة وتشخيص وجود الحصيات فيها، وفي حال وجود حصيات تسد القناة الصفراوية الجامعة القادمة من المرارة يتم استئصالها مباشرة لفتح الانسداد والتخلص من الأعراض دون الحاجة للجراحة.
2.العلاج الدوائي: فيه يتم إعطاء المريض أدوية عن طريق الفم، تعمل هذه الأدوية على تحليل وتفكيك حصيات المرارة وزوالها، لكنها قد تأخذ فترات طويلة ليظهر مفعول هذه الأدوية ويتم التخلص من الحصيات ومن أهمها دواء يدعى أورسودايل (Ursodiol).
اختلاطات حصيات المرارة
تنجم وتظهر اختلاطات حصيات المرارة في حال سببت هذه الحصيات انسداداً شديداً في مخرج المرارة بحيث تمنعها تماماً عن إفراغ محتواها من العصارة الهاضمة، أو في حال تحركت هذه الحصيات من المرارة باتجاه القناة الصفراوية الجامعة القادمة من المرارة باتجاه الأمعاء، حيث تسد الحصاة القناة الجامعة وتسبب اختلاطات وأعراض، تظهر معظم الاختلاطات بأعراض المغص أو القولنج المراري نفسها إضافة لبعض الأعراض الإضافية حسب كل اختلاط، وأهم الاختلاطات الناجمة عن الحصيات المرارية هي:
- التهاب المرارة الحاد (Acute Cholecystitis): هنا تتوضع إحدى الحصيات الموجودة في المرارة على بوابة المرارة تماماً، وبهذا تمنعها من الإفراغ وتسبب ركودة وتراكم العصارة الهاضمة (الصفراء) في المرارة، هذا التراكم وعدم الإفراغ يجعل الجراثيم أكثر قابلية للتكاثر ضمن المرارة وبهذا تصاب المرارة بالالتهاب، وتكون أعراض الالتهاب مشابهة لأعراض المغص المراري من ألم وغثيان و إقياء، إضافةً لوجود ارتفاع في حرارة الجسم ناجمة عن الالتهاب الحاصل في المرارة.
تعالج حالات التهاب المرارة الحاد بالصادات الحيوية المضادة للجراثيم، وبعد زوال الالتهاب يتم استئصال المرارة جراحياً.
- التهاب القنوات الصفراوية (Acute Cholangitis): تغادر في هذه الحالة إحدى الحصيات الموجودة في المرارة مكانها داخل جوف المرارة، لتستقر وتعلق في القناة الصفراوية التي تصل المرارة بالأمعاء، بهذا ينسدُّ الطريق بين المرارة والأمعاء، نتيجة هذا الانسداد تتراكم العصارة الهاضمة المخزنة في المرارة وتتجمع فوق الحصاة التي تسد الطريق، وبهذا تصبح قابلية الجراثيم للنمو في هذه القنوات أعلى ويحدث التهاب في الطرق الصفراوية.
وغالباً يتم معالجة هذه الحصاة العالقة في الطريق ضمن القناة الصفراوية الجامعة عبر إجراء تصوير الطرق الصفراوية والبنكرياسية الراجع التنظيري ERCP كما ذكرنا في وسائل علاج الحصيات.
- اليرقان (Jaundice): أيضاً يحدث نتيجة انسداد القناة الصفراوية بحصاة قادمة من المرارة، حيث يمنع هذا الانسداد ليس فقط المرارة بل وحتى الكبد من تفريغ مفرزاته باتجاه الأمعاء، هذا المنع من التفريغ يجعل مفرزات الكبد الصفراوية تتراكم وتسبب حدوث اليرقان، الذي يظهر بشكل اصفرار في العينين والجلد مع بول غامق بني إضافة لأعراض المغص المراري.
- سرطان المرارة: حالة نادرة نوعاً ما لكن تبين أن وجود إصابة سابقة بالحصيات المرارية عند أحد الأشخاص ترفع نسبة إصابته بسرطان المرارة، يُعالج السرطان باستئصال المرارة ومن ثم علاج إضافي شعاعي أو كيماوي.
- انسداد الأمعاء: تصنف أيضاً من الحالات النادرة لكنها قد تحدث، حيث من الممكن لحصاة أو عدة حصيات أن تصل من المرارة إلى الأمعاء وتسبب انسداداً في الأمعاء والطريق الهضمي، ويتظاهر هذا الانسداد بألم بطني متزايد مع الوقت بالأمعاء مع توقف خروج البراز والغازات، يُعالج باستئصال الحصاة من الأمعاء.
نهايةً... على الرغم من كون حصيات المرارة حالة غير خطيرة وقابلة للعلاج لكن هذا لا يعني إهمال الأعراض في حال ظهورها؛ فقد تتطور لمضاعفات يصعب استدراكها والتعامل معها لاحقاً.