التعامل مع التلميذ المشاغب
بصفتك معلماً، فإن أحد أكثر الأشياء شيوعاً.. هي أن تواجه في حياتك المهنية (التعامل مع الطلاب صعبي المراس والتلاميذ المشاغبين) الذين يمثلون تحدياً حقيقياً لك، وفي حال كانت المشكلات السلوكية التي يتعين عليك التعامل معها محبِطة، فمن الجيد أن تشعر ببعض الراحة في معرفة أن كل المعلمين وفي جميع أنحاء العالم يواجهون نفس التحديات، حيث تُعد الحاجة إلى التعامل مع قضايا سلوك الطالب المشاغب؛ واحدة من أهم الحزم الإضافية المرتبطة بمهنة التدريس.
كيفية تعامل الأستاذ مع الضوضاء في الفصول الدراسية
مع وجود عدد كبير من الطلاب في الصف؛ من الصعوبة بمكان أن لا يكون ليدك بعض الطلاب الذين لديهم ميل للحديث دون توقف في محاولة لتشتيت انتباه زملائهم عن التركيز على دراستهم، هذه "الثرثرة" هي التعريف الحقيقي لإزعاجك كمعلم ولزملائهم، بالتالي لا بد أن تعرف أفضل الطرق للتحكم بهذا السلوك المزعج.
وأفضل طرق للتعامل مع هؤلاء الطلاب هي:
- إعطاؤهم تعليمات إيجابية عند محاولة التعامل مع الضوضاء التي لا نهاية لها، بتجنب التعليمات السلبية.. فبدلاً من استخدام استراتيجية "قطع التحدث" بشكل نهائي، يجب عليك توجيه تعليماتك إلى هؤلاء الطلاب بالتحديد، وذلك بإرشادهم إلى "التزام الصمت"، كما يجب عليك بعد ذلك متابعة طلبك بقول: "شكراً لك" للإشارة إلى أنك تلزم التلميذ بطلبك.
- في حال حدثت الضوضاء أثناء إعطاء الدرس أو مخاطبة الفصل، فإن الحل الأفضل هو أن تتوقف عن الكلام، ومن خلال القيام بذلك، سيكون هذا تذكير لطلابك بأنه يجب أن يستمعوا إليك بدلاً من التحدث مع زملائهم.
- وضح لهم مدى صرامة الفصل الدراسي في هذه اللحظة بالضبط، اطلب من الطلاب البقاء "هادئين"؛ كي يسهل على الطلاب فهم الدرس.
فرض الطلاب المشاغبين سيطرتهم على الصف والمعلم
بعض الطلاب يمتنعون عن التركيز على واجباتهم المدرسية خلال الصف أو حتى إكمالها؛ لجذب المعلمين إلى شكل من أشكال الصراع على السلطة، لذا يجب أن تكون حريصاً دائماً على تحديد هؤلاء الطلاب وعدم الوقوع في شركهم في أي وقت.
الطريقة الأكثر حكمة للتعامل مع هؤلاء الطلاب هي:
- منحهم خيارات لها عواقب تتعلق بها، تأكد أنهم يدركون أنه إذا لم ينهوا واجبهم الصفي؛ ضمن إطار زمني معين.. فمن المحتّم عليهم أن يفوتوا أوقات فرصهم، أو أي عواقب أخرى تجدها مناسبة لمثل هذا الموقف، بطبيعة الحال هذا يساعد على وضع مسؤولية سلوكهم عليهم، بينما يساعد أيضاً في تعليمهم أفضل طريقة للاختيار واتخاذ القرار؛ هنا في الصف وفي الحياة بشكل عام.
- يجب أن تتعلم دائماً إظهار التقدير لطلابك عندما تقدم لهم عدداً من الخيارات، من ثم هم يتخذون القرار الصحيح، إنك بعبارة "شكراً جزيلاً" أو حتى بالابتسامة؛ ستقطع شوطاً طويلاً في تعزيز هذا السلوك الإيجابي لديهم كذلك العلاقة الطيبة والمحترمة بينكم.
- يمكنك أيضاً التفكير في إعداد نظام للمكافآت، لكن كن حذراً في ذلك.. بحيث أنك تريد من الطلاب أن يتصرفوا جيداً من تلقاء أنفسهم، وليس لأنهم يأخذون مكافأة مقابل تصرفاتهم الجيدة.
الحجج في الفصول الدراسية لمعاقبة الطلاب المشاغبين
يمكن للطلاب الذين يزرعون ثقافة التحدي لكل شيء يقوله أو يفعله المعلم؛ أن يصرفوا الفصل بأكمله وبسهولة عن موضوع الدرس، عن طريق تحريف التركيز على القضايا الثانوية والتي لا معنى لها، فمن الصعب جداً عليك أن تمنع نفسك من تأنيب مثل هؤلاء الطلاب صعبي المِراس، لكن من الضروري أن تلاحظ أن تبني موقف عدائي أو حتى دفاعي؛ لن يحل مثل هذه المشكلة، بدلاً من ذلك يجب عليك أن تبقى هادئاً وحازماً مع التركيز على المشكلة نفسها.
تتطلب مثل هذه الحالات التي تحدث بشكل متكرر:
- عقد اجتماع بعد انتهاء الفصل الدراسي مع الطالب (الطلاب) المسئولين عن سوء التصرف والشغب في الصف، في هذه المناقشة يجب أن تشرح للطالب؛ الطريقة التي يكون فيها السلوك غير مقبول، وكيف سيؤدي إلى وجود علاقة إشكالية بينك وبينه، كذلك كيف يتداخل مع الوقت المخصص لتعلّم كامل الصف.
- التعامل مع هذا النوع من الحوارات مع الطلاب يحتاج إلى بعض التحضير.. (تحدثنا عن هذا النوع من أدلة التعامل والتحدث مع الطالب المشاغب وذويه في مقال مستقل).
اعتماد الطالب على المعلّم بشكل مفرط
الطلاب الذين يميلون إلى طلب المساعدة دائماً في كل فرصة تتاح لهم؛ قد يفعلون ذلك بدافع الرغبة في شد الانتباه أو قد لا يكون لديهم عجز حقيقي في إنجاز هذه المهام بمفردهم، وأفضل طريقة للتعامل مع هذه المشكلة من قبل المدرّس:
- قم بتقييم السبب الرئيسي وراء هذه العادة التي ستكون مشكلة لو تفاقمت، بحيث يمكنك معالجتها، في محاولة تجاهل دعوات الطالب المستمرة للنظر إلى عمله لبعض الوقت.
- إذا كان الطالب ينتظر تدخلك وبصبر، اقترب منه وكافئه من خلال إلقاء نظرة على عمله بحماس أكثر من ذي قبل.
- هناك استراتيجية أخرى يمكنك استخدامها، هي جعل الطلاب يسألون زملائهم أولاً قبل اللجوء إليك للتوضيح.
- دع الطلاب يفكرون في عملهم أولاً قبل طرح الأسئلة.
نصائح لاستعادة السيطرة على الفصل الدراسي
لا يمكنك كمعلم ومربي أجيال؛ أن تتابع العملية التعليمية وتساهم في بناء شخصية إنسان، دون أن تحسم الموقف مع الطالب المشاغب بطريقة تعزز ثقته بنفسه، بالتالي تتكرس لديه روح العمل الجماعي وأهمية المشاركة لتحقيق أي إنجاز، انطلاقاً من غرفة الصف إلى كل نواحي الحياة التي سيخوضها على الصعيد الشخصي والمهني، بطبيعة الحال أنت تؤثر في طلابك وخصوصاً المشاغبين منهم، فيما يلي بعض الأفكار التي قد تساعدك:
1- افعل ما لا يتوقعه طلابك: كلما كان الطالب أو الطفل يسيء التصرف، هناك فرصة كبيرة أنه يتوقع استجابة المعلم لأفعاله، مع ذلك وكمعلم يمكنك اختيار رد الفعل بشكل مختلف وبدلاً من ذلك؛ قمْ بشيء غير متوقع عند حدوث مثل هذا السيناريو، على سبيل المثال عندما يرى المعلم طالباً مشاغباً يلعب بعنف، فإن هناك استجابة يتوقعها هؤلاء الطلاب من قبل المعلّم، وتتضمن ردود الفعل الأكثر شيوعاً التي يتوقعها الطلاب من المعلم؛ قول "توقف!" أو "هل يمكنك العودة إلى مقعدك على الفور!"، مع ذلك يمكنك أن تختار أن يكون رد فعلك مختلفاً، وأن تعالج الأشياء بشكل فريد، بحيث يمكنك محاولة إخبارهم بشيء من شأنه أن يشد انتباههم على حين غرة مثل: "يبدو أن الأطفال يبدون أذكياء للغاية في اللعب بهذه الطريقة... أنت مبدع"، هذا النوع من التواصل سيفاجئ الطلاب والأطفال بالقدر الذي يدفعهم لتغيير السلوكيات غير المرغوب فيها.
2- العثور على أشياء إيجابية لدى الطلاب: بالنسبة للأطفال أو الطلاب الذين يسيئون التصرف بشكل منتظم، يمكن أن يصعب العثور على صفات إيجابية حولهم، مع ذلك ولأنك معلم، يجب عليك السعي إلى تصحيح هذا الأمر نظراً لتزايد أهمية تعزيز إيجابيات الطلاب في العملية التعليمية.. بحيث تقل احتمالية أن يلتفت الأستاذ للتصرفات أو الصفات السلبية، بحيث يمكنك أن تذهب بعيداً عن طريق البحث عن أشياء إيجابية تقولها فيما يتعلق بهذا الطالب المشاغب المزعج، وفي كثير من الأحيان تجد أن هؤلاء الأطفال يفتقرون إلى معرفة قدراتهم بشكل فعلي، ويتطلبون مساعدة من المعلمين لرؤية "أن لديهم القدرة على أن يصبحوا إيجابيين".
3- لا تتصرف بفضاضة أو أن تكون نموذجاً سيئاً: عندما تتصرف عدة مرات بشكل متسلط يؤدي ذلك إلى قيام الطلاب بصياغة أفكار حول كيفية الانتقام منك كمدرّس، لذا يمكنك أن تأخذ وقتك وتضع نفسك مكانهم، وتسأل نفسك عما "إذا كنت تود أن تكون فضاً معهم"، أو لديك مساحة صغيرة للتنفس، وبالمثل فإن الأطفال لا يتمتعون بالسلطة عليك، يجب أن تسعى دائماً للتعبير عن شغف قوي ورغبة في إقامة علاقات طيبة مع طلابك، سيساعدك هذا بشكل كبير في الحد من نمو المشاعر السلبية المحتملة مثل: الكراهية والرغبة بالانتقام من طلابك، مما يجعل عملية التدريس أكثر راحة ومتعة.
4- دعم شعور الطلاب بالانتماء: كلما كان الأطفال والطلاب يفتقرون إلى الشعور بالانتماء في الفصل الدراسي، يكون الفعل السلوكي المشاغب هو رد فعلهم الطبيعي، السبب وراء ذلك هو أنه من خلال القيام بذلك؛ فإنهم يحاولون دون وعي تبرير مشاعر عزلتهم عن الدائرة الاجتماعية التي يتواجدون فيها، في مثل هذا الحال.. يجب أن تتأكد من أنك تضع نفسك مكانهم، وتعزز شعور الطلاب المتأثرين.. بمشاكل الانتماء، لإنجاز ذلك؛ تغنى بجهود هؤلاء الطلاب للعمل في الصف حتى في المهام البسيطة أو في حياتهم الاجتماعية عندما يتعايشون مع الآخرين، كما يمكنك أن تثني على محاولات الطلاب للالتزام بالروتين المحدد أو اتباع القواعد المعطاة، بالإضافة إلى أنك قد تنجح باستخدام مصطلحات مثل "نحن" في عملية وصف السلوك الذي تفضله وباستخدامك ضمير المتكلم بصيغة الجمع فأنت تورط هؤلاء الصغار بالتصرفات المحببة التي تريد منهم أن يسلكوها، مثال جيد على ذلك هو بالقول: "يجب أن نكون دوماً لطفاء؛ عندما نلعب مع أصدقائنا".
5- التوبيخ والعقاب بطريقة مختلفة: عندما تسعى إلى معاقبة الطالب، يمكنك البدء بتعزيز السلوك الإيجابي من خلال قول أشياء مثل: "لقد كنت تعمل جيداً مؤخراً.. في الواقع لقد كان سلوكك مثيراً للإعجاب، لماذا قررت التورط في مثل هذه العادة السيئة اليوم؟ "من خلال القيام بذلك؛ تكون قد فتحت بوابة تسمح لك بالتعامل بشكل أفضل مع المشكلة وبشكل مباشر، بعد الانتهاء من التوبيخ، يمكنك قول عبارات مثل: "أنا متأكد من أن هذا الخطأ لن يحدث مرة أخرى نظراً للدور العظيم الذي كنت تمارسه حتى هذه اللحظة، إيماني بك لن يتغير أنت شخص رائع".. كما يمكنك استخدام أي تقنية أخرى تعتقد أنها ستعمل بشكل جيد بالنسبة لك، لكن تأكد من أنك تمارس الاعتراف بالسلوك الإيجابي للطفل، كذلك كن على دراية بالعديد من أخطاء العقوبة التي تتم في كثير من الأحيان، (تحدثنا في مقال سابق عن أفضل الطرق لمعاقبة التلميذ في الصف).
في الختام.. تُعد مهنة التدريس ممتازة في مجموعة واسعة من الطرق، ومع تسليط الضوء على كل ذلك ستكون لديك القوة للمساهمة في تشكيل حياة الطلاب الموكلة إليك، مع ذلك من المهم أن تعرف أن مهنة التدريس ليست دائماً نزهة؛ بسبب التحديات المختلفة التي ستواجه.. خاصة عند التعامل مع الطلاب المشاغبين، وبقدر ما قد تكون هذه المشاكل معقدة؛ يجب أن تعرف أن هناك دائماً وسيلة لحلها.