الفصام: أنواع الفصام وأعراضه وأسباب مرض الفصام وعلاجه
عادة ما يتملكنا الرعب عند الخوض في غمار الأمراض النفسية وأعراضها، وذلك لأن هذا النوع من الأمراض يلفه الغموض، ولعل أكثر هذه الأمراض إثارة للفضول وتداولاً في الأفلام والمسلسلات، مرض الفصام!
يعاني الشخص المصاب بالفصام إجمالاً من تغيّرات في السلوك والإدراك، واضطراب في التفكير، الأمر الذي يمكن أن يشوه إحساسه بالواقع. وهذا ما يشار إليه بالذهان. ولكن ما هو الفصام؟
مفهوم الفصام: هو مرض نفسي يرافقه العديد من الوصمات والمعلومات الخاطئة، ما يزيد غالباً الضيق على المريض وعلى عائلته، ويبدأ الفصام عادة بالظهور لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين سن 15 و 25 عاماً، إلا أنه يمكن أن يظهر في مرحلة لاحقة.
الفصام أم انفصام الشخصية؟
يطلق البعض على مرض الفصام اسم "انفصام الشخصية"، إلا أن مصطلح الفصام هو الاسم الصحيح لهذا المرض النفسي.
ما هي أسباب مرض الفصام؟ لماذا يصاب الإنسان بالفصام؟
لم يتمّ تحديد سبب واحد للفصام، لكن هناك العديد من العوامل التي ثبتت أنّها مرتبطة ببدء ظهوره، والتي يمكن اعتبارها أسباباً له حتى الآن، ويجدر القول أنه لدى النساء والرجال فرصة متساوية للإصابة بالفصام، إلا أن احتمالية إصابة الرجال به تكون في عمر مبكر غالباً. فما هي أسباب الفصام؟
• العوامل الوراثية: هل مرض الفصام وراثي؟
يمكن أن تكون قابلية الإصابة بالفصام كمرض متوارث في العائلات. فبحسب الإحصائيات تبلغ احتمالية إصابة الفرد بالفصام فقط 1%، لكن في حال كان أحد الأهل مصاباً بالفصام، فإن احتمالية الإصابة بالمرض تزداد لدى أولاده حتى إنها تبلغ 10%.
• العوامل الحيوية الكيميائية:
يُعتقد أنّ بعض العناصر الحيوية الكيميائية مرتبطة بمرض الفصام، وخاصة فيما يتعلّق بالناقل العصبي المسمى الدوبامين، فإنّ أحد الأسباب المحتملة لهذا الخلل الكيميائي هو الاستعداد الوراثي للشخص للإصابة بالفصام، كما قد تكون المضاعفات خلال الحمل أو الولادة التي تسبّب تلفاً بنيوياً في الدماغ مرتبطة بشكل ما بالإصابة بهذا المرض.
• العلاقات العائلية:
تقول الدراسات إنه لا يوجد أي دليل يؤيد فرضية أن تكون العلاقات العائلية سبباً للمرض، إلا أن بعض المصابين بالفصام يبدون حساسية تجاه أي توتر عائلي، يظهر على شكل نوبات متكرّرة.
• الضغط النفسي قد يسبب الفصام!
تظهر الإحصائيات أن الحوادث المقلقة تسبق بداية ظهور مرض الفصام، وقد تصبح هذه الحوادث عوامل تساعد في تبكير الإصابة لدى الأشخاص المعرّضين أصلاً للإصابة بالفصام.
وغالباً ما يصبح الأشخاص الذين يعانون من الفصام قلقين وانفعاليين، وغير قادرين على التركيز قبل ظهور أي عارض حاد، الأمر الذي قد يسبب مشاكل في العمل أو الدراسة، ويتسبب بالتالي في تدهور العلاقات الاجتماعية.
وتعتبر هذه العوامل مسؤولة عن ظهور مرض الفصام، في حين يكون المرض فعلياً هو سبب الحادث المقلق، لذلك فمن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان الإجهاد سبباً أو نتيجة لمرض الفصام.
• الكحول والمخدرات:
يمكن أن يؤدي تناول الكحول الجائر، أو الكحول المؤذية واستعمال المخدرات الأخرى، خاصة مادة القنّب الهندي والأمفيتامين، إلى الإصابة بالفصام. في حين أن استعمال المواد المخدرة لا يسبب الفصام، إلا أنه يرتبط بشكل كبير بالانتكاس، حيث يميل المصابون بالفصام أكثر من غيرهم لتناول الكحول، وتعاطي مخدرات أخرى، الأمر الذي يضرّ بالعلاج. كما أن التدخين أثناء تلقي العلاج يؤدي إلى صحة جسدية ضعيفة.
ما هي علامات مرض الفصام؟
بعد أن عرفت أسباب مرض الفصام، لا بد وأنك تتساءل عزيزي القارئ، ما هي أعراض الفصام؟
إليك أهم علامات الإصابة بمرض الفصام:
• الأوهام، وتأتي على شكل اعتقادات خاطئة بالتعرض للاضطهاد، أو الشعور بالذنب أو أن يكون الشخص تحت سيطرة خارجية، ويمكن أن يصف الأشخاص المصابون بالفصام مؤامرات تحاك ضدهم، أو يمكن أن يعتقدوا أن لديهم مواهب وقدرات خاصة، ويقومون أحياناً بعزل أنفسهم عن الناس؛ لتجنب الاضطهاد الموجود في مخيلتهم.
• الهلوسة، وتشمل غالباً سماع الأصوات، كما يمكن أن تشمل حالات أخرى أقل شيوعاً كرؤية أو إحساس أو تذوّق أو شمّ أشياء حقيقية بالنسبة إلى الشخص المصاب بالفصام، لكنها غير موجودة في الواقع.
• اضطراب التفكير، حيث يصعب متابعة كلام الشخص المفصوم أو المنفصم، بالإضافة إلى عدم وجود رابط منطقي في حديثه، ويمكن أن يحدث الاختلاط وعدم الترابط بين الأفكار والكلام.
• فقدان الطاقة، من أعراض الفصام أن يفقد المصاب القدرة على الالتزام بالنشاطات اليومية، مثل: الغسيل، والطبخ، ويعتبر فقدان الطاقة والمبادرة جزءاً من المرض، وليس خمولاً.
• صعوبة التفكير، حيث من الممكن أن يتأثر تركيز الإنسان وذاكرته، وكذلك قدرته على التخطيط والتنظيم، الأمر الذي يجعل التفكير والتواصل وإتمام الواجبات اليومية أكثر صعوبة.
• صعوبة التعبير عن المشاعر، حيث تخفّ القدرة على التعبير عن الشعور بشكل ملحوظ، ويرافق ذلك غالباً ردّة فعل غير ملائمة للمناسبات السعيدة أو الحزينة.
• الانطواء الاجتماعي، الانطواء أحد علامات الفصام، وقد ينتج عن العديد من العوامل، مثل خوف المصاب من شخص يتخيل أنه سيؤذيه، أو الخوف من التفاعل مع الأشخاص الآخرين بسبب فقدانه للمهارات الاجتماعية.
• ضعف البصيرة، من الشائع أن يكون المصاب بالفصام غير مدرك أنه مريض بسبب بعض الحالات، مثل: التوهم والهلوسة، الأمر الذي يكون مؤلماً جداً بالنسبة لعائلة المصاب ولمقدمي الرعاية له، وقد يكون نقص الوعي سبباً لأن يرفض المصابون بالفصام العلاج الذي قد يكون مفيداً. وكذلك يمكن أن تؤدي التأثيرات الجانبية غير المرغوب فيها لبعض الأدوية إلى رفض العلاج.
شاهد بالفيديو ما يقوله الدكتور فلاح التميمي عن أعراض الفصام والوقت الأنسب لعلاج اضطراب الفصام
• الفصام الزوراني: ويتمثل بالإحساس بالعظمة، والشعور بالظلم أحياناً دون وجود مسوّغات، أو سماع المصاب أصواتاً وهمية وغير حقيقية، ولا يسبب هذا النوع خللاً في المعرفة.
• الفصام غير المنتظم: حيث يكون المصاب بهذا النوع من الفصام غير منتظم الإحساس والكلام والسلوك، وتكون مشاعره سطحية وغير ناضجة، ويتسبب هذا النوع في خلل في المعرفة.
• الفصام الكتاتوني: ويكون هذا النوع إما على شكل فرط في الحركة، أو على شكل انعدام الحركة، والرفض التام لأيّ شيء حوله، أو الصمت وعدم التفاعل مع أي شيء من حوله، والقيام بحركات غريبة.
• الفصام غير المميّز: ويشمل هذا النوع من الفصام جميع خصائص الفصام الزوراني، بالإضافة إلى الهلاوس المتعلقة بشم الروائح.
• الفصام المتبقي: ويتمثل هذا النوع بالاعتقادات غير المنطقية، والمعرفة غير المألوفة.
هل يوجد علاج للفصام؟ ما هو علاج مرض الفصام؟
بالرغم من أنه ليس هناك من علاج معروف للفصام، إلا أن البقاء على اتصال بشكل منتظم مع الطبيب النفسي يمكن أن يساعد الأشخاص على التحكم في الأعراض، وعلى عيش حياة كاملة ومثمرة، ويشمل العلاج الأكثر فعالية بالنسبة إلى الفصام تناول الأدوية التي يصفها الطبيب المختص، واعتماد العلاج النفسي للفصام، والحصول على الدعم، والتعامل مع تأثيره على الحياة اليومية، فمن المهم جداً التثقيف حول المرض، وتعلّم التجاوب بشكل فعّال، مع إشارات الإنذار الأولى لنوبة الفصام.
وقد أحدث التطور في الأدوية المضادّة للفصام ثورة كبيرة في علاجه، فلقد أصبح بمقدور معظم المصابين اليوم أن يعيشوا ويمارسوا أدوارهم في المجتمع، بدلاً من البقاء في المستشفى. حتّى إن بعض المصابين لا يدخلون أبداً إلى المستشفى، بل يتلقون الرعاية الصحية بالكامل في المجتمع، حيث أصبحت الأدوية تعمل على تصحيح خلل التوازن الكيميائي في الدماغ الذي يرافق المرض، وتساعد الأدوية الحديثة، والتي تم اختبارها جيداً، على الشفاء التامّ، كذلك فإن التأثيرات الجانبية للعلاج أصبحت أقل بكثير من ذي قبل.
كما أن التغيرات في نمط حياة المصاب يمكن أن تساعده في الشفاء، كالتخفيف من تناول الكحول المؤذية، والتخفيف من استعمال المخدرات، أو أي شيء آخر يحفز حدوث نوبات الفصام.
كما يمكن أن يشكل دعم الأصدقاء مصدراً قيّماً للتجاوب مع علاج الفصام، وفي بعض الأحيان قد تفيد العلاجات المحددة الموجّهة للأعراض بشكل خاص، مثل التوهم.
هنالك عدة كتب متخصصة بمرض الفصام، وقد تعرضت لجوانب عدة من هذا المرض، وبينت سبل التعايش معه، نذكر منها:
• كتاب 100 سؤال عن الفصام، من تأليف الدكتور إبراهيم بن حسن الخضير، وقد صدر عن دار طويق للنشر والتوزيع.
• كتاب الفصام، من تأليف الدكتور طارق الحبيب.
• كتاب الطب النفسي المعاصر، تأليف الدكتور أحمد عكاشة، وقد صدر عن مكتبة الأنجلو المصرية.
• كتاب الطب النفسي والحياة، (الجزء الثاني)، تأليف الدكتور حسان المالح، وقد صدرت الطبعة الأولى منه عام 1997 عن دار الإشراقات في دمشق.
• كتاب الفصام، تأليف الدكتور وليد سرحان (سلسلة سلوكيات)، وقد صدر عام 2000 عن دار مجدلاوي، في عمّان.
• كتاب الفصام: دراسات في اضطرابات الشخصية والتفكير والسلوك، تأليف سعيد يعقوب، وقد صدرت الطبعة الأولى منه عن دار الحداثة للنشر والتوزيع.
• كتاب الفصام، تأليف مصطفى غالب، وقد صدر عن مكتبة الهلال.
• كتاب ما هو الفصام؟ سلسلة كراسات المرض النفسي، مركز الصحة العقلية الأسترالي.
في النهاية نقول قد تشعر عائلة وأصدقاء المصابين بمرض الفصام بالارتباك والضيق، إلا أن الدعم والتثقيف حول الفصام، فضلاً عن التفهّم الاجتماعي تبقى عناصر مهمة من عناصر علاج الفصام.
كتاب "ما هو الفصام؟" / سلسلة كراسات المرض النفسي / مركز الصحة العقلية الأسترالي.