كيف أطلب زيادة المرتب بطريقة صحيحة؟
من الأمور المريحة بالنسبة للعمل في القطاع العام أن الزيادة في المرتب تخضع للقوانين الناظمة للعمل في الدولة وللأنظمة الداخلية للمؤسسات، وغالباً ما تكون الزيادة متعلقة بمدة الخدمة حسب درجة الموظف ومسماه الوظيفي.
أما في القطاع الخاص فطلب زيادة الراتب من بين التحديات الكبرى التي تواجه الموظف في مسيرته المهنية، خاصة إن كانت إدارة الشركة من النوع الذي لا يرغب بزيادة المرتب، وهم غالباً كذلك، وإن كان عقد العمل لا يتضمن بنداً مخصصاً لآلية أو معايير زيادة المرتبات، إن كان هناك عقد أصلاً!.
في هذا المقال؛ نفكر معاً بالمعايير التي تتحكم بطلب زيادة الراتب، كيف ستحدد موقفك من الإدارة عند طلب زيادة الراتب؟ وما هي الكلمات المناسبة والأسلوب الجيد لإعداد خطاب زيادة المرتب؟ كيف ستتصرف إذا تم رفض زيادة المرتب؟ وما هي النصائح الذهبية للحصول على زيادة في الراتب؟ إضافة إلى قواعد التفاوض على نسبة الزيادة.
في البداية لا بد أن تدرك أنت أسباب طلبك للزيادة في المرتب، فالإدارة تتعامل مع أنواع مختلفة من الموظفين وأنماط مختلفة من طلبات زيادة المرتب، وعندما سيقرأ المدير أو المسؤول عن الرواتب طلب زيادة المرتب لن يعتمد فقط على النص المكتوب؛ بل سيفكر بك شخصياً، سيفكر بأي نوع من الموظفين أنت وبالسبب الذي دفعك لهذا الطلب، وأنت أولى بمعرفة ذلك.
القصد من هذا الكلام أن تحدد بينك وبين نفسك أسباب طلبك للزيادة، غالباً ما تكون إحدى الأسباب التالية، وسنذكر عند كل سبب موقف الإدارة وموقف الموظف:
1- أنت موظف قديم ولم تحصل على زيادة منذ فترة، أنت في هذه الحالة تستحق الزيادة.
2- قامت الشركة بزيادة المهمات فيما بقي الراتب كما هو، وهنا ستطلب التخلي عن المهمات الإضافية إن لم توافق الإدارة على زيادة المرتب.
3- اختلفت ظروف المعيشة في بلدك وأصبح المبلغ الذي تتقاضاه زهيداً مقارنة بموجة الغلاء، أنت محق بطلب زيادة الأجر لكن الإدارة ستستخدم العذر نفسه لتأجيل الزيادة إن لم نقل رفضها.
4- طورت نفسك وأصبحت مؤهلاً للحصول على مرتب أعلى، أنت محق والإدارة غالباً ما تخضع لطلبك لعلمها أنك تستطيع إيجاد فرص أفضل.
5- هناك ظروف خاصة جعلت من مرتبك أقل من احتياجاتك، ونادراً ما تتعاطف الإدارة مع ذلك.
6- تعتقد أنك أكثر تميزاً من زميل حصل على زيادة في المرتب، غالباً سيكون طلبك مزعجاً للإدارة إن عرفت هذا السبب.
7- ظروفك عندما قبلت بمرتبك كانت أسوأ، أنت الآن قادر على التفاوض، أيضاً سيكون طلبك مزعجاً للإدارة إن عرفت السبب، ولكن فرص التفاوض كبيرة إن كنت عنصراً فعالاً في الفريق.
8- أمامك فرصة عمل أخرى بأجر أعلى، فعلياً لن تكون مهتماً إن رفضت الإدارة طلبك، فأنت مسبقاً قد وجدت فرصة أخرى، وكل إدارة لها طريقة مختلفة في التعامل مع الطلب في حال عرفت أن هذا هو السبب.
9- تعتقد أن الشركة تحقق أرباحاً كبيرة بسببك وترغب في الحصول على حصتك من الكعكة!، ربما يتم طردك إن علمت الإدارة أن هذا هو سبب طلبك للزيادة.
10- كنت تعتقد أن العمل أقل صعوبة، لن تتعاطف الإدارة معك.
11- اتفقت سلفاً على زيادة دورية لكن الشركة لم تلتزم، أنت محق تماماً في طلب الزيادة.
توقيت طلب زيادة المرتب
يجب أن تعرف متى تطلب زيادة المرتب، فعلياً وفي الشركات الكبرى يكون الوقت المثالي لطلب زيادة الراتب هو نهاية السنة المالية، وبالنسبة لك فإن الوقت المثالي للتفاوض حول الراتب هو وقت تجديد العقد، وإن لم تكن تعمل وفق عقد مبرم فعند إتمامك لسنة خدمة.
وعموماً يجب أن تتجنب طلب الزيادة إن كانت الشركة تمر بضائقة مالية، وفي أي وقت قد يبدو به طلبك ابتزازاً للإدارة، لأنهم وإن وافقوا على الطلب فقد عرفوا أي موظف أنت، ولن يترددوا برد الابتزاز في أول فرصة أو التخلي عن خدماتك عندما تسنح الفرصة.
كم هو مبلغ الزيادة الذي ستطلبه؟
من اتيكيت العمل ألَّا تقوم بتحديد مبلغ الزيادة في خطاب طلب زيادة المرتب، وهنا إما أن تقوم الإدارة برفع المرتب بالنسبة التي تراها مناسبة، وإما أن يتم نقاش النسبة معك.
في حال طلبت الإدارة منك تحديد مبلغ الزيادة فلا بد أن تكون منصفاً وأن تبتعد عن الطمع، وحاول أن تعرف النسبة التي يمكن أن توافق عليها الإدارة مسبقاً.
ممن تطلب زيادة المرتب وكيف؟
هذه النقطة بالذات تعتمد اعتماداً كاملاً على النظام السائد في الشركة، بعض الشركات تعتمد على قسم الموارد البشرية كمسؤول عن المرتبات والترفيعات والترقيات، شركات أخرى لن تحصل فيها على فلس إضافي دون مخاطبة المدير العام مباشرة، وشركات أخرى يعتبر مديرك المباشر هو المعني بالموافقة على الزيادة، فحتى إن خاطبت المدير العام سيقوم بتحويل خطابك إلى مديرك المباشر.
من جهة أخرى بعض الشركات تعتمد على الخطابات الرسيمة المكتوبة، فيما تتعامل بعض المؤسسات وخاصة الصغيرة منها على التخاطب الشفهي.
من السهل جداً أن تحصل على نموذج جاهز لطلب زيادة المرتب، لكن أن تقوم أنت بإعداد طلبك الخاص بنفسك يعزز من فرص قبول الطلب، ويجعلك أكثر استعداداً للتفاوض الشفهي.
لذلك لن نقدم لك طلباً جاهزاً بل سنعطيك العناصر الأساسية التي يجب أن تتوفر في طلب الزيادة وكيف تستخدم اللغة الجميلة والرسمية في طلب الحصول على زيادة في الراتب.
1- التحية هي الاستفتاحية النموذجية، ويجب أن تكون التحية موجهة إلى الشخص المعني أو القسم المعني، بالطريقة التي تعلم أنها الأنسب لشخصية من سيقرأ الخطاب، مثلاً: السادة إدارة قسم الموارد البشرية المحترمون... تحية طيبة.
2- ابدأ الحديث بتمهيد سريع وبكلمات جميلة تناسب طلب زيادة الراتب، مثلاً: أتوجه إليكم بطلبي هذا وأنا أعلم أنكم ستنظرون إليه بعين الاهتمام، وكلي ثقة بتقديركم.
3- ابدأ طلبك بالحديث عن تاريخك الوظيفي ومهماتك، مثلاً: أعمل معكم في الشركة منذ خمس سنوات، وقد استفدت خبرة كبيرة خلال هذه الفترة تجعلني أشعر بالامتنان والانتماء لشركتكم....إلخ.
4- حاول أن تطرح سبب طلب الزيادة بأسلوب مميز، مثلاً: وقد اتفقنا على زيادة الراتب كل 3سنوات بنسبة 20% (إن كان هناك اتفاق من هذا النوع) ولظروف أقدرها تأخرت هذه الزيادة، لذلك أتجه إليكم بخطابي هذا متمنياً أن أحصل على الزيادة.
أو يمكنك القول: كما تعلم إدارتكم الكريمة فقد حصلت مؤخراً على شهادة الماجستير، وتمت ترقيتي بالمسمى الوظيفي بناء على الشهادة الجديدة، ونتيجة لتغير المسمى الوظيفي وطبيعة المهام الموكلة إليَّ أتمنى أن تتم إعادة النظر بطلب زيادة الراتب بما يتوافق ما سياسات التوظيف والمرتبات في الشركة وبما ترونه مناسباً.
5- اختم خطابك بعبارة مجاملة لا تسمن ولا تغني، لكنها لازمة، كأن تقول مثلاً: هذا وأؤكد لكم أن جوابكم على طلبي هذا مهما كان لن يقلل من احترامي لعملي والتزامي به وانتمائي للشركة.
6- أو أن تختتم الرسالة مثلاً: هذا وأتمنى المزيد من الازدهار لشركتنا التي أعتبر نفسي جزءاً منها وفرداً من أفراد العائلة.
عند تقديم طلب زيادة المرتب أنت أمام عدة احتمالات، إما أن يتم قبوله ببساطة بزيادة جيدة أو متوسطة أو حتى بزيادة زهيدة من باب سد الذرائع، والخيار هنا لك في التعامل مع الموقف.
وإما أن يتم رفض الطلب دون التفاوض معك أو طلب مقابلتك، وأيضاً الخيار هنا لك في التعامل مع الموقف حسب الخيارات المتاحة.
وإما أن تتم دعوتك للتفاوض أو المساومة، وهنا يجب أن تأخذ بعض الأمور في عين الاعتبار:
1- حاول أن تفهم سبب دعوتك للتفاوض من اللحظات الأولى، هل هي دعوى للتفاوض على مبلغ الزيادة، أم أنها دعوة لرفض أو تأجيل طلبك بطريقة مهذبة.
2- إذا كان التفاوض يهدف إلى رفض الطلب مع مبررات فلك أنت أن تقرر مدى صدق الإدارة، وهل ستستمر في العمل أم أن هذا فراق بينكما.
3- أما إن كان الهدف من الطلب تأجيل الزيادة فحاول قدر الممكن أن تنتزع وعداً حقيقياً من الإدارة، وحاول أن تحدد زمناً للزيادة بشكل ذكي، مثلاً قل للإدارة: "أقدر اهتمامكم بالطلب، سأتقدم بطلب جديد عند أول السنة لعل الظروف تكون مناسبة، ما رأيك؟".
4- والأصعب أن تكون الدعوة لمناقشة مبلغ الزيادة، فعادة ما تحاول الإدارة أن تنتزع من فمك رقماً محدداً كي لا تتفوق هي على طموحك، دعنا نتكلم عن ذلك بالتفصيل.
التفاوض على مبلغ الزيادة في الراتب
عادة ما يتجنب الموظفون تحديد رقم معين للزيادة في الطلب المكتوب، بل ويتجنبون الحديث بالأرقام عند التفاوض الشفهي على الزيادة، حيث يخشى الموظف أن يحدد مبلغ أقل مما تنوي الإدارة عرضه، أو أن يحدد رقماً صادماً بالنسبة لهم، لذلك يترك هذه المهمة للإدارة غالباً.
والإدارة تفكر بنفس الطريقة غالباً، فتتجنب طرح رقم قد يكون أقل بكثير من توقعات الموظف أو أكثر، لذلك يمكن القول أن مفاوضات مبلغ الزيادة في المرتب تشبه لعبة عض الأصابع، حيث يضع كل لاعب يده في فم الآخر، ومن سيصرخ أولاً سيخسر الجولة!.
وأنت في هذه الحال أمام خيارين:
الأول أن تحدد زيادة في الراتب منطقية ومتناسبة مع الراتب الأصلي (أي نسبة مئوية وليس رقماً) وأن تكون مناسبة لوضع الشركة وسياسة الزيادات بها ولسبب طلبك الزيادة.
بعد دراسة نسبة الزياد الجيدة التي تتراوح عادة بين 10% و35% حسب ظروفك وظروف العمل وسبب طلب الزيادة، يجب أن تكون ثابتاً في طلبك مع القليل من المرونة بمعدل 5% أقل.
إذا لم تقتنع الإدارة بالرقم الذي ستطلبه لا بد أن تكون مهذباً في الإصرار على مبلغ الزيادة، ثم حاول أن تنتزع من محاورك رقماً، وابدأ المساومة لتصل إلى أقرب نسبة تستحقها.
الخيار الثاني أن تتجنب تحديد النسبة لتقوم الإدارة بطرح عرضها، فإن كان العرض أكثر من توقعاتك أنت محظوظ، وإن كان أقل وهو الأغلب يجب أن تتفاوض بتهذيب لتقترب من النسبة التي تعتقد أنها منطقية.
وعلى وجه العموم يجب أن تتذكر أنها لعبة عض الأصابع، ويجب أن تبتعد عن الأسلوب الشخصي في الطرح الذي يشبه التسول، لا تقل له زوجتي مريضة، ولا تخبره عن الأقساط، أنت تطلب حقاً من حقوقك فلا تتعامل معه وكأنها منحة، ولا تقبل بمكافأة بدل الزيادة، خذ المكافأة ولا تتنازل عن الزيادة.
أخيراً... مهما كان الأمر ومهما كانت نتيجة طلب زيادة الراتب تجنب أن تدخل في نقاشات عقيمة مع الإدارة، وابتعد عن الصراخ أو شخصنة الأمور، ومن الأفضل أن يكون طلب الزيادة وما يترتب عليه من نتائج سراً من أسرار العمل، وفي أسوأ الأحوال ابدأ بالبحث عن عمل أفضل.