كيف أحمي طفلي من يوتيوب؟
في العصر الحديث جميعنا ينعم بنعمة الإنترنت، سرعة الاتصال والتواصل، وعالم مليء بالمعرفة والمعلومات والبيانات، صور وفيديوهات ونصوص، وملايين صناع المحتوى ومليارات المستخدمين.
ويعتبر موقع يوتيوب التابع لشركة جوجل أهم مواقع المحتوى البصري عبر شبكة الإنترنت على الإطلاق وأقدمها، لكن يوتيوب بالنسبة للأطفال سيف ذو حدين، فهو من جهة أهم وسائل الترفيه والمعرفة للأطفال، ومن جهة ثانية يحتوي على الكثير من المواد الإباحية والعنيفة وغيرها من المحتوى غير الملائم لهم.
كيف نحمي أبناءنا من يوتيوب؟ كيف نجعلهم يستخدمون موقع يوتيوب بأمان؟ وما هي الأخطار التي يتعرض لها الأطفال عبر يوتيوب؟ هذه الأسئلة وغيرها نجيب عنها في هذا المقال.
ما هي الأخطار التي يتعرض لها الأطفال في يوتيوب؟
في مرحلة قد يذكرها كثيرون كانت وسائل ترفيه الأطفال خاضعة بشكل مطلق لرغبة الأهل، فالأب والأم هم من يقومون بتحديد معظم وسائل الترفيه وشرائها لأبنائهم من ألعاب وغيرها، ومن النادر أن تجد وسيلة ترفيه مشتركة بين طفل في أمريكا وطفل في السعودية!.
أما في العصر الحالي فوسائل الترفيه تفرض نفسها على الأطفال والأهل في آنٍ معاً وعلى مستوى العالم، فلو فكرت بمنع ابنك من استخدام اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث أنت ببساطة تعزله عن العالم، هذا إذا افترضنا أنك تمتلك القدرة على منعه.
وبناءً على ذلك فإن النهج التربوي الصحيح يقوم على ترشيد استخدام الأطفال للإنترنت، والتعاون معهم لحمياتهم من المحتويات الخطيرة والرديئة من خلال سلسلة من الإجراءات نتطرق لها في الفقرات القادمة، وقبل ذلك نحاول أن نحدد أبرز الأخطار التي قد تواجه الطفل في يوتيوب.
- استخدام الأطفال لموقع يوتيوب والمحتوى الجنسي: المحتوى الجنسي على الإنترنت لا يمكن حصره ولا محاصرته، وهناك أنواع متعددة ومختلفة من المحتوى الجنسي، تبدأ مع مقالات التوعية الجنسية والمقالات الطبية الجنسية ولا تنتهي مع المقاطع الإباحية.
- والخطورة في المحتوى الجنسي الذي قد يتعرض له الأطفال عبر يوتيوب يكمن في الحصول على معارف خاطئة عن الحياة الجنسية أو اكتساب عادات وسلوكيات جنسية شاذة، قد لا يستطيع الطفل فهمها وإدراك حقيقتها لكنه قد يسعى لتجربتها أنى أتيحت له الفرصة.
- المحتوى العنيف ومحتوى الكراهية على يوتيوب: من المحتويات الخطيرة على يوتيوب أيضاً الفيديوهات التي تحرض على العنف الجسدي واللفظي بغض النظر عن ماهية الموضوع المطروح، فضلاً عن المقاطع التي تحض على الكراهية من خلال بث التفرقة الطائفية والعنصرية وغالباً ما تتبع أسلوب دس السم في العسل، فضلاً عن التعليقات المسمومة والشتائم التي يتبادلها زوار الموقع.
- المحتوى السخيف في يوتيوب: هناك أشخاص محترفون على يوتيوب يقومون بتقديم محتويات معرفية مهمة ولهم كل الاحترام، لكن في المقابل هناك كمية من المحتويات السخيفة التي تفسد العقول ولا يمكن الركون إليها في مسيرة تربية الطفل، وهذا لا يقتصر على موقع يوتيوب، فحتى في المكتبات العامة تجد الكتب القيمة والكتب السخيفة، لكن جاذبية يوتيوب هي ما تعزز خطورة المحتوى التسطيحي والسخيف.
- إدمان يوتيوب عند الأطفال: يعتبر موقع يوتيوب بديلاً عن التلفاز التقليدي بالنسبة للأطفال والكبار، وهناك أرقام مخيفة عن عدد المشاهدات في قنوات الأطفال على يوتيوب.
- حيث وصلت في شهر أكتوبر عام 2015 إلى 5.2 مليار مشاهدة عبر أكثر 20 قناة أطفال شعبية على مستوى العالم[1].
- هذه الأرقام تشير إلى تعلق الأطفال الشديد بمقاطع يوتيوب، وذلك لا يعتمد على جاذبية هذه المقاطع فقط، بل أيضاً على إسراف الأهل باستخدام قنوات الأطفال عبر يوتيوب كوسيلة رئيسية لإلهاء الطفل.
- وبالنسبة للأطفال الأكبر يعتبر يوتيوب قناة مفتوحة للعالم كله، يشاهدون من خلاله ما يهمهم ويبحثون عبره عن اهتمامات جديدة قد لا تكون هي الأفضل للأطفال.
حسب التصريحات التي تطلقها إدارة يوتيوب فإنهم يهتمون بشكل استثنائي بحماية الأطفال من المحتويات التي تعتبر خطيرة على صحتهم وشخصيتهم، لكن هذه التصريحات فيها نظر.
وحسب تقرير نشره موقع باز فيد نيوز Buzz Feed News اعتماداً على الاتصال بمجموعة من منسقي المحتوى والمراقبين البشريين في يوتيوب، فإن الموقع يبدي أولوية للجودة البصرية والجذب أكثر من المحتوى!، لكن سياسات يوتيوب في السماح والمنع ما تزال مبهمة إلى حد بعيد، خاصة وأنها تعتمد على الخوارزميات الخاصة بجوجل إضافة إلى العنصر البشري، وتعتمد أيضاً على عملية الإبلاغ التي يقوم بها المستخدمون.
حتى الآن لا يمكن اتهام يوتيوب بترويج المقاطع المسيئة للأطفال أو التي تشكل خطر عليهم، ذلك أن العاملين في مجال صناعة المحتوى يتمكنون دائماً من فهم الخوارزميات التي تضعها الشركة ليظهروا في نتائج البحث متجاوزين الرقابة، كما أن الرقابة البشرية على محتوى يوتيوب قد لا تكون فعالة.
ومهما كان الأمر، فإن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الأهل والمربين ومدى قدرتهم على ضبط استخدام أبنائهم ليوتيوب بطريقة صحيحة وسليمة.
يوتيوب كيدز مخصص للأطفال
في سبيل تحسين تجربة الأطفال عبر موقع يوتيوب أطلقت شركة يوتيوب نسخة مخصصة للأطفال تعتبر الأكثر أمناً من ناحية فلترة المحتويات غير الملائمة والتعليقات المسيئة، ويعمل تطبيق يوتيوب كيدز على أنظمة تشغيل الأجهزة اللوحية والهواتف النقالة، يمكنكم تنزيل يوتيوب كيدز من خلال هذا الرابط.
تفعيل الوضع الآمن على يوتيوب
وبالنسبة لاستخدام الإصدار الأصلي من يوتيوب من خلال أجهزة الكومبيوتر أو الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية فإن تقنية الوضع الآمن أو وضع تقييد المحتوى تساعد على حماية الأطفال من المحتوى السيء.
تقوم تقنية تقييد المحتوى على تقليل فرص ظهور المحتويات غير الملائمة من خلال حجب ما يبلغ عنه المستخدمون أو ما تقوم بالتقاطه خوارزميات يوتيوب أو المراقبون البشريون، لكن يوتيوب يؤكد أن هذه التقنية ليست آمنة بالمطلق.
يمكنكم تفعيل الوضع الآمن في موقع يوتيوب من خلال الدخول إلى الحساب، ثم الدخول إلى الإعدادات، ستجد في نهاية صفحة الإعدادات خيار تقييد الوضع الآمن، اضغط تفعيل كما هو موضح في الصورة، وتذكر أن الوضع الآمن سيعمل فقط على الحساب الذي دخلت منه ومن المتصفح نفسه.
الرقابة الأبوية على استخدام الإنترنت
كما ذكرنا فإن رقابة الأهل هي الرقابة التي يعوَّل عليها في حماية الأطفال من اليوتيوب أو المحتويات السيئة على شبكة الإنترنت عموماً، والرقابة الأبوية تبدأ بترشيد استخدام الأطفال للأجهزة الذكية، وتحديد أوقات معينة لمشاهدة مقاطع الفيديو تحت نظر الأهل، وعبر حساب الأهل حصراً.
وفي سبيل تعزيز الرقابة الأبوية يمكن مراجعة ما يقوم الطفل بمشاهدته عبر الدخول إلى سجلات البحث الخاصة بالحساب، والتي تتيح لنا معرفة آخر المشاهدات وأخر عمليات البحث التي تمت عبر هذا الحساب.
ذلك من خلال النقر على قائمة الإعدادات في أعلى الشاشة، اختيار السجل، تحديد ما تريد أن تطلع عليه.
لمعلومات أكثر عن أفضل قنوات يوتيوب للأطفال والاستخدام الآمن لموقع يوتيوب قم بزيارة هذا الرابط الآن.
بعيداً عن دور شركة يوتيوب في حماية الأطفال من الفيديوهات المسيئة، وبعيداً عن الرقابة الأبوية على استخدام الإنترنت، أفضل خياراتنا دائماً هو تعزيز قدرة الطفل على الاختيار التفكير العميق في كل ما يعرض عليه، فإعطاء الطفل الأدوات الفكرية التي تساعده على اختيار المحتوى المناسب ورفض المحتوى الرديء هو الطريق الأصعب لكنه الأكثر أهمية.
وإليكم بعض النصائح لتعزيز الرقابة الذاتية عند الأطفال لحمايتهم من يوتيوب:
- لا تترك طفلك يتعلق بوسائل الترفيه الرقمية، حافظ على نفسك كجزء من حياته، امنحه المزيد من وقتك وحبك واهتمامك.
- قدم لطفلك وسائل ترفيه تقليدية تساعده على تنمية قدراته الفكرية.
- ساعد طفلك على اكتشاف مواهبه وتنميتها.
- احرص أن يحصل طفلك على المعلومات من مصادر موثوقة دائماً، اقرأ كيف تجعل ابنك يثق بك أكثر من جوجل!.
- علم طفلك على السؤال والاستفسار، فعندما تنهر طفلك وتمنعه من السؤال قد يتعرض لإجابات خاطئة من أشخاص آخرين عبر يوتيوب أو غيره.
- ساعد طفلك على اكتشاف الجوانب التعليمية في يوتيوب.
- علم طفلك التفكير، وابتعد عن التلقين.
- شارك طفلك بالمشاهدة وساعده من خلال التعليقات الذكية.
أخيراً... بمجرد أن يرزقنا الله بطفل يجب أن نعرف أي نعمة هي، ويجب أن نبذل جهدنا في تنمية أطفالنا بطريقة سليمة، ولا بد أن نستميت في الدفاع عنهم بمواجهة أي خطر قد يهدد صحتهم الجسدية أو النفسية وقد يؤثر على مستقبلهم، نتمنى السلام والسلامة لكل أطفال العالم.
- مقال "لماذا اليوتيوب هو تلفزيون الأطفال في العصر الحديث" منشور في theguardian.com
- تقرير "مشكلة استغلال الأطفال على يوتيوب" منشور في buzzfeednews.com