كيف تكون الأب المثالي؟ نصائح لتكون والداً أفضل
معظم الآباء يطمحون بجدية ليكونوا آباء مثاليين، وربما من لحظات السعادة الحقيقة القليلة التي يختبرها الإنسان في حياته أن يرى في عيون أبنائه وبناته نظرة الفخر والاحترام والمحبة، لكن هذه السعادة ليست بالمجان، إنها تحتاج إلى جهد وإصرار.
كيف تكون الأب المثالي؟ بمجرد أن تفكر بهذا السؤال ستكون قد وضعت قدمك على الطريق، وفي كل يوم من عمر أبنائك ستزداد إصراراً على أن تكون الأب المثالي لهم، فما هو دورك في تربية أبنائك؟ وكيف يمكن أن يتعامل الأب مع أبنائه المراهقين؟ كيف تؤمِّن مستقبل أبنائك واستقرارهم النفسي والمادي؟ وكيف ستكون جدّاً صالحاً؟ اقرأ حتى النهاية.
"لتكون أباً مثالياً لا بد أن تقرأ كل يوم شيئاً جديداً عن التربية السليمة"
عندما نتعامل مع طفل خلوق أول ما نقول له "نعم التربية"، كذلك عندما نتعامل مع طفل سيء الأخلاق ننعته بسوء تربيته، وجميعنا يلقي اللوم على الأبوين في كل ما يفعله ابنهما حتى بعد أن يكبر، ذلك أن ما يزرعه الأب وتزرعه الأم في الأبناء يطول حصاده بطول حياتهما.
ولذلك فتربية الأبناء تربية سليمة هي أهم ما يجعل من الأب أباً مثالياً، إليكَ بعض النصائح التربوية التي تساعدك لتكون الأب المثالي:
1- أظهر حبك لأبنائك منذ اليوم الأول، لا تصدق أن القسوة دور الأب، دور الأب الحقيقي أن يكون مرشداً ناصحاً محباً، لذلك لا تتردد في إظهار حبك لأبنائك في كل وقت، ويمكنك أن تقرأ أكثر عن تأثير التجاهل العاطفي على الأطفال.
2- كن قدوة حسنة لأبنائك، إن كنت تريدهم ألا يكذبوا فلا تكذب أمامهم، وإن كنت تريدهم أن يبتعدوا عن التدخين فأقلع أنت عن التدخين أولاً، وإن كنت تطلب منهم الهدوء فلا تسمعهم صراخك الغاضب، واحترم أباك وأمك وزوجتك قبل أن تطلب من أبنائك احترامك، اقرأ أكثر عن تقليد الأبناء لآبائهم.
3- لا تجبرهم على شيء، فكل ما تجبرهم عليه سيتركونه عندما تقلُّ سلطتك عليهم بفعل الزمن، تأكد أنك تخاطب عقولهم وتقنعهم بوجهة نظرك، فالسلوك الذي ينبع من القناعة أكثر استقراراً من السلوك الذي يأتي بالإكراه.
4- قدم لأبنائك التعليم المناسب، واسعى بكل ما أوتيت من قوة ليكونوا الأفضل، نعتقد أنك لا تحتاج لتوصية بذلك، ساعدهم على اكتساب مهارات جديدة، سيكون طفلك ممتناً لك في كل مرة يذهب فيها إلى البحر مع أصدقائه لأنك علمته السباحة، وسيكون ممتناً في كل مرة يحادث بها سائحاً أجنبياً لأنك علَّمته اللغة.
5- مهما كانت معتقداتك الدينية، السياسية، الفكرية والثقافية، لا تتعامل مع أبنائك كوعاء يجب أن تسكب به نفسك، أعطهم المفاتيح ليبحثوا ويفهموا ويؤمنوا، ساعدهم على التمييز بين الحق والباطل دون أن تقول لهم هذا حق مطلق وذاك باطل مطلق.
6- كن مخلصاً لأسرتك، لزوجتك، لالتزامات بيتك، فأبناؤك سيتعلمون منك الإخلاص.
7- حافظ على التوازن في التعامل مع أبنائك، ولا تزرع بذور الشقاق بين الأخوة، علمهم قيمة الأخوة وبرهن لهم أن مكانتهم في قلبك متساوية، حتى وإن كنت داخلياً تفضل أحدهم على الآخر، لكن لا تظهر تفضيلك هذا بشكل فج يجعل من الأخوة أعداءً.
8- لا تكن عنيفاً، هناك عشرات الطرق المفيدة في العقاب دون عنف، وهناك مئات الأساليب التربوية التي تساعدك على تعليم أبنائك وتربيتهم دون أن تلجأ إلى ضربهم.
9- جاوب عن كل الأسئلة، إن أسوأ جواب يسمعه الطفل من أبيه "ستعرف وحدك عندما تكبر"، تأكد أن السؤال مهما كان محرجاً هناك طريقة للإجابة إجابة صحيحة ومقنعة، لكن لا تترك الأسئلة معلقة في الهواء، خاصة في عصر محركات البحث عبر الإنترنت، كن أنت من يربي ابنك لا جوجل.
10- لا تحتقر ابنك يوماً مهما فعل، لا تنظر إليه بازدراء، لا تتنمر عليه، لا تسخر منه، لا تقارنه يغيره، لا تستخف بأفكاره أو آماله وأحلامه، لا تسخر من شكله أو صوته، فقط علمه وأعطه المزيد من الحب والمعرفة، وعزز ثقته بنفسه.
11- دافع عن أبنائك بكل قوتك، لا تسمح لأحد أن يحطم آمالهم، ولا تسمح لأحد أن يتنمر عليهم، علمهم كيف يكونون أقوياء ويدافعون عن أنفسهم، وكن أنت قريباً منهم دائماً.
12- لا تجعل محبتك لأبنائك أو خوفك عليهم أو حمايتك لهم وتحمُّلك مسؤوليتهم موضوعاً للمساومة.
13- قدم لأبنائك بيئة صحية من خلال الحفاظ على مسكن صحي، وتأمين الغذاء الصحي والمفيد لهم، وتأمين الرعاية الصحية المناسبة، لا تهمل مثلاً التطعيمات واللقاحات والفحوص الدورية، ولا تهمل الأعراض الصحية التي تعتقد أنها بسيطة.
14- لا تنقل تجاربك السلبية إلى أبنائك، إن كنت معقداً من النساء لا تعلِّمهم كره النساء، وإن كنت قد مررت بتجربة روحية سيئة لا تدفعهم بعيداً عن الإيمان، انقل تجاربك الإيجابية فقط.
"الأب المثالي من يكون صديقاً لابنه أو ابنته في مرحلة المراهقة"
على الرغم من أهمية تعامل الأب الجيد مع أطفاله الصغار إلّا أن لمرحلة المراهقة دوراً استثنائياً في تحديد علاقة الآباء بالأبناء، ذلك أن تقييم الأبناء لآبائهم يكتسب صفة أقرب إلى الصورة النهائية في أواخر المراهقة، حيث يبدأ المراهق الصغير بالنظر إلى أبيه نظرة أقل عاطفية مقارنة بنظرة الطفل.
أفضل ما يمكن أن تفعله لابنك المراهق أن تكون قريباً منه وصديقاً له، أن تعي وتفهم التغيرات الكثيرة التي يمر بها -أو تمر بها- أن تساعده على فهم الأفكار والمعتقدات الغريبة التي يتعرف إليها في مرحلة المراهقة، أن تكو صبوراً على سلوكه الغريب، واعياً أنه يحتاج إليك أكثر من أي وقت مضى.
وفي مرحلة المراهقة كلما كنت قريباً من ابنك كلما تمكنت من حمايته، فالأبناء الذين يشعرون بقرب آبائهم منهم في مرحلة المراهقة يسمحون لهم بالتعرف إلى أصدقائهم عن قرب، ويشاركونهم أفكارهم وتساؤلاتهم، فيما يلجأ الأبناء الأقل شعوراً بالأمان إلى السرية.
"لا تترك ديوناً لأبنائك يسددونها عنك!"
إلى جانب واجات الأب التربوية تجاه أبنائه؛ تؤثر قدرة الأب على تأمين احتياجات أبنائه الأساسية تأثيراً كبيراً على صورته في أعينهم، خاصة وأن ظروف العصر الحالي آخذة في التعقيد، ومعايير الحياة الكريمة تختلف يوماً بعد يوم.
ونحن هنا نتحدث عن الحاجات المادية من أساسيات كالطعام والشراب والدواء، أو الكماليات كالرحلات والأجهزة الإلكترونية وغيرها، وهنا لا بد أن ننبه كل أب أن يغرس قيمة القناعة في أبنائه.
وإليكم بعض النصائح لتأمين مستقبل أبنائكم ولتكونوا آباء مثاليين:
1- تأكد دائماً من سلامة أبنائك النفسية، ولا تتردد أبداً باستشارة المختصين في حال لاحظت أعراض اضطراب نفسي على أبنائك، فهذه الأعرض قد تعرض مستقبلهم كله للخطر، وهذا ما ينطبق على صحتهم الجسدية أيضاً.
2- ذكرنا سابقاً أهمية أن تؤمن التعليم المناسب لأطفالك، وهنا نعيد ونكرر، فالعالم يتجه نحو المتعلمين أكاديمياً حتى في بعض الحرف والمهن اليدوية، حاول أن تعزز رغبة التعلم عندك أطفالك، وحاول أن تحدد توجهاتهم بمرحلة مبكرة لتنمي شغفهم، وتأكد أنك تخطط لتعليمهم العالي وهم في المراحل الأولى، لأن الأيام تمضي بسرعة وقد تجد نفسك غير قادراً على تأمينهم.
3- ابدأ مشروعاً خاصاً، وحاول أن تدخر ما تستطيع من المال لتكون جاهزاً عندما يكبر الأطفال الصغار وتكبر معهم مصاريفهم، بعض الآباء يقومون بفتح حساب توفير لأبنائهم من عمر يوم، هذا تصرف صائب، وستكون أباً مثالياً ومحظوظاً إن نمى مشروعك وأصبح مشروع أبنائك من بعدك.
4- لا تترك ديوناً لأبنائك يسددونها عنك، حاول أن تبني استراتيجية اقتصادية تعفي أبناءك من تسديد الديون في المستقبل.
5- سمعتك الطيبة جزءٌ من مستقبل أبنائك، تخلص من أي سلوك سيء قد يصبح وصمة عار تطارد أبناءك وربما تطارد أحفادك أيضاً.
6- حاول أن تخلق التوازن اللازم بين الجوانب المادية والجوانب المعنوية، فلا تقنع أبناءك أن الفقر أحسن من الغنى إن كنت فقيراً، ولا تنزع من قلبهم الرحمة إن كنت ثرياً، علمهم أن الثروة هي اجتماع المال والرحمة، وأنَّ الثروة هي القدرة والرضا معاً، وأن المال يزول أسرع مما يجنى، والفقير نصف فقره كسله.
"لن تختبر شعوراً في حياتك أجمل من رضاك عن تربية أبنائك بعد أن يصيروا آباءً"
خطوة خطوة مع أبنائك من المهد وحتى يصبحوا بالغين راشدين، ويشقون طريقهم بأنفسهم، وتصبح لهم حياتهم المستقلة، تأكد أنك إن لم تكن الأب الذي أحبوه طوال فترة طفولتهم وشبابهم لن تكون كذلك فيما بعد.
عندما تصير جداً يجب أن تشارك أبناءك تجربتك معهم، تذكرهم بتعاملك الطيب معهم ليتمكنوا من تربية أبنائهم تربية صحيحة وسليمة، ويجب أن تكون أنت أيضاً مثالاً وقدوة لأحفادك كما كنت لأبنائك، وتأكد أن أحفادك محظوظون إذا عايشوا علاقتك الطيبة بزوجتك -الجدة- والمحبة التي صمدت بينكما كل هذه السنين.
لا شيء يساوي شعورك أنَّك أديت واجبك تجاه أبنائك، لا شيء يساوي كوباً من الشاي على شرفة بيت ابنك أو ابنتك وأنت تنظر إلى الأحفاد يلعبون حولك ويغمرك الرضى أنَّك كنتَ أنتَ الأب المثالي، والجدَّ المثالي، فكر بهذه اللحظة منذ الآن، لأن سعادة كهذه تتطلب الكثير من الجهد وتستحقه.