أهميّة وجود الجدّين في حياة الأطفال
جميعنا نعلم أن الجدّين هم رمز للعطاء والحب والحنان والدفء، ويجب علينا كأحفاد أن نعتز بهم ونفخر بما قدموه لنا في حياتنا؛ من الضروري أن نعرف أن وجود الجدّين في حياة الأحفاد هو أمر ضروري للغاية ولابد منه، وليس من باب الواجب العائليّ فقط، بل لأن الجدّين يقدّمون الكثير من الأمور المهمّة للأطفال، كما يمكن للأطفال أن يتعلّموا الكثير من الأمور الحياتيّة من خلال تواجدهم مع الجدّين. لتعرفوا أكثر عن الموضوع، تابعوا معنا هذا المقال المهمّ والغني بالمعلومات العلميّة.
ماذا يقدّم الجدّان للأطفال؟
هناك العديد من الأمور المهمّة التي يمكن أن يقدّمها الجدّان للأطفال، وهذه الأمور سبق وأثبتها العلم مراراً وتكراراً، وسنتناول في هذه الفقرة الأمور العلميّة التي أثبتتها الدراسات على مرّ السنين.
- تحسين الوضع النفسي: بالإضافة لكل ما تقدّمه لك جدتك من طعام لذيذ، تقدّم لك جدّتك وجدّك العديد من الأمور المهمة والضرورية في حياتك، إلا أنك لا تشعر بها لكونها جزء من شخصيّتك! نعم هذا صحيح! يساهم الجدّان بشكل رئيسي في بناء شخصيّة الأطفال، فالأحفاد الذين تربطهم علاقة قويّة مع أجدادهم، يطورون سلوكاً نفسيّاً أفضل، يساعدهم في الحصول عل أقل قدر ممكن من المشاكل العاطفيّة والسلوكيّة؛ كما أنّهم يصبحون أكثر قدرةً على التعامل مع المواقف الحياتيّة الصادمة، كطلاق الوالدين، أو التنمّر في المدرسة. بالإضافة إلى أن الأجداد قادرين على توفير الشعور بالأمان والدعم للأحفاد خلال مرحلة الطفولة مما يساعد على نموهم السليم منذ الصغر.
- يسمح للطفل بفهم نفسه بشكل أعمق: في كثير من الأحيان، يبدو العالم للأطفال أنه خارج عن سيطرتهم وأنهم لا يستطيعون التحكّم يمجريات حياتهم، لكن هذا الشعور السلبي من الممكن استئصاله، وذلك عن طريق قضاء الأطفال بعض الوقت مع جدّيهم. هذا الوقت المشترك يسمح للأطفال بخلق مرونة معيّنة تسمح لهم بالتعامل مع المجريات في حياتهم، وتقبل ما يحدث لهم بسبب ما يسمعونه ويتلقونه من جدّيهم. وكما يناقش بروس فيلير في كتابه "أسرار العائلات السعيدة" فإن علماء النفس لاحظوا أن الأطفال الذين كانوا مقرّبين من أجدادهم استطاعوا التعامل مع المشاكل النفسية الناجمة عن أحداث 11 أيلول في أمريكا، أكثر بكثير من الأطفال الذين لا يملكون أي علاقات مع أجدادهم.
- سد الفجوة الكبيرة بين الأجيال: من المعروف أن أحد أكبر أسباب المشاكل في العائلات هو وجود الفجوة الكبيرة بين الأجيال، سواء الأبناء والآباء، أو الآباء والأجداد. إلا أن حل هذه المشكلة في الحقيقة ليس صعباً كما يتوقع الكثيرون. ففي دراسة أجريت على 1151 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 16 عاماً، تبين السر! حيث أن الأطفال القريبين من أجدادهم يبدون تحيّزاً أقل تجاه الأكبر سناً منهم، كما يظهرون قابلية كبيرة على النقاش والتحاور والأخذ بنصيحة الكبار. على عكس ما أبدوه الأطفال الذين لا تجمعهم أي علاقة مع أجدادهم.
- حماية الأطفال من الاكتئاب: قد يصاب الأطفال بالاكتئاب تماماً كما يصاب به البالغون، وللأسف فإن تعرض الأطفال لهذه المشكلة قد ينتج عنه آثاراً سلبيّة أكثر بكثير من الكبار، وقد تبقى هذه الآثار عند الأطفال طوال حياتهم؛ وبنفس الوقت يعتبر الكبار بالسن من أكثر الأشخاص المعرضين للإصابة بالاكتئاب فمع تطور نمط الحياة وعدم اعتياد كبار السن على الحياة التكنولوجية السريعة، يصبح كبار السن أكثر قابلية للتعرض للاكتئاب. إلا أنه أثبتت الدراسات أن قضاء الأجداد للوقت مع أحفادهم يساعد كلاً من الأطفال والكبار بالسن بتجنّب الاكتئاب وآثاره السلبية على الحياة.
- قد يساعد الأطفال أجدادهم على العيش لعمر أطول: إن العلم واضح جداً في هذه النقطة، حيث أثبت أن بقاء الأطفال إلى جانب أجدادهم هو أمر مفيد 100% لكل من الأطفال والأجداد. حيث يصبح الأطفال أكثر مرونة على التعامل مع الحياة خارج وداخل المنزل، كما أن بقاء الأطفال بالقرب من أجدادهم قد يزيد متوسط عمر الأجداد خمس سنوات تقريباً. فهل من هدية أعظم من هذه الهدية للأجداد؟
تعرف على الدروس الحياتية التي سيكتسبها طفلك من قضائه لبعض الوقت مع جدّيه
تعرفنا فيما سبق على أهم التأثيرات الإيجابية التي يؤثر بها الجدّان على حياة أحفادهم؛ وفي هذه الفقرة سنتعرف معاً على الدروس الحياتية التي يحصل عليها الأطفال من أجدادهم.
- التاريخ: تعتبر مادة التاريخ من أكثر المواد الجافة والمكروهة من قبل الأطفال، إلا أنه تصبح فجأة مثيرة للاهتمام عندما يخبرهم أجدادهم أهم الأحداث والمواقف التاريخية التي حدثت في المنطقة. حيث أنه من الممكن أن يكون أحد الجدين قد عاصر فترة الحرب العالمية الثانية مثلاً أو إحدى الأحداث التاريخية المهمة. وعندما يخبر الأحفاد بهذه الأحداث والمواقف فإن الأطفال سيستمعون بها ويتقبلونها بكل رحابة صدر.
- مجموعة من المهارات الجديدة: من منا لا يعلم بكمية المهارات التي يمتلكها كبار السن، كالنجارة والبستنة والخياطة وغيرها من الأمور الحياتية المميزة والمهمة. هذه المهارات لن تذهب سدى في حال قضاء الأطفال لبعض الوقت مع أجدادهم، حيث أنه بالتأكيد سيتعلم الطفل هذه المهارات وسيحب ممارستها مع جدّه أو جدّته. وبهذه الطريقة سيتعلم الطفل أمراً جديداً في كل مرة يقضي فيها بعض الوقت مع جدّيه.
- الحكمة: خبرة الأجداد الحياتية تفوق خبرتنا بآلاف المرات؛ لذلك عندما تواجهنا مشكلة ما ونخبر الأجداد بها، فيتكلمون لساعات عن حياتهم عندما تعرضوا لتلك المشكلة وكيف استطاعوا تجاوزها ببساطة، سيجعلنا نشعر بالطمأنينة والراحة، وبأننا قادرين أيضاً على تجاوزها وعلى أن نصبح على ما يرام.
- تاريخ العائلة: هل تعرفون تاريخ عائلتكم عن كثب؟ إن كان جوابكم هو لا، فاللوم في ذلك يقع عليكم. والسبب يعود إلى أنك لا تقضي الوقت مع جدّيك بما فيه الكفاية، فالجدان دائمي الاهتمام بالعائلة وبأفراد العائلة وتاريخهم، لذلك لطالما استطاع الجدان إمتاعنا بأجمل القصص والروايات حول أفراد عائلتنا وتاريخها العريق بدءاً من أكبر جد وصولاً إلى أصغر فرد في العائلة.
- حس الفكاهة: هناك فرق بين المزاح والفكاهة الظريفة وبين السخرية وجرح مشاعر الآخرين؛ ومن أفضل من جدّيك لتتعلم الفرق بين هذه الأمور. إن تعلم المزاح والفكاهة من أشخاص يحبونك ويشعرونك بالحنان والاهتمام يجعلك أكثر قدرة على التمييز بين الخطأ والصواب في المزاح. بالإضافةإلى أنهم قد يخبروك بعض القصص المضحكة عن والديك مثلاً.
- الاستماع: الاستماع والتعلم من الكبار والأصدقاء ليس من شيم الأطفال، إلا أنه يمكن تعويد الأطفال على أهمية وضرورة الاستماع بدون أن يشعر الأطفال أنهم مجبرين على ذلك. يكمن السر في قضاء الأطفال بعض الوقت مع أجدادهم، فعندما يستمع الأطفال إلى القصص الممتعة التي يرويها الجدان سيتعلمون أن يصغوا بتمعّن إلى الكبار عندما يتكلمون.
- تعلم بعض الألعاب: مع ظهور التكنولوجيا وألعاب الفيديو نسي الأطفال كل الألعاب اللطيفة والبريئة التي كان الجميع يلعبها في السابق، لذلك من الضروري أن يلعب الأطفال مع أجدادهم ليتعلموا الألعاب التراثية التي كان الجميع يلعبها باستمتاع فيما مضى، فهذه الألعاب تنمي مهارات الطفل العقلية والاجتماعية، وذلك لأنها تحتاج إلى تفكير وتواصل مع الآخرين.
- الدعم العاطفي: الأطفال والمراهقون بشكل عام يعتمدون على أقرانهم لتكوين شخصياتهم قبل الاستقلال وبناء الشخصية المستقلة، إلا أنه ليس جميع الأقران هم من الأشخاص الجيدين الذين يستحقون أن يكونوا قدوةً لأطفالنا. إن قضاء بعض الوقت مع الأجداد يسمح للأطفال بالحصول على الدعم العاطفي الذي يحتاجونه وبالتالي يسمح لهم بتقبل النصيحة من أجدادهم الذين سيستطيعون بكل تأكيد تعليم الأطفال التفريق بين الأصدقاء الجيدين والأصدقاء السيئين.
- عدم التوتر لأتفه الأشياء: عاش الأجداد حياة طويلة مليئة بالأحداث والأمور الغريبة والمشاكل الكبيرة والصغيرة؛ لذلك أصبحوا يعرفون تماماً أنه لا داعٍ للتوتر لأتفه الأمور، وأن هناك أمور لبساطتها نجهل كيفية التعامل معها. هذا الأمر قد يكون مساعداً للأطفال، حيث أن الأجداد عندما يخبرونهم بتجاربهم الخاصة وينقلون لهم ميراثهم الخاص من الحكمة وطرق التعامل من المشاكل، سيكون الأطفال أكثر مرونة في التعامل مع المشاكل ولن يفقدوا أعصابهم للأسباب البسيطة والمشاكل الخفيفة.
- عدم نسيان القواعد الأساسيّة للغة: في عصر التكنولوجيا، يتجاهل الكثير من الأطفال القواعد الصحيحة للغة التي يتكلمون بها، حيث يستخدمون اللغات الأجنبية والاختصارات واللهجات العاميّة المحكيّة. قضاء الأطفال للوقت مع أجدادهم والاطلاع على كنوز الأجداد الدفينة من الرسائل الورقية والمراسلات البريديّة سيذكّر الأطفال دائماً بأهميّة وضرورة الكتابة، بالإضافة إلى أنهم سيستذكرون –بدون أن يشعروا- القواعد الصحيحة للغة التي يتكلمون بها.
في النهاية... الأجداد كنز لا يقدر بثمن، ومن واجبنا الحفاظ عليه والاغتناء بكنوزه. وعلى الرغم من تعدد وسائل التربية في هذا العصر وعلى الرغم من طرق التربية الحديثة التي نتعرف عليها في كل يوم، يجب علينا ألا نتجاهل ضرورة التعلم من الجدين، بالإضافة إلى واجبنا تجاههم كرعايتهم وحمايتهم والاعتناء بهم والترويح عنهم. فلولاهم لما كنا موجودين في هذه الحياة من الأساس. ما رأيكم أنتم؟ هل تزورون جديكم بانتظام؟ وما هي طبيعة علاقتكم مع جديكم؟ أخبرونا بقصصكم الظريفة مع جديكم -أطال الله بعمرهما- في التعليقات.