تطعيم الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية MMR
تطعيم (MMR) هو من لقاحات الطفولة الأساسية التي تضعها منظمة الصحة العالمية في مقدمة الإجراءات الصحية التي يحتاجها كل طفل، كما أنه موجود في برامج اللقاحات القانونية في مختلف دول العالم حتى أن الكثير من الدول تشترط حصول الطفل على هذا اللقاح قبل السماح له بدخول المدرسة، وهذا ما يشير إلى أهمية التطعيم في الوقاية من هذه الأمراض الخطيرة أو حتى المميتة.
يبدأ إعطاء الجرعة الأولى من التطعيم في عمر 12 إلى 15 شهر، يتلوها جرعة ثانية في مواعيد مختلفة تبعاً للقوانين الصحية في كل بلد لكنها تشترك في كونها قبل سن الذهاب إلى المدرسة، كما أن المراهقين أو البالغين قد يحتاجون إلى تعاطي اللقاح في بعض الحالات.
في المقال التالي سنتحدث عن المعلومات التي يحتاجها كل والدين بخصوص تطعيم (MMR)، والشروط اللازمة للقاح أو الحالات التي قد تجعله غير آمن.
ما هي الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف؟
الحصبة (Measles) والنكاف (Mumps) والحصبة الألمانية (Rubella) هي 3 أمراض فيروسية قادرة على التسبب بإصابات واختلاطات خطيرة.
تبدأ الحصبة على شكل حمى، سعال، سيلان الأنف، التهاب ملتحمة العين (Conjunctivitis)، بالإضافة إلى طفح جلدي مميز يبدأ على الوجه ثم ينتشر إلى باقي الجسم، يمكن لهذا الفيروس أن يصيب الرئتين ويسبب التهاب الرئة (Pneumonia)، كما يمكن أن تؤدي الحصبة عند الأطفال الصغار إلى التهاب الدماغ الذي يحدث فيه نوب صرعية وضرر دماغي دائم.
يسبب فيروس النكاف تضخماً في الغدد اللعابية خصوصاً الغدة النكفية (Parotid Gland) أسفل وأمام الأذن، قبل ظهور وانتشار اللقاح كان فيروس النكاف مسؤولاً أساسياً عن كل من التهاب السحايا والصمم المكتسب لدى الأطفال، كما أنه يملك اختلاطاً خطيراً لدى الذكور هو التهاب الخصية الذي قد يؤدي إلى العقم.
يسبب فيروس الحصبة الألمانية طفحاً جلدياً بسيطاً على الوجه وضخامة في العقد اللمفية خلف الأذن، بالإضافة إلى الحمى الخفيفة والتهاب المفاصل الصغيرة في بعض الأحيان، يتعافى معظم الأطفال من الحصبة الألمانية بدون عواقب دائمة لكن إصابة الحامل خصوصاً في الثلث الأول من الحمل تحمل خطورة عالية بحدوث تشوهات شديدة لدى الجنين مثل الصمم الخلقي أو العمى أو التشوهات القلبية والدماغية.
حاجة الحصول على لقاح (MMR) لدى المجموعات البشرية المختلفة
تختلف الحاجة والشروط الواجبة لدى تعاطي اللقاح تبعاً للعمر والجنس والحالة الصحية، لذلك سنتحدث عن كل حالة خاصة من هذه المجموعات:
الطفولة المبكرة:
تنصح مختلف المنظمات الصحية العالمية بإعطاء الجرعة الأولى من لقاح (MMR) بشكل حقنة واحدة خلال الأشهر الثلاثة التالية لعيد الميلاد الأول للطفل، أما الجرعة الثانية فيجب أخذها في عمر 3 سنوات و4 أشهر (40 شهر) في النظام البريطاني أو بين 4 و 6 سنوات في النظام الأميركي لكن المهم هنا هو إتمام جرعتي الدواء بشكل كامل قبل الوصول إلى سن المدرسة لوقاية الأطفال من الأوبئة التي تنتشر بسرعة كبيرة بين أطفال المدارس.
يعتبر العمر المناسب لإعطاء هذا اللقاح متأخراً نسبياً إذا قارنناه باللقاحات الأخرى مثل لقاح السل أو التهاب الكبد (B) مثلاً، يعود سبب التأخير إلى وجود أجسام مضادة (Antibodies) في دم الرضيع تأتي من الأم، وتفيد في الوقاية من المرض خلال السنة الأولى من الحياة، كما أنها تهاجم الفيروسات المضعفة الموجودة في اللقاح وتقضي عليها قبل أن يتعرف عليها الجهاز المناعي للطفل ويكون مناعة دائمة ضدها، لذلك يعتبر تأخير اللقاح حتى انتهاء العام الأول أمراً صائباً هنا.
يمكن التغاضي عن الشرط السابق وإعطاء اللقاح في عمر أصغر من سنة (6 إلى 9 أشهر) في الحالات التي يكون فيها الطفل معرضاً بشكل كبير للعدوى كما في حالة حدوث جائحة حصبة.
الأطفال الأكبر سناً:
ينبغي إعطاء جرعة تعويضية من لقاح (MMR) للأطفال والمراهقين تحت سن 18 إذا لم يستوفوا جرعات هذا اللقاح في مواعدها النظامية (في الطفولة المبكرة) أو عند عدم وجود مناعة كافية في الجسم ضد هذه الفيروسات، تتم الوقاية عن طريق إعطاء اللقاح بشكل جرعتين تفصل بينهما مدة 4 أسابيع على الأقل.
البالغون:
يجب إعطاء جرعة واحدة على الأقل من لقاح (MMR) للأفراد البالغين عند عدم وجود دليل على المناعة الكافية ضد الفيروسات.
العاملون في مجال الرعاية الصحية:
يشمل هذا التعبير جميع العاملين في المراكز الصحية من أطباء ومسعفين وممرضين وعمال لأنهم جميعاً معرضون للاختلاط مع الكثير من المرضى والتقاط العوامل الممرضة، يجب أن يحصل هؤلاء الأفراد على لقاحاتهم الكاملة والمثبتة منذ الطفولة قبل البدء بممارسة المهنة الصحية، كما يجب الحصول على اللقاح بشكل جرعتين تفصل بينهما مدة 4 أسابيع على الأقل إذا لم يوجد دليل على المناعة الكافية.
النساء في سن الخصوبة:
يجب على جميع السيدات في سن النشاط التناسلي استشارة الطبيب والتأكد من تعاطي جميع اللقاحات الضرورية قبل التخطيط للحمل والإنجاب.
يعتبر أخذ لقاح (MMR) ممنوعاً منعاً باتاً في حال وجود الحمل لأن الفيروسات المضعفة وغير المقتولة قد تكون قادرة على التسبب بتشوهات لدى الجنين خصوصاً في مراحل الحمل الأولى، أما الإرضاع الطبيعي فهو آمن ولا يؤثر في الاستجابة المناعية لجسم الأم أو يؤثر على الرضيع من خلال حليب الثدي.
يحتوي لقاح (MMR) على نسخ مضعفة من فيروسات الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، هذه الفيروسات غير قادرة على التسبب بالأمراض الخاصة بها لكنها قادرة على توليد ردة فعل مناعية من الجسم لإنتاج مركبات مناعية هي الأجسام المضادة (Antibodies) خاصة بالفيروسات وبالتالي تكوين مناعة طويلة الأمد تدوم طوال الحياة.
عندما يتعرض جسم الطفل لهذه الفيروسات في المستقبل (أي العدوى من طفل آخر مثلاً)، يتعرف جهاز المناعة مباشرة على الفيروسات وينتج الأجسام المضادة الخاصة بها للقضاء على الفيروس قبل أن يدخل الخلايا ويسبب المرض.
علينا أن نشير إلى عدم صحة الاعتقاد الشائع القائل بأن الحاصل على لقاح (MMR) يمكن أن ينشر العدوى بالمرض، فهو أمر غير قابل للحدوث.
يفضل دوماً إعطاء جرعتين من الدواء بشكل حقنة عضلية ذلك لأن نسبة الوقاية من الأمراض تزداد بشكل كبير لدى تكرار الجرعة، فالجرعة المزدوجة تعتبر فعالة بنسبة 97% ضد الحصبة و 88% ضد النكاف، أما الجرعة الوحيدة فهي تقي من الحصبة بنسبة 93% ومن النكاف بنسبة 78%.
متى يصبح لقاح (MMR) خطراً وغير منصوح به؟
على بعض الأشخاص أن يتجنبوا أخذ لقاح (MMR) بشكل دائم أو مؤقت، كما في الحالات التالية:
• سوابق حدوث تفاعل تحسسي شديد ضد أي من مكونات الدواء خصوصاً المضاد الحيوي نيومايسين (Neomycin) أو الجيلاتين.
• الإصابة بمرض جسدي شديد منهك لقدرات أجهزة الجسم، هنا يتم تأجيل جرعة اللقاح إلى حين التعافي من المرض.
• الحمل أو الشك بحدوث الحمل أو التخطيط للحمل خلال الأسابيع الـ 4 التالية لتعاطي اللقاح، لذلك يجب اتباع وسيلة مضمونة لمنع الحمل خلال الشهر التالي للقاح إذا تم أخذه من قبل سيدة متزوجة.
• الحالات المرضية والدوائية المؤدية إلى نقص المناعة بشكل مؤقت أو دائم مثل السرطان وأدوية السرطان، متلازمة العوز المناعي المكتسب (AIDS)، وتعاطي الكورتيزون.
ما هي النتائج السلبية لهذا اللقاح؟
معظم الأشخاص لا يعانون من أي أعراض جانبية بعد الحصول على تطعيم (MMR)، بينما يعاني آخرون من ارتفاع بسيط في درجة الحرارة أو ألم واحمرار خفيفين في مكان الحقنة، تتضمن الآثار الجانبية للقاح (MMR) ما يلي:
- الحمى: لدى واحد من كل 5 أطفال.
- الطفح الجلدي: لدى واحد من كل عشرين.
- تضخم العقد اللمفية: لدى واحد من 7.
- النوبات الصرعية: وهي نادرة إذ تحدث بمعدل واحد من 3000 طفل.
- ألم وصلابة المفاصل: وهو أثر جانبي شائع لدى تطعيم البالغين خصوصاً النساء منهم.
- نقص الصفيحات الدموية والنزف: لدى واحد من كل 30 ألف طفل.
- التهاب الدماغ: اختلاط شديد الندرة لا تتجاوز نسبة حدوثه 1 في المليون.
ظهرت خلال السنوات والعقود الأخيرة بعض الادعاءات والاتهامات بأن اللقاحات متهمة بإحداث اضطرابات طيف التوحد، لكن هذه الادعاءات لا تقوم على أي أسس علمية ولم يتم حتى اليوم إثبات أي ارتباط حقيقي بين اللقاحات والتوحد.
وفي الختام.. تلك كانت بعضاً من المعلومات الأساسية والمبسطة حول الأمراض التي يقي منها تطعيم (MMR) والاختلاطات الخطيرة التي تراجع حدوثها عالمياً بفضله، احرص على سؤال طبيب الأطفال حول أية تساؤلات متعلقة باللقاحات والتزم قدر الإمكان ببرامج اللقاحات الوطنية لأن الآثار الجانبية للتطعيم مهما بدت مخيفة فهي لا تقارن بالمحاسن الصحية التي يقدمها اللقاح لصحة الفرد والمجتمع.