فن الإقناع وطرق التأثير بالآخرين مع الأمثلة
الجميع يرغب أن يمتلك قدرة على الإقناع، لأننا جميعاً نحتاج لإقناع الآخرين بأفكارنا وآرائنا أو إقناعهم بشراء خدماتنا أو سلعنا، وعلى الرغم أنَّ الإقناع فيه جانب من الموهبة التي تميز فرداً عن غيره، لكن هناك بعض الأمور التي تسهل عملية الإقناع وتساعدنا بالتأثير على الآخرين.
في هذا المقال نتعرف وإياكم إلى فن الإقناع، ونستعرض دور المعرفة بعملية الإقناع والتأثير بالآخرين، كما نستعرض أهم أساليب الإقناع، ونصائح مهمة لإقناع الآخرين، كل ذلك مع الأمثلة.
الإقناع هو أن تجعل شخصاً أو مجموعة من الأشخاص يؤمنون بفكرة، قد تكون هذه الفكرة سياسية أو دينية أو اجتماعية، وربما تكون تجارية، قد تقنع أحداً بشراء سلعة، وقد تقنع أحدهم بفاعلية قانون الجذب، ومهما كان الموضوع الذي تحاول نقله إلى الآخر فإن أساليب الإقناع وطرقه واحدة تقريباً.
جميعنا يعرف ما هو الإقناع بطبيعة الحال، لكن ما يجب أن نتوقف عنده هو موقفنا نحن من موضوع الإقناع، فكلما كان إيماننا بالفكرة التي نحاول إقناع الآخر بها أقل كلما كانت حاجتنا لاستخدام أساليب الإقناع وحيله أكثر، وكلما كانت معرفتنا أكبر كلما كان استخدامنا لوسائل الإقناع أكثر فاعلية.
المعرفة شرط أساسي للقدرة على الإقناع والتأثير بالآخرين، يمكن القول أن المعرفة هي العمود الفقري لفن الإقناع، وهذه المعرفة ليست معرفة بالمعلومات وحسب، بل معرفة بالأشخاص والظروف أيضاً، لنتعرف معاً على أبرز جوانب المعرفة التي تساعدنا على إقناع الآخرين والتأثير بهم.
قبل أن تتوجه إلى الآخرين بأفكارك أو سلعتك أو مهما كان موضوعك لا بد أن تكون على معرفة كاملة بجوانب هذا الموضوع، لكن كيف تتأكد أنك تفهم موضوعك بشكل جيد وأنك مستعد لإقناع الآخرين به؟.
إن شعور المتلقي أنك لا تعرف ما يكفي عن موضوعك هو أقصر الطرق لإفشال عملية الإقناع، لذلك تأكد أنك تقنع المتلقي بمعرفتك قبل أن تقدم على عرض ما لديك، فكر بالنقاط الخمسة التالية:
- يجب أن تكون أكثر معرفة وإلماماً بالموضوع من الشخص الذي تريد إقناعه.
- يجب أن تمتلك قاعدة من الأرقام والإحصاءات والتجارب التي تدعم ما تذهب إليه.
- يجب أن تكون على دراية كاملة برأي الفريق المعارض وتكون جاهزاً للرد.
- يجب أن تضع سلسلة من الأسئلة المحتملة التي قد تواجهها في عملية الإقناع، ويجب أن تمتلك أجوبة حقيقية ومقنعة عليها.
- يجب أن تكون قادراً على استخدام أساليب الإقناع التي سنذكرها لاحقاً.
لنأخذ مثالاً؛ إذا كنت تريد أن تقوم بإقناع مجموعة من الأشخاص بالإقلاع عن التدخين:
- يجب أن تعرف كل ما يتعلق بالتدخين، فالجميع يعلم أن التدخين ضار بالصحة، لكن لتكون أكثر معرفة منهم ستحتاج لتقرأ أكثر عن تاريخ صناعة التبوغ، عن أسباب الإدمان الكيميائي والنفسي، عن أضرار التدخين على الأمد القصير والطويل، عن التدخين السلبي ....إلخ.
- كذلك يجب أن تمتلك معلومات عن ترك التدخين، ما الذي سيحصل عندما تتوقف عن التدخين، ما هي الطرق المختلفة للإقلاع.....إلخ.
- من جهة أخرى يجب أن تمتلك أرقاماً حقيقية عن التدخين، مثلاً كم إنسان يموت سنوياً متأثراً بالتدخين؟، كم مدخناً جديداً يخوض التجربة كل عام؟، ما هو مجموع الأموال التي ينفقها الفرد على التدخين سنوياً؟، أيضاً كم شخصاً ينجح بالإقلاع عن التدخين؟ متى يمكن أن تقلع عن التدخين نهائياً؟
- تأكد أن تعاملك مع الفريق المعارض لفكرتك هو نصف الإقناع، لذلك حاول أن تتوقع ردة فعلهم وأن تقرأ وجهة نظرهم، مثلاً ستجد من يقول لك أنه يدخن منذ30سنة ولم يتعرض للأخطار التي تقول عنها!، كيف سترد؟.
- الأسئلة التي قد تواجهها أيضاً ستكون جوهرية في عملية الإقناع، مثلاً قد يسألك أحدهم هل التدخين مضر للنساء كما هو للرجال؟ هل الشيشة أفضل من السجائر؟ ماذا عن السجائر الإلكترونية؟.
على الرغم من أهمية معرفتك بالموضوع الذي تحاول إقناع الآخرين به، إلَّا أن إدراكك للظروف المحيطة بالموضوع سيكون له تأثير سحري على عملية الإقناع، وإدراك الظروف يمكن تلخيصه بمحورين رئيسيين:
- من هم الأشخاص المستهدفون؟ يجب أن تفكر ملياً بطبيعة الأشخاص الذين تستهدفهم عملية الإقناع، لنفترض مثلاً أنك تقوم بالتسويق لنوع جديد من زيت السيارات، فأنت إذاً تستهدف من يعملون بصيانة السيارات ومراكز العناية بالسيارات، وتستهدف السائقين.
يجب أن تحدد الشريحة العمرية الرئيسية، وتحدد إن كان عملاؤك من الرجال أكثر أم النساء، وتحاول تحديد مستواهم الثقافي والمادي والاجتماعي، وتفكر بالأمور التي تشغل بالهم في موضوعك، هل يهتمون بالسعر أم بالجودة أم بالتوازن. - الظروف العامة: لتتمكن من إتقان فن الإقناع لا بد أن تمتلك نظرة حكيمة للظروف العامة، والمقصود بالظروف العامة هو الأحداث المحيطة بك وبالأشخاص الذين ترغب بإقناعهم.
مثلاً إذا كنت تريد قيادة حملة للرفق بالحيوان؛ كلما كانت الظروف المعيشية في مكان الحملة أصعب كلما كانت مهمتك أصعب، فإذا أردت أن تقود حملة كهذه في دولة فقيرة يجب أن تعرف كيف تقنع الناس برعاية الحيوانات في حين أن الإنسان يفتقد هذه الرعاية!. - لنأخذ مثالاً أقل تعقيداً، إذا كنت تريد إقناع إدارة الشركة التي تعمل بها بفكرة مشروع جديد لا بد أن تعرف أولاً الظروف العامة التي تمر بها الشركة:
- هل تمر الشركة بضائقة مالية؟ إذاً ركز على الجوانب الربحية التي تحققها فكرتك.
- هل تعاني الشركة عمالة فائضة لا تستطيع الاستغناء عنها؟ ركز على الجوانب التشغيلية.
- هل الشركة في ظرف طبيعي ولا تعاني من أي مشكال؟ ركز على ما يمكن أن تقدمه فكرتك لتطوير العمل....إلخ.
يبتكر الإنسان أساليب متعددة للإقناع ويطور أساليبه هذه مع تطور الحياة من حوله، والمدهش أن الأساليب التقليدية ما زالت موجودة جنباً إلى جنب مع الأساليب الأكثر حداثة، لنتحدث عن أبرز أساليب الإقناع.
- الإقناع بالمقارنة: نبدأ مع الإقناع بالمقارنة لأنه يعتبر من أهم وأفضل أساليب الإقناع، الإقناع بالمقارنة كما هو واضح من اسمه يقوم على مقارنة ما تقدمه بما هو موجود، وهذا الأسلوب يكون أكثر فعالية في المواضيع المحسوسة والمادية، فمن الصعب في مكان أن تكون المقارنة بالمواضيع الفكرية والشعورية فعالة.
- الإقناع بالإلحاح: التكرار والإلحاح من أهم أساليب الإقناع، التكرار له وجهان:
- التكرار الراهن بمعنى تكرار الفكرة أو الجملة عدة مرات أثناء جولة الإقناع، ومن أبرز أساليب التكرار الراهن هو الاستفهام، كأن تقول مثلاً:
هل فكرت يوماً لماذا يجب أن أقلع عن التدخين؟ أنا أتنفس لماذا سأقلع عن التدخين؟ أنا أستطيع شراء علبة سجائر لماذا سأقلع عن التدخين؟ نحن نجيبك، يجب أن تقلع عن التدخين لأن أبناءك أحق بثمنه، يجب أن تقلع عن التدخين لأن الجلطة القلبية تصيب معظم المدخنين، يجب أن تقلع عن التدخين لأن ثلاثة أطفال ماتوا احتراقاً في منزلهم بعقب سيجارة والدهم....إلخ. - التكرار للتذكير بمعنى العودة إلى الأشخاص من خلال الرسائل لتذكيرهم بالنقاط الأساسية بعد فترة.
- التكرار الراهن بمعنى تكرار الفكرة أو الجملة عدة مرات أثناء جولة الإقناع، ومن أبرز أساليب التكرار الراهن هو الاستفهام، كأن تقول مثلاً:
- المميزات التنافسية: التركيز على الميزات التنافسية سلاح فعال في الإقناع، فإذا كنت مثلاً تقدم سلعة متوسطة الجودة لكن سعرها تنافسي لا بد أن يكون تركيزك منصباً دائماً على السعر، ربما تذكر المميزات الأفضل بسلعات أخرى لكنك تعود لتأكد على فرق السعر.
كذلك إن كنت تقدم سلعة غالية لكنها متعددة الاستخدامات ستكون النقطة المركزية هي الاستخدامات المتعددة، وستذكر أن هناك سلع أرخص لكنها أقل فاعلية بكل تأكيد.
أما استخدام الميزات التنافسية في مجال الأفكار والمفاهيم فهو أكثر تعقيداً، لأنه يعتمد على شخصية من تريد إقناعه، ببساطة ركز على ما يريده هو من الفكرة. - العرض المتكامل: أسلوب العرض المتكامل هو الدمج بين أساليب الإقناع المختلفة للوصول إلى الهدف، وذلك من خلال:
- تقديم المعلومات والأرقام.
- المقارنة.
- التجريب.
- التكرار.
- تحديد الميزات التنافسية.
- الحديث عن السلبيات المحتملة ولماذا يجب أن يتقبلها المتلقي.
- التفاعل والصدى الراجع.
كيف يمكنك التأثير بالآخرين؟ هذا سؤال صعب، لكننا نقدم لك بعض أهم النصائح التي تساعدك على إتقان فن الإقناع والتأثير بالآخرين:
- تحكم بلغة الجسد، تذكر دائماً أن الارتباك والتوتر والكذب وغيرها من الانفعالات تظهر على أجسادنا، لذلك تأكد من الاسترخاء واستخدم جسدك لصالحك، وتأكد أنك تستخدم صوتك بشكل جيد ومسموع دون صراخ، وحافظ على ابتسامتك.
- اختر الوقت المناسب والمكان المناسب لتقنع الآخرين، تجنب جولات الإقناع في وقت غير مناسب كأن تحاول إقناع زوجتك بأمر ما قبل أن تشرب فنجان النسكافيه الصباحي!، واختر مكاناً ملائماً للإقناع.
- كن ودوداً وحاول أن تبدو صديقاً للجميع، مهما كانت الظروف ابتعد عن الشجار أو العداوة.
- سيطر على انفعالك، فلا تكن مفرطاً بالحماس ولا بارداً، وكن متأكداً أنك تواجه المعارضين بحكمة وبعيداً عن الغضب أو الاستخفاف.
- اختر كلماتك بحيث تعبر عن أفكارك دون أن تهاجم أفكار الآخرين بفجاجة.
- تأكد أنك تحصل على ردات الفعل من خلال التفاعل مع الناس، حاول أن تسألهم عن آرائهم لتأكد أنك قمت بإيصال الفكرة بشكل صحيح، وحاول أن تعرف موقفهم مما طرحته.
- لا تكن غامضاً ولا تحاول أن تبدو أكثر ذكاءً، كن صريحاً واضحاً ومتواضعاً.
- استخدم وسائل الإيضاح الممكنة جميعها، من فيديوهات أو صور أو كتابة أو حتى أشخاص لهم تجارب... إلخ.