الشرود وأحلام اليقظة بين الفوائد والسلبيات
حلم اليقظة والشرود.. طريقة رائعة لتطوير الخيال للأطفال الصغار، كما أنها لدى البالغين؛ تكتيك يمكّنهم من تفعيل مهارات العصف الذهني، كذلك تعتبر أحلام اليقظة مقدمة لتنمية الخيال الإبداعي.. فكيف يمكنك الاستفادة من الشرود وأحلام اليقظة بدلاً من رفضها، لكن هل لها سلبيات تؤثر على حياتك؟
في حلم اليقظة أنت لست نائماً لكن مستيقظ... يحدث شيء ما يضعك في حالة ساكنة، حالة قريبة من النوم.. قد يطلق عليه البعض حالة تنويم مغنطيسي! خلال ذلك الوقت يرى الشخص صوراً... فهل تلك الصور قابلة للتفسير؟
لطالما كان الحلم هو "نافذتنا إلى اللاوعي".. كما قال سيغموند فرويد، كما أن الحلم قد ينشط الوظائف العاطفية في الدماغ أكثر من تلك المنطقية، ثم أن علاقته بالذاكرة القصيرة وما يحدث يومياً معنا؛ كل هذه الأمور تجعل من حلم اليقظة ولحظات الشرود التي يمرّ بها أغلبنا موضوعاً مهماً لا يمكن أبداً تجاهله.
تُستهلك عقولنا من قبل هجمة من المعلومات في هذا العصر الرقمي، بغض النظر عن المكان الذي ننتقل إليه من خلال الشرود وأحلام اليقظة، حيث لدينا كميات هائلة من البيانات والمعلومات القادمة إلينا، لذلك من الضروري أن تجد "ملاذاً مقدساً"، حيث يمكنك الغياب وفصل نفسك عن كل هذه التأثيرات الدخيلة، في مكان ما يمكنك قضاء بعض الوقت مع نفسك بسلام وهدوء، ويمكن أن يكون هذا الملجأ زاوية صغيرة في منزلك، أو حتى في غرفة داخل منزلك، أو قد يكون في ركن في حديقة أو حتى خلال قيامك بعمل لا يتطلب تركيز (غسيل الأطباق مثلاً)، لا يهم طالما أنه مكان لا يزعجك فيه أحد، لكن خلال ذلك تأكد أن لا يكون لديك أي انقطاع من خلال الرسائل أو إشعارات الموبايل مثلاً، كذلك يمكنك الحصول على وضع مريح (الجلوس أو الاتكاء)؛ حتى تتمكن من التركيز على أفكارك وبناء عالم أحلامك اليقظة الصغيرة، في بعض الأحيان يمكن أن تساعدك الروائح العطرية المحببة.. في الحصول على مزاج مريح أيضاً، ثم خذ نفساً عميقة واستقر في جلستك واستغرق في شرودك وأحلامك لمدة 30 دقيقة أو خذ قيلولة من تسلط مهامك اليومية.
عندما يرتاح ذهنك في هذا التجول الإرادي؛ فإنك في الواقع تزيد من الخيال وتطلق قوى تفكيرك، التي تساعدك على الوصول إلى أهدافك بشكل أسرع عن طريق الإيقاع الداخلي في دماغك، سنتحدث عن أهمية أحلام اليقظة وفوائدها.. تابع القراءة معنا.
هل حلم اليقظة والشرود ذنب تحمله على عاتقك؟
يحلم الناس على الدوام بالجنس والمال والسلطة؛ الأشياء التي يهتمون عادة، يمكن تضمين الأوهام في أحلام اليقظة، لكن الأوهام تميل إلى أن تكون أكثر شدة ومتعمدة وواعية، فلا توجد تعريفات قوية وشاملة لحلم اليقظة، حيث يمكن أن تكون الأوهام وأحلام اليقظة قابلة للتبادل، لكن أحلام اليقظة هي عادة شيء ننزلق إليه.. إنه جزء ضروري من الحياة، ومثل الأحلام الليلية يخبرنا عن لا وعينا الداخلي، أو ما يدفعنا إليها مثلاً.. هو الملل أو وجود مشكلة نبحث عن حلّها.
قد يُنظر إلى شخص غارق في أحلام اليقظة والشرود؛ على أنه غير منتج ولديه أفكار خيالية وليست بالضرورة قائمة على الواقع، أو أنه يهرب من هنا والآن، كما قد تكون أحلام اليقظة محاولة لإهانة شخص يتحدث معك وتقليل قيمته.
لكن حلم اليقظة يحدث عادة عندما لا يكون الشخص غارقاً في نشاط يتطلب كامل انتباهه، حيث يكون العقل حراً في التجول، ويتم تحفيز أحلام اليقظة بشكل متكرر من خلال مؤشرات بيئية مثل: بعض الصور المرئية أو الروائح أو الأصوات أو الذوق التي تحفز الذكريات، لذا فإن تجربة هذه الإشارات الخارجية يمكن أن تحفز أحلام اليقظة، كما يمكن أن تكون أحلام اليقظة طريقة فعالة في مساعدة الناس على الاستجابة للتحديات الاجتماعية، كأن تتخيل نفسك في مقابلة العمل القادمة أو في مناسبة اجتماعية تجعلك متوتراً للتواجد فيها.
مع ذلك يمكن لأحلام اليقظة أن يكون لها آثار سلبية.أيضاً، بمعنى إذا كان المرء يعاني بالفعل من مشاعر سلبية (مثل سوء تقدير الذات، والخوف من الفشل، والقلق الشديد)، قد تركز أحلام اليقظة الخاصة بهذا الشخص على القضايا التي تعزز السلبيات، على سبيل المثال إذا كنت تواجه صعوبة في فهم ما يتحدث عنه أستاذ الرياضيات وتخشى من الفشل في الامتحان؛ فقد يكون لديك أحلام اليقظة التي تعكس وتعزز حالتك الذهنية القلقة، هكذا قد لا يكون حلم اليقظة والشرود مفيد في التخفيف من مخاوفك وقلقك.
هكذا تميل أحلام اليقظة إلى أن تعكس شخصية المرء وحالته العاطفية الحالية، وليس من المفاجئ إذن أنه عندما يشعر الناس بعدم الثقة بالنفس أو بالاكتئاب، فقد يكونون غير راغبين في الكشف عن أحلام اليقظة بسبب الخوف من الرفض أو استغلال الآخرين، كما يمكن أن يكون للانعزال لدى من لديهم أحلام اليقظة عواقب سلبية، فقد تحد من درجة الحميمية مع الآخرين، علاوة على ذلك فإن تجنب أي مناقشة حول أحلام اليقظة قد يديم الاعتقاد بأن الفرد وحده هو الذي لديه هذه الأفكار، بالتالي يؤدي إلى نقد ذاتي، ويمنع عدم الإفصاح اكتشاف أن أحلام اليقظة اليومية؛ طبيعية ويمكن أن يعاني منها الآخرون.
باختصار يمكن أن يكون لأحلام اليقظة والشرود جوانب سلبية وإيجابية، فإذا عزز حلم اليقظة التأثير السلبي؛ قد لا يتمكن الفرد من التغلب على تحديات التغلب على المشاعر المؤلمة، ومن ناحية أخرى يمكن أن تعزز أحلام اليقظة الإيجابية؛ العلاقات الاجتماعية واحترام الذات والثقة بالنفس، كما أن أحلام اليقظة لديها القدرة على معالجة المخاوف بشكل فعال، فضلا عن توفير فترة راحة من الضغوط في الحياة اليومية، مع ذلك يمكن أن يكون للكثير من أحلام اليقظة أو الشرود في أوقات غير مناسبة.. عقبة.
هل تعلم أن أحلام اليقظة يمكن أن تساعدك على النجاح؟
ما لا يمكنك أن تحلم به لا يمكنك جعله حقيقة، واعتقد أن الأطفال هم خير من يحمل قيمة حلم اليقظة فبدون أحلام اليقظة لن يكون لديك خيال، وهو ما يشكل جزء أساسي من مجموعة الأدوات الفردية للنجاح، ومن يستطيع منعك إذا كنت تحلم حلم يقظة في وقتك ومكانك، كلما سنحت لك الفرصة؟!
هناك سبب علمي وراء اعتبار أحلام اليقظة سبباً للنجاح، ففي دراسة أمريكية منذ عام 2009 وجد الباحثون أنه أثناء حلم اليقظة؛ "يتم تجنيد مناطق معقدة من الدماغ، بما في ذلك (الشبكة التنفيذية، المرتبطة بحل المشاكل المعقدة، وهي وفق الباحثين.. مركز القيادة في الدماغ"، ففي بعض الأحيان يتعين عليك التفكير بمشكلة ووضع حلها في قائمة أولوياتك، من خلال السماح لها بالاستيلاء على تفكيرك لبعض الوقت، وكن على ثقة أن الإجابة ستأتيك عندما لا تتوقع ذلك.
من خلال أحلام اليقظة يستدعي عقلك إيجاد الفرص التي تدعم هدفك، فهي تساعدك في تحقيق الأهداف التي حددتها لنفسك، حتى لو كانت تبدو مستحيلة في البداية، وهذا جزء كبير من التفكير التأملي وشكل من أشكال التصور الإبداعي، الذي يستخدمه كبار رجال الأعمال والرياضيين المحترفين والممثلين، كذلك الأشخاص الناجحين.. لتحقيق أهدافهم.
ما هي الفوائد التي تحملها أحلام اليقظة وتجوال الذهن والشرود؟
إضافة إلى مكونه وصفة نجاح لحل المشكلات، فإن حلم اليقظة رؤية مبهجة تثبت وتحمل معها أكثر من مجرد حفنة من الفوائد المثبتة علمياً:
تمرين للعقل: تقول طبيبة الأعصاب الدكتورة ميرين أيريش (Muireann Irish): "إن أحلام اليقظة عمل شاق يخدم بعض المهام، فالقدرة على تذكر الماضي وتصور المستقبل هي شكل معقد جداً من التفكير، ونحن النوع الوحيد من يمتلك هذه القدرة الرائعة".
يمكنك إعطاء أجزاء مختلفة من عقلك استراحة: هناك نظامان رئيسيان في دماغك: الجزء التحليلي لصنع القرار والجزء المتعلق بالثقة، عندما تنغمس في إحداهما، ليس هناك مجال كبير للانغماس في الآخر، لكن حلم اليقظة يسمح بحركة طبيعية تقريباً، بين هذين الجزأين من دماغك، مما يؤدي إلى تشغيلهما أثناء الحلم اليقظ وتجول العقل أو الشرود.
قد تجد نفسك أكثر إبداعاً: وهناك الكثير من المشاهير المبدعين، الذين تعطي أحلام اليقظة لديهم أفضل أفكارهم، ذلك لأنك عندما تحلم أحلام اليقظة، ينتقل عقلك من خلال أجزاء مختلفة من دماغك ويجمع أجزاء من المعلومات، غالباً ما تنتهي هذه الارتباطات لبدايات الأفكار الجديدة والإبداعية!
من خلال حلم اليقظة تكون أكثر إيجابية وتعاطفاً وانفتاحاً: كذلك تفهماً لأفكار الآخرين ووجهات نظرهم، حيث أظهرت الأبحاث أن نوعاً معيناً من أحلام اليقظة؛ النوع الاجتماعي "المتوجه نحو الآخرين" الذين تربطك بهم علاقة مهمة، يؤدي إلى مزيد من "السعادة والحب والاتصال" لهؤلاء الأشخاص.
تتحسن لديك الذاكرة العاملة: وهي قدرة دماغك على تخزين المعلومات ثم تذكرها في مواجهة التشتت، حيث أظهرت الأبحاث الحديثة: "وجود ترابط بين مستويات عالية من هذا النوع المعين من الذاكرة وأحلام اليقظة!".
تحسن إنتاجيتك: حيث أظهرت دراسة حول "تحسين الأداء" مع أحلام اليقظة، أن لها "تأثير إيجابي ومتزامن على أداء المهمة"، وهي مزيد من الأمثلة التي تثبت أن افتراضات معلمتي في المدرسة الابتدائية كانت مخطئة، عندما كانت تظن أن شرودي الصغير أحياناً.. كان ضاراً!..
يمكن أن تكون أكثر صحة: أثبتت الأبحاث أن أحلام اليقظة مثلها مثل.. التنويم المغناطيسي الذاتي منخفض المستوى، ومن خلالها قد تجد توترك أقل، فمثلاً إذا كان لديك (ربما عرض تقديمي في العمل) ، فيمكنك أن تحلم وتتجول في ذهنك وأن تكون مستعداً بشكل أفضل، كما يرتبط حلم اليقظة أيضا مع دماغ أكثر صحة، ويمكن أن يساعدك حلم اليقظة على النوم بشكل أفضل، بشرط ألا تكون أحلامك اليقظة سلبية.
يمكنك أن تكون أكثر سعادة!.. مع كل فوائد أحلام اليقظة، من المفاجئ أن تجد نفسك أكثر سعادة من خلال السماح لنفسك بتجول وشرود عقلي صغير، سبب آخر هو أن كل من الأمل والترقب يرتبطان بقوة بالفرح ويميلان إلى أن يكونا منتجات لقفزات متهورة من خلال الشرود وحلم اليقظة وتجول الذهن.
في النهاية.. العمل بالنيّات.. هذا ما يمكن أن نصف من خلاله أحلام اليقظة والشرود، فوفق الدوافع التي قد يستخدمها المرء لتجنب المسؤوليات غير المرغوب فيها أو المهام الأساسية؛ يمكن أن يكون الشرود وتجوال الذهن وأحلام اليقظة سلبي، كما أنه إيجابي كما أثبت العلم في عدة نواحي تعرفنا عليها من خلال هذا المقال، شاركنا رأيك من خلال التعليقات..