ماذا تعرف عن التخاطر الذهني وتوارد الأفكار؟
هناك مجموعة من الظواهر التي يطلق عليها علم النفس لقب الظواهر السامية وتعتبر نوعاً من الإدراك فوق الحسي مثل ظاهرة التنويم المغناطيسي وظاهرة الاستبصار ومقدرة الإنسان على رؤية الحوادث غير المرئية أو التنبؤ بها، وظاهرة التخاطر من بين هذه الظواهر.
وفي هذه المقالة سنتطرق إلى ظاهرة التخاطر الذهني والقدرة على اتصال عقلين بشريين دون اتصال لفظي أو حسي، وسنتطرق إلى أنواع التخاطر وعلاماته ومواقف تدل على وجود التخاطر، وتمارين التخاطر وكيفية ممارسته، وسنتعرف أيضاً على بعض الانتقادات الموجهة للتخاطر.
التخاطر يعني توارد الأفكار وانتقالها من عقل إلى آخر دون وجود وسط حسي بينهما، أي انتقال الأفكار والعواطف والتخيلات بين شخصين، الأول يطلق عليه مرسل والآخر مستقبل بوسيلة تفوق الوسائل الحسية والحواس المعروفة.
ويعتبر التخاطر من أرقى أنواع التفكير الذهني لأنه يخاطب العقول بوسيلة أخرى خارج نطاق الحواس المعروفة، وتشير بعض الدراسات أننا نستطيع فهم ما يدور في عقول الآخرين وفهم نوايا ومشاعر الآخرين بسبب وجود خلايا عصبية لدينا تعمل كمرآة تلقائياً.
توجد ثلاثة أنواع من التخاطر سنتعرف عليها فيما يلي:
- التخاطر العقلاني mental telepathy التخاطر العقلي ويعني انتقال الأفكار من عقل إلى آخر ويستخدم هذا النوع مركز الحلق والمستويات السفلية من العقل، ولا يزال التخاطر الذهني العقلاني نادراً حتى الآن، ومن التجارب الشهيرة على ذلك كتاب راديو العقل الذي نشره الكاتب ابتون سنكلير ويشرح فيه محاولات التخاطر العقلاني بينه وبين زوجته ماري كريغ.
- في أواخر عام 1920 كان سنكلير يرسم صورة ويضعها في ملف مغلق مختوم في غرفة أخرى وتقوم زوجته بمحاولة رسم نسخة مكررة من الصورة من خلال التخاطر الذهني، وفي عام 1930 عندما نشر سنكلير الكتاب الذي يشرح محاولاته في التخاطر العقلي كان معدل دقة ماري كريغ في التخاطر مع زوجها مثيراً للإعجاب والاستغراب بالنسبة للناس وللعلماء، ويعتبر كتاب راديو العقل خطوة مهمة في دراسة التخاطر.
- التخاطر الروحاني spiritual telepathy: يعتبر التخاطر الروحي أو التخاطر من الروح إلى الروح هو أعلى شكل من أشكال التخاطر، ويصبح متاح فقط عندما يتمكن الإنسان من الربط بين العقل والدماغ والروح، ومن ثم يصبح قادراً على الانتقال بين العالم المادي والروحي، كما يعتقد أن معظم المبدعين والمفكرين الذين لديهم القدرة عل الدخول إلى الجوانب الخفية من الروح تميزوا بالقدرة على هذا النوع من التخاطر الروحي.
- التخاطر الغريزي: إذا كان لابد من ترتيب أنواع التخاطر على شكل هرمي فإن التخاطر الغريزي يقبع في قاعدة هذا الهرم، و هذا النوع من التخاطر بارز بدرجة كبيرة في عالم الحيوان وأيضاً بين الإنسان والحيوان.فمن أبرز الملاحظات المتعلقة بهذا النوع من التخاطر قدرة الحيوانات الأليفة على الشعور بوصول صاحبها حتى وإن عاد إلى المنزل بأوقات عشوائية وبوسائل مختلفة، حيث قدم عالم الأحياء روبرت شيلدرايك نظريته عن التخاطر الطبيعي أو الغريزي في كتابه (الحيوانات التي تعلم أن أصحابها قادمون إلى البيت)، وذلك من خلال دراسة سلوك مجموعة من الحيوانات الأليفة عندما يقترب أصحابها من الوصول إلى المنزل مع تغيير المواعيد ووسائل النقل.ويعتقد أن هذا النوع من التخاطر يلعب دوراً كبيراً في رحلات الهجرة التي تقوم بها الحيوانات عبر آلاف الكيلومترات، وفي الغالب يكون التخاطر الغريزي واضحاً عندما يصبح الفرد قادراً على معرفة مشاعر واحتياجات فرد آخر بالرغم من بعد المسافات بينهم، وينتشر هذا النوع بين الأشخاص الذين تربطهم علاقة عاطفية قوية مثل الإنسان وحبيبته والآباء والأبناء والرجل وزوجته.
من وجهة نظر علمية ما زال التخاطر أمراً مبهماً إلى حد بعيد، وبما أن العلم لم يقدم تفسيراً منطقياً عن ظاهرة التخاطر بين الأفراد حتى الآن فلا يمكن من أن يقر العلم بوجودها وذلك بسبب الفجوات المتواجدة بجميع التفسيرات العلمية الحالية، ومن جهة أخرى يتجادل المؤيدون في أن صعوبة إيجاد تفسير علمي للظاهرة لا يقلل من أن معظم الناس لديهم إيمان بالمفاهيم الميتافيزيقية، والمؤيدون يتمسكون بمعتقداتهم ليس لأنهم يجهلون العلم ولكن لأن العلم يتجاهل دائماً أي تجربة شخصية غير قابلة للتفسير.
فعلى الرغم من إجراء الكثير من التجارب التي أثبتت وجود قدرات خاصة عند بعض الأشخاص تمكنهم من الاتصال فكرياً بأشخاص آخرين، وعلى الرغم من وجود شريحة كبيرة من المؤمنين بالتخاطر، إلا أن عدم وجود تفسير لهذه الظواهر أخر بشكل ملحوظ الاعتراف القاطع بحقيقة التخاطر، أو بمعنى أصح أخَّر وضع منهج عملي محكم يفسر التخاطر.
يعتقد معظمنا أن التخاطر مهمة صعبة وأن قليلاً من البشر هم من لديهم القدرة على فعل ذلك، وصحيح أن البشر يمكنهم تطوير قدراتهم فيما يتعلق بتوارد الأفكار (التخاطر) ولكن يبقى للفروق الفردية دور مهم في إتقان التخاطر، ونفس الشيء عندما يدرس الطلاب في فصل واحد ولديهم نفس المعلمين بنفس القدرات ولكن يتميز الطلاب في النتائج عن بعضهم البعض بسبب الفروق الفردية لدى كل شخص منهم.
ويمن أن نذكر سبع علامات تدل على قدرتك على ممارسة التخاطر
- سهولة تخيل عواطف ومشاعر الآخرين، يمكن وصف تلك الخاصية بالعاطفة أيضاً، حين يكون لديك القدرة على فهم مشاعر وعواطف الآخرين في الوقت الذي يعجزون عن وصف مشاعرهم بالكلمات.
- الاتصال القوي بالروحانية، وتبدأ بالشعور بالطاقات الروحية حولك من الأحباء والغرباء, وتشعر أيضاً بمزيد من الجاذبية تجاه القوى الروحانية وتشعر بأنك تريد معرفة المزيد عن تلك القوى.
- تكرار الأحلام الحية، حيث تبدأ برؤية أحلام حية ومتكررة وتتذكر معظم أحلامك التي تحمل رسائل خاصة لك، ويكون عقلك اللا واعي هو المسيطر عليك في تلك المرحلة وليس عقلك الواعي.
- الرغبة الشديدة في الطعام الصحي والأكل الصحي، تبدأ السلطة الخضراء في جذب انتباهك أكثر من اللحوم، وتصبح الفواكه والخضروات جزء أساسياً في يومك، وتأتي لك تلك الرغبة بشكل طبيعي، وذلك بسبب ضرورة تلك الأطعمة في فتح عقلك وبقائك على قيد التركيز.
- تحسين توارد الخواطر، تصبح حساساً بدرجة أكبر مما مضى، وتشعر بمرور الضوء حول زاوية عينك بين الحين والآخر، ويتحسن سمعك أفضل، وعندما يصمت الأشخاص تتخيل أنهم يتحدثون إليك.
- زيادة الإحساس الخاص بك (الحدس)، تشعر بالأشياء قبل حدوثها، ويبدو ذلك مخيفاً بالنسبة لك ولكن لا بأس فإن الأشياء التي سوف تحدث ستحدث ولا يمكنك فعل أي شيء حيال ذلك، وعليك أن تثق بحدسك عندما تريد زيادة قدرات توارد الخواطر لديك.
- إحساس غريب في منطقة العين الثالثة الخفية، الفراغ الموجود بين الحاجبين هو مكان العين الثالثة الخفية أو شاكرا العين الثالثة، وعندما يكون لديك قدرات توارد خواطر طبيعية، فإنك تشعر بإحساس غريب في تلك المنطقة وذلك بسبب فتح العين الثالثة الخفية لرؤية شيء لم يكن واضح في الماضي أو تلقي إشارات طاقة بدون إدراكك لذلك.
كيفية ممارسة التخاطر ومراحل إرسال الرسالة عبر التخاطر
في البداية قبل ممارسة التخاطر وإرسال رسالة عبر التخاطر لا بد أن يكون المرسل والمستقبل على يقين تام بوجود ظاهرة التخاطر، ومن ثم الاستماع إلى صوت الضوضاء البيضاء من خلال سماعات الرأس، وارتداء نظارات سوداء، والابتعاد التركيز عن الحسيات المادية، وذلك للتركيز بشكل أكبر على إرسال الرسالة، ويمكن إتباع الخطوات التالية وذلك لتركيز الأفكار قبل إرسال الرسالة.
- ممارسة التأمل وذلك أثناء ارتداء الملابس الواسعة والجلوس في وضع منتصب ومريح ، وممارسة الشهيق والزفير ببطء، ومحاولة التخلص من الأفكار السلبية غير المرغوب بها وطردها من داخل الجسم، وبمجرد الوصول إلى التركيز والهدوء المطلوبين يصبح الشخص قادراً على إرسال الرسالة عبر التخاطر وينطبق الأمر نفسه على مستقبل الرسالة.
- ممارسة تمارين اليوغا لمدة 15-20 دقيقة يومياً وذلك لتعزيز التركيز الذهني وتخيل مغادرة التوتر للجسم، وذلك بالقيام بالاسترخاء ومد الذراعين والأرجل والظهر مع ممارسة الشهيق والزفير ببطء.
مراحل إرسال الرسالة الذهنية
- في البداية لابد من تخيل الشخص المستقبل للرسالة وذلك عن طريق إغماض العينين واستحضار صورته بكل تفاصيله كلون العينين والشعر والبشرة ووزنه وطول شعره وطريقة جلوسه أو وقوفه، ويطلب نفس الأمر من قبل المستقبل.
- تخيل الشعور الذي يشعر به المرسل عندما يتواصل مع المستقبل وجهاً لوجه والاعتقاد في حدوث هذا التواصل بشكل فعلي.
- التركيز على شيء بسيط مثل غرض قريب من المرسل والتركيز بشكل كامل عليه وعلى كل تفاصيله والشعور الذي يولد لدى المرسل عند لمسه، مثلاً ممكن أن تتخيل تفاحة وتخيل الشعور المتولد لدى المرسل عند تناولها.
- تخيل انتقال ذلك الشيء من عقل المرسل إلى عقل المستقبل، وذلك بعد تشكيل صورة عقلية كاملة له، وتخيل المرسل وجهاً لوجه، ويتم التلفظ بالكلمة التي تم التفكير فيها كالتفاحة مثلاً، وتخيل نظرته عند استيعاب ما تم قوله له، ثم بعد ذلك تجنب التفكير في الرسالة المرسلة بعد إرسالها.
- يطلب من المستقبل كتابة ما وصل إليه، مع الحرص أنه يجب على المستقبل الحفاظ على استرخائه الذهني حتى تصل الرسالة إليه.
أخيراً... إن تجارب التخاطر الناجحة تجعلنا أكثر اقتناعاً بوجود هذه القدرة لدى أشخاص محددين، لكن الأمر الذي ما زال موضوع نقاش هو قدرة الأشخاص العاديين على تطوير قدرات التخاطر لديهم، وإلى أي مستوى يمكن أن يصلوا.