العادات السيئة عند الطفل وطرق التخلص منها
أطفالنا هم أغلى ما لدينا ويبدو هذا واضحاً من خلال اهتمامنا الدائم والمستمر برعايتهم وتقديم كل يمكننا لتأمين حياة أفضل لهم وحمايتهم سواء من مخاطر الحياة المتنوعة أو حتى من أنفسهم. لهذا فإننا عندما نلاحظ خطأ ما في سلوكهم أو شخصيتهم لا يغمض لنا جفن قبل أن نصحح هذا الخطأ ونعدل مسار أي انحراف نلاحظه في شخصيتهم.
والعادات السيئة عند الأطفال بأشكالها المختلفة تعد من أكثر الأشياء التي تثير قلقنا حيال أطفالنا حتى لو بدا الأمر بسيطاً، ومن هنا تبدو أهمية التعرف على المقصود بهذه العادات السيئة وما هي أسباب وجودها لدى أطفالنا وكيف يمكن علاجها ومساعدتهم على التخلص منها.
يقصد بالعادات السيئة كمفهوم مجرد؛ بعض التصرفات وأنماط السلوك التي يقوم بها الفرد ويعتاد على تكرارها باستمرار حتى تصبح لديه سلوك غير واعي يمارسه دون قصد وربما يجد لذة معينة في تكراره ولا يمكنه التوقف عنه أو التخلص منه، ومن أمثلة هذه العادات عند الأطفال والكبار على حد سواء قضم الأظافر، كما تجدر الإشارة إلى أن هذه العادات يمكن أن تطور حتى تتحول لوسواس أو مرض يمكن أن يؤذي الطفل نفسياً وجسدياً ويتطور معه حتى عندما يكبر.
العادات السيئة سواء عند الأطفال أو الكبار هي مفهوم شامل بمعناه غير محدد بطبيعته حيث أن أي نمط سلوكي يكرره الفرد باستمرار ولا يمكنه التوقف عنه والتخلص منه ويعتبر سيء من حيث شكله ومضمونه؛ يندرج في إطار قائمة العادات السيئة، وهنا إذ نحاول تحديد بعض هذه العادات فإن محاولتنا تقتصر على الأكثر شيوعاً منها لتعذر إجمالها جميعاً، كما نتحدث عن العادات السيئة وليس عن السلوك الانحرافي.
ومن بعض العادات السيئة الأكثر انتشاراً:
- نتف الشعر: سواء شعر الرأس أو الحواجب أو الرموش أو مناطق أخرى من الجسم عند الكبار أو الصغار، وهي من العادات السيئة التي وصل البعض لوصفها بالمرض متشعب الأسباب النفسية والعقلية والهرمونية، وهذه العادة تحدث للمرة الأولى في سن مبكرة وإذا لم يتوقف الطفل فوراً عن ممارستها سوف تستمر معه بقية حياته.
- قضم الأظافر: تعد هذه العادة واسعة الانتشار حيث يجد ممارسها لذة معينة فيها ولا يتمكن من التوقف عنها إذا ما تطورت معه وأصبحت هوساً لديه تسبب لصاحبها العديد من الآثار السلبية مثل الآلام في الأصابع أو الحرج والشكل السيء للأظافر، عدا عن ذلك ما قد تسببه للطفل من أمراض جراء نقل الجراثيم من اليدين والأظافر عبر قضمها وربما ابتلاع أجزاء منها.
- الشراهة في الطعام: وهي من العادات المحرجة والمضرة للطفل في تناول الطعام، ويجب تعليم الطفل منذ صغره على آداب الطعام والمائدة والطرق المناسبة صحياً واجتماعياً في تناول طعامه، فتناوله الطعام بشراهة قد يظهره بشكل منبوذ أمام الآخرين.
- تفتيت الخبز أثناء الطعام: وتعد هذه المسألة أيضاً من العادات المنبوذة أثناء تناول الطعام، حيث تجد الشخص يفتت الخبز أو أي شيء آخر إلى أجزاء صغيرة جداً ويرميها أمامه قبل أن يأكل جزء آخر منها.
- حك الأنف: قد تنتج هذه العادة عن مرض جلدي معين داخل الأنف أو أسباب أخرى، وهي تعد من العادات السيئة والمقرفة غير المستحبة، وإذا لم يتوقف الطفل عن تكرارها فوراً ويعالج سببه سوف تصبح عادة لدى الطفل ولا يمكنه التحكم فيها أو التوقف عنها.
- سرقة الأشياء: لدوافع وأسباب متنوعة مثل الانتقام أو الحرمان أو إثبات الذات قد يقوم الطفل بسرقة الأشياء الموجودة في المنزل أو النقود من الوالدين أو حتى سرقة أشياء الغرباء والزملاء في المدرسة، حيث يمكن في بعض الظروف أن تتحول المسألة من حاجة لعادة يجد الطفل في تكرارها إثباتاً لذكائه ونجاحاً وانتصاراً على الآخرين، وتكمن خطورة هذه العادة في استمرارها حتى بعد التقدم بالعمر وما ينتج عنها من شخصية محتالة وإجرامية خطرة على المجتمع.
- اللعب بالأصابع: فهذه العادة بحد ذاتها متعددة في أشكالها وأنواعها مثل مص أصابع اليدين أو نتف الجلد عنها، أو اللعب بأصابع القدمين أو حك رؤوس الأصابع، وكل هذه الأشياء تندرج في أطار العادات السيئة المضرة للطفل سواء صحياً أو من حيث مظهره أمام الآخرين.
- الكذب: في بعض الحلات التي يخرج فيها كذب الأطفال عن الحد الطبيعي يتحول لديهم من حيث هدفه من أسلوب للحصول على المكاسب والتهرب من العقاب إلى عادة يجد متعة فيها وانتصاراً في نجاح أكاذيبه.
بحكم الطبيعة المتنوعة والمتعددة لمفهوم العادات السيئة فإن هذا سوف يضفي بطبيعة الحال طابعاً متنوعاً على أسباب هذه العادات وعوامل تكوينها ونشأتها، حيث أنه لكل من هذه العادات أسبابها الخاصة المرتبطة بظروفها الخاصة ولكن مع ذلك يمكن تحديد بعض الأسباب العامة التي تعد مناخاً خصباً لنشوء إحدى هذه العادات لدى أطفالنا وتطورها، ومن هذه الأسباب:
- أسباب نفسية لتكوين العادات السيئة لدى الأطفال
- الخوف: مثل الخوف من بعض الهلوسات أو الأحلام والكوابيس والأشياء التي قد يراها الطفل أو يعتقد بوجودها فعلياً، فهذا النوع من الخوف الذي يفكر به الطفل وحيداً أثناء الليل قد يجعله يلجأ لتعلم إحدى هذه العادات كردة فعل يلهي نفسه بها عن التفكير بمخاوفه.
- التوتر: مشاعر التوتر التي قد تنتج عن الكبت أو الشعور بالضيق والضعف تؤدي لجعل الطفل يفكر بمشاكله وأسباب توتره كثيراً، وهو في هذه الحالة يلجأ لأحد هذه العادات السيئة لتفريغ شحنة التوتر لديه التي لا يمكنه السيطرة عليها.
- القلق: في حياة الطفل الكثير من المسائل التي تكون لديه هاجس يقلقه وكثيراً ما ينغص أفكاره مثل الخوف من الامتحان أو عدم أداء الواجب المدرسي أو العديد من الأشياء الأخرى كعلاقته بزملائه وأقرانه ومشاكله معهم، وهذا القلق يؤدي في بعض الأحيان لتعلمه إحدى العادات السيئة كطريقة لصرف أفكاره عن المواضيع التي تقلقه.
- وجود مرض أو اضطراب عقلي: ففي بعض الحالات النادرة يكون سبب العادة السيئة وجود مرض عقلي أو نفسي لدى الطفل، فإضرابات طيف التوحد مثلاً من أهم ما يميزها تكرار أنماط سلوكية معينة باستمرار من قبل الطفل المريض بها كالصراخ المتواتر أو ضرب الرأس بالكرسي بشكل متكرر وعلى مدة زمنية طويلة.
- الأسباب الاجتماعية للعادات السيئة
- الضغط الاجتماعي: في بعض الأحيان يتعرض الطفل لضغوط اجتماعية بسن مبكرة قد تكون بسبب ظرف عائلي معين أو أسلوب تربوي خاطئ ينتهجه أهله، وهذه الضغوط سوف تولد لدى الطفل شحنات انفعالية يحاول تفريغها عن طريق تعلم إحدى العادات السيئة.
- غيرة الطفل: من أكثر العوامل التي تثير مشاعر القلق والاكتئاب لدى الطفل هو شعوره بالغيرة من شخص ما، وهذه المشاعر الناتجة عن الغيرة تعد من عوامل تشكل العادات السيئة عند الأطفال.
- مشاعر الحرمان: بسبب الظرف المادي للأسرة أو حتى الوضع الاجتماعي مثل الفقر أو فقدان أحد أفراد العائلة أو شخص عزيز على الطفل، قد يشعر الطفل بالحرمان وتتكون لديه مشاعر النقص وضعف الشخصية التي تؤدي لتعلمه عادة سيئة معينة تجعله يلتهي ويهرب من واقعه.
- التقليد للعادات السيئة: قد يكتسب الطفل بعض العادات السيئة من خلال تقليده للكبار، مثل عادة البصق في الشارع أو الصراخ أو التبول في الشارع أو حتى التنمر.
- الأسباب الجسدية والعادات السيئة
- وجود مرض: مثل الأمراض الجلدية التي تشعر الطفل بوجود حكة في بعض مناطق الجسم وتجعله يحاول حكها باستمرار مما يؤدي لظهور التهابات جلدية وتحلو هذه الحكة لإدمان أو عادة، أو وجود حبات أو تقرحات جلدية.
- الاضطرابات الهرمونية: حيث أن بعض الاضطرابات الهرمونية أو الخلل في إفرازات غدد معينة في الجسم يؤدي لمشاعر مضرة لدى الطفل وقيامه بتصرفات وحركات غير واعية وتكرارها باستمرار حتى تصبح عادة من عاداته السيئة.
- الاضطرابات العصبية: فوجود إضراب أو مرض عصبي معين لدى الطفل من الأسباب التي تجعله بقوم بحركات معينة غير إرادية ولا يستطيع التوقف عنها أو السيطرة عليها بسبب توتر عصبي معين يعاني منه.
كيف يمكن علاج العادات السيئة عند طفلي والتخلص منها؟
فالخطوة الأولى بالعلاج تكون بتقدير مستوى هذه العادات ودرجتها وبالتالي تقدير مستوى ما يمكن أن تعود به من آثار سواء على الطفل نفسه أو من حوله ثم محاولة البحث عن أسباب ظهور هذه العادة لديه ومحاولة فهم وعلاج كل سبب وعامل على حدة والقيام بمجموعة من الخطوات الوقائية التي تحد من تطور مثل هذه العادات لدى الطفل، ومن هذه الخطوات:
- تقدير الحالة والسبب المؤدي لها: من حيث درجة خطورتها أو السبب الذي يكمن وراء نشوئها، فيجب تحديد هذا السبب إذا كان وراثي أو مرضي أو مجرد نوع من التسلية من قبل الطفل وفي جميع الحالات إزالة هذا السبب وعلاجه أو مساعدة الطفل على التخلص منه.
- ملئ وقت فراغ الطفل: بما أن شعور الطفل بالفراغ يعد من أسباب تكون إحدى العادات السيئة لديه فإن ملئ وقت فراغه هذا وإشغاله بأمور مفيدة مثل تنمية المواهب وتعلم بعض الأشياء الجيدة والمهارات تعد من الوسائل التي تصرف الطفل عن تكرار هذه العادة السيئة.
- شرح مضار العادة السيئة للطفل: يجب أن لا يكل الأهل عن شرح الآثار السيئة للعادة التي يكررها الطفل وما قد تعود عليه من عواقب ومضار جراء تكرارها، ويفضل إخافته من نتائجها من خلال ربط هذه النتائج مع أشياء غير محببة بالنسبة له.
- تنمية ثقة الطفل بنفسه: فعدم ثقة الطفل بنفسه يعد من أسباب تعلمه لمثل هذه العادات وتعزيز ثقته بنفسه من خلال إزالة أسباب قلقه ومخاوفه وتخفيف الضغوط عنه؛ يعتبر من الحلول الجيدة للتخفيف قدر المستطاع من هذه العادة لديه.
- الانتباه لأنفسنا ولعادتنا السيئة: فيمكن أن يكون في كثير من الأحيان سبب تعلم الطفل لعادة معينة هو ملاحظته لنا بتكرارنا لهذه العادة وهو يقلدنا سواء من باب التجريب أو اللعب وبالتالي تتكون لديه هذه العادة، لهذا يجب الانتباه جيداً لتصرفاتنا أمام أطفالنا فالطفل يراقب ذويه باستمرار ويقلد كل ما يصدر عنهم من سلوك.
سواء كان اهتمامنا بتخليص أطفالنا من عاداتهم السيئة بدافع التربية والتعليم أو بدافع الحفاظ على صحتهم ومظهرهم أو حتى حمايتهم من مخاطر هذه العادات وآثارها الصحية والنفسية، فإن طريقنا نحو ذلك يجب أن يبدأ بفهم هذه العادات ودراسة أسبابها ومنشأها وتقدير آثارها بشكل جيد بهدف إيجاد العلاج الأمثل لها, وقد حاولنا من خلال هذه الدراسة تلخيص بعض هذه العادات والتعرف على بعض أسبابها بالإضافة لوضع بعض الخطوات العامة التي يمكن من خلال انتهاجها الوقاية قدر المستطاع من تطور هذه العادات في شخصية أطفالنا.