فوائد الاستحمام بالماء البارد وإيجابيات الدش البارد
عند التفكير بموضوع الحمام المثالي، غالباً ما تخطر في ذهننا فكرة الجلوس والاسترخاء تحت الماء الساخن لمدة طويلة والاستمتاع بهذا الشعور الجميل بعيداً عن التوتر والضغوطات اليومية في العمل والحياة الخاصة، أما الاستحمام بالماء البارد فليس فكرة جذابة أبداً بل قد يبدو كمخاطرة مرعبة بالنسبة إلى بعض الأشخاص خصوصاً خلال أشهر الشتاء الباردة.
خلال الأعوام الأخيرة، ظهر اتجاه جديد من التفكير في موضوع الحمام لدى الكثير من المشاهير والرياضيين وبدعم من الأطباء في المجالات كافة، يشيرون إلى أهمية الماء البارد وفوائده على الدورة الدموية وعمل الجهاز العصبي وحيوية الجلد والشعر، لذلك سوف نقوم في المقال التالي بتلخيص أبرز فوائد وإيجابيات الاستحمام بالماء البارد.
لماذا ينصح أطباء الجلدية بالحمام البارد؟
عند الحديث عن الجلد والشعر، يعتبر الحمام بالماء البارد واحداً من أفضل الوسائل الطبيعية للحفاظ على مظهر صحي وحيوي، فالماء الساخن يمكن أن يجفف الجلد عبر إزالة المفرزات المرطبة عن سطحه، لذلك من الأفضل أن تستخدم الماء البارد من أجل شد البشرة والمسامات الجلدية مما يمنع انسدادها وتشكل البثور وحب الشباب، كما أن شد المسامات الجلدية في فروة الرأس يلعب دوراً هاماً في منع الغبار والأتربة من الترسب ضمنها.
ذكرت طبيبة الجلدية الدكتورة جيسيكا كرانت في موقع (The Huffington Post) أن الماء المثلج أو حتى الفاتر يمكن أن يساعد الجلد ويمنعه من زوال الزيوت الطبيعية بسرعة، تذكر أن الماء البارد يشد الجلد بشكل مؤقت ويحد من تدفق الدم بانقباض الأوعية الدموية لكنه لا يؤدي إلى انكماش المسافات بشكل دائم.
لا يمكننا القول إن الماء الساخن ضار لفروة الرأس بشكل مطلق، فالماء الساخن يسمح للشامبو وبلسم الشعر بالدخول إلى جريبات الشعر، لكن إنهاء الحمام بالقليل من الماء البارد يساعد الشعر على تثبيت الرطوبة وشد فروة الرأس.
لهذه الأسباب يبرز دور الماء البارد في العناية بالبشرة والشعر، فهي تجعل الشعر يبدو أكثر لمعاناً وقوة وصحة.
ارتباط الحمام البارد بزيادة الانتباه
في حين يرى معظم الأشخاص أن سكب الماء البارد على جسدهم بعد الاستيقاظ والشعور بهذه الرعشة المفاجئة أمر مرعب وصادم، يمكن أن يساعد التنفس العميق الذي يحدث استجابة لهذه الصدمة على إبقاء الجسم دافئاً، يعود الفضل في هذا الأمر إلى زيادة إدخال الأكسجين، من ثم يزداد معدل ضربات القلب مما يدفع الدم للتدفق إلى جميع أنحاء الجسم ويعطينا دفعة طبيعية من الطاقة والنشاط لنبدأ بها اليوم.
في مقابلة مع جراح القلب الأميركي ديفيد جرونر (David Greuner) من جمعية نيويورك للجراحين تحدث عن فائدة الاستحمام بالماء البارد وقال: «الاستحمام بالماء البارد هو علاج رائع لآثار الاستيقاظ في الصباح الباكر بعد السهر إلى وقت متأخر، لأن كل ما يفاجئ الشخص أو يصدمه يمكن أن يدخل الجسم في حالة القتال أو الهرب ويرفع من مستوى اليقظة، لهذا السبب يؤدي الحمام البارد إلى زيادة كمية الأدرينالين وارتفاع اليقظة».
دور الحمام البارد في التخلص من الآثار الجسدية المجهدة للرياضة
لعلك عزيزي القارئ لاحظت خلال الأشهر والسنوات الماضية ظاهرة حمامات الثلج التي يمارسها الرياضيون بعد المباريات، نحن لا نقترح ممارسة أمر بهذا التهور في المنزل، لكنك يمكن أن تحصل على الفائدة المرجوة بالاعتماد على المبدأ العلمي المستخدم في هذه الحمامات.
يمكن أن يقدم الماء البارد الكثير من الفوائد لجسم الإنسان الطبيعي بعد ممارسة التمارين الرياضية، هذا ما وضحه الرياضي الأميركي روبرت هيربست (Robert Herbst) بطل العالم برفع الأثقال 18 مرة: «الحمامات الباردة وسيلة رائعة لتخفيف الالتهاب وتحريض عملية الشفاء للأذى النسيجي المجهري الذي يحدث في العضلات عند ممارسة الرياضة الخطرة خصوصاً إذا لم يكن هناك مراكز مجهزة لإجراء حمامات الثلج».
جميعنا يعلم أن الاستحمام بالماء المثلج يعتبر من الطقوس الهامة في بعض الثقافات خصوصاً في المناطق الباردة مثل شعوب شرق وشمال أوروبا، إذ يعتقد هؤلاء الأشخاص أن الماء البارد يقوي الجسم ويشحذ العزيمة ويبقي الروح القتالية حية في الجسم، ومن الواضح أن هذه الأفكار هي استمرار للطقوس القديمة حين كان المقاتلون يفضلون الاستحمام بالماء البارد خصوصاً قبل المعارك أو بعدها ظناً منهم أن الماء الساخن للضعفاء فهو مريح جداً ويجعل الإنسان متراخياً.
فائدة الماء البارد على الصحة النفسية
يبدو أن التأثير الإيجابي الذي يمارسه الاستحمام بالماء البارد ليس مقتصراً على الجانب الجسدي وحسب، إنما يؤدي إلى تحسين الحالة النفسية كما ظهر في الاختبارات السريرية، تم إثبات ذلك من خلال دراسة بحثية نشرها الدكتور نيكولاي شيفشوك (Nikolai Shevchuk) التي بينت وجود بعض التحسن النفسي لدى مرضى الاكتئاب عند الاستحمام بالماء البارد.
علق الدكتور على الدراسة بقوله: «يعتقد أن الحمام البارد يرسل كمية كبيرة من الإشارات الكهربائية إلى الدماغ من جميع النهايات العصبية الموجودة في الجسم دفعة واحدة، مما قد يكون مسؤولاً عن التأثير المضاد للاكتئاب».
يمكن للحمام البارد أن يدعم وظيفة جهاز المناعة ويحسن قدرته على محاربة الأمراض، ففي دراسة أجراها البروفسور فيجاي كاكار (Vijay Kakkar) مؤسس معهد دراسات التخثر في جامعة لندن، لوحظ أن الحمام البارد يمكن أن يزيد الدوران الدموي ويحرض إنتاج الخلايا المناعية (كريات الدم البيضاء) من أجل محاربة الأمراض مثل الإنفلونزا والتهاب الحلق خلال الشتاء.
استبدال الماء الساخن بالبارد يحمي من نقص الخصوبة
من المعروف أن الحرارة العالية تؤدي إلى تأثيرات ضارة على الجهاز التناسلي الذكري، لذلك يمكن للماء البارد أن يزيد الخصوبة لدى الذكور الذين يحاولون تحقيق الإنجاب وإنشاء عائلة، يشرح الدكتور أمير المستشار ورئيس عيادة (ZDental Studio) الجانب العلمي وراء هذا الادعاء بقوله:
«أظهرت الدراسات أن الحمام الساخن يمكن أن يقلل من عدد النطاف في السائل المنوي للذكور، فقد أجريت تجارب عديدة في الخمسينات من القرن الماضي وأثبتت أن الحمامات الساخنة تملك تأثيراً مانعاً للحمل، هذا لأن إنتاج الحيوانات المنوية يحتاج إلى درجة حرارة منخفضة قليلاً مقارنة بدرجة حرارة الجسم».
هل يمكن أن يساعدك الحمام في تخفيف وزنك؟
يمكن أن يؤدي الحمام البارد إلى خسارة الوزن بطريقة غير متوقعة، فالجسم يملك نوعين من الأنسجة الشحمية؛ الشحم الأبيض والشحم البني.
يتراكم الدهن الأبيض في الجسم عندما نستهلك كمية إضافية من السعرات الحرارية فوق الحاجة اليومية لأجسامنا، يتركز هذا النوع من الدهن تحت الجلد خصوصاً في منطقة البطن وأسفل الظهر والفخذين، وهو الدهن الذي يعطي المظهر المزعج ونرغب في التخلص منه.
أما الدهن البني فهو النوع الجيد والصحي من الدهون، لأنه يولد الحرارة من أجل إبقاء أجسامنا دافئة، يتحرض هذا النسيج الشحمي عند التعرض للبرد الشديد، لذلك يمكن للحمامات الباردة أن تحرض فعالية الدهن البني.
في دراسة أجريت عام 2009 وجد أن الاستحمام بالماء شديد البرودة أدى إلى تفعيل الدهن البني وزيادة مستواه إلى حوالي 15 ضعفاً مما يساعد على تنشيط حرق الدهون ودعم عمل البرنامج الرياضي أو الحمية الغذائية من أجل إنقاص الوزن.
فائدة الماء البارد في التخلص من التوتر والقلق
يمكن أن يؤدي سكب الماء البارد مباشرة بدون انتظاره ليسخن، أو القفز إلى البحر بشكل سريع دون إعطاء الجسم فرصة للتأقلم مع التغير في الحرارة إلى تشكيل مقاومة للتوتر والضغط النفسي والأمراض الجسدية حتى.
في دراسة أجريت عام 1994 لوحظ انخفاض شديد في مستويات حمض البول في الدم لدى أفراد التجربة بعد تعريضهم للبرد بشكل مفاجئ (السباحة في الماء المثلج في الشتاء)، كما لوحظت زيادة في مادة جلوتاثيون (Glutathione)، وهو مركب مضاد للأكسدة يساعد على تنظيم عمل جميع مضادات الأكسدة في الجسم وإبقاء كفاءتها في أعلى المستويات.
وفي الختام.. كان هذا تلخيصاً لعدد من أهم الفوائد الصحية التي تعود على أجهزة الجسم المختلفة عند التعود على الاستحمام بالماء البارد بدلاً من الحار، كما يمكن أن تطول اللائحة إذا ذكرنا التأثيرات الأخرى التي لا زال العلماء يحاولون توثيقها مثل المساعدة على تنظيم النوم في المساء والتخلص من الإدمان على المورفين وباقي المخدرات، نعلم أن هذا النشاط لا يناسب الجميع خصوصاً ممن يرى في الحمام الساخن متعة تفوق كل الفوائد الصحية التي يمكن أن يضيعها، لكننا ننصحك بتجريب هذه العادة وملاحظة تأثيرها الإيجابي على الصحة الجسدية والنفسية مع الزمن.