كيف يفسد الأهل تربية أبنائهم؟ أخطاء الأهل بالتربية
تختلف تربية الأطفال اليوم بطريقة كبيرة، لدرجة أن الأهل يفسدون أبنائهم!.. وما عليك إلا أن تراقب جيل الأطفال الآن في المدارس لتعرف مدى خطورة الوضع مستقبلاً، فالطفل مدلل لا يشعر بالملل مأخوذ على الدوام بوسائل التكنولوجية، التي يستخدمها الوالدين لإلهاء أطفالهم عنهم خلال حياتهم اليومية، حتى أنك تتساءل أحياناً عن أهلية بعض الآباء والأمهات في تحمل مسئولية تربية طفل!
في هذا المقال نناقش كيف نقوم بإفساد أدمغة الأطفال وتوجيهها بشكل سيء، كما سنعرض عليك أهم الطرق الصحيحة لتغيير تربية الأطفال الخاطئة.
لا يشعر الأطفال بالملل.. حيث يجدون دائماً ما يثيرهم ويلهيهم، على الرغم أن الشعور بالملل شيء طبيعي، وهو ليس بالأمر الخطير عليهم لينموا وينضجوا كأشخاص مستقلين ولديهم الميزات الفردية، فليس مقياساً أن يكون طفلك ذكياً ويعرف كيفية العدّ وكتابة الحروف الأبجدية قبل سن الدراسة، لكن ماذا عن اللعب؟ هل فكرت بأهميته للطفل؟ فلا بد أن يكون لهم أصدقاء ويمتنوا لذلك، وأن يشعروا بعض الأحيان بالملل، لا يمكنك أن تستمر بإفساد طفلك من خلال تحقيق جميع رغباته والخوف عليه بشكل دائم، وقد تحدثنا عن الآثار المدمرة للطفل من خلال المبالغة في حمايته، تقول المتخصصة في تربية الأطفال، فيكتوريا بروداي (Victoria Prooday): "الأطفال اليوم في حالة عاطفية مدمَّرة! فمعظمهم يأتون إلى المدرسة غير متحمسين عاطفياً للتعلم... وهناك العديد من العوامل في أسلوب حياتنا وتربيتنا الحديثة؛ تساهم في تدمير دماغ الطفل"، وتعتقد المدونة الأشهر في مواضيع تأثير الأمومة والأبوة في الحياة المعاصرة على النظام العصبي للطفل، أنه على الرغم من حسن نوايا الوالدين، إلا أنهما يساهمان في تشكيل أدمغة أطفالهم بطريقة خاطئة من خلال:
- يحصل الطفل على ما يريد في اللحظة: نحن نعلم أن القدرة على تأخير الإشباع هو أحد العوامل الرئيسية للنجاح في المستقبل، بطبيعة الحال.. لديك النية الطيبة لجعل طفلك سعيداً، لكن لسوء الحظ؛ تجعله سعيداً في الوقت الحالي، لكن بائس على المدى الطويل! فأن تكون قادراً على تأخير الإشباع يعني أن تكون قادراً على العمل تحت الضغط، لذلك أصبح أطفالنا أقل استعداداً للتعامل مع الضغوطات البسيطة، وبشكل تدريجي.. ستصبح في النهاية عقبات كبيرة أمام نجاحهم في الحياة، فكثيراً ما تعاني مع عدم القدرة على تأخير الإشباع لدى الطفل، في الفصول الدراسية ومراكز التسوق والمطاعم ومتاجر الألعاب؛ في اللحظة التي يسمع فيها الطفل كلمة "لا"، حيث قام الأهل بتعليم دماغ أطفالهم الحصول على ما يريدون فوراً.
- مشكلة التكنولوجية: عندما يعتاد الطفل على اللعب في الخارج والاكتشاف، فإنه يتعلم كيفية تكوين علاقاته الاجتماعية الناجحة، لكن التكنولوجية التي تستخدمها لإلهاء طفلك؛ تساهم في تضييق وكبح قدراته الاجتماعية، حيث يشبه الدماغ العضلات التي يمكن تدريبها وإعادة توجيهها، فإذا أردت أن يركب طفلك الدراجة، عليك أن تعلمه مهارات ركوب الدراجات، وإذا كنت تريد أن يكون طفلك مثابراً للوصول إلى نتيجة من عمل أو جهد ما، عليك تعليم الطفل الصبر، وإذا كنت تريد أن يكون طفلك ماهراً في التواصل الاجتماعي على أرض الواقع، فلا بد أن تعلمه المهارات اجتماعية، وهذا ما ينطبق على جميع المهارات الأخرى، حيث تنخفض مستويات التحفيز ما يجعل الأطفال عرضة للتحديات الأكاديمية. كما تفصلنا التكنولوجيا عاطفياً عن أطفالنا وعائلاتنا، وأنت تعلم أن توافرك العاطفي هو من المغذيات الرئيسية لدماغ الطفل، ولسوء الحظ.. نحن نحرم أطفالنا تدريجياً من هذه المغذيات.
- المتعة اللانهائية: الطفل كما قلنا لا يشعر بالملل أبداً، هو في عالمه وأنت في حياتك وعملك وسعيد بأنك لا تتعب في تربية هذا الطفل ولا تتحمل مسئوليته في كل لحظة كما كان يفعل أهلنا في السابق، في هذا العالم الصناعي لن يتعلم الطفل أهمية التعلّم، سيصل إلى المدرسة وقد عرف أن اكتساب المعارف شيء غير مهم بالنسبة له، فهو يحصل على كل ما يريد، لا يتحمل مسئولية نفسه... فهو لا يرتدي ثيابه بنفسه، ولا يأكل بشكل صحي لأنه لا يحب الطبخ مثلاً، لا يستطيع تعلّم الكتابة بالقلم لأنه اعتاد على الأجهزة اللوحية التي لا تحتاج إلا لمسة إصبع، هذا العالم السحري بالنسبة للطفل؛ ما هو إلا مطبّ خطير يقع فيه الطفل من الآن لعيش حياته فيما بعد.
- الطفل يعتبر نفسه محوراً للحياة: يملي علينا الأطفال كيفية تربيتهم؟ وإذا تركت الأمر للطفل فهو سيتناول فقط الطعام غير الصحي، ويشاهد التلفزيون ويلعب على الأجهزة اللوحية والموبايل دون رادع، ولا يذهب إلى النوم باكراً، ومن خلال منحه ما يريد أنت تظلمه وتوجه دماغه بشكل سيء، فيتعلم الطفل استسهال الأمور وألا يفعل إلا ما يرده فقط، وأي حياة سيعيشها هذا الإنسان مستقبلاً؟!
كيف توجه دماغ طفلك في الاتجاه الصحيح؟
يمكنك أن تحدث فرقاً في حياة طفلك من خلال تدريب دماغه حتى يعمل بنجاح على المستويات الاجتماعية والعاطفية والأكاديمية، ويتم ذلك من خلال:
- لا تخف من وضع الحدود: حيث يحتاج الطفل إلى حدود لينمو بشكل صحي وكي يكون سعيداً، ويمكنك أن تقوم بذلك بخطوات بسيطة:
- قم بوضع جدول زمني لأوقات الوجبات وأوقات النوم ووقت لاستخدام التكنولوجيا.
- فكر في ما هو جيد بالنسبة له، (ليس ما يريدون وما لا يريدون)، سوف يشكرونك لاحقاً، ولأن الأبوة والأمومة مهمة صعبة؛ عليك أن تكون مبدعاً.. لتجعلهم يفعلون ما هو جيد لهم لأن ذلك (في معظم الوقت) هو عكس ما يريدون.
- يحتاج الأطفال إلى وجبة الإفطار والطعام المغذي، إنهم بحاجة لقضاء بعض الوقت في الهواء الطلق والذهاب إلى السرير في وقت محدد من أجل الذهاب إلى المدرسة للتعلم في اليوم التالي!
- حول الأشياء التي لا يحبون القيام بها.. إلى ألعاب ممتعة ومحفزة عاطفياً.
- الحد من التكنولوجيا، وإعادة الاتصال مع طفلك عاطفياً: فاجئه بهدية صنعتها يدوياً له، ابتسم دوماً في وجه طفلك، العب معه وذكره دوماً بمدى حبك له، استمتعوا معاً بالعشاء العائلي، أو الذهاب للتنزه أو لركوب الدراجات.
- علّمه قيمة الصبر: اجعله ينتظر ويقدر قيمة الصبر، لا بأس من الحصول على وقت ليشعر الطفل بالملل! فهذه هي الخطوة الأولى للإبداع من خلال:
- زيادة وقت الانتظار والصبر للحصول على ما يريد تدريجياً مع تعليمه أهمية بذل الجهد.
- تجنب استخدام وسائل التكنولوجيا في السيارات والمطاعم والأماكن العامة، كذلك علمه الانتظار أثناء التحدث ولعب الألعاب اليدوية والمشاركة مع أشقائه وأقرانه والأطفال الآخرين.
- الحد من الوجبات الخفيفة والسريعة.
- علم طفلك أن يقوم بأعمال وتحمل المسؤوليات منذ سن مبكرة: وذلك من خلال: مساعدتك في طي الغسيل وترتيب ألعابه، وتعليق ملابسه، كذلك ترتيب أغراض البقالة، وتجهيز الطاولة لتناول الغداء، وترتيب سريره، فكن مبدعاً واجعل مساعدة الطفل في البداية محفزة وممتعة وعلى شكل لعب، بحيث يربطها دماغه بشيء إيجابي.
- علمه المهارات الاجتماعية: علّمه أهمية والمشاركة والخسارة أو الفوز والتنازل للآخرين، والكياسة واللطف باستخدام "الرجاء وشكراً"، فالأطفال يغيرون نظرة الأهل إلى الأبوة والأمومة، لذا ساعد أطفالك على النجاح في الحياة من خلال التدريب وتقوية عقولهم عاجلاً وليس آجلاً!
أهم الدروس التي يجب أن يتعلمها الطفل للمستقبل
لأن هناك أشياء يجب على الطفل أن يعرفها... عن الحياة والحب وكيف يسير العالم؛ فلا بد أن تكون الشخص الذي يخبره عنها، فلا تعرف أبداً ما يخبئه المستقبل، لذلك يحتاج كل طفل الحصول على هذه الدروس:
- الحياة ستكون مجنونة! وسوف تشعر بالارتباك الشديد في بعض الأحيان، لكن جميعنا لدينا طريق، عليك فقط أن تثق بنفسك وأن تعمل بجد، فلا تخف من الفشل، هذا هو المكان الذي يكمن فيه السحر، وفي الفشل وإعادة المحاولة يكمن الإلهام والعودة الأقوى من ذي قبل، هكذا تتحقق الأحلام وتُهدم الأهداف.
- أسرتك عمودك الفقري: لا يوجد شيء أكثر أهمية من الأسرة، أنا وأبيك وأنتم، ابن عمك وخالاتك وأعمامك وأجدادك.. سنكون هنا لبعض الوقت، وسوف نحب بعضنا البعض حتى عندما نكون غاضبين، سندعم بعضنا البعض في أصغر التحديات، كن مخلصاً ومتسامحاً.
- أصدقائك هم من يدعمك: ستتألم في بعض الأحيان وستخسر الكثيرين؛ الصديق عندما ستحتاجه سيصبح جزء من عائلتك، ستتعرف على بعضهم لفترة وبعضهم سيكون معك طوال الطريق، سيكونون جميعاً في حياتك لسبب ما، لذا كن صديقا جيداً وخصص وقتاً لهم.
- العمل ضروري ومصدر إلهام: ربما سيكون لديك وظائف مختلفة في حياتك، في بعض الأحيان قد يبدو مسار حياتك المهنية وكأنه متعرج، فلا تخف من محاولة تعزيز المشاعر المختلفة طوال حياتك ومعرفة أين ستأخذك فطرتك، يمكننا أن نساعد في تعزيز مهاراتك وموهبتك، وأن نكون دليلاً ومورداً لمساعدتك في العثور على طريقك.
- المال هدية وعبء: الأموال ستكون مرهقة في بعض الأحيان، وتذكر أن المال مهم لكنه ليس كل شيء، هناك أمور أهم في الحياة من دفع الفواتير وكيف تنفق المال على نفسك، لكن لا تخشى إنفاق بعض المال على نفسك وحياتك.
- كن فضولياً لتنجح: كن فضولي.. اطرح الأسئلة.. فلا توجد أسئلة سيئة، لأن طرح سؤال يعني أنك تحترم عملية التعلم، لدرجة أنك تريد التأكد من أنك تفسر المعلومات بشكل صحيح.. وهذا مهم، ولا تخشى أبداً من طلب المساعدة.
- التكنولوجيا صعبة لكنها مفيدة: تعد وسائل التواصل الاجتماعي أداة رائعة لتوصيل ومشاركة الأفكار، ولكن قد يكون الأمر خطيراً؛ تذكر أنه يتم توثيق حياتك فكن حريصاً على ما تشاركه مع العالم، لا تدع نفسك عرضة للتنمر الإلكتروني والمشاكل الافتراضية، وخذ استراحة من وسائل التواصل عندما تحتاج لذلك، فهناك الكثير من الأشياء الجميلة التي تحدث حولك على أرض الواقع.
- عندما تقع في الحب: سيكون الأمر مخيف ورائع ومثير للأعصاب وأفضل شعور في الحياة، لا نستطيع الانتظار لسماعك تتحدث عن الحب.
- اللطف سيكون سحرك: تعامل مع الناس بلطف دائماً، بغض النظر عما إذا كانوا يستحقون ذلك أم لا، دع قلبك مليء باللطف، لأن هذا ما يحتاجه عالمنا الآن أكثر من أي وقت آخر.
- عش حياتك بحماس: لا تخجل من نفسك، ارقص غني.. عبّر عن فرحك، اقرأ الكتب.. كل الكتب التي تحصل عليها، كن متعاوناً وساعد الآخرين، واعمل بجد.. عش حياتك بمحبة وشغف وحماس.
في النهاية.. جمعنا نخاف على أطفالنا، نحاول حمايتهم وربما نبالغ بذلك، لا بأس أن يسعر طفلك بألم السقوط وفرحة الوقوف مجدداً، دعه يحاول ويفشل ليتعلم، عوّده المشاركة ومحبة الآخرين وأهمية اللطف، ما هي الدروس التي ينبغي أيضاً تزيد أطفالنا بها برأيك؟ شاركنا من خلال التعليقات.