لماذا يضرب الطفل نفسه؟
من الصعب أن ترى طفلك متضايقاً، لكن شعورك يصبح أسوأ عندما يشعر طفلك بالإحباط أو الغضب لدرجة أنه يبدأ بضرب نفسه، وهذا ليس شائعاً عند الأطفال عادة، حيث يمكن أن يضرب طفل صغير شخصاً بالغاً أو طفلاً آخر؛ عندما يكون غاضباً بدلاً من أن يؤذي نفسه.. مع ذلك لا يجب أن تكون قلقاً للغاية، وانتبه جيداً إلى وقت حدوث ذلك لتحديد ما إذا كنت بحاجة إلى مساعدة متخصص.. في هذا المقال سنتعرف على كل ما يتعلق بموضوع ضرب الطفل لنفسه؛ إذا انزعج أو غضب.. وكيف تتصرف حيال ذلك..
لماذا يضرب الطفل نفسه؟... عندما يكبر طفلك الرضيع قليلاً؛ سيبدأ باستكشاف محيطه والتواصل مع احتياجاته، وقد لا تتطابق قدراته تماماً مع رغبته في تنفيذ هذين الأمرين، بالتالي فإن عدم قدرته على التعبير عن رغباته أو احتياجاته ونضاله للتعرف على محيطه بنجاح؛ يمكن أن يكون سبباً لغضبه، إلى درجة أن يضرب نفسه كوسيلة للتعبير عن إحباطه.
إذا لاحظت حدوث ذلك.. حاول أن تعرف الأسباب التي أدت إلى حدوث نوبة الغضب لديه، ربما قلت "لا" لشيء يريد القيام به، أو ربما هو ببساطة.. متعب أو جائع، فإذا كنت تعرف محفز غضب طفلك؛ قد تتمكن من منع المشكلة قبل أن تبدأ.
الطفل يؤذي نفسه عندما ينزعج..
لن يضرّ الأطفال أنفسهم عن قصد، بل إنهم أكثر من ذلك يريدون الاتصال بشيء ما، أو يريدون أن يشعروا بشيء ما أو أن ينتقدوه! وهذا ليس بالأمر غير الصحي... بطبيعة الحال ستخاف لو تحول هذا السلوك إلى عادة لدى الطفل كلما كبر، وتعرف أنه من الجيد أن يختبر الطفل مشاعر الغضب والإحباط لأنها مهمة لنموه، لكن لا بد من الثقة في طريقة ظهورها، حيث من الواضح أنك ستكون قادراً على الحيلولة دون توجيه سلوكه الضار إليك، كذلك دون إيذاء نفسه، كما أن أفضل شيء هو عدم قول أي شيء! لكن إذا قام طفلك بالاتصال بالعين، يمكنك الإيماء ووضع يدك حيث يمكن أن يضرب نفسه لوقف أي شيء سيئ يحدث.
عندما ينزعج ابنك الصغير، ويضرب نفسه على رأسه أو يدق رأسه بالحائط حتى يبدأ في البكاء، فهو رد فعل طبيعي على الإحباط، حتى لو لم يكن أحد منكم في المنزل.. يقوم بهذا السلوك أمامه، وفي حال تكرر هذا السلوك لدى الطفل وتحول إلى ما يشبه العادة لديه؛ يبدو أنه ينخرط في ما يسمى السلوك "المضر بالنفس"، والذي يرجع إلى اختلال التوازن الكيميائي العصبي وينتج عنه إفراز الأندروفين في الجسم مما قد يؤدي إلى استجابة شبيهة بالنشوة (وهو من أعراض مرض التوحد).
في كثير من الأحيان.. الطفل المُحبَط ذو المفردات المحدودة للتعبير عن نفسه؛ سوف يعض أو يضرب طفلاً آخر أو شخصاً بالغاً، لكن على الرغم من أن السلوك المضر بالنفس يرتبط بمرض التوحد كما أشرنا.. إلا أنه يعد علامة على الحد من نشاط طفلك، أما بالنسبة للسلوكيات الضارة بالنفس المرتبطة بنوبة الغضب هي؛ ضرب الرأس و / أو صفع الأذنين و / أو الرأس، والعض اليدوي الذاتي، وضرب الذقن، وخدش الوجه أو الذراعين، وفي بعض الحالات.. التلامس من الركبة إلى الوجه.. وهذا النوع من السلوك لا إرادي ويتطلب ضبط النفس من شخص بالغ آخر لوقفه.
لكن فكر في مجالات أخرى من تطور طفلك ولا تقرر أن طفلك مصاب بالتوحد، وهو اضطراب يؤثر على اللغة والتواصل والتفاعل الاجتماعي والسلوك أيضاً، فإذا كنت لا ترى سوى سلوكاً ضاراً بالنفس؛ فقد يشعر ابنك بالإحباط الشديد بسبب عجزه عن توصيل احتياجاته بوضوح من خلال الكلمات أو الإيماءات معك ومع أفراد الأسرة الآخرين.
لذا لا بد أن تطلب من طبيب الأطفال تقييم حاسة السمع لدى طفلك في حالة كان ضعف السمع يعوق قدرته على اكتساب اللغة، إذا لم يكن لديه مشكلة على الإطلاق.. فاجلس مع ابنك في الوقت الذي يغضب فيه وساعده على حل المشكلة، وفي الحقيقة أنت تعلمه التأقلم حتى لا يلجأ إلى ضرب رأسه على الحائط مثلاً.
متى عليك أن تقلق من ضرب طفلك لنفسه؟
إذا كان طفلك يضرب نفسه بشكل منتظم ولا يرتبط السبب بنوبة غضب أو ألم حاد؛ فإن هذه العادة قد تكون مصدر قلق:
- قد تترافق الأذية الذاتية مع مرض التوحد كما ذكرنا أعلاه، وبالإضافة إلى ضرب أنفسهم فإن الأطفال المصابين بالتوحد قد يخدشون أو يقرصون أو يعضون أيديهم أو يضربون رؤوسهم.
- قد يجد الأطفال الذين يعانون من إعاقات في النمو، أن الإيذاء الذاتي يكون مهدئاً لهم.
- يجب أن يكون مدعاة للقلق أيضاً، إذا تسبب طفلك بأضرار جسدية لنفسه، إذا كان يضرب نفسه بشدة، فإنه يترك كدمات أو علامات أو أنه يسبب إصابات أخرى لنفسه، فراجع طبيب الأطفال.
- إذا كان طفلك أكبر سناً بقليل، فقد يكون الإحباط الشديد لعدم القدرة على التعبير عن نفسه نتيجة لتأخر قدرته على الكلام.
إذا كنت تعتقد أن هذا السلوك (ضرب الطفل لنفسه) هو أحد أعراض مشكلة أكبر؛ فدوّن كل ما تلاحظ حدوثه وأحضره إلى طبيب الأطفال لطلب المشورة، وقد يوصي الطبيب بفحص إضافي لتحديد ما يجري.
كيفية التعامل مع الأذى الذاتي عند الطفل
إذا كنت غير قادر على منع طفلك من ضرب نفسه، فهناك طرق فعالة يمكنك من خلالها معالجة نوبة الغضب لديه، فيما يلي العديد من الأشياء التي قد تحاول القيام بها للحفاظ على أمان طفلك:
- خلق بيئة آمنة لطفلك: إذا وجد طفلك طرق متعددة لإيذاء نفسه، مثل ضرب رأسه بالحائط.. فقم بنقله أو تحريك الأشياء بعيداً عن متناول يديه.
- تقديم المساعدة المادية: خذ طفلك بين ذراعيك وامنعه من ضرب نفسه عن طريق مسك ذراعيه بلطف، قد تكون هذه الراحة كافية لتهدئة طفلك وتمنعه من إيذاء نفسه، هذا يخلق بيئة آمنة ومُحِبة لطفلك لتخفيف الألم أو الإحباط الذي يشعر به.
- تحدث بكلمات مهدئة: أخبر طفلك أنه آمن وأنت هنا بجانبه، يمكنك أن تمنحه شيئاً آخر لتهدئه أيضاً؛ مثل لعبة يحبها للضغط عليها أو كوباً من الماء ليشرب.
قد تميل إلى محاولة التنظير على طفلك الغاضب أو إلقاء الموعظة عليه حول هذا السلوك السيئ، لكن هذا ليس الوقت المناسب الآن، من المهم تهدئ الطفل والتأكد من عدم تعرضه للأذى، بمجرد أن تنتهي موجة غضبه أو إحباطه؛ يمكنك البدء في تعليم طفلك الطرق الصحية للتعبير عن إحباطه، فقد تبدأ بتعليمه كيفية تحديد مشاعره وتعبيره عنها بالقول: "أستطيع أن أرى أنك تشعر بالغضب".. وتبتسم بلطف!
وعندما يعلم أنك تلاحظ إحباطه أو غضبه وحزنه، فقد يقل احتمال أن يعبر عن مدى غضبه من خلال ضرب نفسه، كما أن تعليمه كلمات التعبير عن الشعور؛ يمهد الطريق حتى يتمكن طفلك من بدء تعلم مهارات إدارة الغضب الصحية طوال سنوات ما قبل المدرسة.
قد يعاني طفلك من ألم فعلي.. لذا يعبر عن ذلك بضرب نفسه
إذا بدأ طفلك بضرب نفسه فجأة، فقد يكون لأنه يعاني من ألم جسدي، قد يصيب طفلك الصغير نفسه بأضرار من خلال ضرب جانب رأسه بسبب التهاب في الأذن، كما قد يلجأ الأطفال لضرب أنفسهم بغضب أثناء مرحلة التسنين (ظهور الأسنان اللبنية) للتغلب على الألم في اللثة، لذا يؤذي الأطفال الصغار أنفسهم عندما يعانون من الألم أو التسنين أو التهاب الأذن، وقد يكون هذا سبباً لتشتيت الانتباه عن الشعور الجسدي، فإذا لم يستطع الأطفال تحديد ما يؤلمهم.. يكون الضجيج وسيلة لتوصيل شعورهم بآلامهم، لذا ابحث عن الأعراض الأخرى: سيلان اللعاب من فمه، واحمرار الخدين والاستيقاظ خلال الليل كل هذا علامات على التسنين، في حين أن الحمى وعدم الراحة كذلك الاستلقاء وسحب الأذن، قد تشير إلى وجود وجع في الأذن.
احترس من المحفزات والأسباب التي قد تُعرض طفلك لموجة غضب وإحباط تدفعه لضرب نفسه، انتبه أين يضرب نفسه، ربما يحاول أن يلفت نظرك حيثما يؤلمه، لاسيما إذا كانت قدرته على الكلام لم تتطور بعد، بحيث يستطيع التعبير بالطريقة الصحيحة، بالتالي اعتماداً على مصدر الألم؛ قد تتمكن من حل مشكلة ضرب طفلك لنفسه، إذا كنت غير متأكد من سبب الألم، فقد حان وقت زيارة طبيب الأطفال.
بعض الاستراتيجيات الإيجابية للتعامل مع ضرب الطفل لنفسه
يعاني العديد من الأطفال الذين يضربون أنفسهم من مشاعر قوية لا يمكنهم التعبير عنها لفظياً، فالكلمات المتعلقة بمشاعر الطفل قد لا تكون بعد في قاموسه، إن الطريقة الأفضل هي مساعدة طفلك على تسمية عواطفه، فحاول أن تقول له "تبدو غاضباً" أو "يبدو أنك حزين"، واعمل على تعليمهم بعض استراتيجيات المواجهة الإيجابية:
- عندما يبدأ الطفل بضرب نفسه، قم بإسناد رأسه ثم ساعده ببطء على الاستلقاء، وجرب تقنيات التنفس معه.
- عندما يكون هادئاً تحدث معه عن المشكلة، التي سببت غضبه.
- إذا كان هناك محفز واضح لغضبه.. لا بد من تعديل بيئة طفلك أو جدوله الزمني لتقليل حدوث السلوك المؤذي، على سبيل المثال إذا ضرب طفلك رأسه عندما يحين وقت إيقاف تشغيل التلفزيون وتناول العشاء، في هذه الحالة يمكنك محاولة إنشاء جدول مرئي بالنسبة للطفل فيعرف أنه الوقت المخصص للعشاء وإطفاء التلفزيون.
- استخدام طريقة العد التنازلي، إذا بدا أن طفلك يعاني من ضائقة حقيقية، قل شيئاً ما مهدئاً، مثلاً تلاحظ من إيماءة عينيه بأنه على وشك البكاء غضباً، ابدأ بالغناء أو العد من 5 إلى 1.. وادعي بأنك تبدأ معه لعبة سباق لالتقاط لعبة في آخر الغرفة.
في النهاية.. سواء كان طفلك يقوم بضرب نفسه من أجل الحصول على انتباهك أو بسبب ألم لا يستطيع التعبير عنه أو لأن هذا السلوك أحد أعراض مرض التوحد أو طيف التوحد أو فرط الحركة والنشاط؛ فعليك أن تنتبه بأنه لا يتسبب في أضرار جسيمة لنفسه، راقب طفلك وحاول أن تتأكد من عدم تكراره هذا السلوك وأنه لا ينافق ليحصل على رد فعل منك (في معظم الحالات هو نفاق أطفال)، لكن انتبه لو كانت مشكلة هذا السلوك متكررة وترافقت مع أعراض بدنية تدل على وجود مشكلة أكبر، حيث يفضل أن تراجع طبيب الأطفال المختص؛ لفحص شامل في حال تكرار هذا السلوك.