المعالم السياحية في القدس وتاريخ العاصمة الفلسطينية الحديث
القدس هي أكبر المدن في فلسطين المحتلّة في المساحة وأكثرها اكتظاظاً بالسّكان، كما تحمل هذه المدينة أهمية تاريخية ودينية واقتصادية.
تلقّب مدينة القدس بعدة أسماء منها: بيت المقدس والقدس الشريف وأولى القبلتين، وتعتبر هذه المدينة من قبل العرب بجميع أديانهم أنها العاصمة الفلسطينية الأزلية والأبدية، سنقوم في هذا المقال بالتحدث عن هذه المدينة العربية بكل تفصيل، تابعوا معنا.
ما هي المعالم السياحية التاريخية والدينية المهمة في مدينة القدس؟
تعتبر مدينة القدس أحد أكثر المدن المتنازع عليها، إلّا أنها في الوقت ذاته أكثر أجمل المدن في العالم. تتميز مدينة القدس بنطاق تاريخيها المذهل الذي تعزز من خلال مكانتها الحيوية في تقاليد الديانات التوحيدية الثلاث وعرضها للحروب والمشاكل على مر القرون. تعتبر مدينة القدس قلب الأرض المقدسة، حيث بنى اليهود معبدهم الأول للحفاظ على تابوت العهد آمناً، وفيها صلب يسوع وقام من جديد، وفيها صعد النبي محمد إلى السماء ليتلقّى كلمة الله. بالنسبة للمؤمنين في جميع الديانات الثلاثة، تعتبر زيارة مدينة القدس أمراً مقدساً. سنتعرف في هذه القائمة على مجموعة من المعالم الرائعة في مدينة القدس.
- الحرم الشريف: في هذا الموقع بالذات قام النبي إبراهيم بتقديم أضحية لله، وفيه قام النبي سليمان ببناء الهيكل الأول لتابوت العهد، وفيه صعد النبي محمد إلى الجنة في السنوات الأولى من الإسلام، لذا يعتبر الحرم الشريف مكاناً ذو أهمية عميقة. تقع الساحة الواسعة فوق المدينة القديمة حول القبة الذهبية التي تعتبر أهم المناطق الهامة في المدينة. ويقع تحت القبة الذهبية الحجر المقدس حيث حدثت كل تلك القصص الدينية، أما الجانب الشرقي من الجبل فهو موطن المسجد الأقصى الذي يعتبر أحد أقدم المساجد في العالم.
- حائط البراق الشريف: ويعرف لدى اليهود باسم حائط المبكى بسبب حزن اليهود على فقدان المعبد في العام 70م، ويعتبر هذا الحائط الآن أقدس المواقع التي يقصدها اليهود في القدس منذ العهد العثماني. كما يوجد حول هذه المنطقة أنفاق تأخذك إلى المدينة، وحديقة القدس الأثرية والحي اليهودي.
- كنيسة القيامة: بالنسبة إلى الحجاج المسيحيين، تعتبر كنيسة القيامة أقدس المواقع الديني في مدينة القدس، ويقال بأنها بنيت في الموقع الذي صلب فيه السيد المسيح. تم تدمير الكنيسة الأصلية التي بنيت عام 335م بحلول عام 1009م، أما الكنيسة الكبرى التي نراها في يومنا هذا تم بناؤها بحلول القرن الحادي عشر الميلادي. يعتبر الجزء الداخلي من الكنيسة دليلاً معمارياً حياً على العمارة الدينية الرائعة، حيث تحتوي الكنيسة على مجموعة من الآثار المقدسة.
- الحي الأرمني: يمتد طريق البطريركية الأرمينية جنوباً من القلعة، وهو الشارع الرئيسي في الحي الأرمني الصغير في المدينة القديمة. تتواجد كاتدرائية القديس جيمس وكنيسة القديس مارك داخل هذه الممرات الضيقة. كان الأرمن جزء من مجتمع مدينة القدس لعدة قرون، حيث وصلوا إلى المدينة خلال القرن الخامس، كما وصل العديد منهم خلال الحقبة العثمانية وبعد المذابح الأرمنية في تركيا في أوائل القرن العشرين.
- الحي الإسلامي: يعتبر الحي الإسلامي مكاناً لأفضل الأسواق في مدينة القدس القديمة، حيث يمتد هذا الحي تقريباً من بوابة دمشق عبر الجزء الشمالي الشرقي من المدينة القديمة. تتواجد العديد من الآثار المملوكية الرائعة التي حافظت على نفسها عبر قرون من الزمن في هذه المنطقة بما في ذلك خان السلطان (شارع باب السليلة) الذي يعود للقرن الرابع عشر.
- جبل الزيتون: يعتبر جبل الزيتون موطناً للعديد من الكنائس إضافة إلى احتواءه على أقدم مقبرة مستخدمة باستمرار في العالم، ويعتبر هذا الجبل معلماً مهماً للسياح الدينيين بشكل خاص. يمكن لجميع السياح أن يشاهدوا مظهر المدينة القديمة الرائع من قمة الجبل. يعتقد العديد أن هذا التل المقدس هو المكان الذي سيبدأ فيه الله ببعث الموتى يوم القيامة، ويعتقد المسيحيين أن هذا التل هو المكان الذي صعد فيه يسوع إلى الجنة بعد صلبه وقيامته اللاحقة. توجد في قمة الجبل كنيسة الصعود التي يعود تاريخها إلى 1910م.
ما الذي نعرفه عن موقع ومناخ مدينة القدس؟
تقع مدينة القدس على الجزء الجنوبي من إحدى الهضاب على جبال الخليل، والتي تشمل جبل الزيتون في الشرق وجبل المشارف في الشمال الشرقي وجبل صهيون في الجنوب الغربي وغيرها من الجبال. يبلغ ارتفاع المدينة القديمة حوالي 760 متراً فوق مستوى سطح البحر، ويحيط بها مجموعة من الوديان وقيعان الأنهار الجافة، وهي وادي سلوان ووادي الجوز ونبع أم الدرج. تتميز القدس بأنها كانت محاطة بمجموعة من الغابات التي تملئها أشجار الزيتون والجوز والصنوبر، إلا أنها لم تعد كذلك بسبب أهوال الحرب المدمّرة.
تبعد مدينة القدس حوالي 60 كيلومتر عن البحر المتوسط وحوالي 35 كيلومتر عن البحر الميت، أقرب المدن العربية إليها هي عمّان بمسافة 88 كيلومتر. أما عن المدن والبلدات الفلسطينية المجاورة لها فهي بيت لحم وبيت جالا في الجنوب وأبو ديس ومستوطنة معاليه أودميم في الشرق ومفاسرت صهيون في الغرب ورام الله ومستوطنة كفعات زئيف في الشمال.
تتميز مدينة القدس بمناخها المتوسطي، فهي تعيش مناخاً حاراً وجافاً في فصل الصيف ومعتدلاً ممطراً في فصل الشتاء. أما عن الثلوج فهي قليلة، حيث لا تتساقط سوى مرتين أو ثلاث في كل شتاء. أبرد أشهر السنة هو شهر كانون الثاني حيث يصل معدل درجات الحرارة إلى 9 درجة مئوية، أما شهري تموز وآب فهما الأشهر الأكثر حرارة حيث يصل متوسط درجات الحرارة إلى 24 درجة مئوية. أما فيما يتعلق بالأمطار يصل المعدل السنوي إلى 550 ملم بين شهري تشرين الأول وأيار.
تاريخ مدينة القدس الحديث
في عام 1917م استولى الجيش البريطاني بقيادة الجنرال إدموند آلبني على المدينة بعد معركة القدس، وفي عام 1922م عهدت عصبة الأمم من خلال مؤتمر لوزان قيادة فسلطين للمملكة المتحدة. انتهت فترة الانتداب البريطاني على فلسطين وأوصت خطة الأمم المتحدة للتقسيم لعام 1947م بإنشاء نظام دولي خاص في مدينة القدس مما يجعله نظام منفصل تحت إدارة الأمم المتحدة. إلا أن هذه الخطة لم تنفذ، مع اندلاع الحرب عام 1948م حيث انسحب البريطانيون من فلسطين. في تناقض مع خطة التقسيم التي تصورت مدينة مفصولة عن الدولة العربية والدولة اليهودية، سيطرت إسرائيل على المنطقة إلى جانب أجزاء كبيرة من الأراضي العربية المخصصة للدولة العربية المستقبلية.
أدت حرب عام 1948م إلى تقسيم مدينة القدس، بحيث تقع المدينة القديمة المسورة بالكامل على الجانب الأردني من الخط. نشأت منطقة محرمة بين القدس الشرقية والقدس الغربية في تشرين الثاني عام 1948م. بعدها أعلن الكيان الصهيوني قيام دولة إسرائيل وحدد القدس عاصمة لها. في العام 1950م أعلنت الأردن ضم القدس الشرقية رسمياً لها وأخضعتها للقانون الأردني.
خلال حرب عام 1948م تم طرد السكان اليهود في القدس الشرقية من قبل الفيلق العربي الأردني. سمح الأردن للاجئين العرب الفلسطينيين الهاربين من الحرب بالاستقرار في الحي اليهودي المهجور، والذي أصبح يعرف باسم حارة الشرف. في عام 1966م نقلت السلطات الأردنية 500 منهم إلى مخيم شعفاط.
في عام 1967م وعلى الرغم من المناشدات الإسرائيلية بأن يظل الأردن خلال حرب الأيام الستة محايداً، هاجم الأردن باتفاق دفاعي مع مصر القدس الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل في اليوم الثاني للحرب. استولت قوات الدفاع الإسرائيلية على القدس الشرقية إلى جانب الضفة الغربية بأكملها. بعد ثلاث أسابيع من انتهاء الحرب مددت إسرائيل قانونها وولايتها القضائية لتشمل القدس الشرقية بما في ذلك الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية في المدينة، إلى جانب بعض أراضي الضفة الغربية القريبة التي تضم 8 قرية فلسطينية.
وفي العام 2017م أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال وأعلن نيّته نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. انتقدت العديد من الدول هذه الخطوة، حيث حظي قرار يدين قرار الولايات المتحدة الأمريكية بدعم جميع الأعضاء الـ 14 الآخرين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلا أن أمريكا اعترضت عليه.
في 14 أيار عام 2018 نقلت الولايات المتحدة الامريكية رسمياً سفارتها إلى القدس، وفي نيسان عام 2017م أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها تعتبر القدس الغربية عاصمة لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية. في شهر كانون الأول عام 2018م اعترفت استراليا رسمياً بالقدس الغربية عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
في النهاية، نتمنى أن يكون مقالنا هذا قد نال إعجاب قرائنا الأعزاء وأن يكون قد وفر صورة شاملة ومفصلة حول مدينة القدس جغرافياً وتاريخياً وسياحياً. كما نتمنى أن يعم السلام هذه المدينة المقدسة التي تحمل بين طياتها أهم المعالم الدينية والتاريخية التي يمكن أن نراها أو نسمع عنها. في حال راودكم أي استفسار يمكنكم التواصل مع خبراء موقع حلوها الجاهزين دوماً للإجابة عن جميع الأسئلة التي تطرحونها.