تعليم الطفل كيفية التعامل مع عواطفه
المشاعر معقدة.. خاصة بالنسبة إلى طفل يبلغ من العمر 4 سنوات؛ لا يعرف لماذا لن تسمح له بمشاهدة فيديو آخر على موقع يوتيوب، ثم وهو طفل عمره 8 سنوات ينزعج لأنك استدعيته إلى المنزل وعليه ترك اللعب مبكراً، من الصعب تعليم الأطفال عن المشاعر لأنها فكرة مجردة إلى حد ما، ولأنه من الصعب وصف شعورك بالحزن أو الخوف أو الإثارة، لكن سنحاول من خلال هذا المقال تقديم بعض النصائح لتعلم طفلك كيفية التعبير عن مشاعره.
طرق تعليم الأطفال حول مشاعرهم والتعبير عنها
من المهم أن تبدأ تعليم الأطفال عن عواطفهم في أقرب وقت ممكن، لأن مشاعرهم تؤثر على كل خيار يتخذونه، ومن غير المرجح أن يتصرف الأطفال الذين يفهمون عواطفهم؛ عن طريق استخدام نوبات الغضب والعدوان والتحدي للتعبير عن أنفسهم، فالطفل الذي يمكن أن يقول: "أنا غاضب منك"، هو أقل عرضة للتعبير عن غضبه بضربك أو ضرب نفسه، والطفل الذي يمكن أن يقول: "هذا يضر بمشاعري"، هو أفضل استعداداً لحل مشكلاته بسلام، ويمكنك أن تتبع لتعليم طفلك حول مشاعره الطرق التالية:
- تعليم طفلك كلمات المشاعر البسيطة: علّمه كلمات الشعور الأساسية في مرحلة ما قبل المدرسة مثل: السعادة والجنون والحزن والخوف، حيث يمكن للأطفال الأكبر سناً الاستفادة من تعلم كلمات شعور أكثر تعقيداً مثل: الإحباط وخيبة الأمل والعصبية، كما تتمثل إحدى الطرق الرائعة لمساعدة الأطفال في التعرف على المشاعر من خلال مناقشة ما قد تشعر به شخصيات مختلفة في الكتب أو البرامج التلفزيونية، توقف مثلاً أثناء قراءة القصة مؤقتاً لتسأل الطفل: "كيف تعتقد أنه يشعر الآن؟"، ثم ناقش مختلف المشاعر التي قد تكون لدى الشخصية وأسباب ذلك برأي الطفل، حيث يعلم الحديث عن مشاعر الآخرين التعاطف أيضاً، كما يظن الأطفال الصغار أن العالم يدور حولهم.. لذا فقد يكون فتح أعينهم ليتعلموا أن الآخرين لديهم مشاعر.. هي تجربة مفيدة أيضاً، وإذا علم طفلك أن دفع صديقه إلى الأرض قد يجعل صديقه غاضباً وحزيناً؛ فسيكون أقل احتمالًا للقيام بهذا السلوك المؤذي.
- إيجاد فرص للحديث عن المشاعر: أظهر للأطفال كيفية استخدام كلمات الشعور في المفردات اليومية، وقم بتوضيح كيفية التعبير عن المشاعر من خلال استغلال الفرص لمشاركة مشاعرك، كأن تقول: "أشعر بالحزن لأنك لا ترغب في مشاركة ألعابك مع أختك اليوم، أراهن أنها تشعر بالحزن أيضاً"، وفي كل يوم اسأل طفلك: "كيف تشعر اليوم؟" ومع الأطفال الصغار استخدم مخططاً بسيطاً ذو وجوه مبتسمة أو حزينة؛ إذا كان ذلك يساعدهم على اختيار شعور ما، ثم ناقش معه هذا الشعور، وتحدث معه عن الأشياء التي تؤثر على مشاعره، ووضح عندما تلاحظ أن لدى طفلك شعور خاص.. على سبيل المثال قل: "أنت سعيد حقًا لأننا سنأكل الآيس كريم اليوم" أو "يبدو أنك تشعر بالإحباط من اللعب بهذه اللعبة".
- علم طفلك كيف يتعامل مع المشاعر: يحتاج الأطفال إلى تعلم ذلك، ولمجرد أنهم يشعرون بالغضب لا يعني أنهم يستطيعون ضرب شخص ما، بدلاً من ذلك يحتاجون إلى تعلم مهارات إدارة الغضب حتى يتمكنوا من حل النزاع بسلام، علّم طفلك بشكل استباقي كيفية التعامل مع المشاعر غير المريحة، وشجع طفلك على قضاء وقت خاص به، يمكن أن تشجعه على الذهاب إلى غرفته أو مكان هادئ آخر في المنزل عندما ينزعج، هذا يمكن أن يساعده على تهدئة مشاعره قبل أن يكسر قاعدة سلوكية ويرتكب أذى ما، وعلم طفلك طرقاً صحية للتعامل مع المشاعر الحزينة أيضاً، إذا شعر طفلك بالحزن لأن صديقه لن يلعب معه، فتحدث عن الطرق التي يمكنه من خلالها التعامل مع مشاعره الحزينة، وفي كثير من الأحيان لا يعرف الأطفال ما يجب عليهم فعله عندما يشعرون بالحزن حتى يتبعوا سلوكاً عدوانياً أو يبحثون عن الاهتمام.
- تعزيز الطرق الإيجابية للتعبير عن المشاعر: تعزيز السلوك الجيد مع وجود نتيجة إيجابية، من خلال مدح طفلك على تعبيره عن مشاعره بطريقة مناسبة اجتماعياً بقول أشياء مثل: "أنا أحب الطريقة التي استخدمت بها كلماتك عندما أخبرت أختك أنك غاضبة منها"، هناك طريقة أخرى رائعة لتعزيز العادات الصحية وهي استخدام نظام المكافآت، على سبيل المثال: يمكن لمكافئة اقتصادية رمزية أن تساعد الطفل على ممارسة استخدام استراتيجيات المواجهة الصحية، عندما يشعر بالغضب بدلاً من أن يصبح عدوانياً.
- نموذج الخيارات الصحية: إذا أخبرت طفلك أن يستخدم كلماته عندما يكون غاضباً ولكنه يشاهد أنك ترمي هاتفك بعد مكالمة مزعجة؛ فلن تكون كلماتك فعّالة، لذا اتبع أنت شخصياً نموذج طرق صحية للتعامل مع المشاعر غير المريحة، أشر إلى الأوقات التي تشعر فيها بالغضب أو الإحباط وقلها بصوت عالٍ: "واو، أنا غاضب من زميلتي في العمل التي ترمي مهامها على عاتقي غالباً"، ثم خذ نفساً عميقاً أو صمم مهارة صحية أخرى حتى يتمكن طفلك من تعلم كيفية التعرف على المهارات، التي تستخدمها عندما تشعر بالغضب.
- علّم طفلك خلال اللحظات المناسبة: ستحتاج إلى العمل مع طفلك على العواطف طوال طفولته، بما في ذلك سنوات المراهقة... ومن المهم أن تستمر في إجراء محادثات مستمرة حول كيفية التعامل مع المشاعر بطريقة صحية، عندما يرتكب طفلك خطأ أو يغضب أو يستسلم للبكاء عندما يكون محبطاً؛ فاعتبرها فرصة لتعليمه كيفية القيام بعمل أفضل في المرة القادمة، ابحث عن لحظات قابلة للتعلم (وتذكر أنه سيكون هناك الكثير منها) لمساعدته في العثور على طرق صحية للتعامل مع مشاعره.
ما يمكنك القيام به لمساعدة طفلك على تطوير مهاراته العاطفية
فيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها مساعدة طفلك في التعرف على مشاعره والتعبير عنها بطرق صحيحة وباستخدام مهارات حياتية ضرورية لحياته الآن وفيما بعد:
الاستماع إلى الطفل: في بعض الأحيان قد يكون من الصعب تحديد المشاعر، تابع مشاعر طفلك من خلال النظر إلى لغة جسده، كذلك الاستماع إلى ما يقوله ومراقبة سلوكه.. لمعرفة ما يشعر به، ولماذا يمكنك مساعدته على تحديد تلك المشاعر والتعبير عنها وإدارتها بشكل أفضل.
وراء كل سلوك شعور: حاول أن تفهم المعنى والشعور وراء سلوك طفلك، حيث يمكنك مساعدة طفلك على إيجاد طرق أخرى للتعبير عن هذا الشعور؛ بمجرد أن تعرف ما الذي يدفع سلوكه.
قم بتسمية المشاعر: ساعد طفلك على تسمية مشاعره عن طريق وضع هيكل لأغصان شجرة (يمكنك صنعه من الكرتون وإعطائه ملصق على شكل ورقة الشجر؛ ليكتب عليه ماذا يشعر ويعلقه على الغصن، وإذا كان الطفل في سن ما قبل القدرة على الكتابة، يمكنك أن تعرض عليه مجموعة من الملصقات التي ترسم عليها وجوه تعبر عن المشاعر المختلفة)، لأن تسمية المشاعر هي الخطوة الأولى في مساعدة الأطفال على تعلم كيفية التعرف عليها، إنها تتيح لطفلك تطوير مفردات عاطفية حتى يتمكن من التحدث عن مشاعره.
تحديد المشاعر لدى الآخرين: كما قلنا أعلاه من خلال توفير الكثير من الفرص لتحديد المشاعر لدى الآخرين، قد تطلب من طفلك التفكير فيما قد يشعر به شخص آخر، كما تُعد الرسوم الكاريكاتورية أو الكتب المصورة طريقة رائعة لمناقشة المشاعر، وتساعد الأطفال على تعلم كيفية التعرف على مشاعر الآخرين من خلال تعبيرات الوجه.
كن نموذجاً يحتذى به: يتعلم الأطفال عن المشاعر وكيفية التعبير عنها بشكل مناسب من خلال مشاهدة الآخرين وأنتم الوالدين بداية، حيث لا بد أن تُظهر لطفلك ما تشعر به حيال المواقف المختلفة وكيف تتعامل مع تلك المشاعر، لذا تحدث عن مشاعرك الخاصة، كن نموذجاً جيداً وأظهر لطفلك كيفية التعبير عن مشاعره، استخدم الكلمات التي سيفهمها وإخباره بما تعنيه عند تقديم كلمة "شعور". يمكنك أن تقول "أشعر بالحزن الشديد لأن أبي قد رحل لبضعة أيام - أفتقده" أو "أشعر بالغضب لأن لا أحد يساعد في الأعمال المنزلية - لقد سئمت من فعل كل شيء بنفسي"، الآن يعرف ما تشعر به ولماذا تشعر به، هذه فرصة تعلم ممتازة له.
شجع وامدح الطفل: امتدح طفلك عندما يتحدث عن مشاعره أو يعبّر عنها بطريقة مناسبة، إنه لا يظهر فقط أن المشاعر طبيعية وأنه من الجيد أن نتحدث عنها.. بل يعزز السلوك الجيد ومن المحتمل أن يكرره.
استمع إلى مشاعر طفلك: كن موجوداً وقاوم الرغبة في إبعاد مشاعر طفلك السلبية (الحزن والإحباط والغضب)، وادعم طفلك للتعرف على مشاعره والتعبير عنها حتى يتسنى لك سماعها، لأنه عندما يتم التقليل من أهمية المشاعر أو استبعادها؛ سيتم التعبير عنها غالباً بطرق غير صحية، بطبيعة الحال تجنب قول أشياء مثل "توقف عن الأنين" أو "لا تجرؤ على فقدان أعصابك معي أيها الصغير"، سيؤدي هذا فقط إلى قيام الطفل بتكوين اعتقاد بأنه لا يستحق الاهتمام، كما سيؤدي إلى تدني احترام الذات وعدد كبير من المشاكل.
اضبط احتياجات طفلك: غالباً ما يتم إساءة فهم الأطفال الصغار وسيستمرون في نوبات الغضب الكبيرة التي يصعب تحملها، لذا حاول التزام الهدوء أثناء نوبة غضبه، إنها مجرد مرحلة عادية ومن الجيد أن تعرف أن طفلك يشعر بالأمان الكافي للتعبير عن نفسه، إذا كنت لا تفهم ما يحاول طفلك أن يخبرك به، فقم بالنظر مباشرة وبحنان في عينيه، حيث سوف تعبر عيون الأطفال الصغار أكثر مما تدرك، وستكون بمثابة دليل رئيسي على ما يجري في أذهانهم.
في النهاية.. تعليم طفلك عن عواطفه سيساعده على أن يصبح قوياً نفسياً وعقلياً، والأطفال الذين يفهمون عواطفهم ولديهم مهارات التأقلم للتعامل معها، سيكونون واثقين من أنهم قادرين على التعامل مع كل ما يتعرضون له في طريقهم.