كيف تبني شخصية طفلك؟ أسرار تكوين شخصية الطفل
تختلف طباع الأطفال وأفكارهم وتصرفاتهم تبعاً لشخصياتهم المختلفة، فلكل طفل مواصفاته التي تختلف عن غيره من الأطفال بالرغم من وجود بعض العوامل المشتركة بينهم. يعاني الكثير من الأهل من مشكلة شخصية أطفالهم، فمنهم من هو العدواني ومنهم الخجول ومنهم الساخر. سنقوم في هذا المقال بالتحدث عن العوامل التي تؤثر بشكل مباشر في شخصية طفلك، كما سنتحدث عن الطرق التي يمكن أن تساعدكم في بناء وصقل شخصية أطفالكم، إضافة إلى الأسلوب التربوي الأمثل للتأقلم مع شخصية الطفل، تابعوا معنا.
كيف تخلق شخصية طفلك؟ ما هي الأمور التي تلعب دوراً في بناءها؟
لطالما راود الآباء والأمهات السؤال ذاته: كيف يكوّن طفلي شخصيته؟ فالشخصية لا تخلق من العدم حتماً، بل تنتج عن مجموعة من المؤثرات المباشرة وغير المباشرة في حياة الطفل. هنالك العديد من الأمور التي تلعب دوراً في تنمية شخصية الطفل، يختلف تأثيرها ومداها من طفل لآخر، إلا أنها بكل تأكيد مؤثرة في كل طفل. تعرفوا معنا على هذه العوامل.
البيئة
إن البيئة التي ينمو بها الأطفال لها بعض التأثير على نوعية الخصائص التي تحملها الشخصية التي يطورها الطفل بكل تأكيد. إن كانت العائلة التي ينمو بها الطفل تعاني من صراعات مزمنة شديدة يشهدها الأبناء بأم أعينهم، فمن المرجح أن يصبح الطفل انطوائي وأكثر عرضة للـتأثر بالنزاعات والضغوطات مع تقدمه في السن. وعلى سبيل المثال، إن كانت الأسرة غير متماسكة ومفككة بعض الشيء، من المرجح أن يكون الطفل مندفع وأكثر عرضة للمشاكل من الأطفال الذين ينتمون إلى أسر أكثر انسجاماً.
ترتيب الولادة
من الممكن أن يكون لترتيب الولادة عند الأطفال تأثيرات كبيرة على سمات شخصيتهم عند استمرارهم في التقدم بالسن، خاصة إن كان عمر أشقائهم قريب لعمرهم. حيث تبيّن أن المواليد الأكبر سناً يتحمّلون مسؤولية أكبر من الأخوة الأصغر سناً، وهو ما يرتبط على الأرجح بأسلوب الأبوة والأمومة المختلف مع الولد الأول ومن يليه، حيث يكون الأهل غالباً خلال تربيتهم للطفل الأول أكثر رغبة بالوصول إلى الكمال في التربية. إضافة إلى ذلك، يميل الطفل الأوسط بين أخوته إلى الضياع في مزيج الأسرة، حيث يكون في معظم الأحيان أكثر انطوائية من غيره.
العوامل الوراثية
تلعب التأثيرات الوراثية دوراً مهماً في تطوير سمات شخصية الطفل، حيث يمكن أن تؤدي التشابهات الوراثية بين الأسرة (الأب والأم) والطفل لأن يكون الطفل على صعيد طباعه يشبه والديه.
كيف يمكنك أن تقوم بمساعدة طفل في بناء وصقل شخصيته؟
يعتقد العديد من أولياء الأمور أن إلقاء المحاضرات على أطفالهم حول ما يجب عليهم فعله وما لا يجب عليهم أن يفعلوه ضمن فترات زمنية منظمة هو الطريقة الأمثل للتأثير على شخصيتهم. لا يلتقط لأطفال أي قيم من هذه المحاضرات التي لا تنتهي، إلا أنهم يلتقطونها من خلال سلوككم. لذلك، الطريقة الأفضل لمنح أطفالك تنشئة جيدة وسمات شخصية إيجابية ومميزة، هي من خلال سلوكياتك وبعض الأعمال اليومية الصغيرة. سنقوم فيما يلي بالتحدث عن بعض الطرق التي يمكن أن تساعدكم.
- ابقوا بعيدين عن التصنيفات اللفظية
يمكن للكلمات أن تغيّر العالم! يقوم بعض الأهالي بوصف أطفالهم بصفات وكلمات معينة نتيجة بعض السلوكيات التي يقومون بها دون أن يشعروا بأن كلمات كهذه تؤثر فعلاً على هؤلاء الأطفال وتجعلهم يفكرون فيما كانوا هم فعلاً كما وصفهم آبائهم. قد تؤدي الكلمات السيئة إلى تدني احترامهم لذواتهم كما تؤدي إلى نقل هذه الكلمات إلى الأشخاص الآخرين في محيطهم. ابقوا حذرين في انتقائكم للكلمات كي لا تفسدوا تربيتهم، خاصة عندما تقومون بتصحيح أخطاء أطفالكم.
- عليكم أن تكونوا مستمعين جيدين
يتوق الأطفال إلى الاهتمام طوال الوقت، حيث يصبح الطفل مع نموه أكثر استقلالية. يميل الأطفال في سن ما قبل المدرسة إلى التعبير عن أنفسهم بشكل أكبر عن طريق التحدث، خاصة خلال الوقت الذي تتطور فيه مهاراتهم اللغوية. واجبكم كآباء هو أن تعطوا أطفالكم من وقتكم، كي تسمعونهم ليشعروا بالثقة والأمان ويطورون ثقتهم بأنفسهم أيضاً.
- تعاملوا بلطف مع عيوبهم
يتوقع الكثير من الآباء أن يتفوّق أطفالهم في كل ما يفعلونه. عندما لا تطابق نتائج الأطفال توقعات الأهل، يقوم الأهل بالتعبير عن خيبة أملهم اتجاه طفلهم من خلال العديد من طرق العقاب التي تشعرهم بعدم كفاءتهم. لكل طفل قدرة فريدة، وعليكم كأهل أن تقوموا بتشجيع وتنمية هذه القدرات والمواهب، من خلال تقديم المساعدات اللطيفة التي من شأنها أن تحسن من التقصير دون أن تقلل من ثقة الطفل بنفسه.
- امتنعوا عن المقارنة
إن مقارنة أطفالك بالأصدقاء أو الأقارب أو الجيران أو بأي شخص يمكن أن يحدث الكثير من الضرر لشخصية طفلك. تقوم المقارنة المستمرة للطفل بشخص ما بإرسال رسالة إلى الطفل تفيد بأنه غير جيد بما في الكفاية. يصاب الأطفال بالارتباك بشأن هويتهم الخاصة ويبدئون بمحاكاة وتقليد الآخرين، لا شك أن احترام فردية الطفل هي الخطوة الأولى والأهم في بناء ثقتهم وتحقيق أفضل النتائج في بناء الشخصية.
- دعوهم يروا نموذج السلوك الصحيح
يتعلّم الأطفال مما يرونه، أكثر مما يسمعون عنه. لذلك يعتبر تنفيذ الأشياء والأفكار التي تدافعون عنها بشكل عملي أمر هام جداً في ترك انطباع دائم لها عند الطفل. بدءاً من الأشياء الصغيرة مثل ترتيب الأغراض على الرف والتهذيب أمام الضيوف، سيقوم الأطفال باتباع ما تقوم بفعله أمامهم. إن كان هنالك أي نفاق أو خلاف في سلوكك، يستطيع الأطفال أن يميزوه بشكل سريع.
- دعوهم يلعبون
انخفض معدل الأطفال الذين يقومون باللعب الحر بين أطفال هذا الجيل بسبب العديد من الأمور. لا تلتزموا بذلك، لا شيء يمكن أن يعلّم القيم مثل المشاركة والرعاية وروح الفريق والمرونة مثل الرياضة واللعب الحر. للأسف، يقوم بعض الآباء في يومنا هذا بحرمان أطفالهم من اللعب الميداني بغرض حمايتهم، إلا أن الجسد السليم يعني العقل السليم بالنسبة للطفل.
- خففوا من استخدام الشاشات
إن المشكلة الرئيسية التي تواجهنا في العصر الجديد هي الهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة المحمّلة بالشاشات. تبيّن أن إمضاء الكثير من الوقت على الهواتف المحمولة يؤثر على التنمية الفكرية والاجتماعية للطفل، حيث تؤدي هذه الألعاب إلى الإدمان وبالتالي إلى التقليل من وقت التفاعل الاجتماعي. اقضوا المزيد من الوقت مع طفلكم في ممارسة الألعاب والأنشطة والسفر، ليكتشفوا التجارب الحقيقية للأشياء المحيطة بهم بدلاً من الأشياء الافتراضية التي يرونها.
كيف تجعل أسلوبك التربوي يتكيّف مع شخصية طفلك؟
بعد أن قمنا بالتحدث عن العوامل المؤثرة في صقل شخصية الطفل وعمّا يتوجب على الأهل فعله لبناء هذه الشخصية، سنقوم في هذه الفقرة بالتكلّم عن الأسلوب التربوي الذي يختلف من أب لآخر من أم لأخرى وتكيّفه مع شخصية طفلكم التي تختلف أيضاً من طفل لآخر، تابعوا معنا هذه النصائح.
- اعرفوا طبع طفلكم
فكروا في سلوك طفلكم المعتاد، فهل يستمتع بلقاء الأشخاص الجدد وتجربة الأشياء الجديدة أم أنه يحتاج لبعض الوقت كي يشعر بالراحة في التعامل مع المواقف الاجتماعية؟ أم أنه يقع في مكان ما في الوسط؟ هل يبدو أن طفلكم يشعر بالأشياء بعمق بدءاً من السعادة الشديدة إلى الغضب الشديد، أم إنه هادئ عموماً؟ كل هذه السلوكيات التي يمارسها طفلك، عليك أن تفكر بها ملياً قبل أن تتعجل في اختيارك لأنماط التربية التي ستطبقها.
- ابدئوا ببناء التفاهم
يقوم طفلك بالعديد من الأنشطة خلال النهار ولا يهداً بينما تقوم أنت بالقيام بالأمور الموجودة على قائمة مهامك، تحب أنت وشريكك أن تقوموا بمقابلة الأشخاص الجدد بينما يفضّل طفلكم البقاء في المنزل. في العديد من الأحيان، لا يوجد أي تطابق بين مزاج الطفل وطبعه وبين مزاج وطبع والديه. يمكن أن يؤدي عدم التطابق هذا إلى حدوث العديد من النزاعات، إلا أنه يجب عليكم أنتم أن تقوموا بالتحلي بالصبر والبحث عن الحلول والتسويات. يمكنكم مساعدة طفلكم المنطوي من خلال إعطائه جميع التفاصيل حول أي نشاط أو زيارة ستقومون بها، أو أن تحاولوا التواجد في التجمعات الصغيرة بدلاً من التجمعات الأكبر، هذا ما يسمى بالحل الوسطي.
- ابقوا احتياجاتكم ورغباتكم بعيدة
إن الأمر الأهم في هذه القائمة هو أن يعرف الأهل أن يفرقوا بين احتياجاتهم ومزاجهم وبين اسلوبهم التربوي. على سبيل المثال، يعتقد بعض الآباء أن طفلهم "يحتاج" إلى المزيد من الأنشطة الاجتماعية، بينما يكون الواقع أنهم هم "يرغبون" بكثرة هذه الأنشطة. عليكم أن تقوموا برسم الحدود بين رغباتكم واحتياجات أطفالكم من أجل المحافظة على الحدود الصحية للعلاقة الأسرية ومن أجل الحفاظ على تفرّد أطفالكم.
- دافعوا عن أطفالكم
تميل ثقافتنا التربوية بشكل عام إلى مكافئة الطفل الهادئ والخاضع، أما إن كنت تمتلك طفلاً ذو طاقة عالية وعاطفة شديدة، فحتماً سيتم الحكم عليك وعليه من قبل الأقارب والأصدقاء. إن فهم خصائص وطباع الأطفال الفريدة من نوعها يتيح لك أن ترى سمات شخصية طفلك كنقاط قوة محتملة. ضع حداً للتعليقات السلبية ودافع عن أطفالك، قل بأنك طفلك يتميز بشخصية مستقلة!
في النهاية، يتميز كل طفل في هذا العالم بشخصيته المتفردة والمميزة، ادعموا هذا التفرد، فمجتمعنا ليس بحاجة إلى نسخ متشابهة وعقول متطابقة. ساعدوا أطفالكم في صقل شخصيتهم المستقلة ومدّوا لهم يد العون من خلال اسلوبكم التربوي الصحيح. في حال راودكم أي سؤال حول هذه الموضوع يمكنكم مراسلة خبراء موقع حلوها.