ثقة المراهقين بمظهرهم الخارجي وأثر وسائل التواصل الاجتماعي

ما الذي يعنيه مفهوم صورة الجسد؟ ما هو تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على صورة الجسد عند المراهقين؟ وكيف يمكن الحد من هذه الآثار السلبية؟
ثقة المراهقين بمظهرهم الخارجي وأثر وسائل التواصل الاجتماعي
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

إن استخدام المراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي هو سلاح ذو حدين، فهي مهمة وفعّالة في حياة المراهقين فيما يتعلّق بالحياة الاجتماعية إلا أنها أيضاً خطيرة ويمكن أن تسبب العديد من المشاكل. في مقالنا هذا سنتناول أحد أهم المشكلات التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي على أبناءنا المراهقين، وهي صورة الجسد السلبية وانعدام ثقتهم بأنفسهم. للتحدث عن هذه المشكلة سنقوم بتحليلها والغوص في تفاصيلها، سنبدأ في تعريف مفهوم صورة الجسد ومن ثم سنقوم بمناقشة المشكلة وسبل حلّها، تابعوا معنا.

ما الذي تعنيه كلمة "صورة الجسد"؟ وأين تكمن أهميتها؟
صورة الجسد هي إدراك الشخص لمظهره الخارجي والأفكار والمشاعر التي تنجم عن هذا الإدراك، أي أن صورة الجسد هي الطريقة التي تنظر فيها إلى مظهرك الخارجي.  يمكن أن تكون هذه المشاعر إيجابية أو سلبية، أي يمكن أن يكون الشخص راض عن مظهره الخارجي أم لا. إن صورة الجسد ليست بالضرورة أمر صحيح ومطابق للواقع، حيث يرى بعض الأشخاص أنفسهم على أنهم بدينين ويحتاجون لإنقاص وزنهم، إلا أنهم بالفعل لا يحتاجون إلى ذلك على الإطلاق. مما يعني أن صورة الجسد ليست إلا شعورك اتجاه جسدك وارتياحك حياله، سواء تعّلق الأمر بوزنك أو بشكل عينيك أو بطولك على سبيل المثال. 
وبما أن صورة الجسد هي ما تفكر به وما تشعر به اتجاه جسدك، فهي لا تتطابق حقاً مع الشكل والحجم الفعلي لجسدك. لذا يوجد نوعين لصورة الجسد، وهما الصورة الإيجابية أو الصحية أو الصورة السلبية أو غير الصحية. يعاني الجميع من مشاكل تتعلق بصورة جسدهم والرضا عن مظهرهم الخارجي، إلا أن الموضوع يصبح أكثر خطورة عندما يتعلّق بالمراهقين. يكوّن معظم المراهقين صورة سلبية أو غير صحية عن جسدهم، أي أنهم لا يشعرون بالرضا عن الطريقة التي يبدون بها ويشعرون بضرورة تغيير شيء ما في مظهرهم. بعض المراهقين يمتلكون بالطبع صورة جسد إيجابية وصحية، إلا أن موضوعنا في هذا المقال هو عن الصورة السلبية للجسد عند المراهقين.
 

animate

كيف تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على رضا المراهقين بمظهرهم الخارجي؟
وفقاً لمركز الحلم الأمريكي الجديد، يتعرّض الأطفال والمراهقين لأكثر من 25000 إعلان موجه لهم سنوياً، حيث تنفق الشركات أكثر من 17 مليار دولار لمجرد تسويق صورها ومنتجاتها لمراهقين. تخبرنا هذه الإحصائية بأرقامها الهائلة أن دور وسائل التواصل الاجتماعي في نظرة المراهقين لأجسادهم ليس ثانوياً على الإطلاق، بل هو أساسي وخطير للغاية. 
وجد أحد التقارير الذي قامت به الجمعية الطبية البريطانية والذي درس تأثير وسائل التواصل الاجتماعي أن هذه المواقع تستطيع أن توجه طريقة تفكير المراهقين حول أجسادهم ومظهرهم الخارجي مما يتسبب في العديد من المشاكل النفسية والصحية أهمها اضطرابات الأكل (حرمان المراهق لنفسه من تناول الطعام من أجل الحصول على جسد "مثالي"). سنقوم في هذه الفقرة بمناقشة هذه الفكرة بالتفصيل. 

- تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على صورة الجسد عند المراهقات الإناث
تشير مجموعة من التقارير والدراسات والاحصائيات في مقدمتها تقرير المركز الوطني لاضطرابات الأكل أن وسائل الإعلام بشكل عام ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص لا تجعل الفتيات المراهقات يشعرن بالحاجة لأن يكن أصغر حجماً، بل تساعدهن على الشعور بأنهن أكبر حجماً مما هن عليه. إن شعرت هؤلاء الفتيات بأنهن كبيرات الحجم فسيرغبن في إنقاص وزنهن مما يعني أنهن من المحتمل أن يصبن باضطراب الأكل. هذا التأثير الخطير ليس الوحيد الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الموضوع.
تساهم الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي في إقناع الفتيات المراهقات بأن عادات الأكل الخاطئة علمياً وطبياً هي عادات صحيحة مما يؤثر سلباً على صحتهم بالضرورة. كما تساهم الصور التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي للفتيات العارضات بشعور هذه الفتيات بأنهم يفتقرون إلى أمور لا يمتلكنها للوصول إلى "المثالية في الجمال" وهي مفهوم لا صحة له على الإطلاق. كما تساهم هذه المواقع في إقناع الفتيات بأن تلك العارضات اللواتي يتمتعن بأجساد "مثالية" وجمال "خارق" لديهن حياة مثالية، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق إلا أنه منتشر وخصوصاً على موقع الانستاغرام. 

- تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على صورة الجسد عند المراهقين الذكور
يعتقد الكثير من الناس أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على صورة الجسد عند الفتيات المراهقات وحسب، إلا أن هذا الأمر هو خطأ شائع. لا تؤثر هذه المواقع على الفتيات وحدهنّ بل يواجه المراهقين الذكور ذات الضغوطات بشكل آخر. يشعر الفتيان المراهقين بقلة الاحترام لذاتهم ولشكلهم الخارجي عندما يرون الصور التي تسوّق لها الشركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشعرون بأن أجسادهم غير "كاملة" وأنه من الممكن فعلاً الوصول إلى "الكمال". 
تقوم وسائل التواصل الاجتماعي بالتسويق لصورة محددة للذكور، يرغب الفتيان المراهقين عند رؤيتها بالحصول على جسد كالجسد الذي في الصورة. حيث تحدد هذه المواقع سمات معينة على الذكور أن يصلوا إليها وإلا لن يتمتعوا بجسد "مثالي". تشمل هذه السمات ما يسمى بالـ Six packs وهي عضلات المعدة الستة التي تظهر على عارضي الأزياء، إضافة إلى وجوه خالية من حب الشباب، الأمر الذي يستحيل الوصول إليه في سن المراهقة. إضافة إلى الأجساد فارعة الطول، والتي لا يمكن الحصول عليها إلا جينياً، وعضلات الأكتاف واليدين. تنظر وسائل التواصل الاجتماعي للمراهقين الذكور الذين لا يمتلكون هذه الصفات على أنهم "قبيحين" أو "غير كاملين"، لذا يلجأ العديد من المراهقين إلى إرهاق أنفسهم بالرياضة الشديدة والمنشطات والحميات الغذائية السيئة.
 

كيف تقوم بالابتعاد عن السلبية التي تنشرها وسائل التواصل الاجتماعي عبر منصاتها؟
هنالك بعض الأخبار الجيدة وبعض الأخبار السيئة التي علينا أن نخبرك بها. الخبر السيء هو أننا لا يمكن أن نقوم بحل هذه المشكلة واقتلاعها من جذورها ببساطة وبين ليلة وضحاها. أما الخبر الجيد فهو أنه يمكننا أن نقوم ببعض الإجراءات التي من شأنها أن تخفف من وطئ هذه المشكلة في سبيل حلها مع الوقت. اليكم بعض الحلول.

- الحد من التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي
بما أن نتائج الدراسات أثبتت أن السبب الأكبر في مشكلة صورة الجسد السلبية عند المراهقين هي مواقع التواصل الاجتماعي، وبما أن تأثير هذه المواقع هو صلب موضوعنا، علينا إذاً أن نبدأ الحل من هذه النقطة. ننصح المراهقين جميعاً ذكوراً وإناثاً أن يحدوا من مقدار الوقت الذي يسرفونه على هذه المواقع، كما ننصح الأهل الذين يلاحظون ظهور هذه المشكلة على أبنائهم أن يقوموا بمساعدتهم في التخفيف من الساعات الطويلة التي يقضونها على هذه المواقع.

- توقف عن مقارنة نفسك مع الآخرين
لن تشعر عزيزي القارئ بالسعادة والرضا عن النفس أبداً إن قمت بمقارنة نفسك بالآخرين، خصوصاً أولئك العارضين والعارضات الذين تظهر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي. إن أردت أن تقوم بحل مشكلة صورة جسدك السلبية، عليك أن تحسن من ثقتك بنفسك عن طريق عدم مقارنة نفسك بأحد. تذكر دوماً أنه لا يمكنك مقارنة نفسك بما هو "غير حقيقي".

- قم بممارسة الرياضة
إن النشاط البدني والتمارين الرياضية هم أفضل الطرق المفيدة لصحتك البدنية وسلامتك العقلية والنفسية. عند ممارستك للرياضة يقوم دماغك بإفراز هرمون السعادة الذي يساعدك على تجاهل المقارنات السيئة والوصول إلى صورة جسد أكثر إيجابية. إذاً مارس الرياضة بانتظام كي تصل إلى المرحلة التي تحترم بها ذاتك وتشعر فيها بالرضا عن صورتك الجسدية ومظهرك الخارجي.

- انسَ وسامح
في بعض الأحيان يكون السبب في أن الصورة الجسدية الخاصة بك مليئة بالسلبية هي أن أحد ما في الماضي قام بالتعليق على مظهرك الخارجي بشكل سلبي سيء. الكلمات قد تكون مؤذية أكثر من أي شيء آخر، إلا أنك إن أردت أن تتخطى هذه المشكلة عليك أن تنسى من أذاك وأن تسامح الآخرين على كلماتهم السيئة ولا تسمح لهم بالاستمرار في مضايقتك.

- الجأ إلى الطبيب المختص
قد تتطور هذه المشاكل لتصبح خطيرة للغاية على صحتك النفسية أو على صحة ابنك المراهق النفسية، لذا يكمن الحل في اللجوء إلى مساعدة الطبيب المختص أو علماء النفس لمساعدتك على تخطي هذه المشكلة. إن الحلول العلمية هي دوماً الأفضل، لذا احرص على المتابعة المهنية مع طبيبك المختص.

- خذ قضايا احترام الذات بجدية 
هنالك العديد من المشاكل في العالم اليوم، إن كنت تعتقد بأن تدني احترام الذات ليس واحد منهم فأنت حتماً مخطئ. يمكن أن تؤدي الصورة السلبية للجسم وتدني احترام الذات إلى مشكلات أخرى تتعلق بالصحة العقلية مثل القلق والاكتئاب. ينبغي أن تؤخذ هذه المسألة على محمل الجد، تعمل بعض المجموعات على محاولة تغيير الطريقة التي تصوّر بها وسائل تواصل الاجتماعي الأشخاص بطريقة غير واقعية. ومع ذلك، إن كنت تعاني في الوقت الحالي من هذا الأمر بصمت، اكسر صمتك وتواصل مع أحد لتحصل على المساعدة التي تحتاجها.

في النهاية، تقوم وسائل التواصل الاجتماعي بإجبارنا على رؤية الأكاذيب والأمور غير الواقعية، وقد حان الوقت للتوقف عن تصديقها ومتابعتها دون تعقّل. لا تترك أي شيء يؤثر سلباً على حياتك، فما بالك هذه الشركات التي تدس السم بالعسل عن طريق الصور والمنتجات التي تروج لها في سبيل جعلك عبداً لصورة لا تمت للواقع بصلة من أجل أن تشتري منتجاتها. في حال راودكم أي استفسار حول هذا الأمر أو في حال كنت تحتاج إلى المساعدة يمكنك التواصل مع خبراء موقع حلوها