طريقة قياس ضغط الدم
يعد قياس ضغط الدم بشكل يومي متكرر أمراً روتينياً في حياة مرضى ارتفاع الضغط خصوصاً أولئك الذين يبدؤون العلاج حديثاً، إذ يطلب الطبيب منهم قياس ضغط الدم لأكثر من مرة خلال اليوم (لاسيما بعد الاستيقاظ مباشرةً وقبل النوم) وذلك للتأكد من جدوى العلاج واستجابة الجسم للدواء أو إمكانية الاضطرار إلى تبدليه في حال بقي الضغط مرتفعاً رغم تناول الدواء بانتظام، كثيراً ما يتساءل هؤلاء المرضى وذووهم عن الطريقة الصحيحة لأخذ قياس الضغط والطرق المستخدمة في ذلك، سنتحدث في هذا المقال بشيء من التفصيل عن مفهوم ضغط الدم وقيمه الطبيعية بالإضافة إلى أجهزة القياس المتوافرة و كيفية استخدامها.
ما هو تعريف ضغط الدم؟ وما هي القيم الطبيعية له؟
يعرف ضغط الدم بأنه مقدار القوة التي يضغط بها الدم المتدفق على جدران الأوعية الدموية، ويترجم ذلك على جهاز الضغط بالطريقة التالية: القيمة التي يسجلها ميزان الضغط أثناء انقباض عضلة القلب ودفعها الدم إلى الأوعية تدعى (الضغط الانقباضي Systolic pressure) أما القيمة الأخرى التي تعبر عن الضغط الذي يحافظ عليه الدم داخل الأوعية أثناء انبساط عضلة القلب فتدعى (الضغط الانبساطي Diastolic pressure).
يعبر عن قيمة ضغط الدم على شكل كسر حده العلوي هو قيمة الضغط الانقباضي وحده السفلي قيمة الضغط الانبساطي ويقاس الضغط بواحدة هي الميللي متر الزئبقي (ملمز) اختصاراً وتتراوح القيمة الطبيعية لضغط الدم لدى الإنسان البالغ ما بين 60 إلى 80 ملم زئبقي بالنسبة للضغط الانبساطي و 90 إلى 120 للضغط الانقباضي.
ما هي الأجهزة المستخدمة لقياس الضغط؟ وما هي الطريقة الصحيحة لاستخدام كل منها؟
تختلف طريقة قياس ضغط الدم باختلاف الجهاز المستعمل لهذا الغرض، وبشكل عام ينتشر في الوقت الحالي نمطان من الأجهزة:
1- جهاز الضغط اليدوي الهوائي: يعتبر من أكثر الأجهزة انتشاراً خصوصاً في المنازل وأسهلها استخداماً يتكون عادة من سماعة طبيب، كم من القماش يلف حول ذراع المريض، مضخة هواء صغيرة مهمتها ضخ الهواء إلى داخل الكم ونفخه كي يضغط على الذراع بالإضافة إلى ساعة مدرجة بأرقام ومؤشر عليها يتحرك مع ضخ الهواء، وتتجلى طريقة استخدامه كالتالي:
- قبل البدء بقياس الضغط يطلب من المريض الجلوس على الكرسي والاسترخاء ووضع يده المستعملة للقياس في مستوى قلبه، ويكون من الضروري الانتظار لمدة عشر دقائق قبل البدء بقياس الضغط في حال كان المريض يصعد السلالم أو يقوم بأي نشاط جسدي قبل الخضوع للفحص.
- ثم يلف الكم حول ذراع المريض بشكل معتدل دون شد مفرط بحيث تكون الحافة السفلية للكم أعلى من حفرة المرفق ويتم ضخ الهواء عبر المضخة الموصولة بكم القماش حتى ينتفخ.
- يبدأ الفاحص بعدها بإرخاء صمام المضخة ببطء والسماح للهواء بالخروج تدريجياً والإصغاء بالوقت ذاته إلى السماعة.
- أثناء الإصغاء وعند صوت دقات القلب لأول مرة يقرأ الفاحص الرقم الذي تشير إليه تدريجة الميزان والذي يعبر عن الضغط الانقباضي.
- يستمر الفاحص بإرخاء الصمام ببطء حتى اختفاء صوت دقات القلب وتكون التدريجة التي اختفى عندها الصوت هي قيمة الضغط الانبساطي.
- من المفضل عند المرضى الذين سبق وشخص لهم ارتفاع في الضغط أن يقوم الفاحص بقياس الضغط في كلتي اليدين في كل مرة وأخذ قياس وسطي للنتيجتين لتكون النتيجة أدق في مثل هذه الحالة.
2- جهاز الضغط اليدوي الزئبقي: يشبه هذا الجهاز إلى حد كبير جهاز الضغط الهوائي في غالبية المكونات وطريقة الاستخدام لكنه يختلف عنه باستبدال الساعة المدرجة بعمود مدرج بخطوط مرقمة متتالية يحوي على الزئبق الذي يرتفع مستواه داخل العمود تبعاً لكمية الهواء التي يتم ضخها ومن ثم إخراجها من الكم.
3- جهاز قياس الضغط الالكتروني: يتألف الجهاز من كم من القماش يوضع على العضد أو معصم اليد وساعة رقمية تظهر عليها قيم ضغط الدم.
تتميز هذه الأجهزة عن الأجهزة اليدوية بسهول استعمالها من قبل اليد غير الخبيرة كما يمكن للمريض بواسطتها قياس الضغط بنفسه وهي ميزة تجعلها مرغوبة لدى الكثير من المرضى بالإضافة إلى تزويد بعضها بشاشة يظهر عليها عدد دقات القلب أيضاً، إلا أنها لا تتمتع بالدقة ذاتها التي تمتاز بها الأجهزة اليدوية لذلك لا بد من مقارنة نتائجها مع نتائج الأجهزة العادية من فترة لأخرى لضمان دقة النتائج التي يقدمها الجهاز الالكتروني.
ما الذي يمكن أن يساعد في تقليل حدوث الخطأ أثناء قياس الضغط؟
قد يظن البعض أن الخطأ البسيط الذي لا يتجاوز تدريجتين على جهاز الضغط ليس بالأمر المقلق، وهو في الحقيقة كذلك إذا حدث لمرتين أو ثلاث، لكنه يتحول إلى مصدر للقلق وخطأ جسيم إذا استمر على المدى البعيد، فهناك فرق بين اعتبار ضغط المريض مستقراً بينما هو في الحقيقة مرتفع قليلاً على مدى سنة مثلاً، لما له من أثر سيء على صحة المريض وصحة قلبه وأوعيته لذلك سنتحدث عن بعض النصائح التي يمكن عبر تطبيقها الحصول على فحص مثالي لضغط الدم:
- الابتعاد عن شرب القهوة والشاي وغيرها من المشروبات الحاوية على الكافيين أو تناول أطعمة غنية بالملح والبهارات وكذلك تدخين السجائر لمدة لا تقل عن نصف ساعة قبل البدء بالفحص.
- اختيار الكم المناسب لكل مريض بحسب عمره ووزنه وبالتالي بحسب حجم ذراعه فالكم الفضفاض قد يعطي قيم أدنى للضغط مما هي عليه، وعلى العكس يفعل الكم الضيق والمشدود على الذراع بإحكام.
- وضع الكم على جلد العضد مباشرة دون وجود أكمام الملابس والانتباه إلى ضرورة أن يغطي الكم 80% من مساحة العضد.
- الالتزام بالهدوء وعدم التكلم مع الفاحص أو المريض أثناء الفحص لكي لا يشوش الكلام على صوت دقات القلب فيسمعها الفاحص بعد أن تبدأ بفترة وليس على الفور وبالتالي تعطي قيماً أدنى للضغط مما هي عليه.
- إن كنت ممن يكرهون الجو العام للمشافي وعيادات المرضى أو يشكون من التوتر عند رؤيتهم للطبيب أو تعرضهم للفحص الطبي أو ما يدعى (رهاب المريول الأبيض) لا بد من إخبار طبيبك بذلك قبل بدء الفحص لكي يأخذ بعين الاعتبار أن القيم المرتفعة بشكل بسيط لضغط دمك ليست دلائل مرضية بل ناتجة في الحقيقة عن توتر بسيط بسبب تواجدك أمام الطبيب.
- في حال كانت قيم الضغط المقاسة مرتفعة ولو قليلاً أو شك الفاحص بأن نتيجة الفحص ليس دقيقة يجب إعادة الفحص على الذراع الأخرى أو الذراع نفسها لكن بعد الانتظار فترة من الزمن وليس مباشرةً للتأكد من النتيجة التي تم الحصول عليها في المرة الأولى.
ما هي الأعراض التي يجب أن تدفعك لكي تطلب من الطبيب قياس ضغطك؟
يعد ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض الخطيرة التي يُغفل تشخيصها لدى الكثيرين لفترة طويلة قبل أن يتطور الأمر ويزداد سوءاً ليراجع المريض طبيبه بسبب الأعراض الصارخة وعواقب المرض، لذلك سوف نذكر هنا بعض الأعراض التي تنذر بارتفاع الضغط والتي تستدعي زيارة الطبيب وإجراء قياس دقيق للضغط:
- صداع شديد ومعند على المسكنات غالباً يتركز في المنطقة خلف الرأس (المنطقة القفوية من الرأس).
- تشوش الرؤية المفاجئ والمؤقت الذي يزول بعد الاستلقاء أو الراحة دون وجود مشاكل في الرؤية سابقاً أو ارتداء نظارة طبية.
- الشعور بضيق في النفس أو ألم في الصدر خصوصاً بعد بذل مجهود متعب جسدياً وزوال هذا الألم بالراحة.
- الشعور بتسارع دقات القلب المفاجئ أو ازدياد شدتها دون القيام بمجهود يتطلب ذلك مثل الجري أو صعود السلالم.
عند الشعور بواحد أو أكثر من الأعراض السابقة لا بد من طلب الاستشارة من الطبيب وإجراء قياسات دورية للضغط لكشف المشكلة باكراً في حال وجودها واختيار طريقة العلاج التي تختلف من مريض لآخر بحسب سبب ارتفاع الضغط، عمر المريض وحالته الصحية والأمراض الأخرى المرافقة.
وختاماً.. يبقى ارتفاع ضغط الدم أحد أبرز أمراض العصر ولعلها الأكثر خطورة نظراً لقلة الأعراض بل غيابها في كثير من الأحيان وهو ما أدى إلى تسميته بالقاتل الصامت، لذلك يتوجب على الجميع ممن تجاوزوا سن الرابعة والخمسين مراقبة ضغط الدم لديهم بشكل مستمر في كل زيارة للطبيب إضافة لمراقبته في المنزل وقياسه بشكل دقيق باستعمال جهاز ضغط مناسب.