أسباب وأعراض الحمل خارج الرحم وعلاج الحمل الهاجر
يقوم المبيض في كل دورة شهرية بإطلاق بويضة فيما يسمى عملية الإباضة، تطلق هذه البويضة ضمن قناة فالوب (البوق) حيث يتم تخصيبها من قبل حيوان منوي لتشكل البيضة الملقحة التي تسير عبر هذه القناة لتصل إلى الرحم لتنغرس فيما يسمى عملية التعشيش وينتج عن عملية الزرع الناجحة هذه الحمل(pregnancy)؛ فما هو الحمل خارج الرحم وكيف يحدث؟ وما هي أسباب وأعراض الحمل خارج الرحم وكيف يتم التعامل معه؟
يكون مكان التعشيش في الحمل الطبيعي هو الرحم بينما يمكن في بعض الحالات أن يتم الانغراس في مكان ما خارج الرحم وهو ما يسمى الحمل الهاجر (ectopic pregnancy)، تحدث معظم حالات الحمل خارج الرحم هذه ضمن قناة فالوب وهو ما يطلق عليه عادة الحمل البوقي، وفي حالات نادرة تذهب البيضة الملقحة وتعشش في المبيض أو قرن الرحم (الطرف العلوي من الرحم) أو عنقه أو حتى خارج الجهاز التناسلي مثل النسيج الضام الذي يغلف أحشاء البطن.
لا يمكن للبيضة الملقحة أن تنجو خارج الرحم كما قد تشكل خطراً حقيقاً على صحة الأم وحياتها لذا يجب معالجة هذه الحالة وإنهاء الحمل لتجنب ما قد ينتج عن ذلك من أضرار تمس الخصوبة والحمل لاحقاً.
كيف يمكن للحمل الهاجر أن يتظاهر؟
يمكن ألا يتظاهر الحمل خارج الرحم بأية أعراض في المراحل الباكرة ولا يكتشف وجوده حتى يظهر الفحص المبكر المشكلة بينما قد تكون الأعراض الأولى مماثلة لتلك المشاهدة في الحمل الطبيعي مثل:
- انقطاع الدورة الشهرية.
- ألم واحتقان الثديين.
- الغثيان والقياء.
تظهر أعراض الحمل الهاجر إن وجدت بين الأسبوع 4 والأسبوع 12 من الحمل، اتصلي بطبيبك في حال اعتقدت بأنك حامل ولديك أي من هذه الأعراض حتى لو لم تكن نتيجة اختبار الحمل إيجابية:
- النزف المهبلي: يميل النزف المهبلي لأن يكون مختلفاً عن الدورة الشهرية الطبيعية فعادة ما يكون متقطعاً يبدأ ويتوقف وقد يظهر بمظهر بني مائي، يكون هذا النزف أمراً شائعاً نسبياً في الحمل الطبيعي وليس بالضرورة أن يكون علامة على مشكلة خطيرة ولكن يفضل طلب المشورة الطبية إن واجهت ذلك.
- الألم البطني: قد تشعرين بألم بطني يتظاهر نموذجياً أسفل البطن في جهة واحدة منه، يمكن لهذا الألم أن يتطور فجأةً أو بشكل تدريجي كما أنه قد يكون مستمراً أو متقطعاً.
- ألم الكتف: لم يتم التأكد من سببه لكن قد يكون من علامات حمل خارج الرحم سبب نزيفاً داخلياً أدى إلى تشكل كتلة دموية تضغط الحجاب الحاجز.
- انزعاج عند التبرز أو التبول وقد يحدث إسهال.
في حالات قليلة ينمو محصول الحمل لدرجة كافية لقطع قناة فالوب، تسمى هذه الحالة التمزق وهي حالة خطيرة تتطلب إجراءً إسعافياً وتشمل علامات التمزق ما يلي:
- ألم بطني حاد ومفاجئ.
- الشعور بدوار شديد أو الإغماء (الغياب عن الوعي).
- الشعور بالتعب.
- شحوب شديد.
لماذا قد يحدث حمل خارج الرحم بدلاً من الحمل الطبيعي الرحمي؟
هناك العديد من الأسباب التي تعيق البيضة الملقحة من التعشيش في مكانها الصحيح مسببة حملاً هاجراً غير طبيعي نذكر منها:
- مشكلة ما في البوقين تعيق البيضة الملقحة من الوصول إلى الرحم مثل الخلل في شكل الأنبوب نتيجة نمو غير طبيعي أو خلل ولادي، أو انسداد البوقين الناتج عن عدوى أو التهاب سابق أو ندبة عمل جراحي سابق سواءً كان هذا الانسداد كلياً أو جزئياً.
- التصاقات حوضية ناجمة عن عمل جراحي سابق على الحوض.
- الداء الحوضي الالتهابي (PID) وهو التهاب الجهاز التناسلي الأنثوي والذي عادة ما تسببه العدوى المنقولة جنسياً مثل الكلاميديا.
- سوابق حمل خارج الرحم حيث تصل نسبة خطر حدوث حمل هاجر جديد حتى 10%.
- العلاج بتقنيات الإخصاب المساعد مثل الإخصاب في الزجاج أو طفل الأنبوب (IVF).
- الانتباذ البطاني الرحمي (Endometriosis) أو بطانة الرحم المهاجرة وهو اضطراب مؤلم عادة يحدث عندما ينمو النسيج الداخلي المبطن للرحم في منطقة ما خارجه.
- مانعات الحمل الإسعافية الحاوية على البروجسترون والذي يعيق حركة البوقين.
- استخدام وسائل منع الحمل سواء كان اللولب (IUD) أو حتى ربط البوق وهي وسيلة دائمة لمنع الحمل تسمى عملية ربط قناتي فالوب، وفي كلتا الحالتين يكون الحمل نادراً ولكن عند حدوثه يرجح أن يكون حملاً هاجراً.
- نذكر أن أي امرأة قد تملك حملاً هاجراً ولكن هناك عوامل تزيد خطورة هذه الحالة منها:
- التدخين.
- التقدم في السن حيث يزداد خطر الحمل الهاجر عند السيدات بعمر فوق 35 سنة.
- تعدد الشركاء الجنسيين والذي يضعك في خطر اكتساب عدوى منقولة جنسياً والتي يمكن أن تؤدي بدورها إلى الداء الحوضي الالتهابي (PID).
الوسائل العلاجية المتبعة في علاج الحمل الهاجر
لسوء الحظ لا يمكن للجنين أن ينجو في الحمل الهاجر لذا لابد من إنهاء الحمل وتوجد لذلك عدة طرق يتم انتقاء الخيار الأفضل اعتماداً على عدة عوامل كشدة الأعراض، العمر الحملي، حجم الجنين، ومستوى هرمون الحمل (هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية أو HCG في الدم) وتشمل هذه الخيارات ما يلي:
- المراقبة لعلاج الحمل الهاجر:
- قد تكون المراقبة عن قرب كافية إذا كنت تملكين حملاً غير عرضي أو متظاهراً بأعراض خفيفة إضافةً إلى كون محصول الحمل صغيراً ففي هذه الحالة هناك احتمال كبير لتراجع الحمل من تلقاء نفسه وامتصاص الأنسجة الجنينية من قبل الجسم.
- خلال ذلك يجب القيام بفحوص دموية بانتظام لتحري مستويات هرمون الحمل HCG والتأكد من انخفاضها ويستمر طلب هذه الفحوص حتى اختفاء الهرمون تماماً وقد تكونين بحاجة لمزيد من العلاج إذا لم ينخفض هذا الهرمون أو إذا ارتفع مستواه.
- وعند وجود بعض النزف المهبلي لديك استخدمي الفوط الصحية بدلاً من السدادات القطنية لإيقافه كما يمكنك استخدام الباراسيتامول paracetamol لتسكين الألم البطني إن وجد.
- الميزة الرئيسية للمراقبة هو عدم وجود أي آثار جانبية ومع ذلك قد يبقى خطر تمزق قناة فالوب موجوداً وعندها تكون المراقبة غير كافية لذا يتم اللجوء لطرق أخرى.
- العلاج الدوائي للحمل خارج الرحم:
- إذا تم تشخيص الحمل خارج الرحم باكراً مع عدم فعالية المراقبة كخيار فقد يتطلب العلاج استخدام الميتوتريكسات methotrexate.
- والذي يعمل على وقف نمو محصول الحمل ويتم استخدامه كحقنة واحدة وهنا لست بحاجة للبقاء في المستشفى ولكن يبقى إجراء فحوصات الدم المنتظمة أمراً مطلوباً للتحقق من نجاح العلاج.
- يجب استخدام موانع الحمل لثلاثة أشهر بعد استخدام هذا العلاج كون الميتوتريكسات له تأثير ماسخ للجنين كما يملك آثاراً جانبية أخرى نذكر منها الألم البطني، الدوار، الشعور بالتعب والإسهال.
- العلاج الجراحي للحمل الهاجر:
- تكون الجراحة الخيار التالي عند عدم الاستجابة على الميتوتريكسات فيما تشكل الوسيلة الوحيدة لعلاج النساء اللواتي تعانين من أعراض شديدة مع مستويات عالية من هرمون الحمل HCG وكذلك عند تعرض أنبوب فالوب للتمزق.
- يفضل الجراحون العملية الجراحية أثناء تنظير البطن والتي تتم بإجراء شق صغير واستخدام كاميرا صغيرة لإزالة كيس الحمل دون أذية العضو الموجود فيه ولكن قد لا تكون الجراحة التنظيرية ممكنة في بعض الحالات كما عند تمزق أنبوب فالوب وحدوث نزف غزير وهنا تكون المريضة بحاجة لإجراء جراحة إسعافية مع شق جراحي كبير كما قد يضطر الطبيب أحياناً لإزالة الأنبوب كاملاً.
- تعتبر الجراحة الوسيلة الأشيع والأكثر فعالية ولا تقلل من فرص حدوث حمل طبيعي لاحقاً.
هل يمكن للمرأة أن تحصل على حمل طبيعي بعد حمل هاجر سابق؟
من المؤكد أنك تتساءلين فيما إذا كان بإمكانك الحصول على حمل طبيعي بعد مرورك بتجربة الحمل خارج الرحم والجواب سهل على هذا السؤال وهو نعم فالحمل الهاجر لن يؤثر على قدرتك على الإنجاب، حتى لو تم استئصال إحدى قناتي فالوب تبقى قدرتك على حمل طبيعي قائمة طالما أن القناة الأخرى سليمة وتعمل بشكل صحيح لذا لا داعي للخوف من العقم طالما كان تشخيص الحمل الهاجر باكراً ولا زال تحت السيطرة.
تبقى المشكلة التي يمكن أن تحدث هي تكرار حدوث الحمل الهاجر في الحمول اللاحقة حيث يزيد امتلاكك لسابقة حمل خارج الرحم من خطر حدوث حمل هاجر جديد والذي يتأثر بعدة عوامل أهمها سبب الحمل الهاجر السابق لذا عند حملك مجدداً يجب على طبيبك أن يراقب كل شيء عن كثب من البداية ليتأكد من أن كل شيء يسير بالشكل الصحيح.
وفي الختام.. نذكر أنه لا يمكن الوقاية من الحمل خارج الرحم ولكن يمكن التقليل من خطر حدوثه عن طريق الوقاية من الالتهابات النسائية والحوضية، والأمراض المنتقلة بالجنس وذلك باستخدام الواقي الذكري خاصة عند بدء علاقة جديدة والأهم من ذلك الإقلاع عن التدخين.