تأثير موسيقا الميتال على المراهقين السلبي والجيد
يعتبر الكثير من الأشخاص أن موسيقا الميتال موسيقا سيئة وذات تأثير سلبي على الشباب والمراهقين بدون أن يعرفوا حقيقة هذه الموسيقا وجميع جوانبها الإيجابية والسلبية. بسبب قلّة الاهتمام بهذا النوع من الموسيقا في الوطن العربي، قررنا أن نتعرف معاً على تأثير هذه الموسيقا على الأطفال والمراهقين بالتفصيل، فتابعوا معنا هذا المقال.
كما نعلم جميعاً فإن كل الأنماط الموسيقيّة المعروفة اليوم تطوّرت عن موسيقا سابقة ونمط موسيقي سابق؛ بناء على هذا يمكننا القول أن موسيقا الميتال لم تأت من العدم، بل تطوّرت عن نمطين موسيقيّين سابقين هما نمط البلوز (Blues) ونمط (Hard Rock) في نهاية الستينيات من القرن الماضي.
تميّزت هذه الموسيقا بحيويتها الشديدة وصخبها، حيث تتميز بآلاتها الصاخبة كالغيتار الكهربائي وغيتار الجهير والطبول بشكل أساسي،ليس هذا فقط بل يوجد أيضاً العديد من الآلات الثانوية المختلفة والمتعددة كالكمان والتشيلو. أما بالنسبة لكلمات هذه الأغاني وهذا النمط فهي تهدف دائماً إلى إيصال رسالة معينة سواء كان موضوعها إحدى القضايا الاجتماعية أو الحربية أو الرومانسية أو السياسية أو حتى الأساطير القديمة الفنتازية.
أما بالنسبة لمصطلح ميتال (Metal) فقد ظهر للمرة الأولى في عام 1968م في أغنية "ولد ليكون جامحاً" (Born to Be Wild) لفرقة ستيبينوولف (Steppenwolf) ومنذ ذلك الوقت تم اعتماد اسم "ميتال" أو ما يعرف ب"هيفي ميتال" لجميع أنواع الموسيقى الصاخبة المشتقّة من موسيقا البلوز.
ومنذ ذلك الحين وموسيقا الميتال في انتشار مستمرّ وازدهار. حيث يعتبر مستمعي هذا النوع من الموسيقا في ازدياد عاماً بعد عام، نظراً لتميزها وتفرّدها وطرحها لموسيقا وكلمات لا يقدّمها أي نوع آخر من الموسيقا. ومن هنا بدأ الشباب والمراهقون إدمانهم على هذه الموسيقا. فما هي آثار هذه الموسيقا. وهل هي إيجابية أم سلبية؟
هناك العديد من الآثار الإيجابية لموسيقا الميتال على حياة المراهقين، ومن الضروري أن نتعرف عليها معاً في سبيل تسليط الضوء على هذا الجانب المهمّش من هذه الموسيقا، فتابعوا معنا هذه الفقرة لتعرفوا أكثر حول هذا الموضوع.
- الراحة النفسية
إن الظروف التي يمر بها حالياً الوطن العربي والكثير من دول العالم، تسبب الكثير من الأذى النفسي للشباب والمراهقين. ولكن تعتبر موسيقا الميتال العزاء لهذه الفئة الغاضبة من الأشخاص، خاصةً أولئك الذين يبحثون عن وسيلة للترويح عن أنفسهم والتعبير عن مشاعرهم، حيث أنها بصخبها وحيويتها تدفع المستمعين لها إلى التخفيف من الغضب المكبوت بداخلهم والترويح عن أنفسهم عن طريق تفريغ ما يشعرون به بالغناء أو العزف أو الرقص على هذا النوع من الموسيقا؛ هذه الطريقة فعالة للغاية لزيادة ثقة المراهقين بأنفسهم،والتخلص من الأعباء النفسية الدفينة في أعماقهم.
- التعبير عن المشاعر
ربما ستسغرب هذه المعلومة، إلا أن موسيقا الميتال تحتوي على كمية من العواطف أعمق بكثير من كمية العواطف التي تحتويها أنواع الموسيقا الأخرى وهذا ما يلاحظه الأشخاص الذين يحبون هذه الموسيقا الصاخبة؛ فمن خلال الصراخ والغناء والعزف المستمر، تساعد هذه الموسيقا على عكس أي نوع من المشاعر الداخلية المكبوتة، كما تساعد على التخلص من الأعباء العاطفية المؤلمة.
- موسيقا تربوية
إن إحدى أهم النقاط التي يجب توضيحها حول هذه الموسيقا، أنها موسيقا تعليمية! كما نعلم جميعاً فإن معظم الأغاني العربية والأجنبية تتناول قصص العشق والغرام والحب والرومانسية، في حين أن موسيقا الميتال لا تركز على هذه القضايا بشكل رئيسي بل هناك العديد من الأغاني التي تتكلم حول الأمور المهمة مثل قضايا الإدمان والتحذير من الأفكار الانتحارية ووسائل منع الحمل وغيرها من الأمور المهمة التي يجب على الشباب الانتباه لها كما مرّ معنا سابقاً في هذا المقال.
- مناسبة للجميع
لا نتكلم هنا عن موسيقا الميتال الصاخبة للغاية كالديث ميتال أو البلاك ميتال! هناك أنواع عديدة لموسيقا الميتال، وبعضها ليس صاخباً حتّى كالبروغريسيف ميتال ؛ لذلك يمكن القول بأن هذا النوع من الموسيقا قد يناسب جميع الأذواق بسبب كثرة الخيارات وتنوعها. لذلك إن كنت في السيارة مع عائلتك أو أصدقائك لا تتردد باختيار نوع من أنواع موسيقا الميتال التي قد تعجب الأشخاص المتواجدين معك لتستمعوا إليها معاً.
- تحسين الصحة النفسية والعقلية
نعم هذا صحيح، إن موسيقا الميتال قد تحسّن من الصحة العقلية للمراهقين. قد يتعرّض الكثير من الشبان والشابات إلى التهميش في المنزل أو المدرسة أو غيرها من الأماكن، مما قد يسبب لهم أذيّات نفسية وآثار عقليّة سلبية لاحقاً، لكن تبين أن مجتمع الميتال لطالما كان متقبلاً لجميع المحبين والمعجبين، ولطالما تعامل مع المستجدين في هذا المجتمع على أنهم إخوة وأصدقاء مما ساعدهم على تخطّي الكثير من آثار التعنيف النفسي كالنبذ والسخرية والاستهزاء، أو النتائج النفسية الناتجة عن التعنيف الجسدي كالتنمر.
- السيطرة على الغضب
أثبتت الدراسات أن موسيقا الميتال تساعد الأشخاص والمستمعين الغاضبين على السيطرة على غضبهم ونحسين سلوكياتهم والتخلص من النزعة العنيفة الموجودة بطبيعتهم. وقد تبين أن الاستماع لهذا النوع من الموسيقا يسمح للشباب بتفريغ غضيهم بسبب العلاقة الوهمية أو "التواصل الوهمي" بين المغني الغاضب والمستمع الغاضب، مما يخلق نوع من الإحساس عند المستمع بأنه لا يعاني وحده بل يوجد من يشعر بمعاناته وغضبه. يمكنك فهم هذه العلاقة بتخيل نفسك وأنت تغني أغنيتك الرومانسية المفضلة بكل إحساس، هذا بالضبط ما يشعر به محبي موسيقا الميتال ولكن مع اختلاف نوع المشاعر.
- تحسين المزاج
جميع أنواع الموسيقا تمتلك تأثيراً على الحالة المزاجية بالتأكيد، سواء كان هذا التأثير إيجابي أم سلبي وسواء ساعدتنا على الشعور بالفرح أو الحزن أو الغضب أو غيرها من المشاعر. وقد تبين أن الأشخاص الذين يستمعون إلى موسيقا الميتال يمتلكون مزاجاً أفضل من بقية الأشخاص بشكل عام، كما تزداد ثقتهم بنفسهم ويشعرون بدفعة قوية من الطاقة والنشاط والحيوية.
- أكثر ذكاءً
صدق أو لا تصدق! تبين أن الأشخاص الذين يميلون إلى هذا النوع من الموسيقا يعتبرون أكثر ذكاءً من باقي أقرانهم، وذلك لأنهم اختاروا نوع الموسيقا القادر على تخفيف ضغوطات الحياة مما يساعدهم على التعامل مع كل ما يمرون به خلال حياتهم بشكل سلس وذكي؛ مما يؤدّي إلى نجاح أكاديمي مميز لهؤلاء المراهقين. حيث يقوم الأفراد بتفريغ كل أفكارهم ومشاعرهم السلبية عن طريق هذه الموسيقا، ومن ثم التفرغ لمواجهة كل مشاكلهم وظروفهم الطارئة التي يتعرّضون لها، وبعدها يمكنهم إيجاد الحلول المناسبة والسريعة.
على الرغم من وجود الكثير من الآثار الإيجابية لموسيقا الميتال على صحة المراهقين النفسية إلا أنها من الممكن أن تسبب بعض الأضرار الجانبية والتأثيرات السلبية أيضاً؛ سنتعرف في هذه الفقرة على الآثار السلبية لموسيقا الميتال بالتفصيل.
- العزلة
يستطيع الشباب اليوم الوصول إلى أي أغنية يحبون الاستماع إليها بكل سهولة عن طريق الإنترنت أو الهواتف المحمولة أو أجهزة ال(MP3)، لذلك من الممكن أن يستمع بعض الشباب المهووسين بهذه الموسيقا إلى أغاني الميتال لساعات طويلة جداً خلال اليوم بدون أن يشعروا بذلك، مما قد يتسبب في عزلتهم وابتعادهم عن أبناء جيلهم ومجتمعهم بدون أن يشعروا بذلك، وبالنهاية سيشعرون بالوحدة وربما يصابون بالاكتئاب كما سنعرف فيما يلي.
- الاكتئاب والنزعة الانتحاريّة
على الرغم من أن معظم المراهقين والشبان يستمعون إلى موسيقا الميتال بطريقة إيجابية، وعلى الرغم أيضاً من أننا سبق وأخبرناكم في هذا المقال أن هذه الموسيقا تفرغ المشاعر السلبية وتساعد على التخلص منها؛ إلا أن بعض الشبان يتأثرون بههذ الموسيقا بشكل سيء، فعندما يستمعون إلى هذا النوع من الموسيقا بشكل مستمر طوال اليوم، قد يصابوا بالاكتئاب أو قد يعانون من نزعة انتحارية مفاجئة.
- أمراض عقليّة
أثبتت الدكتورة كاترينا ماكفيران حسب دراسة استمرّت لمدّة خمس سنوات أجريت على مجموعة من المراهقين بين 13 و18 عاماً، أن موسيقا الميتال قد تمتلك تأثير سلبي على المراهقين وخاصة أولئك الذين يستمعون للموسيقا لفترات طويلة جداً من يومهم؛ حيث قالت الدكتورة أن هذا النوع من الأفعال مؤشر واضح وصريح إلى احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق ومن الممكن أن يشير إلى رغبة قوية بالانتحار، ولكن هناك حالات أسوأ قد تصيب المراهقين خاصةً في حال استمرارهم بالاستماع إلى هذا النوع من الموسيقا، حيث أنهم قد يصابوا بأمراض عقلية خطيرة.
كما أنه من الممكن أن تكون هذه الموسيقا هي طريقة المراهق الأخيرة لطلب المساعدة بدون أن يقول بشكل صريح أنه بحاجة لذلك. بناءً على ما سبق يجب على الأهل الانتباه لأطفالهم وسؤالهم بشكل دائم عما يشعرون به وما إذا كانوا بخير أو يواجهون أي مشكلة، من أجل محاولة المساعدة في حلها وذلك في سبيل تجنب الأذى النفسي والعقلي طويل الأمد الذي قد يتعرّض له المراهق.
في النهاية، يوجد العديد من الآثار الإيجابية التي من الممكن أن يستفيد منها المراهقين والشباب عند استماعهم لموسيقا الميتال، ولكن من واجبنا أيضاً أن نذكر وجهة النظر المعاكسة والتي تقول بأن هذا النوع من الموسيقا يملك أيضاً بعض التأثيرات السلبية التي من الممكن أن تؤذي نفسيات المراهقين. الآثار تختلف من شخص إلى آخر وليست ثابتة على الإطلاق، فتأثير هذه الموسيقا عليّ لا يعني أنها ستؤثر عليك بنفس الطريقة تماماً.