أصدقاء يجب أن تفرح لخسارتهم

من هم أصدقاء السوء الحقيقيون؟ من هم الأصدقاء الذين يجب أن تكون سعيد لخسارتهم؟ وكيف يمكن أن تنهي علاقتك بصديق لا ترغب بصداقته أو تتخلص من شخص مزعج؟
أصدقاء يجب أن تفرح لخسارتهم
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

حاجة الإنسان للصداقة من الحاجات الأساسية التي تحتل مركزاً متقدماً في أولوياتنا، وبينما هناك من يحاول دائماً الحفاظ على أصدقائه واكتساب صداقات جديدة؛ هناك أيضاً من يشعر بالضيق من بعض أصدقائه أو معارفه ويرغب بالتخلص منهم والابتعاد عنهم.
في هذه المادة البسيطة التي يمكن أن نسميها "دردشة حول الأصدقاء"؛ نحاول أن نذكر أسوأ أنواع الأصدقاء الذين تعتبر خسارتهم مكسباً، ونحاول أن نحدد بعض الخطوط العريضة للتخلص من الأشخاص المزعجين وإنهاء العلاقة مع الأصدقاء غير المرغوب بهم، لنتابع معاً.

الصديق اللئيم
يقول المتنبي: إذا أنتَ أكرمتَ الكريم ملكته... وإذا أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمردا
واللئيم يجمع فيه الصفات الدنيئة كلها، فالصديق اللئيم لا يفي بوعد ولا يؤتمن، ولا يبذل لصديقه شئياً، والصديق اللئيم إن أكرمته بادلك بالبخل والشح، وإن أنت وفيت له بادلك بالغدر والنكر، وإن صنته خانك، كما أن اللئام بطبعهم الشماتة في المصائب والحسد على المسرات، واستئثار الخير لأنفسهم.
وقد اعتاد العرب على تصنيف الأصدقاء بين لئيم وكريم وكأن اللؤم ضد الكرم، والكرم ليس البذل بالمال فقط وإنما هو كرم الأخلاق وحسن المعشر، لذلك قيل: رأيتُ الحقَّ يعرفه الكريمُ... لصاحبهِ وينكره اللئيمُ.

الصديق النرجسي
من الأصدقاء الذين يشكِّلون عبئاً علينا أيضاً هم الأصدقاء النرجسيون، والصديق النرجسي هو الذي لا يرى في الكون إلا نفسه، ولا يتصرف أو يتكلم إلَّا بما يخدم مظهره وصورته أمام الناس وإن كان ذلك على حساب صاحبه، هو الذي إن لم يستطع أن يكون أفضل منك تمنى أن تفشل أنت لتصبح أسوأ منه!، وإذا شعر أنَّك تخطف الأضواء منه قد يلجأ إلى أي وسيلة لإبعادك وأخذ مكانك.
النرجسي أيضاً ماهر في تحطيم المعنويات، لأنَّه وببساطة لا يرغب أن يرى صديقه ينجح، كما أنَّ هذا النوع من الأصدقاء غالباً ما يتحدث بلسان العارف بكل شيء ويتعامل بفوقية.

الصديق النمام
لا نبالغ إذا قلنا أن النميمة من أهم الأسباب التي تؤدي إلى المشاكل بين الأصدقاء، ولا أحد يرغب أن يتحدث عنه صديقه بالسوء بين الناس أو أن يفضح أسراره ويكشفها على الملأ، وقد لا يكون الصديق النمام خبيثاً بالضرورة، فربما لا يقصد سوءاً من أحاديثه، لكن النميمة عادة قهرية يصعب التغلب عليها.

الصديق الخبيث
 المفروض ألَّا يجتمع الخبث والصداقة في حال من الأحوال، لذلك يعتبر الابتعاد عن الصديق الخبيث أمراً لا بد منه، والخبيث هو الذي لا يفعل شيئاً ولا يقول قولاً إلى وله من ورائه قصد خبيث ودنيء، ذلك الذي لا يدّخر فرصة ليستغل من حوله ويحوَّل كل الأمور لصالحه، والخبيث من الأصدقاء أناني في المنفعة كريم في الضرر، فإذا ارتكب خطأ يرغب في سحب أصدقائه معه بشتى الوسائل.

الصديق المنافق
ومن أسوأ أنواع المعارف أيضاً هم المنافقون، حيث أننا نحتاج دائماً إلى صديق صادق في القول، يظهر ما يبطنه ولا يخشى في الحق لومة لائم، كما أننا نحتاج إلى الرأي السديد، والمنافقون لا يمكن الاعتماد عليهم في النصيحة ولا الإرشاد.

الصديق السلبي والمحبط
جميعنا نمرُّ بمرحلة تسيطر فيها المشاعر السلبية، لكننا نرغب دائماً بطرد الأفكار والمشاعر السلبية والنهوض مجدداً، لكن ماذا عن الأصدقاء السلبيين دائماً؟!، ذلك الصديق الذي لا يمكن أن يفوِّت فرصة لجعل الأمور أسوأ مما هي عليه، وكلما كنت أنت مندفعاً نحو موضوع ما؛ كلما كان هو مندفعاً أكثر لإقناعك ألّا جدوى.
ربما لا ترغب بإنهاء علاقتك مع هذا الصديق بشكل نهائي، لكنك على الأقل ستتجنب دائماً الحديث أمامه عن مخططاتك ومشاريعك المستقبلية، فأنت بحاجة لمن يدعمك ولست بحاجة لمن يحبطك!.

صديق السوء
نحن نشبه أصدقاءنا إلى حدٍّ بعيد، قد نقدم الكثير من التنازلات ونخالف العديد من قناعاتنا لنتماهى معهم، لكن مع أصدقاء السوء الذين يمارسون عادات سيئة ومشينة فمن الأفضل أن نبتعد عنهم، كالأصدقاء الذين يدعوننا إلى التحرش أو تعاطي المخدرات والمواد المهلوسة والكحوليات أو الذهاب إلى الأماكن المشبوهة، إن قرار الابتعاد عن هؤلاء الأصدقاء هو أكثر قرار حكيم يمكن أن نتخذه قبل أن نصبح مثلهم.

animate

فيما يبحث الكثير من الناس عن فرصة لإنشاء وتكوين صداقات جديدة أو طرق للحفاظ على صداقاتهم؛ هناك أشخاص آخرون عالقون بصداقة غير مرغوبة ومع أشخاص مزعجين وغير مرغوبين، عادة ما يسمونه "الصديق اللزقة"، إن كنت واحد من أولئك الذين يرغبون بالخروج من الصداقات السيئة بطريقة صحيحة إليك بعض النصائح:

  • فعلياً طريقة الخروج من العلاقات المزعجة تتعلق بشكل كبير بك أنت من جهة، وبطبيعة علاقتك بالشخص المزعج من جهة ثانية، فإن كنت من النوع الذي لا يفكر كثيراً بشعور الآخرين وكانت علاقتك بالشخص المزعج سطحيَّة؛ يمكنك ببساطة أن تقول له:  ارحل، لا أريد أن أعرفك ثانيةً!.
  • أما إذا كنت حسَّاساً تجاه ما يشعر به الآخرون، أو كانت علاقتك مع الشخص المزعج عميقة بفعل الزمن أو التجارب المشتركة أو القرابة أو غيرها من العوامل؛ عندها يجب أن تنظر بإجراءات أخرى تساعدك على تحقيق هدفك بالتخلص من الإزعاج دون أن تشعر بالذنب أو تفسد العلاقة بشكل نهائي.
  •  في البداية حاول تحديد الأشياء المزعجة بهذا الصديق أو الشخص، فكر إن كان من الممكن مواجهة التصرفات أو الأشياء المزعجة بشكل منفرد دون قطع العلاقة بشكل نهائي معه، فالصديق الفضولي مثلاً قد تستطيع مواجهة فضوله من خلال مصارحته والحديث معه عن سلوكه المزعج، وربما تستطيع التفاهم مع الصديق الثرثار أيضاً وتخبره أن كثرة الحديث لا تناسبك.
  • وأنت هنا أمام نتيجتين، إمَّا أن يحاول صديقك المزعج تعديل سلوكه وتصرفه ليحافظ على صداقتكما، أو أن يأخذ موقفاً ويبتعد من تلقاء نفسه، وفي الحالتين حقَّقت ما تريد.
  •  أمَّا إذا كان صديقك "الشخص اللزقة" ولم يتأثر بحديثك، عندها يجب أن تبدأ بإجراءات من نوع مختلف، أولها أن تعيد النظر بحدود علاقتك معه، وتبدأ بالابتعاد عنه تدريجياً من خلال تقليل فرص اللقاء أو الحديث.
  • التجاهل وتقليل التفاعل من الحلول الجيدة عادّةً للتخلص من الأشخاص المزعجين، فمهما كان صديقك متحمس للحديث معك سيشعر بتجاهلك وينسحب تدريجياً، لذلك حاول أن تخلع قناع النفاق الاجتماعي، وأن تتوقف عن التفاعل مع صديقك المزعج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأن تختصر عبارات المجاملة والمديح. 
  • أحياناً قد تضطر فقط لرسم الحدود مؤقتاً، فإذا كان صديقك المزعج ملازماً لك في العمل أو الدراسة من الصعب أن تنهي هذه العلاقة بشكل جذري، الأفضل أن ترسم حدوداً واضحة بينك وبينه، وألَّا تسمح له بتخطيها إلى أن تصبح هذه الحدود أمراً واقعاً، على الأقل ريثما ينتهي الظرف الذي يجمعكما معاً.
  • أخيراً... ننصحك بالتفكير جيداً قبل اتخاذ إجراءات تعسفية بحق الآخرين بهدف التخلص منهم، فقد تراجع نفسك لاحقاً وتشعر بالذنب تجاههم، لذلك تجنب أسلوب السخرية، أو المعاملة بالمثل، أو إيصال الرسائل عبر الآخرين، أو تدبير مؤامرة للتخلص من وجود الشخص المزعج كدفعه لترك العمل....إلخ.

لطالما اعتقدت أنني ناجح في إدارة علاقاتي الشخصية، أو أنّني قادر على التعامل مع الأشخاص المزعجين أو الأصدقاء غير المرغوب بهم بشكل صحيح، لكن مع مرور السنوات اكتشفت أنني ارتكبت الكثير من الأخطاء بالتعامل مع الأصدقاء المزعجين والأصدقاء السيئين، بعض هذه الأخطاء ما زالت تشعرني بالندم حتَّى الآن.

أحاول أن أنقل لكم تجربتي الشخصية مع الأشخاص المزعجين وأصدقاء السوء، والتي لا أدعي أنها تجربة مثالية أو ملهمة، لكنها بكل تأكيد مفيدة بشكل أو بآخر:

  • أكبر خطأ ارتكبته مع أصدقاء السوء أنني كنت أخجل من  قول "لا"، لم أتورطت معهم بأفعال مشينة أو خطيرة من حسن الحظ، لكنني كنت مندفعاً وراءهم أكثر من اللازم، لاحقاً اكتشفت المفعول السحري لكلمة "لا".
  • عندما كنت أسمع كلاماً منقولاً عن أحد الأصدقاء أو المعارف كنت أرد عليه، لاحقاً أدركت أن تبادل النميمة لا طائل منه، وأن هناك أشخاص متخصصون بإفساد العلاقات، وصرت أسمع وكأني لا أسمع.
  • في مرحلة الجامعة استخدمت أسلوب السخرية والتنمر للتخلص من بعض الأشخاص الذين لم أرغب بصداقتهم، في الحقيقة هذا أكثر ما أندم عليه، على الأقل لأنهم كانوا أشخاصاً طيبين وبسطاء، وإذا كنت لم أتقبَّل بعض تصرفاتهم أو طريقة تفكيرهم فهذا ليس مبرراً للسخرية منهم أو التنمر عليهم، اعتذرت منهم لاحقاً.
  • لأحافظ على الصداقات الحقيقية وأتجنب الصداقات المزعجة توقفت عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بصراحة كان هذا تصرفاً حكيماً من وجهة نظري.
  • تعلَّمت أيضاً أن الصداقة لا تقاس بالزمن، بل بالتجارب والمواقف، وأنا الأصدقاء يتغيرون للأحسن أو الأسوأ حسب ظروفهم وحسب ظروفنا، فالحياة لا تبقي شيئاً على حاله، قد قال هيراقليطس أنَّك لا تشرب من مياه النهر الواحد مرتين!. 

أخيراً... قد يقول البعض أن التخلص من الصديق السيء أو الشخص المزعج لا يحتاج إلى دليل وخطوات وإجراءات، وربما يكون ذلك صحيحاً أحياناً، لكن غالباً ما نحتاج لمن يخبرنا أشياء بديهية، لأن البداهة كثيراً ما تخون صاحبها.