تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات العاطفية
تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي من الأمور المهمة والضرورية في حياتنا بشكل عام، وأصبحت من الأمور التي لا يمكننا الاستغناء عنها خاصةً بعد أن دخلنا عصر السرعة والتكنولوجيا. لكن الأمر الذي لطالما أثار الجدل هو تأثير هذه الوسائل على حياتنا العاطفية! فالبعض يعتقد أنها تؤثر بشكل إيجابي والبعض الآخر يعتقد أنها سبب تدمير العلاقات العاطفية وفشلها، فما هي الحقيقة؟ في هذا المقال سنسلّط الضوء على هذا الأمر لنكون على بيّنة من أمرنا تجاه هذا الموضوع، فتابعوا معنا مقالنا التالي.
كيف تغير هذه الوسائل علاقاتنا بشكل عام؟
يمكن القول بأن هذه الوسائل ساعدت بتقليص المسافات بين الأشخاص، فأصبح بالإمكان التواصل مع أي شخص مهما كان بعيداً عنا وبلمح البصر. من خلال المثال البسيط السابق استطعنا ملاحظة هذا الأمر البديهي الذي ساعدتنا وسائل التواصل الاجتماعي على الحصول عليه؛ لكن هناك أمور أكثر تعقيداً، إذاً كيف تغير وسائل التواصل الاجتماعي علاقاتنا العامة؟
- الوصول إلى عدد أكبر من الناس
تساعد وسائل التواصل الاجتماعي على زيادة معارفنا في العمل أو في المنطقة السكنية أو في المدرسة... إلخ. يمكننا الوصول إلى أي شخص نريد التواصل معه أو التكلم معه بموضوع ما عن طريق البحث عن حسابه على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، كما يمكننا أن نتعرف على أشخاص يملكون نفس الهوايات أو الذوق الموسيقي أو الفني من خلال تصفح حسابهم الشخصي ومعرفة الأشياء التي يحبونها أو يكتبون عنها في فيسبوك أو تويتر مثلاً.
- الخلط بين الألفة الحقيقية والألفة الرقمية
ليست كل آثار التواصل الاجتماعي إيجابية، وذلك لأنها قادرة أيضاً على تخريب علاقاتنا المهنية أو العاطفية بلمح البصر. في الحقيقة الذنب هنا لا يقع فقط على هذه الوسائل بل أيضاً على طريقتنا في التعامل معها وفهمنا لها. على سبيل المثال، من الممكن أن تتكلم مع زميل لك في العمل على الفيسبوك، وتدخلون نقاشاً تلو الآخر حول موضوع ما يخص الشركة التي تعملان بها؛ قد تعتقد الآن أنك أصبحت الصديق الحميم لزميلك مما يدفعك للسماح لنفسك بالمزاح معه أو سؤاله عن بعض الأمور الشخصية؛ ولكن إن فعلت هذا فأنت ستدمر علاقتك المهنية مع هذا الزميل لأنك وقعت ضحية الخلط بين المعرفة الالكترونية والصداقة الحقيقية.
- المشاعر السلبية المعدية
أثبتت الدراسات أن المشاعر السلبية قد تكون معدية وقابلة للانتقال من شخص إلى آخر عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي فقط! أي أنك حتى إن لم تصادف الشخص الغاضب أو الحزين أو الذي يشعر بالوحدة على أرض الواقع، فأنت عرضة للإحساس بهذه المشاعر فقط من خلال قراءة ما يكتبه هذا الشخص على الفيسبوك أو تويتر أو التفاعل معه. ليس هذا فقط بل من الممكن أيضاً أن تجتاحك موجة من الغضب نتيجة قراءتك لبعض الكلام المؤذي بالنسبة لك على وسائل التواصل الاجتماعي . إن هذه الطريقة في التلاعب بالمشاعر قادرة على تخريب أي علاقة بين أي شخصين على الإطلاق.
الآثار الإيجابية
على الرغم من أننا لا نستعمل وسائل التواصل الاجتماعي بشكل صحيح في أغلب الأوقات حيث يكون همنا الوحيد هو تمضية بعض الوقت لا أكثر، إلا أن هذه الوسائل مهمة جداً للعلاقات العاطفية، فهل تصدق أنها تملك العديد من التأثيرات الإيجابية على علاقتك بشريكك؟ إن كنت لا تصدق هذا، ننصحك بقراءة الفقرة التالية بتمعن.
- طريقة جيدة للتعرف على الأشخاص
هناك العديد من العلاقات العاطفية التي تبدأ من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يبدأ طرفا العلاقة بالإعجاب بالصور الشخصية والتعليق على المنشورات، إلى أن ينتهي بهما الأمر بالتحدث طوال الوقت على المسنجر مثلاً، وبعدها يكتشف كل منهما أنهما مناسبين لبعضهما البعض ليقررا الالتقاء على أرض الواقع وتطوير العلاقة بينهما.
- المزيد من الشفافية
ينظر الكثير إلى وسائل التواصل الاجتماعي على أنها طريقة للقيام بخيانة الشريك بالخفاء بدون أن يعلم بشيء، إلا أن هذا الأمر ليس صحيحاً دائماً ولا يمكن تعميمه على جميع الأشخاص! فرؤيتك لكل نشاطات شريكك على الفيسبوك أو تويتر تساعدك على التعرف على شريكك أكثر والتأكد من أنه لا يقوم بشيء سري. مثلاً كأن تلاحظ أنه وضع حالة "في علاقة" بدلاً من حالة "عازب" مما سيعطيك شعوراً بالراحة أكثر. ويوجد أيضاً بعض الشركاء الذين يتشاركون كلمات سر حساباتهم الشخصية كدليل على صدقهم وأمانتهم تجاه من يحبون.
- يقرب الشريكين من بعضهما أثناء السفر
بالتأكيد الأمر صعب عندما يسافر أحد الشريكين بعيداً عن الآخر، والأصعب هو ألا يكون هناك أي وسيلة للتواصل طوال فترة السفر. هنا يأتي دور وسائل التواصل الاجتماعي في حل هذه المشكلة، حيث أن هذه الوسائل تسمح للشريكين بالتواصل طوال فترة البعد والتكلم طوال اليوم، بالإضافة إلى أنها تسمح للشريكين برؤية بعضهما البعض عن طريق ميزة مكالمات الفيديو.
- وسيلة للاحتفاظ بالذكريات
من منا لم يأخذ "سيلفي" ويضعها على حسابه على الفيسبوك؟ من نفس المبدأ يمكن للشريكين عرض صورهما وذكرياتهما ومشاركتهم مع الأصدقاء والأقرباء بالإضافة إلى الاحتفاظ بهذه الذكريات للأبد عن طريق وضعها جميعاً على فيسبوك. وإن كنت لا تريد لبعض الأشخاص أن يشاهدوا صورك، لا تقلق فالفيسبوك سيقدم لك العديد من الميزات التي ستناسبك بالتأكيد.
الآثار السلبية
على الرغم من كل تلك الآثار الإيجابية التي يقدمها لنا التويتر والفيسبوك والإنستغرام وبفية المواقع الاجتماعية، إلا أنه يوجد أيضاً بعض الآثار السلبية التي لا يمكننا أن نتغاضى عنها بهذه السهولة. فبالنهاية من واجبنا أن نلقي الضوء على جميع وجهات النظر قبل أن نترك للقراء حريّة الخيار.
- تجاهل الشريك
هناك العديد من الأشخاص الذين يقضون وقهم بالكامل على وسائل التواصل الاجتماعي مما يتسبب بشعور الشريك بأنه مهمش وبأن شريكه لا يهتم به. للأسف هذه الحالات كثيرة والسبب الرئيسي في ظهور هذه الحالات هو الوقت الهائل الذي يضيعه بعض الأشخاص على الإنترنت. لذلك من الضروري أن تنظم وقتك وتعرف الأوقات المناسبة لتصفح الإنترنت والأوقات التي يجب أن تقضيها مع شريكك الذي تحبه، خاصةً أن الأِشخاص في الوطن العربي أصبحوا يقضون أوقاتاً أطول على الإنترنت عاماً بعد عام.
- المعلومات الكاذبة
إن بعض الأشخاص ينشؤون حسابات على الفيسبوك ويضعون اهتمامات كاذبة وبعجبون بأمور لا تهمهم فقط من أجل إثارة إعجاب الآخرين. للأسف قد يقع البعض بغرام هؤلاء الأشخاص نتيجة وجود الكثير من الأمور المشتركة بينهم على فيسبوك، وبعد فترة من العلاقة يتم كشف زيف أولئك الأشخاص مما يؤدي إلى تدمير العلاقة العاطفية وفشلها.
- التعلق المرضي
هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يستطيعون التغلب على فشل علاقتهم السابقة، فيستمرون في ملاحقة شريكهم السابق على وسائل التواصل الاجتماعي يومياً وهذا يؤثر سلباً على صحتهم النفسية وقدرتهم على خوض علاقة جديدة. ليس هذا فحسب، بل تعزز هذه الحالة المستمرة من صعوبة التأقلم مع الواقع الجديد مما يخلق لأولئك الأشخاص وهماً بأنهم لايزالون قادرين على استرجاع شريكهم على الرغم من انتهاء العلاقة بشكل كلي.
- الفيسبوك يزيد من فرص الطلاق
للأسف هذا الأمر صحيح 100%، فقد تبين أنه كلما ازداد استخدام الفيسبوك في العلاقة العاطفية كلما زادت فرص الخيانة العاطفية والجسدية مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى الانفصال أو الطلاق. وهذا ما أثبتته إحدى الدراسات التي أجريت على شريحة كبيرة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و82 عاماً. ولكن هذا الأمر لا ينطبق على العلاقات التي يزيد عمرها على 3 سنوات.
- الغيرة الزائدة
على الرغم من أن معرفة نشاطات شريكك على مواقع التواصل الاجتماعي أمر إيجابي ويزيد من الشفافية في التعامل بينكما، إلا أن بعض الأشخاص لا تنجح معهم هذه التقنية. يوجد الكثير من الأشخاص الذين يشعرون بالغيرة الزائدة على الشريك نتيجة استخدامه للفيسبوك مثلاً. وجميعنا نعلم أن هذه الغيرة من الممكن أن تكون مدمّرة للعلاقة.
خطوات تضمن لك راحتك الافتراضية
إن مشاهدة حساب الشريك السابق على الإنستغرام أو تويتر أمر لن يسر شريكك الحالي وبالتأكيد سيؤذي علاقتك الجديدة؛ وإن لم تكن ضمن علاقة بعد يجب عليك أن تتخلص من كل بقايا علاقاتك السابقة، فما هي الخطوات التي تمكنك من تطبيق ذلك؟ هذا ما تناولته أستاذة علم النفس ماريسا كوهين (Marisa T. Cohen).
1- إلغاء متابعة وصداقة الشركاء السابقين
إن متابعتك لحساب شريكك السابق على الفيسبوك أو غيره من مواقع التواصل سيشعل نار الغيرة في قلب شريكك مما سيجعل العلاقة دائمة التوتر نتيجة غيرة شريكك عليك من علاقتك السابقة؛ أما إن كنت غير مرتبط فإن متابعتك لشريكك السابق سيجعل تخطيك لتلك العلاقة الفاشلة أمراً صعباً للغاية.
2- نظف حسابك
أنت بحاجة لتنظيف حسابك من كل المنشورات والصور القديمة التي تجمعك بشريكك السابق من أجل حماية نفسك من هجمات الحنين والشوق في آخر الليل، ومن أجل الحفاظ على مشاعر شريكك الحالي أيضاً. بالإضافة إلى ذلك من الأفضل أن تتأكد من أنك قطعت علاقتك بكل ما يربطك بعلاقتك السابقة السيئة.
3- لا تقع بنغس الخطأ مرتين
إن كنت سبق وخضت تجربة عاطفية على وسائل التواصل الاجتماعي، أو إن كنت مثلاً من الأشخاص الذين ينشرون كل ما يحدث بعلاقتهم العاطفية على الفيسبوك، لا تغلط مجدداً! عليك أن تعيش علاقاتك العاطفية بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي، وأن تبقيها بشكل رئيسي على أرض الواع. فالعالم الافتراضي ليس المكان المناسب للعلاقات العاطفية.
في النهاية، نتمنى أن نكون قد قدمنا لكم المعلومات التي كنتم تبحثون عنها، وتذكروا دائماً أنه مهما بلغت فوائد وسائل التواصل الاجتماعي على علاقاتكم العاطفية، سيكون هناك دائماً آثار سلبية أكثر.