للأم المضغوطة 10 أفكار لتجديد الطاقة والاستمتاع بالخصوصية
الأمومة هي أعظم وأمتع وظيفة في العالم، ولكنها هي الأصعب كذلك، فهي الوظيفة الوحيدة في العالم التي تستغرق الإنسان جسدًا وعقلًا وقلباً، وتستحوذ على وقته وطاقته بلا إجازات؛ فكيف يمكن للأم المضغوطة أن تجد وقتاً لنفسها؟ وما هي أهمية الوقت الشخصي للأمهات؟ ثم ما هي أفضل طرق الاستمتاع وإيجاد الخصوصية بالنسبة للأمهات؟
98 ساعة عمل في الأسبوع!
كشفت العديد من الدراسات عن حجم الضغط الذي يقع على الأمهات، آخرها الاستطلاع الذي أجرته شركة "ويلش" الأمريكية عام 2018، عن عينة من 2000 أم تتراوح أعمار أبنائهن بين الخامسة والثانية عشرة، وأظهر أن المهام المتعلقة بالأمهات تستغرق 14 ساعة يوميًا، وهو ما يُعادل دوامين ونصف، بلا توقف وبدون أية إجازات.
وطبقًا للإحصاء فإن الأمهات في المتوسط لا يحصلن إلا على ساعة و7 دقائق فقط في اليوم كوقت خاص لأنفسهن، فيما قالت 40% من الأمهات أن لديهن قائمة لا تنتهي من المهام يوميًا.
وأوضح استطلاع سابق أجرته مؤسسة Jul_Eye الأسترالية عام 2013 أن القائمة المتوسطة لمهام الأمهات تصل إلى 26 مهمة، على رأسها تجهيز الوجبات، والتذكير بالمواعيد، وهو ما يستولي على أغلب وقت الأم وتركيزها.
وعلى الرغم مما تكشفه هذه الاستطلاعات عن الغرق في المسؤوليات الذي تعيشه الأمهات، فإنها تغفل جانبًا هامًا وهو النشاط الذهني والنفسي للأم، فالأمومة ليست كأي وظيفة محددة بمهام معينة، لأنها وظيفة عاطفية في المقام الأول، تؤثر على الحالة النفسية، وتشغل بال الأم حتى وهي نائمة.
ولا توجد إحصاءات مماثلة في العالم العربي، ولكن من المؤكد أن مهام الأم العربية، ومستوى الضغط الذي تتعرض له يفوق بكثير نظيرتها في الدول الغربية، لتعدد المهام، وكثرة عدد الأطفال في الغالب، وضعف مفهوم إتاحة "الوقت الخاص" للأم لاستعادة طاقتها.
كل إنسان بحاجة إلى وقت خاص Me time مستقطع من المسئوليات وروتين الحياة المعتاد، ولذا فإن المواثيق الدولية والمحلية أجمعت على الحق في الإجازة، وأن "لكل شخص الحق في الراحة وأوقات الفراغ".
وعلى الرغم من أن الأمومة هي الوظيفة الأصعب والأهم، إلا أن الأمهات نادرًا ما يحظين بهذا الحق، بل وتقع في الشعور بالذنب والتقصير إذا ما استمتعت بأي شيء بعيدًا عن أطفالها، ولكن هذا الأمر له تأثير عكسي، فالتضحية الزائدة لا تؤثر سلبًا على الأم وحدها، بل وعلى أسرتها كذلك، وتجعلها أكثر عصبية وصراخًا، وتفقد حماسها وحيويتها كأم مما يؤثر سلبًا على أطفالها.
يقولون؛ عليك أن تكون سعيدًا حتى تُسعد من حولك، ففاقد الشيء لا يعطيه، وأجمل ما تمنح الأم لأطفالها هو استقرارها النفسي وابتسامتها، لذا فإن اهتمامك بنفسك ليس قرارًا أنانيًا، فلن يمكنك الاستمرار في العطاء بدون شحن طاقتك، والحصول على وقت مستقطع في فضائك الخاص تستعيدين فيه شغفك واستمتاعك بالحياة.
ويأتي السؤال المهم: كيف أحصل على وقت خاص لنفسي في ظل المسؤوليات الكثيرة؟
وسواء كنتِ أمًا عاملة، أو ربة بيت، فإن استقطاعك لوقت خاص بكِ بعيدًا عن مطالب الأبناء، والرد على أسئلتهم، والقيام بالمهام المنزلية المختلفة، ليس أمرًا سهلاً، ولكنه ليس مستحيلاً، وإليك بعض الأفكار التي تساعدك في الحصول على وقت مستقطع تشعرين فيه بالسلام والهدوء، وتجددين طاقتك:
1ـ اهتمامك بنفسك ينبغي أن يكون في أعلى قائمة مهامك اليومية، قد يتطلب ذلك منك تأجيل بعض المهام الأخرى، ولكن المهم ألا يكون وقتك الخاص هو المؤجل بعد فراغك من المسؤوليات، لأن المسؤوليات قد لا تنتهي، اجعليه قرارًا وليس اختيارًا، ضعيه في البداية ولا تجعليه على هامش اليوم.
2ـ تحرري من وهم المثالية: تعلق كثير من الأمهات تحت ضغط المثالية، وهو بالإضافة لكونه مفهومًا جدليًا وغير محدد يجعل الأم دومًا وكأنها تلاحق كل شيء، وأيضًا يأتي على حساب صحتها الجسدية والنفسية، تذكري أن مثالية البيت والأبناء ليست أهم منك.
ليس مطلوبًا ولا طبيعيًا أن يكون البيت مرتبًا على الدوام، فمن الطبيعي أن يتحرك الأطفال ويثيرون الفوضى، ورغبتك في مثالية مظهر البيت باستمرار ستوقعك في فخ التنظيف والتنظيم المستمر المبالغ به.
3ـ الروتين الجيد: تنظيم الوقت جيدًا، ووجود روتين للتنظيم والمذاكرة والطعام وغيرها من الأمور والمهام من أكثر الأشياء التي تساعد الأم على إبقاء الأمور تحت السيطرة، وفي الوقت نفسه قادرة على الحصول على وقتها الخاص.
جدولي المهام على مدار الشهر والأسبوع واليوم، لست مضطرة لأداء الأشياء يوميًا، ففي وجود جدول عملي ومرن ستحافظين على نظام البيت والأسرة بدون طغيان المهام على وقتك كله.
4ـ ساعة مبكرًا: من أكثر الطرق العملية والمجربة لدى العديد من الأمهات هو الاستيقاظ ساعة مبكرًا قبل بقية الأسرة، وحصولك على النوم الكافي ليلًا يساعدك على الاستيقاظ نشيطة والحصول على هذه الساعة المميزة.
كوني رحيمة بنفسك واجعلي النوم الصحي الليلي ولعدد ساعات كافية من أهم أولوياتك، قد يكون الأمر صعبًا في حالة وجود طفل حديث الولادة، ولكن تنظيم الوقت، ووضع نفسك كأولوية يساعدك على ذلك، فقلة النوم من أهم أسباب التوتر والقلق وعدم التركيز والعصبية، واضطرابات الأكل، وسوء المزاج.
5ـ تفويض المهام: فوضي ما يمكنك من المهام، ليس مطلوبًا منك القيام بكل شيء بنفسك وعلى أتم وجه، التفويض من المهارات الإدارية الهامة، والأم هي مدير يعمل على مدار الساعة، واستغلالها لهذه الأداة يساعدها كثيرًا على توفير الوقت وحسن استغلاله.
يمكنك على سبيل المثال: الاتفاق مع ابنك/ ابنتك الأكبر سنًا مساعدة أخيه الأصغر في أداء الواجب المدرسي، وهذا لن يريحك فقط، وإنما سيعزز العلاقة بينهما، وسيشعر الكبير بواجبه وأهميته.
كما يمكنك تفويض الكثير من المهام المنزلية إلى مساعدة متخصصة، أو تعويد أطفالك التعاون، وستندهشين كم يمكن للصغار أن يؤدوا أعمالا كثيرة، ربما بكفاءة أقل، ولكنهم مع الوقت سيتقنون، والأهم سيتعودون على المشاركة، وتحمل المسؤولية.
6ـ المساعدة: لا تخجلي من طلب المساعدة، ودعي عنك الأفكار البالية التي تصور الأم المثالية كائنًا خارقًا يؤدي كل شيء بنفسه ولا يطلب العون.
الحياة الأسرية ليست لحنًا بعزف منفرد، فمشاركة الأب ضرورية، والاستعانة بالأجداد، أو الأصدقاء يمكن أن تشكل فارقًا ملحوظًا، كما يمكنك الاستعانة بمراكز الرعاية النهارية أو المسائية، أو جليسة أطفال.
7ـ استغلال الوقت بكفاءة: إذا لم يكن لديك سوى ساعة واحدة فقط يوميًا، أو حتى نصف ساعة للحصول على وقتك الخاص، فأحسني استغلالها، وينصحك الخبراء بالابتعاد عن الشاشات، فالتصفح بلا هدف لوسائل التواصل الاجتماعي ليس الاختيار الأمثل، ومشاهدة التلفاز بدون اختيار محدد قد يغرقك في الطاقة السلبية ويشتت ذهنك أكثر.
نعم قد تشاهدين فيلمًا أو برنامجًا ممتعًا، أو تقضين وقتًا مفيدًا على الإنترنت، ولكن تظل الاختيارات الأفضل لشحن الطاقة هي التي تقتربين فيها من نفسك بشكل حيوي أكثر، مثل: المشي في الهواء الطلق ووسط الطبيعة، التأمل، وممارسة الرياضة، والقراءة، ومقابلة الأصدقاء، والاستمتاع بهواية، والعناية بالجسم، وغيرها.
8ـ كهف المرأة: في السابق كان للرجل ركنًا خاصًا في المنزل لممارسة هواياته، أو تصليح الأشياء، أو الاسترخاء بعيدًا عن بقية أفراد الأسرة، وعُرف هذا الركن بـ Man Cave أو كهف الرجل، ولكن مع زيادة الوعي بدور الأم وكثيرة الضغوط عليه وأهمية دعمها، أصبح ركنها الخاص في المنزل هو الأهم، ويُعنى العديد من مصممي المنازل، وخبراء الديكور بتقديم أفكار مختلفة ومبتكرة لركن المرأة في المنزل، والذي يُعرف بـ She Shed، ويأتي بأفكار متنوعة تصلح للمساحات المنزلية المختلفة، وتحمل طابعًا أنثويًا محببًا بألوانه وتصميمه المميز، وهو مساحة صغيرة ولكنها خاصة بالأم تنفرد فيها للاسترخاء أو ممارسة هواياتها، ويحترم الزوج والأبناء هذا المكان.
9ـ استغلال الأوقات البينية: إذا لم تتمكني من الحصول على وقت مستقطع بعيدًا عن الأطفال، فلا تيأسي، يمكنك الحصول على وقتك الخاص في هذه الأثناء، ركزي على يومك وابتكري في استغلال الأوقات البينية، وجعل بعض المهام أكثر ترفيهًا، وإليك هذه الأمثلة:
ـ أخذ حمام طويل ومنعش: وفري لأطفالك مساحة آمنة واشغليهم ببعض الأمور المحببة، مثل التلوين، أو مشاهدة برنامج ممتع، واستمتعي باستحمام منعش لمدة لا تقل عن 20 دقيقة، ويمكنك وضع بعض الشموع العطرية للمزيد من الاسترخاء وتغيير الحالة النفسية للأفضل، هذا العمل تقومين به بشكل روتيني، ولكن مع بعض اللمسات، وزيادة الوقت يمكنك تحويله لوقت مستقطع مثالي.
ـ الرقص: للرقص بأنواعه المختلفة تأثير فائق وفوري على تحسين المزاج، فقلة الحركة من أهم مثبطات السيروتونين وغيره من الناقلات العصبية المسببة للسعادة، ويمكنك إشراك أطفالك في هذا الوقت اللطيف، والرقص جميعًا بشكل مبهج وعفوي يشيع المرح، ويجدد الطاقة.
10ـ خطة مقترحة: لا توجد خطة واحدة تصلح لجميع الأمهات، فالظروف تختلف إلى حد كبير، ولكن بشكل عام ومتوسط فإن ساعة في اليوم، ونصف يوم في الأسبوع، ويومان في الشهر، قد يكون مناسبًا للكثير من الأمهات، وبينما لا تتيح الساعة اليومية الفرصة للكثير من الأنشطة، فإن نصف يوم في الأسبوع يوفر الفرصة لقضاء عدة ساعات مع الأصدقاء، أو في نشاط خارجي، كما تمنحك الإجازة الشهرية بعيدًا عن البيت فرصة لقضاء وقت مميز مع الزوج لكسر الملل واستعادة الرومانسية.