الخرائط الذهنية.. طريقك للإبداع وتطوير حياتك
الخريطة الذهنية (Mind Map) تساعدك على تنظيم وتطوير الكثير من جوانب حياتك، وتعمل على تقوية الذاكرة، وحل المشكلات، وتنظيم الوقت، وتمرين العقل على استخدام مهارات التفكير المختلفة، فهي تنشط جانبي المخ الأيمن والأيسر مما يعزز التفكير المتكامل.
في هذا المقال نتعرف على استخدامات الخريطة الذهنية، وفوائدها، وطريقة وضع وتخطيط الخريطة الذهنية.
الخريطة الذهنية هي أداة للتفكير البصري يمكن تطبيقها على جميع الوظائف الإدراكية، وخاصة الذاكرة والتعلم والإبداع والتحليل، وتتضمن مجموعة متميزة من الصور والألوان والترتيب المكاني المرئي، وفيها يتم تخطيط الأفكار باستخدام الكلمات الأساسية التي تؤدي إلى تكوين روابط في الدماغ لإثارة المزيد من الأفكار.
وأثبتت الخريطة الذهنية فعاليتها في تعامل العقل مع المعلومات، حيث تعمل على تحويل قائمة طويلة من المعلومات الرتيبة إلى رسم تخطيطي ملون لا يُنسى ومنظم للغاية، وهي تشبه خريطة مدينة في الوسط مركزها وهو الفكرة الرئيسية، وتمثل الطرق الرئيسية المتفرعة منه الأفكار الكلية والأساسية، والطرق الأكثر تفرعًا الأفكار الثانوية، بينما تشبه الصور والرموز الخاصة المعالم المهمة على الخريطة والتي تمثل الأفكار الهامة.
تتميز بأنها تستخدم الجانبين الأيمن والأيسر في الدماغ لتحقيق الفائدة القصوى والمتكاملة، فمن ناحية الدقة والتحليل تستخدم هيكلا تنظيميا وتسلسل منطقي، ومن ناحية الإبداع تستخدم الرموز والصور والألوان، بشكل يجعل المهارات الإبداعية والتحليلية في انسجام.
أثناء قيامك بإنشاء الخريطة الذهنية، يعمل نصفي الدماغ الأيمن والأيسر جنبا إلى جنب، حيث تستخدم مجموعة واسعة من وظائف الدماغ فيهما، مثل إدارة المشاعر والخيال، والخطوط والألوان، والمنطق والذاكرة والأرقام والتعبير اللفظي ورؤية الصورة الكاملة، والتخطيط للمستقبل، لذا فإنه بالإضافة إلى فوائدها الأساسية تعد تمرينًا ممتازًا للعقل.
وأثبتت دراسة أجريت في كلية الطب بجامعة لندن عام 2002 أن طلاب الطب الذين استخدموا الخرائط الذهنية في دراستهم ازداد تذكرهم للمعلومات على المدى الطويل بنسبة 10%.
ولزيادة فعالية الخريطة الذهنية، يمكنك إضافة الرسوم التوضيحية، ليس عليك أن تكون فنانًا فكل رسم تخطيطي بسيط سيساعد عقلك في رسم الخريطة وتذكرها.
وأيًا كان نمط شخصيتك فإن الخرائط الذهنية ستفيدك، فهي تقوم بوظيفتين أساسيتين لا غني لأحد عنهما: الأولى هي تنظيم الأفكار والمعلومات، والثانية هي العصف الذهني، مما يساعد العقل على التحرر بشكل كبير، والتخلص من التشتت، والخروج بأفكار جديدة وإبداعية.
سواء كنت ممن يرون الصورة الكلية وتغيب عنهم التفاصيل، أو على العكس كنت ممن يغرق في التفاصيل فيضيع الهدف أو الفكرة المحورية، فإن الخريطة الذهنية ستساعدك على تقوية نقطة ضعفك، وستحدث فارقًا إيجابيًا في حياتك في الحالات الآتية:
ـ عندما يسيطر عليك الشعور بالإحباط أو الضغط وأنك مثقل بالتفاصيل والكثير من المعلومات والمهام، فهي ستفيدك في تجميع أفكارك وعدم النسيان، ومن الأمثلة على هذا: التحضير للامتحان، أو لمشروع جديد.
ـ وعندما تشعر بتدفق الأفكار وكأن عقلك كإناء لم يعد يتسع للماء بداخله فأصبح ينسكب في كل مكان، فإنها ستساعدك على تنظيم أفكارك وترتيب أولوياتك.
ـ عندما تشعر بضغط في منطقة ما في حياتك ( المذاكرة- الصحة – الأبوة- الأمومة- العمل...) فإن الخريطة الذهنية ستساعدك على وضع خطة فعالة للتعامل معها.
يمكن رسم الخرائط يدويًا على الورق، أو باستخدام التطبيقات الإلكترونية، ولكن الكثيرين يفضلون الطريقة الورقية لأنها تحث على الإبداع وسلاسة الأفكار بشكل أكبر.
كل خريطة ذهنية فريدة من نوعها، ولكن السمة التي تجمعها هي أنها تبدأ بفكرة رئيسية في الوسط ثم تتفرع مثل أغصان الشجرة، وإذا كنت تشعر بأن لديك أكثر من موضوع رئيسي في عقلك، فلا تتردد في القيام بأكثر من خريطة.
وفي بعض الأحيان بعد أن تفرغ أفكارك في الخرائط الذهنية تلاحظ اتصالا بينها لم تكن تلحظه من قبل، فإذا وضعت خريطة ذهنية لموضوع الحمية الغذائية، وأخرى لموضوع "تنظيم المنزل"، قد تلحظ أنهما متصلتين بخريطة أخرى أكبر وضعتها "للسلام النفسي أو العافية" وكلاهما مكون أساسي فيها.
استخدم القلم الرصاص لسهولة التعديل، وابدأ في منتصف الورقة واكتب الموضوع في دائرة، ثم وبدون تفكير طويل ابدأ في التفرع، وأضف الفئات الفرعية كما يتدفق عقلك، اكتب بحرية فليس من الضروري أن تكون أنيقًا ومرتبًا، ولا تقلق كثيرًا حول وضع الأشياء في الموضع الصحيح، فبعد قليل من إخراج الأفكار وتفريعها ستصبح متسلسلة وواضحة، وقد تحتاج إلى عمل خريطة كمسودة ثم تعيد رسمها بعد تجميع أفكارك.
5 خطوات لوضع الخريطة الذهنية على الورق:
1ـ إنشاء الفكرة المركزية
الفكرة الأساسية هي نقطة الانطلاق في الخريطة الذهنية، وتمثل الموضوع الذي ستستكشفه.
يجب أن تكون فكرتك المركزية في منتصف الصفحة، وأن تتضمن صورة تمثل الموضوع، فهذا يحفز الانتباه والارتباطات العقلية، حيث تستجيب أدمغتنا للمنبهات البصرية بشكل أفضل.
إمضاء بعض الوقت في تشكيل الفكرة المركزية سواء كانت بالرسم اليدوي أو الإلكتروني يعزز اتصالك بالمحتوى الموجود في عقلك حولها.
2ـ إضافة فروع
الخطوة التالية لتدفق إبداعك، هي إضافة الفروع الرئيسية المنبثقة من الصورة المركزية للموضوع الرئيسي، ثم استخرج منها الموضوعات الأكثر فرعية.
يكمن جمال الخريطة الذهنية في أنها تتيح الفرصة لإضافة فروع جديدة باستمرار، ولا تقتصر على خيارات قليلة، دع لعقلك الحرية وضع ما شئت من الفروع.
3ـ إضافة الكلمات الأساسية
عند إضافة فرع إلى الخريطة الذهنية ستحتاج إلى تضمين فكرة جديدة، أحد المبادئ المهمة لرسم الخريطة الذهنية هو تقليل الكلمات المستخدمة للفروع، على سبيل المثال: بدلا من أن تعنون لفرع بـ" حفلة عيد ميلاد"، اقتصر على "عيد ميلاد" فقط، فهي كلمة رئيسية تسمح بفروع عديدة مثل: الهدايا، والكعك، وما إلى ذلك.
4ـ التلوين
استخدام الألوان من العناصر الأساسية لرسم الخريطة الذهنية، فمن المفترض أن يكون لكل فرع رئيسي وثانوي لونه الخاص، وهذا له أسباب عديدة، منها: أن الألوان تجعل الخريطة أكثر جاذبية وإثارة للانتباه، كما أنها تساعد على التذكر والتصنيف بشكل أكبر، ولكن السبب الأهم هو أن الألوان تحفز الجانب الأيمن من الدماغ المتعلق بالإبداع أثناء نشاط الجانب الأيسر في التحليل مما يؤدي إلى تشجيع نمط التفكير المتكامل The Whole Brain thinking.
5ـ تضمين الصور
تمتلك الصور القدرة على نقل المعلومات أكثر من الكلمات والجمل، حيث تتم معالجتها على الفور في الدماغ، وتكون بمثابة محفزات بصرية لاستدعاء المعلومات، كما أنها لغة عالمية تتخطى حواجز اللغات.
10 استخدامات مختلفة للخرائط الذهنية تساعدك على تطوير حياتك:
1ـ تدوين الملاحظات: الخريطة الذهنية طريقة رائعة للطلاب لتنظيم وجمع المعلومات التي يتلقونها، فهي تمكنهم من تدوين أهم المعلومات باستخدام الكلمات الأساسية، والاتصال بينها وبين الحقائق والمعلومات الأكثر تفصيلا بشكل مرئي، والاحتفاظ بجميع أفكار الموضوع في ورقة واحدة مما يسهل الحفظ والاستيعاب.
وتتيح برامج الخرائط الذهنية الإلكترونية إمكانية إرفاق ملفات ومقاطع فيديو ومستندات وروابط ويب، وتعديلها والإضافة إليها باستمرار، لتصبح مثالية لمراجعة قبل الاختبار.
2ـ التخطيط لمقال أو مشروع: تساعد الطلاب، والكتَّاب والصحفيين على إنجاز المقالات التي تطلب منهم باستمرار، وإنشاء هيكل منطقي للمقدمة والفقرات الرئيسية والاستنتاج.
3ـ جلسات العصف الذهني: الحرية في رسم الخريطة يسمح بتدفق الأفكار والانتقال بين المواضيع دون التقيد بقائمة.
4ـ دراسة الأجزاء الصعبة: الأجزاء الصعبة في المناهج الدراسية يسهل فهمها مع الخريطة الذهنية، فعملية تفكيك المعلومات وترتيبها والوصل بينها تبسطها كثيراً.
5ـ تحضير عرض تقديمي: العروض التقديمية لا بد منها في المدارس وأماكن العمل، وعلى خلاف الطرق التقليدية تجذب الخريطة الذهنية انتباه الحضور بوضع المقترح الرئيسي في المنتصف، واستخدام القصاصات الفنية والرموز للتعبير عن أجزاء المقترح.
6ـ كسر العادات السيئة: العادات هي التي تشكل حياتنا ومستقبلنا، وعن طريق الخرائط الذهنية يمكنك كسر العادات السيئة، وبناء عادات جيدة، ولكن الخبراء ينصحون بوضع النتائج المرغوبة في المنتصف بدلا من العادة السيئة، ليكون التركيز على الشيء الإيجابي، فمثلا: إذا كنت تريد أن تقلع عن التدخين، وتقلل من استخدام السكر، فضع في منتصف الخريطة النتيجة المرغوبة وهي: "العافية" أو "الصحة الجيدة"، وإذا كنت تريد الإقلاع عن الغضب والعصبية الزائدة فلا تضع هذه العادة في المنتصف فيزداد تركيزك عليها، بل ضع النتيجة المرغوبة وهي "السلام النفسي" كموضوع رئيسي في خارطتك، ثم أخرج منها التفريعات الأساسية والثانوية.
7ـ تنظيم الوقت: بديل عن قائمة المهام التقليدية للتخطيط لليوم أو الشهر أو العام.
8ـ إثراء روح الفريق: والتي تعد سمة أساسية للمؤسسات الناجحة، وعن طريق الخرائط الذهنية يمكن إدخال آراء ومقترحات أعضاء الفريق في الموضوع بطريقة ديناميكية، أو تعليقها لمناقشتها لاحقا.
9ـ أداة تربوية فعالة: يمكن للآباء والمعلمين استخدام الخرائط الذهنية لتطوير طلابهم من ذوي صعوبات التعلم، أو اكتشاف وتنمية المواهب، وعلاج المشكلات السلوكية.
10ـ اتخاذ القرار: سواء كان قرارًا شخصيًا أو مهنيًا فإن الخريطة الذهنية تسمح بتقييم العوامل المختلفة، وإدراج البدائل، وتوضيح السلبيات والإيجابيات للوصول إلى قرار مستنير.
وختامًا فإن الخريطة الذهنية من الأدوات الحديثة الفعالة في تنظيم العقل وإطلاق الإبداع، وهناك العديد من التطبيقات التي تسهل وضعها، كما يمكن رسمها بشكل يدوي، ولا تحتاج إلى فنان أو متخصص للقيام بها، يمكنك تجربتها الآن.