سنوات الزواج الصعبة وأهم مراحل الزواج
البحث عن السعادة الزوجية من الهواجس التي تشغل تفكير معظم المتزوجين، قد تبدأ محاولات الزوج والزوجة بإصلاح زواجهما داخلياً، لكن سرعان ما يفقدان الأمل ويتحول جهدهما إلى التعامل مع آثار التعاسة الزوجية من خلال إيجاد بدائل ممتعة خارج الزواج سواء على الصعيد الجسدي أو العاطفي أو النفسي، ما يزيد من تعقيد الأمور.
لكن هل هناك وصفات جاهزة للسعادة الزوجية؟ هل هناك أسرار تجعل الحياة الزوجية أكثر استقراراً؟ وهل تمر العلاقات الزوجية بمراحل متشابهة؟ لنتحدث عن أكثر سنوات الزواج صعوبة وكيف يمكن تجاوزها بسلام.
يقول الطبيب والمعالج الفرنسي بول تورنيي أنه تزوج ست مرات من المرأة نفسها، يشير بذلك إلى أنَّ كل مرحلة جديدة من حياته الزوجية كانت تشبه إلى حد بعيد زواجاً جديداً.
وقد حاول العديد من الكتاب والباحثين ومستشاري العلاقات الزوجية أن يضعوا تصوَّراً لمراحل الحياة الزوجية، فمنهم من قسم مراحل الزواج حسب التغيرات بالمشاعر، ومنهم من قسمها كمراحل زمنية ومنهم من وضعها في تقسيم يعتمد على تطور التفاهم بين الزوجين.
لذلك نجد تصنيفاً فيه سبع مراحل للزواج، وآخر فيه أربع مراحل أو غير ذلك، ولا يمكن القول أن أحد هذه التقسيمات والتصنيفات صحيح بالمطلق، هي مجرد وجهات نظر ومحاولات لتقديم الدعم للأزواج من أجل حياة زوجية سعيدة.
فعلى الرغم أن العلاقة الزوجية بين كل زوجين هي علاقة فريدة بتفاصيلها كما سنبيِّن لاحقاً، لكن هذا لا يمنع من وجود بعض الخطوط العريضة التي توضح أكثر مراحل العلاقة الزوجية حساسية، ويمكن تسميتها مطبات العلاقة الزوجية التي يواجهها الزوجان مع مرور الزمن.
من أكثر التصنيفات شيوعاً هو تقسيم السنوات العشرة الأولى من الزواج إلى أربع مراحل، حيث يمر الزواج بمرحلة حساسة كل سنتين تقريباً حتى السنة العاشرة ليستقر على حاله سواء كان تعيساً أو سعيداً، وأهم هذه المطبات هي التي يمر بها الزوجان في السنوات:
- السنة الأولى: قد تكون الأسابيع أو الشهور الأولى فترة رومانسية مليئة بالحب والتفاهم، لكن سرعان ما تظهر مشكلات التعارف وفهم الآخر في حالات الزواج التقليدي أو الخطوبة القصيرة، ومشاكل الصدمة أو خيبة الأمل في حالات الحب والخطوبة الأطول.
- السنة الثالثة: السنة الثانية من الزواج هي استراحة محارب، حيث تعود المشاكل مجدداً في السنة الثالثة نتيجة نفاذ الصبر حول بعض الأمور العالقة والشعور بالملل من العلاقة أو حتى الندم على الزواج.
- السنة الخامسة: غالباً ما ترتبط مشاكل السنة الخامسة بفكرتين أساسيتين، الأولى هي تأسيس الأسرى الكبيرة مع وجود الأولاد والتخطيط للمستقبل، والثانية هي الملل والروتين.
- السنة السابعة: تعتبر مشاكل السنوات الثالثة والخامسة هي الأصعب على الإطلاق، وتجاوزها بسلام من خلال حلها وتذليلها يمهد لعلاقة زواج سعيدة قد تستمر حتى الموت، أما القفز فوقها وتركها عالقة من دون حلول يعني الدخول بمشاكل جديدة والاستمرار بالخلافات القديمة، لتأتي السنة السابعة كفترة انقلاب جديدة في حياة الزوجين.
- هل تنتهي المشاكل فيما بعد؟: فعلياً فإن تعامل الزوجين مع الخلافات الزوجية على مدى المطبات الأربعة التي ذكرناها هو ما يحدد شكل وصورة العلاقة في المستقبل، قد تكون جحيماً مستمراً أو نعيماً يجب الحفاظ عليه ليستمر، ولا يمكن القول أن تخطي سنوات الخلافات الزوجية يعني النجاة من خطر التعاسة أو الانفصال، لكن حسن التصرف بلا شك سبب وجيه من أسباب الاستقرار الزوجي.
من التصنيفات الشائعة أيضاً لمراحل الزواج تصنيفها حسب دورات نمو المشاعر وتبدلها، وذلك على ثلاث مراحل هي:
- الرومانسية: عادةً ما تبدأ مرحلة الحب والرومانسية قبل الزواج خاصة في الزيجات غير التقليدية، وتمتد إلى الشهور الأولى من الزواج حيث تبدو الحياة جميلة غالباً وتبدو الروابط قوية، لكن ما الذي يحصل فيما بعد؟!.
- خيبة الأمل: قد تبدأ خيبة الأمل منذ اليوم الأول للزواج خاصة إذا كانت معرفة الزوجين ببعضهما محدودة، وعادة ما تكون خيبة الأمل مرتبطة بسلسلة التوقعات المسبقة التي يضعها كل طرف عن الآخر، هذه التوقعات التي تنهار تباعاً بعد انتهاء أيام العسل الأولى.
في الحالة الطبيعية تكون خيبة الأمل نتيجة اختلافات عادية بين الصورة التي رسمناها وبين الواقع، والمخاض العسير هو تقبُّل هذه الاختلافات وفهمها، وفي الحالات الخاصة قد تكون الاختلافات جوهرية وكبيرة وأعمق مما نستطيع فهمه أو التأقلم معه. - الحب الناضج: يصارع الزوجان في مرحلة خيبة الأمل لفهم وضعهما الواقعي بعيداً عن الخيالات والتوقعات المسبقة والأوهام، البعض ينجح والبعض لا.
وفي حال تمكَّن الزوجان من فهم الاختلافات وتجاوز مرحلة خيبة الأمل من خلال تفاهمات واقعية متبادلة؛ فهما يدخلان في مرحلة الحب الناضج، حيث تتحول العلاقة إلى تفاهم عميق واتفاق على خطة الحياة، لا يشترط أن يكون الزواج سعيداً بالمطلق، لكنه على الأقل مستقر، وفي حالات أخرى قد يستمر الزواج عالقاً في مرحلة خيبة الأمل إلى ما لا نهاية.
في كتابهما مراحل الزواج السبعة حددت المؤلفتان ريتا ديماريا وساري هرر سبع مراحل يمر بها كل زواج، هذه المراحل ليست بعيدة عن مراحل السنوات أو مراحل دورات النمو لكنها أكثر تفصيلاً ووضوحاً، وهي:
- الشغف: مرحلة الشغف متفق عليها في جميع التصنيفات على اختلاف تسميتها، فهي البداية الهادئة وهي مرحلة الرومانسية، لكن هذا لا ينفي أن بعض الزيجات تدخل منذ اليوم الأول في النفق المظلم.
- الإدراك والتحقق: مرحلة الإدراك والتحقق عندما تبدأ الهالة تختفي وتظهر العيوب الصغير والمنغصات البسيطة في الحياة اليومية للزوجين، لكن هذه الاختلافات البسيطة ينظر إلهيا كل من الزوجان بعدسة مكبرة لأنه لم يكن يريدها ولا يتوقعها، كل واحد منهما يتمنى ببساطة زواجاً مثالياً.
- مرحلة التمرد: هذه المرحلة ببساطة هي العودة إلى التفكير الأناني، عندما يرغب كل من الزوجان بتحقيق نفسه ويشعر أن الزواج يعيقه بطريقة ما، قد تشعر الزوجة أنها مسلوبة الحرية ولا تستطيع الاستمتاع بحياتها الشخصية كما في السابق، قد يشعر الزوج أنه خسر الكثير من استقلاليته، ولكل شخص طريقته الخاصة بالتعامل مع هذه المرحلة التي تنعكس بصورة مباشرة على الاستقرار الزوجي.
وقد ترتبط هذه المرحلة أيضاً بالقرارات المنفردة التي يتخذها الشريك والتي قد تؤدي إلى إعادة النظر بحدود العلاقة وصلاحيات كل طرف وواجباته تجاه الآخر. - التعاون الزوجي: مرحلة التعاون يمكن تحديدها بالقول أنها مرحلة التغاضي عن كل شيء لصالح الأسرة، وغالباً ما يبدأ التعاون الحثيث بين الزوجين بمواجهة الضغوط المادية المتنامية مع وجود الأطفال وتعاظم احتياجات الأسرة، وقد تستمر هذه المرحلة لفترة طويلة يتخللها بعض المطبات الزوجية.
- إعادة إحياء الزواج: أو لم الشمل أو إعادة النظر، هذه المرحلة غالباً ما تترافق مع الوصول إلى الاستقرار المادي والاجتماعي، وقد ينظر بعض الأزواج إلى هذه المرحلة كنقطة لإعادة بناء التفاهم أو كنقطة تحول لإيجاد مخرج من العلاقة حسب تاريخهم الزوجي، وعادة ما تبدأ هذه المرحلة بعد 15 سنة زواج تقريباً.
- الانفجار: مرحلة الانفجار لا تدخل ضمن الترتيب، فهي قد تحصل في أي مرحلة من عمر الزواج، حيث ترتبط مرحلة الانفجار هذه بأحداث ضاغطة على الصعيد الشخصي لأحد الشريكين، كفقدان الوظيفة أو التعرض لمشكلة شخصية، وإذا لم تكن بيئة الزواج داعمة ومساعدة فقد تكون مرحلة الانفجار الانعطاف الأخطر في فترة الزواج كاملة.
- التكامل: حتى الأزواج الذين عاشوا حياة طويلة من الخلافات الزوجية وانعدام التفاهم والانسجام، يصلون إلى مرحلة من السلام والتفاهم الغريب، لقد عاشا معاً سنوات طويلة حتى أصبح أحدهما يفهم الآخر دون الحاجة إلى الكلام أو الشرح، ومع استقلال الأبناء وانخفاض الضغوط والمسؤوليات يميل الزوجان إلى التكامل مع بعضهما أكثر من أي قت مضى في سنواتهما الأخيرة.
نحن نؤمن أن السعادة الزوجية لا يمكن الوصول إليها من خلال وصفة جاهزة، لكن هناك بعض المفاهيم والأفكار والأمور التي تلعب دوراً كبيراً في فهم وإعادة تقييم العلاقة الزوجية، وقد تكون مدخلاً لتحقيق السعادة الزوجية، أبرزها:
- العلاقة الزوجية الفريدة: لمَّا كانت شخصية الفرد فريدة بشكل كبير ومميزة بذاتها مهما تشابه الناس ببعض الصفات أو الخصال أو العادات، وعندما كان الزواج هو اجتماع بين شخصين فريدين في تجربة مشتركة ومصير واحد؛ فإن العلاقات الزوجية أيضاً فريدة إلى حد بعيد، ومهما كانت المشاكل متشابهة بين الثنائيات فإن الحلول من الصعب أن تتطابق.
النظر إلى العلاقة الزوجية من هذا الباب يساعد الأزواج في البحث عن حلول ذاتية وداخلية، يساعدهم على فهم أعمق لمشاكلهم وتشخيص أسبابها بطريقة صحيحة، لذلك يعتبر فهم فرادة العلاقة الزوجية أمراً مهماً في تحقيق السعادة الزوجية.
هذا لا ينفي بكل تأكيد أهمية طلب المساعدة من مستشار زوجي أو من أشخاص نثق بهم، لكن التطبيق الأعمى للاستشارات والنصائح وخاصة نصائح الأقارب أو من يعتقدون أنهم أصحاب تجارب مهمة؛ غالباً ما يقود إلى مشكلة أكبر. - التفاهم الجنسي: ليس غريباً القول أن تلبية الرغبة الجنسية بطريقة مشروعة واحد من أهم دوافع الزواج، لذلك فإن وجود مشكلة ما في العلاقة الجنسية بين الزوجين قد يعكر صفوهما بشكل يفوق التصورات، فيما يعتبر الرضا الجنسي عاملاً واضحاً من عوامل الاستقرار والسعادة الزوجية.
ويقوم التفاهم الجنسي على معادلة بسيطة؛ وهي أن الصراحة مع الذات والصراحة مع الشريك تقود لعلاقة جنسية صحية وسوية، والبحث عن طرق كسر الروتين الجنسي ينشط السعادة الزوجية بشكل مستمر. - الأمان والاستقرار: الفرق الرئيسي بين الزواج وأنماط العلاقات الأخرى بين الجنسين أن الزواج ارتباط مصيري يفترض أن يكون مستمراً، بالتالي فإن الشعور بالأمان والاستقرار من أهم أسباب الوصول إلى السعادة الزوجية.
- الاحترام المتبادل: على الرغم من أهمية الحب والشغف لتحقيق السعادة الزوجية إلى أن الاحترام المتبادل بين الزوجين أهم من الحب، فالعلاقة التي تقوم على المحبة والشغف من غير احترام مصيرها الفشل، أما العلاقة التي تقوم على الاحترام والتقدير بغير حب ففرصها بالنجاح مرتفعة جداً.
- المساحات الشخصية: من أهم مفاتيح السعادة الزوجية قدرة الشريك على ترك مساحة شخصية لشريكه، منحه الوقت لممارسة هوايته أو الترفيه عن نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة، ومساعدته في إيجاد الفرصة الملائمة للاستمتاع بوقته الشخصي.
- الوفاء والإخلاص: على الرغم من استمرار الكثير من الزيجات بعد الخيانة الزوجية إلى أنها نادراً ما تستمر بطريقة سوية أو طبيعية، فالوفاء والإخلاص للشريك يعتبر واجباً وحقاً لا تقوم الحياة الزوجية السعيدة بدونه.
أخيراً... كما ذكرنا فإن السعادة الزوجية لا يمكن أن تتحقق بوصفة جاهزة، لكن فهم مراحل الزواج وفهم العناصر الأساسية للسعادة الزوجية قد يكون بداية موفقة في طريق السعادة الزوجية.