البخل عند الأطفال والتعامل مع الطفل البخيل

ما المقصود ببخل الأطفال؟ وما هي خصائص وصفات الطفل البخيل؟ وما آثار صفة البخل على شخصية الطفل؟ لماذا يتعلم بعض الأطفال البخل؟ وكيف يمكننا وقاية أطفالنا من تعلم البخل؟
البخل عند الأطفال والتعامل مع الطفل البخيل
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

من غير المألوف أن يتصف الطفل بسمة البخل، وربما قد ينتقد البعض هذه الفكرة من ناحية أن الأطفال لا يدركون أو يقدرون بشكل كبير ودقيق قيمة الأشياء ومعنى أن يخسروها وبالتالي لا يمكن أن تجتمع العوامل المكونة لصفة البخل في شخصيتهم، والحقيقة أنه لا خلاف على هذا الأمر ولكن بالنظر لفكرة سلوك أو طابع البخل من ناحية تحليلية من حيث الأشكال والخصائص، يمكن أن نلاحظ بعض هذه الأشكال من البخل عند الأطفال ولكنها قد تختلف من حيث جوهرها وسببها عمّا هو معروف من أشكال البخل عند الكبار، فما المقصود بالبخل عند الأطفال وما هي أشكاله وخصائصه وأسبابه؟

البخل كصفة تعتبر مفهوم واضح ولا يحتاج إلى تفسير، ولكن عند الربط بين هذه الصفة وبين الأطفال فالأمر لا يخلو من الغموض والاستغراب، ولهذا يمكن توضيح المفهوم بأنه اجتماع مجموعة من الخصائص السلوكية والصفات النفسية في شخصية الطفل مثل الأنانية وحب التملك وغيرها من الصفات التي عادةً ما تميز سلوك الشخص البخيل، وبقدر وجود هذه الصفات عند الطفل ودرجة تأثره بها يمكن تحديد درجة اتصافه بالبخل.
 

animate

إذاً بحسب تعريف مفهوم بخل الأطفال فهناك مجموعة من الخصائص والصفات التي يجب أن تجتمع معاً لتكوين صفة البخل، ومن خلال معرفة هذه الصفات وتفنيدها يمكن علاج مشكلة البخل عند طفلنا أو التقليل من أثرها قدر المستطاع، وهنا نذكر بعض هذه الخصائص وكيف يكون أثرها، ومنها:

- الأنانية وعلاقتها بالبخل: تعتبر الأنانية صفة ملازمة لشخصية الطفل البخيل إلى درجة قد تصل لحد الاقتران الشرطي، فكلما وجد البخل سوف تتواجد الأنانية بالضرورة، ولذلك فالأنانية تعتبر من أكثر خصائص الطفل البخيل بروزاً ووضوحاً.

- الرغبة بالامتلاك: ويمكن اعتبار هذه الخاصية سبباً للبخل من جهة ونتيجة له في بعض الحالات من جهة أخرى، فالطفل البخيل يرغب بتملك كل شيء دون مشاركته مع أحد، والطفل الذي لديه نزعة التملك غالباً ما يتصف بالبخل للحفاظ على ممتلكاته، ولهذا تعتبر صفة حب التملك من خصائص الطفل البخيل.

- الطمع: صحيح أن مفهوم الطمع كمصطلح عميق قد لا يكون مقبولاً استخدامه بالحديث عن الأطفال، ولكن الحقيقة أن الطفل البخيل يبدي سلوكيات الطمع فهو يريد الاستحواذ على كل شيء وتجده لا يكتفي بما يقدم إليه ودائماً يرغب بالحصول على المزيد.

- رغبة مبالغ فيها بالتوفير والادخار: من الملاحظ دائماً على الطفل المتصف بالبخل أنه يرغب بالتوفير والادخار وعدم التفريط بما يملك، وهي مسألة جيدة ومرغوبة في سلوك الأطفال ولكن عندما يزيد الأمر عن حدوده الطبيعية وخاصة في مرحلة الطفولة، تتحول المسألة من سلوك جيد ومقبول إلى خاصية من خصائص البخل.

- عدم الاكتراث لرغبات ومشاعر الآخرين: إن الطفل الذي لديه طابع البخل في أغلب الأحيان لا يبدي أي اهتمام أو اكتراث بمشاعر الآخرين ورغباتهم، فحتى لو رأى طفل آخر يبكي للحصول على ما لديه فهو لا يعيره أي اهتمام وغير مستعد للاستغناء عن أي شيء يملكه لأحد آخر مهما كانت الظروف.

- الفردية وعدم الرغبة بالتعاون والمشاركة: فهو يرفض أن يتشارك مع الآخرين من الأطفال حتى لو كانوا أشقاءه في ألعابه وممتلكاته وطعامه، وأي نشاط يحتاج منه أن يتنازل عن شيء ما تجده لا ينخرط فيه ولا يظهر أي رغبة بالتعاون.
 

أن يتصف الطفل بالبخل، فهي مسألة مكتسبة يتعلمها وتتطور لديه من البيئة التي يتربى فيها، فهذه البيئة التربوية إذا ما توفرت فيها ظروف معينة تكون هي المسؤولة عن تنمية الخصائص التي تشكل معاَ صفة البخل عند الطفل، وإذا ما نظرنا لهذه الظروف التي تربى الطفل فيها يمكن أن نستشف من خلالها بعض العوامل التي تؤدي به لتعلم عادة البخل ومن هذه العوامل:

- تعلم البخل من الأهل: جزء كبير من العادات والتصرفات التي يتعلمها الطفل وتصبح جزء من شخصيته يكتسبها من ذويه بشكل أو بآخر إما عن طريق التقليد أو العادة، والبخل كعادة إذا تواجدت عند أهل الطفل أو كانوا يقومون أمامه بتصرفات تعبر عن بخلهم، فهو غالباً سوف يجد بهذه الصفة نموذجاً جيد ومطلوب لاكتسابه، وجعله جزء من سلوكه وشخصيته.

- تعليم البخل بشكل مباشر: حيث يقوم بعض الأهل بغرس صفة البخل عند أطفالهم بشكل واعٍ، وعادة ما يطلقون عليه اسم الحرص أو التدبير، فيضعون قواعد منزلية من شأنها أن تجعل الطفل مدبراً أو بخيلاً.

- الصفات الشخصية للطفل البخيل ذاته: مثل الأنانية والطمع والرغبة في الحفاظ على ما لديه بالإضافة للفردية وعدم إعطاء أهمية للآخرين، كلها صفات تعتبر عوامل هامة في تنمية صفة البخل عند الطفل، فهو يرى بسبب هذه الصفات أن لا أحد سواه يستحق مشاركته بما لديه.

- الفقر والحرمان: وهذه تعتبر من الحالات القهرية التي يتعلم فيها الطفل سلوك البخل مرغماً، فهو أساساً لا يملك الكثير ومحروم من الحصول على جزء كبير من حاجاته ورغباته، ولهذا نجده عندما يمتلك شيء ما لا يفرط به بسهولة ولا يرغب بالتشارك به مع أحد، وهكذا يصبح الحرمان وقلة الحيلة من العوامل الإجبارية لتكّون صفة البخل عند الأطفال.

- المبالغة في مفهوم الادخار: يتعلم بعض الأطفال فكرة الادخار والتوفير في سبيل تحقيق بعض الرغبات والحاجات كسلوك جيد له إيجابياته ومقبول لدى الآخرين، ولكن في الحالة التي يبالغ فيها الطفل بالادخار دون أن يستخدم ما وفره في أشياء مفيدة وتتحول هذه الفكرة لغاية بذاتها، وهنا تصبح هذه المسألة حالة من حالات البخل أو عامل في وجوده عند الطفل.
 

البخل ليس مجرد صفة سلبية أو عادة سيئة، وإنما مشكلة في شخصية الطفل قد يكون لها آثار بعيدة منها الظاهر الواضح، ومنها الضمني؛ بحيث تكون بحد ذاتها عامل مؤثر في تنمية خصائص سلبية أخرى في شخصية الطفل البخيل وسلوكه، وهذه الآثار عديدة ومتنوعة ويمكن ذكر بعضها على سبيل المثال:

- تعلم السرقة: ليس بسبب البخل ذاته وإنما الرغبة بالامتلاك والحصول دائماً على المزيد وهذه الخصائص التي تعتبر من نتائج البخل وآثاره، قد يتعلم الطفل البخيل سلوكيات السرقة لإشباع هذه الرغبات، فيبدأ الأمر بسرقة أشياء بسيطة كمبالغ بسيطة من ذويه أو بعض ممتلكات زملائه وفي حالات أخرى يصبح الأمر أكثر خطورة إذا ما اعتاد على السرقة وتطورت معه حتى بعد أن يكبر.

- العزلة: الطفل البخيل لا يبدي ميلاً نحو سلوك المشاركة والتعاون مع الآخرين خاصة عندما يتطلب منه الأمر التنازل عن بعض ما يملكه، ولهذا فهو يبتعد عن محيطه ويرغب بالانعزال وحده، ليس رغبة بالتأمل بل رغبة بالتوفير!

- علاقات اجتماعية غير طبيعية: فعلى الرغم من ميل الطفل البخيل إلى الابتعاد عن النشاطات المشتركة رغبة بالتوفير والحفاظ على ما يملكه لنفسه، لكنه أيضاً قد يطوِّر سلوكاً تطفلياً للاستفادة من الآخرين دون أن يخسر شيئاً، بالتالي يتحول إلى شخص منبوذ ومرفوض من الأصدقاء والزملاء.

- تحول كل الوسائل إلى غاية: فبدلاً أن يكون الطعام مثلاً وسيلة للتمتع بمذاقه أو تكون الألعاب وسيلة للتسلية واللعب تصبح هذه الأِشياء غايات بحد ذاتها يرغب بالحصول عليها لمجرد امتلاكها واقتنائها دون الاستفادة منها.

- الغضب إذا ما اقترب أحد من الممتلكات: وقد يصل هذا الغضب إلى حدود التعامل بعدوانية تجاه كل من يحاول مشاركته أشيائه أو الاقتراب من ممتلكاته، وقد يكبت مشاعر الكراهية والحقد إذا ما أجبر على التعاون مع الآخرين، فهو لا يسمح لأحد غيره بالاستفادة أو استخدام أغراضه.
 

العادات المكتسبة أي كانت يمكن تغيرها وتعديلها من خلال البحث في جذورها ومعرفة أسبابها وتحديد العوامل التي كونتها، ومن ثم إبطال مفعول هذه العوامل ومحو أثرها، وهنا يمكن تحديد بعض الخطوات في هذا الإطار التي قد تساعد في وقاية وحماية الطفل من تعلم اكتساب صفة البخل ومن هذه الخطوات:

- إشباع حاجات الطفل: والحديث هنا عن الحاجات الأساسية من طعام ولباس ولعب، فكما سبق الذكر الطفل المحروم معرض لتعلم سلوك البخل، كونه لا يحصل إلا على القليل، وإشباع حاجاته قدر المستطاع من شأنه تنمية صفة القناعة لديه.

- تلبية متطلبات الطفل: فالطفل لديه العديد من المتطلبات والرغبات التي تتعدى الحاجات الفطرية كالحصول على لعبة أو أي شيء آخر وهو عندما يرى أنه من الصعب تحقيق متطلباته فسوف يتعلم البخل كونه يرى أن الآخرين يبخلون عليه، وتلبية هذه المتطلبات من شأنه الوقاية من هذه الأفكار.

- تنمية الرغبة بالتعاون والمشاركة: فالطفل عندما يشارك الآخرين في طعامه وألعابه وأغراضه، ويرى أن سلوك المشاركة يحقق له رضا على المستوى العاطفي والنفسي، سوف يقلل من سلوكيات البخل لديه ويرى أن لا حاجة لها وخاصة عندما يلاحظ أن الآخرين أيضاً يتشاركون معه بما لديهم.

- عدم القيام بتصرفات تعتبر من أنواع البخل أمام الطفل: فمن شأن هذه التصرفات أن تبدو نموذج يقلده الطفل ويرى فيه أشياء إيجابية، وإذا ما لاحظها عند ذويه سوف يكتسبها ويتعلمها منهم دون أن يدرك ذلك.

- إبعاد الطفل عن تعلم الأنانية: فكما قلنا أن الأنانية من الخصائص الأساسية في شخصية الطفل البخيل، وعند تجنبها ووقاية الطفل من التطبع بها، فهذا سوف يكون له دور في التخلص من عامل آخر من أهم عوامل تعلم الطفل للبخل.

- تعليم الطفل قيم الكرم والعطاء: عن طريق التقليد أو النماذج الجيدة والشخصيات التي يحبها الطفل ويقتدي بها، فيمكن من خلال ربط سلوكها بقيم الكرم والعطاء تعزيز هذه القيم كنموذج يقتدي به الطفل.

- التفريق بين مفهوم الادخار والبخل: ففي هذه الحالة يتعلم الطفل البخل دون أن يعي ذلك ويقصده كونه لا يعرف أساساً الفرق بين هاتين الحالتين، ومن شأن التعريف بهما جيداً والتفريق بينهما، أن يعرف الطفل أين الحدود التي يجب التوقف عندها حتى لا يتحول سلوك التوفير لديه لدرجة من درجات البخل.

حاولنا في هذا المقال شرح مفهوم البخل عند الأطفال، وما هي الخصائص التي إذا ما وجدت عند الطفل أدت لاتصافه بالبخل، وبالبحث في هذه الخصائص وأسبابها والنتائج التي تؤدي إليها، وما قد يلاقيه الطفل عندما ينعت بصفة البخيل وكيف تؤثر هذه الصفة على شخصيته ومن ثم بعض الخطوات التي تساعد في وقاية الطفل من اكتساب هذه الخصائص، فالبخل صفة سلبية وتضر بحاملها اجتماعياً ونفسياً ولا أحد يرغب بوجود هذه الصفة في شخصية طفله.