المخاطر اليومية المحيطة بطفلك
عالم الطفل والطفولة يتميز بطابع خاص، يتصف بالحركة الدائمة والنمو المستمر وتدور أحداثه بوقع سريع ومتتالي لا يتوقف، وهذا الطابع الذي يميز الطفولة يحمل معه الكثير من المخاطر اليومية التي تتربص بالطفل في كل مكان، وربما من جهة تعد هذه المخاطر ضرورية ليتعلم الطفل الحذر منها وكيفية الحفاظ على نفسه، ولكنها من جهة أخرى قد تسبب له الأذى في مختلف مجالات حياته من حيث صحته النفسية أو الجسدية ومسيرته التربوية، ونحن نهتم دائماً في معرفة مكامن هذه المخاطر أملاً بحماية ووقاية طفلنا من أذاها وتعليمه أفضل الطرق للابتعاد عنها تحاشيها، إذاً ما هي المخاطر المحيطة بالأطفال وأين تكمن وكيف يمكن مواجهتها.
كلمة المخاطر ليست بحاجة لتعريف أو توضيح وجميعنا معرض لأشكال وأنواع مختلفة من هذه المخاطر، ولكن المقصود هنا هو المخاطر البسيطة التي تتربص بأطفالنا أين ما وجدوا وفي أي وقت أثناء لعبهم أو ممارسة كل نشاطاتهم كالطعام والدرس الاكتشاف التسلية، والتي قد تتسبب بنتائج لا تحمد عقباها ما لم نتوخى الحذر منها وعملنا على وقاية أطفالنا من آثارها، وسوف نوضح في هذه الدراسة المقصود بالمخاطر اليومية المحيطة بالأطفال بشكل مفصل.
الطفولة كمرحلة هي فترة النمو بمختلف جوانبه بالنسبة للإنسان، سواء النمو الجسدي أو العقلي أو النفسي والاجتماعي، والمخاطر المحيطة بالطفل قد تؤثر من حيث ضررها على مختلف هذه الجوانب والصعد، ومعرفة أشكال هذه المخاطر وأنواعها من شأنه أن يساعدنا في اكتشاف أسبابها وبالتالي حماية ووقاية أطفالنا من شرورها، ومن بعض أنواع ومجالات المخاطر المحدقة بالأطفال:
المخاطر المعنوية (التربوية والأخلاقية)
- تعلم أشياء وعادات خاطئة: حيث أن الطفل خلال حركته ولعبه وعلاقاته قد يتعلم الكثير من السلوكيات السيئة من الآخرين مثل تخريب ممتلكات الناس في الشارع أو اللعب مع أصدقاء سيئين أكبر منه سناً قد يكونوا مدخنين وما إلى ذلك.
- التعرض لمواقف خطرة: قد يتوه الطفل ويبتعد عن منزله أُثناء اللعب بالإضافة لأنه قد يتعرض لمواقف كثيرة خطيرة على أفكاره مثل رؤية أِشياء غير مناسبة لسن الأطفال، خاصة عندما يرتاد أماكن مهجورة أو الخرابات.
- التعرف على أشخاص سيئين: ليس دائماً الأشخاص الذين يتعرف عليهم الطفل أشخاص أسوياء نفسياً حتى لو كانوا كبار وناضجين، فقد يقترب منه أشخاص خطرين كاللصوص ومرتادي الحدائق العامة وقد يؤذوه هؤلاء أو يتعلم منهم الكثير من الأِشياء الخاطئة.
- التعرف على ثقافات جديدة من التلفزيون: يقضي الأطفال جزء كبير من أوقاتهم أمام شاشات التلفزيون، وليس بالضرورة أن يتفق دائماً المحتوى الذي يعرضه التلفزيون مع ثقافة ذويه وقيم مجتمعه، وقد يتعلم منه أخلاقيات ليست مرغوبة، فقد يرى مثلاً الأطفال المشردين أو الذين لا يحترموا ذويهم.
- الأفلام والمواد الإباحية: أو حتى شبه الإباحية وهي منتشرة جداً سواء على التلفزيون أو في مجلات خاصة أو على شبكة الإنترنيت، ومثل هذه المحتويات تكّون أفكار خاطئة عديدة عن حقيقة هذه الأمور في ذهن الطفل.
- التعرف على نماذج أطفال مشاكسين: من الأقرباء أو في المدرسة أو حتى في الشارع وقد يحاول تقليد هؤلاء الأطفال في بعض سلوكياتهم الخاطئة، فالأطفال غالباً ما يتأثرون بأقرانهم أكثر من أي أحد آخر.
- التعرض لعصابات المراهقين: قد يقع الطفل خلال لعبه بالشارع والأزقة في أيدي بعض الأطفال الأكبر سناً والذين يشكلون مجموعات وعصابات، وهؤلاء خطرهم مزدوج بحيث أنهم قد يؤذوا الطفل من جهة أو يعلموه سلوكياتهم من جهة أخرى، ويمكن أن يحثوه على أِشياء سيئة للغاية كسرقة ذويه والتدخين.
المخاطر المادية (الجسدية والصحية)
- إيذاء الطفل لنفسه: مثل حالات التعرض للحوادث والحرائق والمواقف الخطيرة مثل الكهرباء أو الغرق والسقوط من مكان مرتفع بالإضافة للتسمم وأشياء عديدة لا تحصى، وهي خطيرة على صحة وسلامة الطفل.
- سقوط أثناء اللعب: فالأطفال يلعبون بنشاط كبير وحيوية لا تنطفئ وهذا يجعلهم يتعرضون للعديد من حوادث اللعب مثل السقوط أو التعرض للكدمات والجراح، وفي بعض الأحيان قد تكون النتائج خطيرة.
- التعرض للتحرش: وخاصة أثناء وجود الطفل في الشوارع والأزقة والأماكن الخطيرة مثل لمنازل المهجورة والخرابات ففي هذه الأماكن يوجد لكثير من مريضي النفوس الذين يمكن أن يعتدوا جنسياً على الطفل وما لهذا من نتائج على صحته النفسية والجسدية.
- أطعمة الشارع: حيث أن الأطعمة التي تباع في الشارع محببة جداً من قبل الأطفال وهي مصنعة أساساً بطريقة تغريهم وتثير شهوتهم لشرائها وأكلها، وهذه الأطعمة إن لم تكن مصنوعة ومحفوظة بمعايير صحية جيدة قد تعرض الطفل لحالات التسمم والمرض.
- الأدوية والعقاقير الطبية والمواد الكيميائية: كل بيت تقريباً يحتوي على هذه العقاقير ذات الاستخدامات المتعددة فقد يكون أحد أفراد الأسرة يعاني من مرض أو قد تكون ذات غرض تجميلي أو تستخدم لتنظيف المنزل وهذه أشياء خطيرة على الأطفال ولا يجب أن تقع بين أيديهم.
- المخاطر التي قد يتسبب الطفل بحدوثها: حيث أن الطفل قد يتسبب هو نفسه ببعض المخاطر سواء على نفسه أو على الآخرين كإشعال حريق بالمنزل أو التسبب بالماسات الكهربائية أو الاعتداء على شقيقه الرضيع.
- استخدام الأدوات الخطيرة: سواء الأدوات الحادة الموجودة في المطبخ أو الغاز مثلاً وهذه الأدوات في كثير من الأحيان قد تتسبب بالأذى للطفل فهو لا يحسن استخدامها ولا يقدر خطورتها.
- تعلم عادات غير صحية: التبول في الطريق أو الفوضوية وعدم الحفاظ على نظافة المنزل أو النظافة الشخصية والقيام بسلوكيات التخريب والمشاكسة ما تفضي إليه هذه الأمور من نتائج ضارة.
- الاعتداء من قبل أطفال آخرين: من المعروف أن بعض الأطفال لديهم نزعات عدوانية لأسباب عديدة، وهؤلاء موجودين جداً في محيط الطفل وخاصة في الشارع والمدرسة، وتعرض الطفل للتنمر من قبلهم له آثار ضارة على صحته الجسدية والنفسية.
- العدوى ببعض الأمراض: وهي مشكلة منتشرة جداً بين الأطفال كون مناعتهم غير مكتملة من جهة ولم يتعلموا بعد كيف يأخذوا حذرهم من جهة أخرى، وهم موجودين دائماً في أجواء مزدحمة التي قد يوجد فيها أطفال آخرين يحملون بعض الأمراض والجراثيم.
يتواجد الطفل خلال حياته اليومية العادية في العديد من الأماكن، وببعض التدقيق يمكننا اكتشاف الكثير من المخاطر في هذه الأماكن، والطفل بحكم حركته الدائمة وعمليات التجريب والاستطلاع والاكتشاف التي يقوم بها خلال لعبه أو بسبب فضوله وسعيه للتعلم المترافقان مع قلة خبرته وعدم إدراكه لكل ما يحيط به يعتبر أكثر عرضة للأذى بسبب هذه المخاطر، ومن الأماكن والمجالات التي توجد فيها مخاطر متنوعة على الأطفال ولا يمكن إبعاده عنها مثلاً:
- المخاطر الموجودة بالمنزل: المنزل هو مكان معيشة الطفل ويقضي فيه الكثير من الوقت، وهذا المنزل بما يحتوي عليه من لوازم معيشية فيه مخاطر متنوعة على الطفل فمثلاً من مصادر الخطر المنزلية القوابس الكهربائية الغاز ومصادر الطاقة الأدوات المطبخية الحادة، هذا بالإضافة للمخاطر الناتجة عن حركته كالسقوط جراء القفز والتسلق أو أثناء الركض والشجار بين الأِشقاء.
- المخاطر في المدرسة: حتى مع الأنظمة والقوانين الموجودة في المدرسة الموضوعة لحماية الطفل من المخاطر والحد من حركته ونشاطه يوجد العديد من مصادر الخطر التي من الصعب تجاهلها أو علاجها، مثل العدوى بالأمراض جراء الاختلاط الدائم مع أشخاص كثر ومختلفين أو الشجار مع الزملاء والتعرض للتنمر أو تعلم بعض السلوكيات السيئة كالتخريب وتشكيل مجموعات الأطفال المشاكسين.
- مخاطر الشارع: وهو عادة الأكثر خطراً على الأطفال بسبب كثرة مصادر الخطر وعدم وجود حالة انضباطية على تصرفات الأطفال فيمكن أن يتعرض الطفل بالشارع مثلا لحوادث السير أو ارتياد الأماكن الخطيرة أو العدوى ببعض بالأمراض بالإضافة طبعاً للشجارات والتعرض للتنمر والتعرف على نماذج اجتماعية سيئة كالأطفال الأشقياء و المشردين والمتسولين وتعلم سلوكياتها.
- أجهزة ووسائل الاتصالات: وهي من مجلات المخاطر الحديثة والتي ترتبط بالتقدم التكنولوجي، فحتى الأطفال نالهم نصيب من الاهتمام بهذا التقدم وما رافقه من اهتمام الأطفال باقتناء أجهزة الاتصال واستخدامها لوقت طويل من اليوم، وما قد يتعرض له الطفل من مخاطر عبر هذه الأجهزة سواء بسبب طريقة استخدامه لها والمشاكل التي تنتج عن هذا الاستخدام أو ما قد تعرضه من محتوى غير مناسب للأطفال كالمواد الإباحية والعروض الكاذبة.
حماية الطفل من المخاطر المختلفة المحيطة به، تتم في معظم الحالات بطرق وقائية استباقية تقوم على توقع الخطأ قبل حدوثه واتخاذ التدابير الدفاعية والاحتياطية لمنع وقوعه، ويمكن من خلال تحديد هذه المخاطر ومعرفتها، وضع مجموعة من الخطوات الوقائية منها ومن هذه الخطوات:
- تعليم الطفل الدفاع عن نفسه: ضد أشكال التنمر والاعتداء المتنوعة التي قد تقع عليه وكيف يجب أن يخبر معلميه في المدرسة عن تعرضه لمثل هذه المواقف أو أخبار ذويه إذا تعرض لها بالشارع.
- إخبار الأهل بكل ما يحدث معه دون معاقبته: يجب أن يتعلم الطفل إخبار أهله بكل ما يحدث معه من أشياء خطيرة حتى يتسنى لهم التدخل في وقت مبكر قبل أن يتعرض الطفل للمخاطر مثل حالات التحرش .
- التعريف بمخاطر الأشياء: يجب أن يعرف الطفل أن كل أداة موجودة في المنزل لها وظيفتها، وأن استخدامها من قبله دون وعي قد يعرضه للخطر مثل الغاز والقوابس الكهربائية والأدوات الحادة.
- وجود الأدوات الدفاعية: أدوات وأدوية الإسعافات الأولية في المنزل في حال تعرض الطفل لأي خطر.
- شرح موضوع التوقف على إشارة المرور: حتى يعرف الطفل كيف يتجاوز خطر السيارات والحوادث.
- التواصل مع مدرسة الطفل باستمرار: لتقدير كيف حاله في المدرسة وما هي مشاكله مع زملائه وعلاجها والعناية بصحته وإبعاده عن مصادر الأمراض والخطر.
- إبعاد مصادر الخطر عن الأطفال: مثل الأدوية وأدوات إشعال النار والمواد الكيمائية مثل المنظفات وغيرها.
غالباً ما يتعرض الأطفال للمخاطر بسبب طبيعتهم الجسدية والنفسية والحركية، بالإضافة لقلة خبراتهم ووعيهم بما قد يحيط بهم من مخاطر وأضرار في كل خطوة يخطونها، ومن شأن تأمين البدائل للغايات التي تدفع الطفل لوضع نفسه في مواقف خطرة حمايته إلى درجة معينة من آثار هذه المخاطر، وهذا ما حاولنا شرحه في هذه الدراسة هادفين منها التخفيف من مضار وأذى هذه المخاطر المحيطة بأطفالنا، للحفاظ قدر المستطاع على صحتهم النفسية والجسدية وسلامة العملية التربوية ونجاحها.