كيف أجعل طفلي جذاباً ومحبوباً
كنت راكباً بإحدى وسائل النقل العام، عندما رأيت طفلة صغيرة تقف بطريقة معاكسة في وسط المقعد الذي أمامي بين والديها وتتشبث بيديها الصغيرتين بالطرف العلوي لهذا المقعد وترمقني بنظرات غير مفهومة وكأنها تحاول استكشاف من هذا الغريب الذي يجلس خلفها، وبطريقة فطرية وجدت نفسي أنسى من حولي وابتسم لتلك الملامح البريئة والجميلة وألعب مع الطفلة واردد كلمات غربية وحركات طفولية محاولاً إضحاكها!، هذا ما يسمى بجاذبية الأطفال، فبعض الأطفال يملكون قدرة على جذبنا إليهم والاهتمام بهم، وفي هذا المقال سوف نحاول تفسير هذه المسألة وفهم أبعادها وأهميتها.
أن يكون الطفل جذاباً يعني أن يكون لديه قدرة لا إرادية على تحفيز مشاعر داخلية لدى الآخرين مثل الإعجاب والاستلطاف والمحبة والتودد، فنجد أنفسنا نميل نحو هذا الطفل الجذاب بطريقة فطرية وكأنه يملك مغناطيس خاص يجذب نحوه السعادة والمشاعر الجميلة.
لابد أن هناك سر ما وراء تميز بعض الأطفال بصفة الجاذبية دون غيرهم من الأطفال، ولا يحتاج الأمر سوى لإمعان النظر في العوامل التي تجعلنا نميل لبعض الأطفال أكثر من غيرهم حتى نكتشف هذا السر، وهذا يعني أن هناك صفات عامة معينة عندما تجتمع في نفس الطفل تعطيه ميزة الجاذبية ومن هذه الصفات يمكن ذكر على سبيل المثال:
- الجمال وحسن المظهر وجاذبية الطفل: فالجمال بالشكل صفة مرغوبة لدى الجميع الأطفال والكبار على حدٍ سواء، ووجود هذه الميزة لدى طفلنا يجعله أكثر جاذبية وقبول من قبل الآخرين، بالإضافة لأن الشكل الخارجي بشكل عام قد يترك انطباع جاذبية الطفل لدى الآخرين مثل السمنة في بعض الأحيان تعطي شكلاً لطيفاً للأطفال.
- جاذبية الأطفال وعلاقتها بالأناقة والترتيب والنظافة الشخصية: وهذه المسألة تقع على عاتق ذوي الطفل بشكل مباشر، فالمظهر الأنيق والنظافة والترتيب مطلوبة بشكل عام، وتميز الطفل بهذه الصفات يعطيه مظهراً جذاباً ومريحاً في محيطه، حيث أن هذه الميزة تجعلنا نرغب بالتقرب من هذا الطفل واللعب معه أو حمله.
- الذكاء والتميز ودوره في جاذبية الطفل: وخاصة من ناحية الذكاء التفاعلي والاجتماعي، حيث أن هذا النوع من الذكاء يجعل طفلك أكثر قدرة على تقديم نفسه أمام الآخرين وتكوين العلاقات الجيدة له، هذا بالإضافة لطرح أفكاره ورغباته بطرية فكاهية ومقبولة بشكل عام، وكل هذا يعطيه مظهراً جذاباً.
- وجود حس الفكاهة في الكلام والتصرفات: بعض الأطفال يملكون هذه الميزة بطريقة فطرية أو مكتسبة من الوالدين وطريقتهم في التربية وتعليم طفلهم بعض المهارات والحركات وتصرفاتهم الفكاهية أمامه، واكتساب الطفل لهذه الصفات يعد من أهم عوامل الجاذبية لدى الأطفال، فالجميع يشعر بالسعادة والمتعة عندما يرى تصرفات الأطفال المضحكة وينجذبون نحوهم.
- طريقة الكلام وبعض الحركات والمهارات: حيث أن قيام الطفل ببعض الحركات والمهارات وهو في هذه المرحلة المبكرة من عمره يجعلنا نقارن بين حجمه الصغير وقدراته، وهذه المسألة تعطيه مظهراً فكاهياً، يثير لدينا مشاعر كالمتعة والاستلطاف تجاه هذا الطفل.
- التميز في المستوى والتحصيل الدراسي: تميز الطفل وتفوقه في دروسه يجعلوه أكثر قبولاً من قبل معلميه وزملائه وحتى والديه، ويعود هذا من حيث أثره على طريقة تعامل الجميع معه ومكافآتهم المادية والمعنوية له، وهذا سوف يزيد ثقة الطفل بنفسه ويجعله أكثر جاذبية ومحط للأنظار.
ما الذي يمنع بعض الأطفال من امتلاك شخصية جذابة
بمقابل الصفات التي تعد سبباً في جاذبية بعض الأطفال، يوجد صفات أخرى ربما تتناقض معها في معظم الأحيان تجعل البعض الآخر من الأطفال غير جذابين أو غير محبوبين من قبل الآخرين، ونظراً لما لهذه المسألة من آثار ونتائج سلبية على شخصية الطفل وتكوينه النفسي، ولاهتمامنا جميعاً بجعل أطفالنا جذابين ومحبوبين، كان لابد من معرفة هذه الصفات حتى نتمكن من تعديلها أو علاجها في شخصيات أطفالنا، ومن هذه الصفات:
- النشاط الحركي الزائد أو البرود وقلة الحركة: هذه الصفتان تعدان مزعجتان عندما توجد إحداهما بطريقة مبالغ فيها، فمن جهة يسبب الطفل ذو النشاط الزاد والذي قد يكون لسبب مرضي الكثير من الفوضى والإزعاج سواء في محيطه أو لوالديه، ومن ناحية أخرى فإن الطفل قليل الحركة والتفاعل يعد أيضاً غير مقبول في المحيط كونه لا يمارس أي تأثير على هذا المحيط ولا يلفت انتباه الآخرين.
- قلة النظافة والترتيب: فكما تعد هذه المسألة عاملاً في زيادة جاذبية الأطفال، يعد نقيضها من جهة أخرى عامل في نفور الآخرين منه وعدم قبوله من قبلهم، فالطفل غير النظيف غير محبب من قبل الناس وقد يسبب في عدم رغبتهم بالاقتراب منه أو جعل أطفالهم يلعبون معه ظناً منهم أنه قد يؤثر سلباً على صحتهم أم ينقل لهم بعض الأمراض أو يتعلموا منه قلة النظافة والترتيب.
- التراجع في المستوى التعليمي والدراسي: فهذه المسألة تعد من أكثر الأشياء خطورة على علاقات الطفل مع أقرانه في المدرسة ومع معلميه، بل في بعض الأحيان تؤثر على حضوره بينهم أو بين أقربائه من الأقران أو أخوته في المنزل، فهو لا يحصل على المديح وإعجاب الآخرين الذي يحبه الأطفال، وبالتالي سوف ينعكس هذا على جاذبيته وحضوره ولفته للأنظار.
- وجود مرض أو عيب خلقي في الطفل: حيث أن إصابة الطفل بأحد الأمراض أو العيوب الخلقية تجعله أبطئ من أقرانه في تنمية وتطوير قدراته أو تصرفاته وخبراته، وهذا سوف يؤدي لنظر الآخرين له بعين الشفقة وربما الابتعاد عنه دون إرادة أو وعي لجرح المشاعر، وتجدر الإشارة هنا أن الطفل في هذه الحالة لا ذنب له في ذلك ومن الواجب تضافر جهود الوالدين والمجتمع والمؤسسات المعينة لتجاوز هذه الأزمة، وإعطاء فرص أكبر للطفل ليحقق ذاته ويكون أكثر قبولاً من الآخرين.
- التصرف أو التكلم بطريقة غير مقبولة أو فرض الوجود بأسلوب مزعج: كالعناد وسرعة الغضب والاعتداء على الآخرين أو التلفظ بكلام بذيء ومزعج، هذا بالإضافة إلى فرض الوجود بطريقة غير مقبولة كالتدخل في شؤون الآخرين وارتفاع صوته باستمرار وكثرة البكاء والتذمر، حيث أن مثل هذه الصفات لا تلاقي استحسان من قبل أحد وحتى الوالدين قد يشعرون بالانزعاج من طفلهم الذي يملك هذه الصفات، وهي تعتبر من أهم العوامل في قلة جاذبيته ونفور الآخرين منه.
اتصاف طفلك بالجاذبية لا يقتصر في أثره على حضوره الاجتماعي أو محبته من قبل الآخرين وميلهم نحوه، وإنما ينسحب هذا الأثر أيضاً من حيث نتائجه على مختلف جوانب حياته، سواء صفاته الشخصية أو توافقه الاجتماعي وبنائه النفسي، وحتى طريقة نشأته وقبوله هو نفسه للآخرين واستجاباته نحوهم بالإضافة لذكائه وتوازنه العاطفي والاجتماعي، ويمكن تلخيص بعض هذه الآثار عبلى النحو التالي:
- تنمية علاقات جيدة مع الآخرين وحضور مؤثر: وهي صفة مميزة للأطفال الجاذبين، فجاذبيتهم هذه تجعلهم أكثر قدرة على تحفيز الآخرين من أقرانهم أو الكبار لتنمية علاقات ودودة معهم، كما تجعل لشخصياتهم حضوراً مؤثر وجيد.
- زيادة ثقة الطفل بنفسه ومحبته وقبوله لذاته: حيث أنه عندما يلاحظ الطفل انجذاب الآخرين نحوه ومحبتهم له، فسوف يزيد هذا من ثقته بنفسه فكونه جذاب بالنسبة للآخرين هذا يعني أنه من الأفضل بين الآخرين، وبالتالي سوف يتقبل ذاته ويحبها.
- التمتع بالتوازن النفسي والعاطفي: فالثقة بالنفس وقبول الذات بالإضافة للتوافق الاجتماعي الناجم عن جاذبية الطفل وحضوره المؤثر، سوف يجعله أكثر توازن واستقرار على المستويين العاطفي والنفسي، وبالتالي لن يعاني من مشاكل أو اضطرابات نفسية وانفعالية.
- تنمية المواهب والقدرات والمهارات: شعور الطفل أنه جيد ومقبول وجذاب سوف يحفز لديه دافعاً للنجاح والتفوق والأبداع للحفاظ على هذه المكانة الجيدة بين الآخرين، وانطلاقاً من هذا الدافع سوف يسعى الطفل لتنمية قدراته ومواهبه ومستواه على كافة الأصعدة حتى يحقق المتوقع منه من قبل الآخرين المنجذبين نحوه والدائمين الاطراء له.
في إطار اهتمامنا جميعاً بأن يكون طفلنا من الأفضل بين أقرانه في جميع نواحي شخصيته، لا نتوقف عن التساؤل والبحث عن الطرق المؤدية لهذه الغاية، وفي معرض هذا التساؤل نهتم بمعرفة الطريقة التي يمكننا من خلالها مساعدة طفلنا على تنمية شخصية جذابة مقبولة ومحبوبة من قبل الآخرين في محيطه، والأمر ليس عصياً على التحقيق ويمكن الوصول إليه عن طريق اتباع بعض الخطوات التي تقوم على تنمية الصفات المحببة من جميع الناس، والحد من الصفات المرفوضة في شخصية أطفالنا ومن هذه الخطوات مثلاً:
- زيادة ثقة الطفل بنفسه ومحبته لذاته: فهذه الخطوة تعد الأولى وبمثابة البداية في تنمية أي صفة جيدة في شخصية الطفل، وهذه الثقة بالنفس سوف تجهله أكثر قدرة على تقديم نفسه بشكل جيد أمام الآخرين وتحسين مهارات التواصل لديه، وتنمي لديه أسلوب أفضل في طرح أفكاره ومشاكله وحاجته، وتنميتها في شخصيته يعد من العوامل المهمة في رفع مستوى جاذبيته.
- العناية بشكله ونظافته الشخصية وترتيبه: فكما سبق الذكر لمظهر الطفل دور هام في جذب الآخرين نحوه وقبولهم له، والعناية بهذا الشكل من قبل الوالدين من شأنه زيادة فرص طفلهم ليكون أكثر جاذبية ويملك حضور أفضل في المجتمع.
- تنمية قدراته ومهارته ومواهبه: فتمتع الطفل ببعض الخصائص مثل موهبة معينة أو مهارة خاصة في أداء بعض الأشياء يكسبه تقديراً أفضل بين الناس المحيطين به، وبالتالي شخصية أكثر جاذبية ولفتاً للأنظار.
- تنمية شخصية فكاهية ضحوكة لدى الطفل: وهي مسألة تتم من خلال اللعب باستمرار مع الطفل وتحفيز حس اللعب والفكاهة لديه، والاهتمام العاطفي به وتعليمه الكلام بسن مبكرة، فالجميع يحب أن يشاهد تصرفات وألعاب الأطفال المضحكة، وعند لمس حس الفكاهة لدى الطفل سوف يصبح أكثر جاذبية وتودداً من قبل محيطه.
الطفولة كلمة تثير مشاعر السعادة والتفاؤل والمحبة في نفوس الجميع، وهذه المشاعر تصبح أكثر تأثيراً وأجمل معنى عندما تقترن مع الجاذبية، ولهذا عندما نجد طفلاً يتصف بأنه جذاب لا نستطيع أن نوقف مشاعرنا بالميل نحوه والشعور بالسعادة عند رؤيته فنغمره بالأحضان والقبلات وكلمات التودد تعبيراً عن هذه المشاعر، وجميعنا يريد لطفله هذه المكانة الرائعة، ولذلك كانت هذه الدراسة بهدف شرح معنى جاذية الأطفال وكيف تنشأ لدى بعضهم وما الذي يعيقها، حتى نتمكن من تنمية صفة الجاذبية لدى معظم الأطفال.