تحقيق التكافؤ بين الزوجين

ما هي أهمية التكافؤ بين الزوجين؟ هل يمكن إنقاذ الزواج غير المتكافئ؟ وما هي آليات تحقيق التكافؤ بين الزوجين؟
تحقيق التكافؤ بين الزوجين
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

وجود بعض الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية بين الزوجين وعدم التكافؤ الجنسي والصحي بينهما؛ قد يكون نفقاً مظلماً يصعب الخروج منه، فعدم التكافؤ بين الزوجين من التحديات الكبيرة التي تؤثر على الحياة اليومية والسعادة الزوجية والعملية التربوية تأثيراً كبيراً.
وغالباً ما تتسع الفجوة بين الزوجين غير المتكافئين لاعتقادهما أن تقصير المسافة بينهما أمر مستحيل، أو أن هذه الفروق الكبيرة راسخة وثابتة ولا يمكن أن تتغير، لذلك نناقش معاً أهمية التكافؤ بين الزوجين، والحلول الممكنة لإنقاذ الزواج غير المتكافئ، والتعامل مع جوانب عدم التكافؤ الزوجي المختلفة.
 

فيما قد يغفل العاشقون عن التكافؤ بمختلف وجوهه يعتبر التكافؤ بين الزوجين العمود الفقري لزواج الصالونات، حيث يتم الاختيار بناء على تكافؤ المستوى الاجتماعي والديني والعلمي والمادي وغيره من أوجه التكافؤ، لكن الملفت أن نجاح زيجات الصالونات أو الزيجات القائمة على التعارف والحب لا يمكن التنبؤ به، بل حتى الزواج الذي يبدو متكافئاً من كل الجوانب قد يفشل فشلاً ذريعاً في السنوات الأولى، لأن السمات الشخصية والعوامل المؤثرة أكبر وأكثر من أن يحيط بها الشريكان قبل الزواج.
القصد أن اعتماد التكافؤ بين الزوجين لا يجب التعامل معه كتعويذة سحرية للزواج الناجح، لكنه بلا شك يعتبر أرضية صلبة لبناء زواج مستقر وتربية الأطفال بطريقة سوية، فالتكافؤ الزوجي وإن لم يضمن نجاح الزواج لكنه على الأقل يتيح البيئة المناسبة لإنجاح الزواج وبناء أسرة مستقرة.
وقد قدمنا لكم مقالاً مطوَّلاً عن أوجه التكافؤ الزوجي وسلبيات الزواج غير المتكافئ يمكنكم الاطلاع عليه من خلال النقر على هذا الرابط، وفي مقالنا هذا سنتوسع أكثر بالحديث عن إمكانية تحقيق التكافؤ بين الزوجين بعد الزواج، وآليات إنقاذ الزواج غير المتكافئ.
 

animate

مهما يكن الأمر فإن عدم التكافؤ بين الزوجين في مجال واحد أو أكثر هو عقبة لا بد من التعامل معها بجدية ومسؤولية، وغالباً ما تظهر الحاجة لعلاج عدم التوافق بين الزوجين عند مواجهة أول تحدي حقيقي في الحياة الزوجية، وكلما تم إهمال الفجوات والتباين بين الزوجين كلما أدى ذلك لاتساعها.
ويمكن التمييز بين حالتين رئيسيتين للتعامل مع عدم التكافؤ بين الزوجين، الأولى هي تحقيق التكافؤ، والثانية هي تقليل الآثار السلبية لعدم التكافؤ، فالمجالات التي يمكن سد الفجوة بها مثل عدم التكافؤ التعليمي أو الثقافي أو العاطفي يمكن أن يبدأ الشريكان بالتقارب من بعضهما لتقليص الفجوة قدر الممكن كما سنبيِّن لاحقاً؛ وأما الجوانب التي لا يمكن تغييرها مثل فارق السن أو عدم التكافؤ الصحي بسبب وجود أمراض مزمنة أو غيرها من الفجوات المستقرة والثابتة فإن الحل هو مواجهة آثار هذه الفجوات بشكل مشترك كما نبين لاحقاً.
الخلاصة أن إنقاذ الزواج غير المتكافئ ممكن وضروري، لكن المعرفة بآليات وطرق التعامل مع الزواج غير المكافئ هو ما يجب الاهتمام به ومعرفته، وقبل ذلك لا بد من تحديد مدى تأثير الاختلافات بين الزوجين على علاقتهما وإن كان عدم التكافؤ أزمة حقيقية أم مجرد اختلاف لا يفسد التناغم بين الزوجين[1].
 

أول ما يجب أن نفكر به هو تحديد المشكلة بدقة وفهمها بعمق[2]، فعدم التكافؤ بين الزوجين قد يكون هو الأقرب إلى أذهاننا عندما نواجه مشكلة ما، فيما تكون أسباب هذه المشكلة أعمق وأبعد ما يكون عن عدم التكافؤ، وفي الوقت نفسه هناك الكثير من مشاكل عدم التكافؤ التي تخدعنا وتظهر كمشكلة مستقلة.
خذ مثلاً مشكلة النفور الجنسي؛ قد تعتقد الزوجة مثلاً أن زوجها لم يعد يحبها أو أنه يعاني من مشكلة صحية أو أنه يخونها ...إلخ، فيما يكون السبب الحقيقي لبروده ونفوره هو عدم التكافؤ بالرغبات والتفضيلات الجنسية، وفي حالات أخرى قد يكون التكافؤ موجوداً لكن المصارحة غائبة.
على الجانب الآخر قد يشتكي الزوج مثلاً من غيرة زوجته المبالغ بها، ويعتقد أنها مجرد حالة هستيرية تصيب معظم النساء أو أن زوجته غير واثقة من نفسها، فيما تكون الفجوة بين الزوجين وعدم التكافؤ العلمي وتفاوت الأناقة والمظهر الخارجي وحتى التفاوت بجاذبية الحديث والذكاء الاجتماعي؛ هي الأسباب التي تدفع الزوجة إلى الغيرة الخانقة، لأنها تعتقد أن هذا التفاوت بينها وبين زوجها يجعله يفكر بغيرها ويجعله محط أنظار الأخريات.

إذاً؛ فهم الأسباب الحقيقة لمشاكل الزواج وتحديد مدى تأثير غياب التكافؤ بين الزوجين على علاقتهما وعلى حياتهما اليومية يعتبر الخطوة الأهم، وفي سبيل تحديد أثر عدم التكافؤ الزوجي وغياب المساواة[3] أجب عن الأسئلة العشرة التالية:
1- هل هناك تفاوت كبير بينك وبين شريك حياتك في أحد المجالات الاجتماعية أو المادية أو العلمية والثقافية أو الروحية أو الصحية؟.
2- هل تشعر أنَّ هناك اختلاف كبير بالقناعات بينك وبين شريك حياتك، مثلاً هل تشعر أنه لا يلتزم بمبادئ النزاهة والمنافسة الشريفة التي تقدسها، أو أنه لا يؤمن بالرومانسية ويعتبرها موضة فاسدة على عكسك؟.
3- هل تعتقد أن هناك فرقاً كبيراً بالجمال والأناقة بينك وبين شريك الحياة؟.
4- هل أنت غير راضٍ عن خيارات شريكك المختلفة؟
5- هل تشعر أو تشعرين أن السياق التربوي الذي اختاره الشريك خاطئ؟
6- هل تجد نفسك خارج عملية اتخاذ القرارات الأسرية على الرغم من رغبتك بالمشاركة؟
7- هل تخجل من الحديث عن التفضيلات الجنسية، أو أنّك تواجه رفضاً من الشريك لتفضيلاتك الجنسية، وتشعر أن العلاقة غير ممتعة؟
8- هل تخجل من شريكك في المناسبات الاجتماعية؟ أو تخجل من نفسك ومن ظهورك إلى جانبه؟ أو تعتقد أنه يخجل بك؟
9- هل تعاني من الصمت الزوجي وغياب الحوارات المشتركة والأنشطة المشتركة؟
10- هل تعتقد أنَّك كنت تستحق الأفضل، أو أن شريكك يستحق أفضل منك؟

إذا كانت إجابتك على معظم هذه الأسئلة نعم فإنّك بلا شك تعاني من الآثار السلبية لعدم التكافؤ بينك وبين شريك حياتك، وكلما ازداد عدد الأجوبة بنعم كلما كانت آثار عدم التكافؤ أعمق، الخطوة التالية أن تحدد بنفسك المجالات التي تعتقد أنها تشكِّل فجوة بينك وبين شريك حياتك.
 

كما ذكرنا فإن معظم الزيجات غير المتكافئة تجد نفسها بمواجهة مباشرة مع عدم التكافؤ عند  تحديات الزواج -وما أكثرها- وغالباً ما يرضخ الزوجان إلى تأثير الفجوة وعدم التكافؤ لأنهما يخشيان مواجهة أنفسهما أو يفضلان ترك الأمور تسير لوحدها لأن شيء لن يتغير.
عملياً فإن ردم الفجوة بين الزوجين والتغلب على عدم التكافؤ تجربة ممتعة وملهمة ومميزة، فهي تتضمن بطبيعتها تعزيز التواصل والتفاهم وأن يعالج الشريكان أو أحدهما مجموعة المشاكل والفروق التي تفصل بينهما، وهذا هو أقصى المراد.

أربع نقاط للانطلاق في إصلاح عدم التكافؤ
- ليست كل حالات عدم التكافؤ سيئة بالمطلق، حيث تشير الأبحاث[4] إلى أن وجود فارق سن صحي بين الزوجين مثلاً -بحيث يكون الزوج أكبر- يحقق الرضا والسعادة الزوجية لكلا الزوجين على قدم المساواة، فيما يزداد رضا الأنثى كلما تقلصت الفجوة العلمية بينها وبين زوجها.
من جهة أخرى فإن بعض وجوه عدم التكافؤ أو بالأحرى بعض وجوه الاختلاف بين الزوجين قد تكون تجربة مميزة ومهمة لكلا الطرفين، كحالات الزواج متعدد الأعراق، أو وجود عدم تكافؤ بالسمات الشخصية العامة حيث يحفز الطرف المميز الآخر[5].

- كغيرها من تحديات الحياة الزوجية؛ كلما تم تجاهل عدم التكافؤ والفجوات بين الزوجين كلّما تفاقمت الآثار السلبية وتعقدت الحلول.

- إن تحقيق التكافؤ بين الزوجين ليس مسؤولية الزوج الأدنى اجتماعياً أو علمياً أو في أي مجال، بل هي مسؤولية مشتركة يجب أن يعمل عليها الزوجان بالتكافل.

- التكافؤ لا يعني التطابق، ولا يتناقض عدم التكافؤ مع التفاهم أو التناغم، فزوج متعلم مع زوجة مثقفة غير متعلمة قد يتفقان أكثر من زوجين تخرجا من كلية واحدة.

الجوانب المرنة في العلاقات غير المتكافئة
المقصود بالجوانب المرنة هي جوانب الاختلاف التي يمكن تعديلها وتغييرها، مثل عدم التكافؤ الثقافي أو العلمي بين الزوجين، حيث يستطيع الشريك المتأخر تعليمياً أو ثقافياً اللحاق بشريكه، وفي سبيل ذلك سيحتاج إلى دعم شريكه والتفاهم معه على الخطوات اللازمة لتقليص هذه الفجوة، مثل الاعتياد على القراءة والمطالعة، أو العودة للدراسة ثانيةً.
كذلك الأمر فيما يتعلق بعدم التكافؤ الجنسي بين الزوجين مثلاً؛ حيث يجب أن يحدد الشريكان نقاط الخلاف بينهما ومحاولة حلها ذاتياً أو طلب المساعدة من متخصص في مجال الصحة الجنسية أو العلاج النفسي.
معظم أوجه عدم التكافؤ المرنة قابلة للحل لكنها تحتاج إلى إرادة صلبة وتفاهم عميق بين الشريكين.

الجوانب الثابتة والمستقرة في الزواج غير المتكافئ
عدم التكافؤ المستقر في جوانب يصعب تغييرها هو التحدي الأصعب، ففي حال معاناة أحد الشريكين من مشكلة صحية مزمنة كالعقم مثلاً أو السكري أو العجز الجنسي المزمن...إلخ، ورغبتهما باستمرار زواجهما على الرغم من هذه المشكلة؛ سيحتم عليهما خلق آليات جديدة للتعامل مع آثار عدم التكافؤ هذا.
كذلك الأمر فيما يتعلق بعدم التكافؤ بالجمال والوسامة، فعلى الرغم من وجود خيارات تجميلية قد تقلص فجوة الوسامة بين الزوجين؛ إلا أننا نعتقد أن التجميل الخارجي لن يكون حلاً كاملاً وإن كان جزءاً من الحل، بل يجب على الشريك الذي يعتقد أنه أقل وسامة وجمالاً أن يعيد النظر في مفاهيم الجمال والوسامة وتأثيراتها على الحياة بالتعاون مع شريكه.
 

[1] مقال أستاذ علم الاجتماع Jessi Streib April "استطلاع: الزواج من خارج الطبقة الاجتماعية قد يكون صبعاً لكنه ليس محكوماً عليه بالفشل" منشور في qz.com، تمت مراجعته في 19/5/2019.
[2] مقال الدكتور Alex Lickerman "السبب الحقيقي الذي يجعل الأزواج يعتقدون أنهم غير متوافقين" منشور في psychologytoday.com، تمت مراجعته في 19/5/2019.
[3] مقال Molly Triffin  "كيفية بناء علاقة تقوم على المساواة" منشور في hermoney.com، تمت مراجعته في 19/5/2019.
[4] ملخص دراسة Wim Groot  وآخرين "اختلافات العمر والتعليم بين الزوجين وتأثيرها على السعادة في الحياة" منشور في link.springer.com، تمت مراجعته في 19/5/2019.
[5] مقال "الاختلافات، عدم التوافق، والنجاح الزوجي" منشور في stayhitched.com، تمت مراجعته في 19/5/2019.