نقص التروية القلبية وعملية القلب المفتوح

أسباب نقص التروية القلبية، أعراض ومخاطر نقص التروية، وكل ما تريد معرفته عن عملية القلب المفتوح ومخاطرها
نقص التروية القلبية وعملية القلب المفتوح
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

كثيراً ما نسمع أن شخصاً أجرى عملية قلب مفتوح ولا ندري ما معنى هذا المصطلح المخيف، لماذا تجرى هذه العملية؟ ما هي مخاطرها وكيف يتم اجراؤها؟
إن عملية القلب المفتوح أو كما تسمى (عملية زرع المجازات الاكليلية - CABG) تعتبر من أهم العمليات وأكثرها خطورة ودقة،يتم إجراؤها في حالات نقص التروية القلبية الشديد أو في حالات تخرب الصمامات القلبية الخطير وغير القابل للعلاج الدوائي.
 

يعتبر القلب أحد أهم الأعضاء إذ يقوم بضخ الدم والأوكسجين اللازم لإتمام العمليات الحيوية في الخلايا، ولكن خلايا هذه المضخة التي تعمل بشكل مستمر تحتاج للأوكسجين والدم لتتابع عملها بكفاءة فكيف يتم تزويد الخلايا القلبية بالدم وما يلزمها لإكمال دورة حياتها؟
يتم ذلك عن طريق شرايين تمتد على سطح العضلة القلبية وتتفرع ضمنها لتقوم بإيصال الدم إلى كل أنحاء القلب، تسمى هذه الشرايين بالشرايين الإكليلية، وهي عدة شرايين أهمها الشريان الأمامي النازل وهو الشريان الرئيسي في العضلة القلبية حيث يقوم بتغذية حوالي 60% من مساحة القلب ويسمى بشريان الحياة، بالإضافة للشريان الإكليلي الأيمن، الشريان المنعكس والشريان الهامشي.
قد تتعرض هذه الشرايين للعديد من الأذيات لأسباب مختلفة تؤدي بالنهاية إلى تضيقات شديدة فيها أو انسداد تام يقطع التروية عن مناطق من العضلة القلبية مؤدياً بذلك إلى نتائج كارثية كضعف القلب و عجزه عن أداء مهامه بشكل كامل.
إضافة إلى ذلك، يتألف القلب تشريحياً من بطينين و أذينتين يفصل بينها صمامات وهي الصمام التاجي، الصمام مثلث الشرف، الصمام الأبهري والصمام الرئوي، تكون وظيفة هذه الصمامات الفصل بين أجواف القلب وتنظيم انتقال الدم بينها بالإضافة إلى التحكم بضخ الدم من القلب إلى الشرايين الكبيرة.
هذه الصمامات قد تتعرض نتيجة العديد من الأسباب إلى أذيات تسبب تخرباً فيها وبالتالي عدم انتقال الدم بين أجواف القلب بشكل صحيح وفي النهاية يحدث لدينا اضطراب في إيصال الدم إلى أنحاء الجسم، وهنا قد نلجأ لعملية القلب المفتوح لاستبدال هذه الصمامات المعطلة بأخرى صنعية. 
 

animate

ما هي أهم أسباب نقص التروية القلبية؟
لنقص التروية القلبية أسباب عديدة تؤدي في النهاية لانقطاع إمدادات الدم عن أجزاء العضلة القلبية، سنذكر أهمها:

- ارتفاع الكولسترول و شحوم الدم:
تعتبر من الاسباب الهامة لنقص التروية القلبية حيث يؤدي ارتفاع مستوى هذه المواد الضارة إلى إحداث أذية في الأوعية الدموية الإكليلية وانسدادها في النهاية.

- التدخين وارتفاع سكر الدم:
حيث تؤدي أيضاً إلى تخرب في الأوعية الإكليلية وخاصة في حالات التدخين الشديد وارتفاع سكر الدم الشديد غير المضبوط أو غير المعالج.

- العوامل الوراثية:
تلعب العوامل الوراثية دوراً هاماً بإحداث الأذيات الوعائية القلبية وخاصة عند وجود مرض قلبي لدى الأقارب من الدرجة الأولى كالأبوين و الإخوة.

-  ارتفاع التوتر الشرياني و أسباب أخرى:
يسبب ارتفاع الضغط غير المضبوط وغير المعالج أذية في العضلة القلبية والأوعية الإكليلية كما يسبب ضخامة في جدران القلب وضعفاً فيه.
هناك أسباب أخرى نادرة مثل الأمراض المناعية الذاتية (أمراض تسبب اضطراباً في المناعة وتجعل خلايا الجسم تهاجم بعضها بعضاً).
 

ممّ يشكو المريض الذي يعاني من نقص التروية القلبية؟
هنالك العديد من الأعراض يصاب بها مريض نقص التروية القلبية يجب علينا معرفتها، أهمّها:
- الألم الصدري:
يعاني المريض من ألم صدري يصفه بإحساس ثقل أو ضغط على الصدر يمتد نحو أحد الكتفين أو كليهما، بالإضافة إلى إمكانية انتشاره إلى  العنق أو الفكين.
- التعرق والخفقان:
قد يشكو المريض من تعرق بارد غزير بدون حرارة يترافق مع إحساس تسرع وخفقان في القلب.
- الغثيان والإقياء:
إن الغثيان والإقياء أعراض لا تقتصر على الأمراض الهضمية حيث يمكن أن نشاهدها في نقص التروية القلبية واحتشاء العضلة القلبية.
 

متى نجري عملية القلب المفتوح وما هي أسبابها؟
إن الهدف الرئيسي من إجراء عملية القلب المفتوح هو تحسين تدفق الدم في الشرايين الإكليلية أو استبدال الصمامات القلبية المخربة وسنتحدث عن هذه الأسباب:

- استبدال الشرايين الإكليلية المصابة:
نلجأ لعملية القلب المفتوح في حال إصابة عدة شرايين إكليلية (ثلاثة شرايين أو أكثر) وعدم إمكانية إجراء قثطرة قلبية نتيجة وجود عدة تضيقات وتكلسات على مسار الشرايين.

- استبدال الصمامات القلبية المتأذية:
يتم إجراء عملية القلب المفتوح لدى المرضى الذين يعانون من آفات صمامية مثل التضيق التاجي (الصمام الذي يصل الأذينة اليسرى بالبطين الأيسر) أو التضيق والقصور الأبهري أو اي إصابة شديدة في أحد الصمامات حيث يتم إزالة الصمام واستبداله بصمام معدني صنعي أو حيوي.

- إصلاح بعض المناطق المتضررة في العضلة القلبية:
حيث يتم إصلاح الضرر في المناطق التي تأذت نتيجة انقطاع التروية الدموية عنها.

- زرع جهاز لتنظيم ضربات القلب (ناظم خطى):
يتم زرع هذا الجهاز في حالات خاصة حيث يحدث نتيجة الأذية القلبية اضطراب في نبضات القلب وعدم انتظامه أو عدم فعالية هذه النبضات.

- زرع قلب من متبرع بدلاً من قلب متضرر:
في الحالات النهائية من قصور القلب وعند عدم كفاية العلاج الدوائي يكون العلاج النهائي بزرع قلب للمريض يتم أخذه من متبرع.
 

كيف يتم أجراء عملية القلب المفتوح وما هي مراحلها؟
تعتبر عملية القلب المفتوح من العمليات الدقيقة والطويلة حيث تستمر حوالي 4-6 ساعات يتم خلالها إجراء الكثير من الخطوات الدقيقة والمرتبة لتفادي حصول أي خطأ، وهذه الإجراءات بالترتيب هي:

- تخدير المريض:
وهي المرحلة الأولى قبل إجراء العملية كي لا يشعر المريض بأي ألم أثناء العمل الجراحي الذي سيستمر فترة طويلة.

- فتح الصدر:
يقوم الجراح بإجراء شق طولاني في الصدر أمام عظم القص (وهو العظم الموجود بشكل عمودي في منتصف الصدر وتتثبت عليه الاضلاع)  ويتم نشر عظم القص بعدها و فتح الصدر بعد إبعاد الأضلاع حتى يصبح القلب والرئتين واضحين.

- وصل المريض على جهاز القلب الاصطناعي:
بعد أن يتم فتح الصدر يتم وصل المريض على جهاز يسمى القلب الاصطناعي أو الرئة الاصطناعية الذي يساهم في إمداد الجسم وتأمين حاجاته من الدم والأوكسجين خلال فترة العملية وبالتالي عدم إحداث أذية في الأنسجة نتيجة نقص الوارد الدموي أو نقص الأوكسجين.

- إيقاف القلب وإجراء العملية عليه:
يتم إيقاف القلب بحقن محلول يشل العضلة القلبية وهو محلول كلور البوتاسيوم ثم يتم حفظه في سائل حافظ بارد للحفاظ على الخلايا من التلف و تجرى العملية عليه حيث يتم استبدال الشرايين الإكليلية المصابة بشرايين أخرى سليمة يتم أخذها من أوعية الطرفين السفليين غالباً أو من أوعية جدار الصدر، أو يتم استبدال الصمام المصاب بصمام آخر معدني أو حيوي

- إعادة القلب إلى الجسم ووصله بالأوعية الدموية:
يتم فصل الجسم عن جهاز القلب الاصطناعي وإعادة قلب المريض لمكانه الطبيعي بعد إنهاء العملية عليه.

- إغلاق الجرح وإنهاء العملية:
يتم إغلاق الجرح و خياطته بدقة وعقامة شديدتين مع تثبيت جيد حنى لا يحدث تخلخل أو عدم ثبات في عظم القص.
 

ما هي المخاطر التي تحملها عملية القلب المفتوح؟ وما هي اختلاطاتها؟
تعتبر عملية القلب المفتوح من العمليات الدقيقة وبالتالي فإنها تحمل مخاطر محددة سنعدد أهمها:

- ضعف القلب:
قد يحدث نتيجة إيقاف القلب وسوء حفظه ضمن المحلول المبرد والحافظ  مما يسبب ضرراً في خلاياه وبالتالي حدوث قصور في القلب وضعف في خلاياه العضلية مما يؤدي إلى أعراض كثيرة لدى المريض مثل ضيق التنفس، الحاجة للأوكسجين و زيادة احتباس السوائل في الأطراف.

- الإصابة بعدوى في مكان الجرح:
قد يتعرض جرح العملية لإصابة بعدوى جرثومية تسبب ارتفاعاً في حرارة الجسم وألماً و احمرار في مكان الجرح لذا يجب حماية الجرح جيداً وتنظيفه الدائم.

- اضطراب بضربات القلب:
قد يحدث أيضاً نتيجة إيقاف القلب وإعادته مما يسبب اضطراباً في ضربات القلب.

- فشل كلوي أو إصابة دماغية:
قد يحدث هذا الاختلاط نتيجة التأخر في توصيل جهاز القلب الاصطناعي مما يؤدي إلى انقطاع في التروية عن بعض أجزاء الجسم مثل الكلية والدماغ مما قد يسبب فشلاً كلوياً أو إصابة دماغية بنقص التروية تتظاهر  بضعف الأطراف أو أي اعراض عصبية أخرى.
 

ماذا يجب أن يفعل المريض بعد إجراء عملية القلب المفتوح؟
بعد إجراء عملية دقيقة وضخمة كعملية القلب المفتوح يجب علينا أخذ الحيطة والقيام بعدة إجراءات وقائية لضمان نجاح العملية بشكل كامل، هذه الإجراءات لا تقل أهمية عن العملية بحد ذاتها وأهمها:

- الاعتناء بالجرح الناتج عن العملية:
من أهم الخطوات في المرحلة الأولى بعد الجراحة بسبب حساسية موقعه وتضمنه على شق الجلد، العضلات وحتى العظم.
يجب علينا الاهتمام بنظافة الجرح كأهم خطوة و حمايته من الإصابة بأي عدوى جرثومية قد تكون خطيرة النتائج بعد العمل الجراحي.

- تسكين الألم:
عمل جراحي بهذه الضخامة قد يكون مؤلماً ويستمر ألمه لفترة معينة لذا يجب علينا تسكين الألم بالمسكنات التي يصفها لك طبيبك حصراً منعاً من حدوث أي اختلاط ناجم عن أحد الأدوية المسكنة التي قد تتناولها بمفردك.

- الحياة اليومية:
يجب علينا اتخاذ إجراءات معينة في الحياة والحركات اليومية خلال الشهر الأول بعد إجراء العمل الجراحي، كالنوم مثلاً والذي قد يكون مزعجاً وصعباً في الفترة الأولى نتيجة اضطرار المريض للنوم على ظهره حصراً دون الحركة إلى أحد الجهتين. وصعوبة القيام من وضع الاستلقاء بدون مساعدة وبطريقة معينة.
يمنع أيضاً حمل الأوزان في الفترة الأولى بعد العمل الجراحي حفاظاً على سلامة الجرح كما يجب علينا عدم القيام ببعض الحركات كفتح الذراعين أو رفعهما بشكل كبير.

وفي الختام.. أصبحت عملية القلب المفتوح مع تقدم العلم والتقنيات الطبية من العمليات الاعتيادية والتي تجرى يومياً في أغلب المشافي مع نسبة نجاح كبيرة تتعدى 90% [1] وبدون أي اختلاطات طالما تقيد المريض بالأدوية والنصائح اللازمة بعد الجراحة، بالإضافة إلى كونها لا غنى عنها في حالة وجود إصابات شديدة في الأوعية الدموية لأحد أهم الأعضاء في جسم الإنسان.
 

[1] مقال Markus MacGill "ما الذي يجب أن تتوقعه في عملية القلب المفتوح"، منشور في medicalnewstoday.com، تمت مراجعته في 29/6/2019
[2] (Bailey & Love's Short Practice of Surgery, 27th Edition: The Collector's edition (2018
[3] (Johns Hopkins Textbook of Cardiothoracic Surgery, Second Edition 2nd Edition (2014