أخبري ابنتكِ الحقيقة!

لم تعلمني أمي كيف أحب نفسي!... حتى تعلمت بأصعب الطرق بأن لي حق على نفسي، تعلمت أن لي حق أن أشرب فنجان القهوة دون أن أسرق لحظات في العمر... لأنني أنا العمر.
أخبري ابنتكِ الحقيقة!
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات
animate

 أدركت بعد عشر سنوات أن كلمة "لا أستطيع" هي ليست كلمة مشينة ولا عيب فيها، ولا حتى انتقاص لكرامتي، أولاً كزوجة... وكصديقة لزوجي...

أنا واحدة من كثير من النساء اللواتي واجهن تحدي أوقعتني به تربية والدتي المثالية لي (وكل جيل أمهاتنا البسيطات الرائعات) والحياة التي وجدنا أنفسنا بها كزوجات في حياة ليست بالبسيطة أبداً.
فبعد زواجي بدا التحدي الحقيقي بالحياة بأن  أفعل  كل شيء لوحدي...  فبدأت بمنزلي حيث كان واجبي الأول أن يكون مرتباً ونظيفاً وأن أحميه من تراكم الغبار، دون أن أدرك أن التحدي الحقيقي هو حماية منزلي من الطفيليين من البشر!.
علمتني والدتي ألَّا أطلب المساعدة  بشؤون المنزل وإنني أنتقص من نظرة الآخرين لي إذا استعنت بأحد ما لمساعدتي... حتى شعرت أنني كالدابة بالحقل تحرث من الصباح للمساء دون كلل أو ملل - سامحوني بالتعبير- باتت صورتي التي أراها كل مساء قبل أن أضع رأسي على سريري وأنا اسمع الأنين في شراييني.

علَّمتني أمي منذ صغري أن فنجان القهوة في منزلي ليس من حقي بل يكفيني أن أشربه كضيفة في زيارة عائلية.
علَّمتني أمي أن التحدي أن أتفوق على جدتي بالانصياع لرغبات (سي السيد) والموافقة على كل طلبات زوجي دون نقاش... لكنَّ أمي لم تخبرني  أن جدتي ماتت حسرة على سنين عمرها التي أمضتها تلمّع الحياة لجدي لتبدو له الأشياء أسهل... فتغرق أكثر في حزنها وتكبر الذكورة في جدي.
لم تقل لي أن لي حق أن أتعب... وأنه أبسط الحقوق لي
لم تقل لي أمي سوى أن الطلاق حرام!!!، وأن المطلقة التي تهيم بالأرض هي وباء لا بد أن اتجاهله... وأبتعد حد الشمس عنها.
لكنها لم تقل لي كم من زهرة كان الزواج حبل مشنقتها التي نصبها لها مجتمعنا النرجسي... فماتت وهي تنبض بالحياة مقهورة بأحضان رجل لا يعرف شيء من الرجولة.

لم تقل لي أمي... أن الزواج هو حب!! فالحب عيب... والعيب في حب الزوج لزوجته عهر وضعف... لم تعلمني أمي كيف أكون جميلة... حتى كسرت كل المرايا حتى لا أرى تلك القبيحة في وجهي ولا خطوط الغم والهم والنكد.
لم تعلمني أمي أن الحياة حق!.
ولم تعلمني أمي أن التقصير اتجاه ذاتي هو ذاته التقصير في عبادة الله وطاعته.
لم تعلمني أمي كيف أحب نفسي!... حتى تعلمت بأصعب الطرق بأن لي حق على نفسي، تعلمت أن لي حق أن أشرب فنجان القهوة دون أن أسرق لحظات في العمر... لأنني أنا العمر.
تعلمت ألَّا عيب أن أتعب وحتى أشعر بانكساري... ولا عيب أن أطلق خصل شعري في المنزل وألون شفتي بالـحمر.
تعلمت لوحدي ... أن من سيقترب من باب منزلي سأصفعه بكلماتي اللاذعة، ومن يتقصد انتقادي أمام زوجي ليكسر الحب في عيونه... لن يكون له مكان في حياتي ... 
تعلمت لوحدي أن أحب نفسي... وأن أرقص على أنغام وجعي وألمي وحزني وانكساري.
تعلمت أن أرى نفسي جميلة... بشعري المنكوش... وعيوني المرهقة... وعلامات القهر في وجهي، وتعلمت أن أحب من يحبني فقط.

وأيقنت أن الطلاق ليس بمشنقة... بل هو حياة بعد الموت إذا أردت أن أعيش بعده بكرامة 

تعلمت أني أنثى فريدة وزوجة رائعة وأن لا أحد في هذا الكون يماثل احترامي لذاتي.. ولن يحترمني أحد إذا لم أفرض أنا احترامي عليه.
تعلمت أن رائحة منزلي النظيفة ليست بالأمر الذي يزيد من نجاحي كسيدة منزل، وأن رائحة الحب والهدوء هي التي تجعل مني الأنجح

فإياكن أيها النساء أن تهملن أنفسكن واحتياجاتكن اتجاه أنفسكن، نحن النساء بالفطرة نجيد البناء... ابدأن ببناء السعادة لأنفسكن حتى تجدن العالم أجمل.. وأخبرن بناتكن ما لم تخبرنا به أمهاتنا يوماً.
#خرابيش_عبير