أهمية الأهداف والطموحات في حياة الطفل

كيف يؤثر الطموح على شخصية الطفل؟ وما هي أنواع طموحات وأهداف الأطفال؟ وما هي الآثار السلبية لغياب الأهداف والطموحات المنظمة والمدعومة في حياة الطفل؟
أهمية الأهداف والطموحات في حياة الطفل
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

الأهداف والطموحات بشكل عام تعطي قيمة ومعنى لحياة الفرد، وهي ترسم وتحدد شكل الحاضر من حيث المهام والمسؤوليات وتتوقع ملامح المستقبل من حيث النتائج والغايات، ولكل من أطفالنا غاية أو طموح وهي تمثل هدفه الرئيسي في الحياة ويحدد على أساسه تصرفاته وواجباته وسلوكياته وربما علاقاته الاجتماعية، ونحن بدورنا من واجبنا مساعدة هذا الطفل أولاً على اختيار أهدافه التي تتلاءم مع إمكاناته وميوله من جهة، وتحقق له النجاح والرضا في المستقبل القريب والبعيد من جهة أخرى.

العلاقة بين أهداف الطفل من جهة وخصائصه الشخصية والنفسة من جهة أخرى يمكن وصفها بانها علاقة ذات تأثير مزدوج أو متعاكس الاتجاه حيث أن كل من طرفي هذه العلاقة يعتبر مؤثراً ومتأثراً بالآخر في الوقت نفسه، فشخصية الطفل وأفكاره واهتماماته وميوله هي عادةً ما يحدد أهدافه، ومن جهة أخرى فإن طموحاته وأهدافه في الحياة وسعيه لتحقيقها هو من يرسم ملامح شخصيته[1]:

- تنمية شخصية متفائلة: الطفل الطموح الذي يوجد هدف في حياته يعتبر أكثر تفاؤلاً من غيره وثقة بنفسه[2] حيث أن نظرة الطفل الطموح نحو المستقبل تتميز بأنه أكثر إصراراً على تحقيق الهدف والوصول للغاية المنشودة، وليس من السهل كسر هذه العزيمة ودخول مشاعر التشاؤم لحياة الطفل الطموح لمجرد المرور ببعض مواقف الإحباط أو الخيبة. 

- العمل بجد والسعي لتطوير الذات: الهدف بحياة الطفل الطموح يعتبر حافز ودافع للعمل بجد وتطوير الذات وتحمل المسؤولية والبحث عن حلول لجميع المشاكل والعوارض، ولهذا نجد الطفل الذي يملك هدف حقيقي ويصمم على تحقيقه يبدي جدية أكبر بالعمل واستعداد أكثر لتطوير الإمكانات والقدرات التي سوف تساعده في طموحه.

- تعلم مهارات حل المشاكل: فأثناء البحث عن حلول للعراقيل التي تعترض أهدافه، يكتسب الطفل الطموح الكثير من الخبرات ويتعلم العديد من الدروس، وكل هذه الخبرات سوف يحتفظ بها في ذاكرته، حتى يصبح أكثر قدرة على تجاوز العقبات وإيجاد الحلول للمشاكل.

- الاستقرار النفسي والعاطفي: الهدف في الحياة يخفف من أغلب أشكال الاضطرابات النفسية الخاصة بالأطفال، مثل لوم الذات أو الشعور بالنقص أو حتى الشعور بالفراغ، فالطفل الهادف لا وقت لديه لمثل هذه الأمور ويجد أنه من الأجدى أن يبحث عن طرق لتحقيق طموحاته من الانشغال بها.

- توجيه السلوك والأفعال والاهتمامات: الهدف بشكل عام يزيل التشتت الذي قد يشعر به الطفل تجاه رغباته وميوله ومستقبله أو اهتماماته، فالهدف يعتبر محوراً للحياة كل شيء يجب أن يرتبط به بشكل أو بآخر، سواء تعلم المهارات أو تطوير القدرات أو البحث عن المعلومات المرتبطة بالهدف.

- الرغبة بتنمية المهارات والمواهب وتحقيق التفوق والنجاح: في سبيل تسخير كل ما أمكن لتحقيق الهدف، تتشكل لدى الطفل رغبة دائمة في النجاح والتفوق والحصول على المزيد من الخبرات والمهارات، ومن هنا نرى مثلاً أن الطفل الطموح لديه دافعاً أكبر للتفوق في مدرسته وتطوير أي موهبة لديه.

- عدم الشعور بالإحباط والفشل أو الملل والكسل: فكل هذه المشاعر غالباً ما تنتج أو تتأثر بشعور الطفل بالفراغ أو النقص أو خلو حياته من شيء هام ومحوري يسعى إليه ويتمنى تحقيقه، ووجود هذا الهدف الطموح يبعد الطفل إلى حد كبير عن هذه الأشياء التي يرى فيها عراقيل أمام تحقيق ما يصبو إليه.
 

animate

حتى وإن بدت أهداف الأطفال عموماً متشابهة بالصورة والشكل العام كونها تدور غالباً حول الحاجات والأفكار والرغبات أو الثقافة المشتركة بينهم، بيد أنها تختلف بالوقت نفسه بين طفل وآخر أو حتى لدى الطفل نفسه أحياناً وذلك تبعاً لعدة عوامل ومتغيرات، منها ما يتعلق بدوافع الطفل ورغباته أو مرحلته العمرية  أو بيئته الثقافة بالإضافة للفروق الجنسية والشخصية والعديد من العوامل الأخرى ويمكن ذكر أمثلة عن بعض أهداف الأطفال[3] [4]:
1- الأمنيات البسيطة: وهذا النوع لا يعتبر هدف أو طموح بشكل دقيق، كونها تشتمل على رغبات بسيطة سهلة أو قريبة التحقيق مثل الحصول على لعبة أو الذهاب في نزهة أو استحقاق مكافئة أو تعلم شيء جديد، وهذا النوع من الرغبات ينتظر الطفل غالباً من غيره تحقيقها وتقديمها له ولكنها تعتبر ضرورية أيضاً في العملية التربوية اليومية.

2- الأحلام والرغبات الخيالية: أما هذا النوع من الأحلام فهو غالباً يرتبط بالطفولة بحد ذاتها بمعنى المرحلة المبكرة من الطفولة، وهي ناتجة عن عدم وعي الطفل الكافي بحدود الواقع التي لا يمكن تجاوزها، مثل الحصول على قدرات خارقة تقليداً للشخصيات الكرتونية المحببة أو الأساطير التي سمع عنها.

3- الطموحات والأهداف الفعلية: وهذه ما نقصده هنا، وهي لها شروط معينة وتتغير وفقاً لهذه الشروط، مثل الطموحات المهنية أو الدراسية أو العلمية والفنية والتي تتأثر غالباً بالبيئة الثقافية للطفل وحالة والديه الاقتصادية والفكرية أو جنس الطفل والأشياء المتاحة له أو المحروم منها والقدرات والمواهب التي يتمتع بها، وتبعاً لكل ذلك قد يحلم الطفل بأن يكون طبيب أو معلم أو شخص ثري أو فنان موهوب وقد يحلم الطفل الذكر بأن يكون بطلاً رياضياً قوي أو تحلم الطفلة الأنثى بأن تكون طبيبة أو مصممة أزياء.
 

الطفل الذي لا يملك هدف لحياته وطموح يوجه غاياته ورغباته وتصرفاته، يعتبر أكثر هشاشة نفسياً واقل قدرة على مواجهة الحياة بظروفها ومصاعبها وبالوقت عينه هو معرض أكثر لاتباع سلوكيات منحرفة وغير مقبولة على مستوى المجتمع، ومعرض للفشل ونمو صفات شخصية سلبية لديه، وهذا بسبب مجموعة من العوامل الناتجة عن خلو حياته من الهدف ومنها:

- الشعور بالملل والفراغ: فبعكس الطفل الطموح يشعر الطفل الذي لا يملك بهدف بالضجر والملل وبأن لديه وقت فراغ كبير وليس لحياته أو وجوده معنى أو أثر ولهذا الكثير من السلبيات على نفسية الطفل.

- التخريب وتعلم سلوكيات سيئة: وهي ناتجة عن الشعور بالملل والفراغ فمن جهة يشعر الطفل بهذه الأفعال بأنه يتسلى ويملئ فراغه ومن جهة يجد بأنه يلفت نظر الآخرين نحوه ويمارس تأثيراً عليهم.

- ضعف الشخصية: فكما سبق وذكرنا بأن الهدف والطموح يعتبران قيمة ويعطون معنى للحياة وخلو حياة الطفل منهما، يجعله ضعيف الشخصية لا يجد بنفسه شخصاً مؤثر وفعال لها قيمة وحضور في محيطه.

- تعلم الكسل واللامبالاة: وذلك بسبب عدم وجود شيء محوري بحياة الطفل يوجه اهتمامه وجهوده نحوه، فيتعلم عدم الاهتمام بأي شيء وعدم التفكير بالمستقبل وصاحب شخصية تتسم باللامبالاة لا تعطي قيمة لأي شيء.

- نمو عادات سيئة لدى الطفل: مثل تعلم الاتكالية وعادات مثل التنصت على الآخرين أو الفضولية والتدخل في ما لا يعنيه هذا بالإضافة لإثارة الفوضى وعدم التنظيم في حياته سواء بالنوم أو الطعام أو الدراسة أو اللعب، وكل هذه الصفا تعبر غير مستحبة ولا أحد يرغب بوجودها في شخصية طفله.

- عدم الشعور بالمسؤولية: فنتيجة لعد تقديره لأي شيء او وجود أي غاية لديه تستحق الجهد والتعب من أجل تحقيقها، يتعلم الطفل عدم تحمل المسؤولية حتى في الأشياء البسيطة في حياته مثل دراسته أو تنظيم شؤونه أو العناية بأغراضه أو مساعدة والديه.

- أكثر عرضة أكثر للصدمات العاطفية: فخلو حياة الطفل من الهدف والطموح تزيد من نسبة أو درجة تعرضه للإحباط والاكتئاب ومشاعر التشاؤم والنظرة السوداوية للحياة، وكل هذا ينعكس على استقراره النفسي وحتى الاجتماعي ويجعله معرضاً أكثر للصدمات العاطفية الناتجة عن هذه المشاعر مثل الفشل او خيبات الأمل.
 

إذاً تأثير الأهداف والطموحات على أفكار الطفل وميوله واهتماماته وتصرفاته عميق وواضح ولا يمكن إهماله خلال عملية التربية والتعليم، فهذه الطموحات إذا أحسن التعامل ومعها واستغلالها يمكن أن تساعدنا في توجيه سلوك أطفالنا نحو تعلم أشياء مفيدة ومرغوبة وتنميتها في شخصياتهم من جهة، وتطوير أهدافهم ودعمهم في تحقيقها بما يتلاءم مع قدراتهم وميولهم من جهة أخرى[1]، ويوجد بعض الخطوات التي من شأنها المساعدة في تحقيق هذه الغاية مثل:

- الربط بين اهداف الطفل وضرورة السعي والعمل بجد: حيث يجب أن يعرف الطفل دائماً أن وصوله لغاياته وتحقيق أهدافه في المستقبل مرتبط بأفعاله والجهود التي يبذلها في الحاضر، فحتى يصبح عالماً في مجال معين يجب أن يطور قدراته ويوسع ثقافته ومعارفه حول هذا المجال في الوقت الحاضر.

- مشاركة الطفل في تحقيق أولوياته التي ستوصله لأهدافه: في حال كانت أهداف الطفل وطموحاته جيدة ومتفقة فعلاً مع ميوله وقدراته فيجب الوقوف إلى جانبه ومساعدته وإرشاده في سبيل تحقيق هذه الأهداف، فشعور الطفل بأننا نقف بجانبه يعطيه حافزاً ودافعاً من جهة ويحمله مسؤولية النجاح والوصول لغايته من جهة أخرى.

- توجيه أهدافه بما يتلاءم مع قدراته: بعض الأطفال يحلمون بأشياء قد لا تتفق مع قدراتهم الفعلية وبالتالي فإنهم لا يصلوا لهذه الأهداف، ومن الأجدى أن نوجه منذ البداية طموحات هذا الطفل وجهوده نحو أهداف تتفق مع قدراته وميوله واهتماماته حتى نزيد من فرصة تحول الحلم إلى حقيقة.

- أجعل هدف طفلك محوراً لتنظيم حياته: فأهداف الأطفال عميقة الأثر في شخصياتهم ويمكن باستغلالها تنظيم دراستهم أو حياتهم اليومية أو أفعالهم واهتماماتهم من خلال الربط بينها وبين تلك الأحلام والطموحات.

- شجع مواهب طفلك وادعم ابداعه: فهذا التشجيع يدفعه أكثر لتطوير هذه المواهب والابداعات ليصنع منها نجاحاً قد يكون له أثر إيجابي على مختلف نواحي ومراحل حياته.

تكمن أهمية الأهداف والطموحات في حياة الطفل بأنها غالباً ما تكون هي المسؤولة عن تحريك الكثير من تصرفاته وأنماط وأشكال سلوكه كما تحدد لدرجة كبيرة ميوله واهتماماته، وإذا تمكنا من معرفة هذه الأهداف والطموحات يمكننا فهم دوافع الأطفال في معظم أفعالهم والطريقة التي يفكرون بها والأشياء التي يرونها صحيحة أو هامة وذات قيمة في حياتهم، وبالتالي تحديد الطرق التي يجب التعامل بها مع الأطفال وتنمية أهدافهم واستغلالها في تحسين وتعديل تصرفاتهم وقناعاتهم، فندعمهم في تحقيق غاياتهم من جهة ونطور وسائلنا التربوية في التعامل معهم من جهة أخرى.
 

[1] مقال "الطموحات الملهمة؛ مساعدة الأطفال ليطمحوا أن يكونوا أفضل ما يمكن" منشورة على موقع onegoal.co.uk، تمت مراجعته بتاريخ 22/6/2019
[2] مقال Elizabeth Scott " العديد من فوائد التفاؤل" المنشور على موقع verywellmind.com، تمت مراجعته بتاريخ 21/6/2019.
[3] مقال "أنواع الأهداف التي يجب أن يحددها الطفل ولماذا هي مهمة للنجاح" منشور في oxfordlearning.com، تمت مراجعته بتاريخ 21/6/2019.
[4] مقال "تحديد الأهداف للأطفال" منشور في cyh.com، تمت مراجعته بتاريخ 21/6/2019.