نصائح علمية لتربية الأبناء وأسرار التربية الناجحة
تناولنا في مقالات سابقة الكثير من مواضيع تربية الأطفال، إلا أن هذا المجال واسع ودقيق ونحن بحاجة دائمة إلى تطوير مهاراتنا التربوية؛ يعتبر الطفل مركز اهتمام الوالدين ومحور كونهم الصغير، لذلك لابد من الاعتناء به بشكل تام لضمان نموه الصحي والسليم. سنتعرف في هذا المقال على قواعد التربية السليمة للأطفال، وطرق تنشئتهم المناسبة.
ما هو تأثير التربية السليمة على نمو الطفل؟
تعتبر التربية السليمة للأطفال أحد أهم أسباب نموهم السليم، لذلك سواء كان طفلك لايزال رضيعاً أو أصبح شاباً في المدرسة فإن تواصلك معه وطريقة تنشئتك له سيؤثران عليه بشكل كبير. من الواضح أن الأساليب التربوية الخاصة بالوالدين تستطيع مساعدة الأطفال على تكوين شخصياتهم وحمايتهم من النكسات الاجتماعية.
كما أن التربية السليمة للأطفال تتطلب مراعاة أربع نقاط هامة وهي:
1- الحفاظ على صحة وسلامة الأطفال.
2- تعزيز رفاهية الأطفال العاطفية.
3- إعداد الأطفال فكرياً.
4- غرس المهارات الاجتماعية فيهم.
لذلك عزيزي القارئ يجب عليك التفكير ملياً، هل تراعي هذه النقاط أثناء تربيتك لطفلك؟ في حال أجبت بنعم، يمكننا أن نخبرك بأن أطفالك سيظهرون سلوكيات سليمة في المستقبل، وسيصلون إلى النجاح في حياتهم الحالية والمستقبلية؛ أما إن كنت تقصر في إحدى هذه النقاط –لا قدّر الله- فربما آن الأوان لكي تعيد التفكير بأساليبك التربوية الحالية[1].
وفقاً للعلم، كيف تنشئ أطفالك بشكل سليم؟
هناك العديد من الأمور التي يمكننا أن نتبعها أو نتجنبها أثناء تربيتنا لأطفالنا خلال جميع المراجل العمرية، لكن بعضنا يحاول الحصول على المعلومات التي يؤكدها لنا العلم فقط؛ ولأن العلم لا يمكن أن يخطئ، قررنا في هذه الفقرة أن نتناول نصائح تربية الأطفال العلمية، فتابعوا معنا هذه الفقرة لتتعرفوا على هذه النصائح[2].
- لا تدع طولهم يخدعك
بغض النظر عن مقدار الطول الذي يكتسبه أطفالنا في السنة، يجب علينا أن نعاملهم حسب عمرهم وتذكر أن طولهم الجسدي لا يعني تطورهم الفكري. وتقول الأستاذة المساعدة في كلية جونز هوبكينز بلومبيرغ للصحة العامة سارة جونسون (Sara Johnson) أنه يجب على جميع الأهالي تذكر هذه المعلومة خاصةً في سنوات مراهقة الطفل الحرجة.
- ساند طفلك الخجول
إن الخجل صفة عامة بين معظم الأطفال تقريباً، ويجب علينا أن ندعم هؤلاء الأطفال بشكل خاص عزيزي القارئ؛ ولكن كيف؟ تقول العالمة النفسية في جامعة نيويورك ساندي ماكلوري (Sandee McClowry) أن مفتاح حل مشكلة الخجل هو اتباع أساليب تربوية مناسبة من أجل إخراج الأطفال من مناطق راحتهم الخاصة ولكن بدون إكراه، كمحاولة جذبه للجلوس مع الضيوف بأسلوب لطيف ومنعه من البقاء بغرفته طوال الوقت.
- ساعده على فهم مشاعره
عدم القدرة على التعبير عن المشاعر من أصعب الأمور التي قد تواجه طفلك الصغير، فهو غير قادر بعمره الصغير أن يعرف مسميات المشاعر وتوصيفاتها. ننصحك عزيزي القارئ أن تشرح لطفلك مشاعره؛ على سبيل المثال، عندما يضحك أخبره أنك سعيد لأنه يشعر بالسعادة، أو عندما يبكي أخبره بأنك لا تريد أن تراه حزيناً.
- يجب أن تقضي مع طفلك وقتاً خاصاً بكما
في حال كنت تتفقد بريدك الإلكتروني أو تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أثناء لعبك مع طفلك، يؤسفنا أن نخبرك عزيزي القارئ أنك ترتكب خطأً فادحاً، فالطفل يحب أن يكون مركز اهتمامك، ويجب عليك أن تقضيا وقتاً خاصاً بكما بدون أي مقاطعة خارجية.
- كن مهذباً
هل تريد أن يكونوا أطفالك مهذبين؟ إذاً كن أنت مهذباً! هذا صحيح، فالأطفال يقلدون والديهم ويحفظون تصرفاتهم، لذلك حاول أن تكثر من بعض الكلمات مثل "شكراً" أو "أنا آسف" أو "من فضلك" لكي يتعلمها أطفالك منك.
- احذر من نوبات غضب المراهقين
جميعنا نعلم أن فترة المراهقة فترة صعبة وحرجة في حياة أبنائنا، وذلك لأنهم يتعرضون للكثير من الضغوط النفسية والاجتماعية في هذه الفترة. لذلك يجب عليك ألا تتفاجأ في حال حصلت إحدى هذه النوبات لطفلك، كما يجب عليك ألا تزيد غضبه بالصراخ عليه بل استمع له وتفهمه وادفعه للشعور بالراحة والأمان.
- القاعدة الذهبية
هل تعلمون ما هي القاعدة الذهبية لتربية أطفالك في فترة المراهقة؟ لا تصرخ على أطفالك! كلما صرخت على طفلك المراهق أكثر كلما زاد سوء تصرفاته أكثر؛ أي أنك لن تقدم لأطفالك أي خير من صراخك عليهم بل سوف تسبب لهم مشاكل نفسية قد تستمر معهم طوال حياتهم.
- الصرامة لها عواقب وخيمة
قد يؤدي لعب دور الوالد الصارم أو المسيطر إلى عواقب نفسية وخيمة طويلة المدى على أطفالك، كما أن التربية السيئة للأطفال والصرامة الشديدة من الممكن أن تكون سبباً في زيادة وزن الأطفال بشكل مرضي! هذا صحيح عزيزي القارئ، لذلك حاول أن تراعي هذه النقطة من أجل الحفاظ على صحة أطفالك النفسية والجسدية.
- يجب على الآباء المشاركة في حياة الأطفال
يقول عالم الاجتماع بجامعة فيرجينيا دبليو. براد ويلكوكس (W. Brad Wilcox)، أنه يجب على الآباء أن يشاركوا في حياة أطفالهم منذ الصغر، سواء باللعب معهم في الباحة الخلفية للمنزل أو بقضاء بعض الوقت المخصص للمرح والتسلية في عطلة نهاية الأسبوع. ولكن ما هي الفوائد المترتبة عن لعبك مع طفلك؟ إن أسلوب الأب العملي في الحياة وفي المنزل قد ينعكس على طريقة لعبه مع الأطفال مما يساعد الطفل على تعزيز طموحاته على المدى الطويل.
- لا تسهب بالتفسير
من المهم للغاية عزيزي القارئ أن تشارك أطفالك بقراراتك وأن تسمح لهم باتخاذ بعض القرارات الفعالة في المنزل، إلا أنه ليس من الواجب عليك أن تقوم بتفسير كل خياراتك وقراراتك بالتفصيل الممل للأطفال، لأن هذا سيزيد من تعقيد الأمور عند الأطفال ليس إلا.
- شجعهم على تكوين الصداقات
مهما بدت لك صداقات أطفالك مملة أو سخيفة حاول أن تخفي هذه المشاعر عن طفلك، لأنك لا تستطيع تقدير أهمية هذا النوع من الصداقات لأطفالك، وبالتأكيد لن تستطيع أن تفهم غاية طفلك وأصدقاءه من التجول لساعات طويلة حول المنزل؛ ولكن كن متأكداً من أن طفلك بحاجة لهذه الصداقات لكي ينمو بشكل سليم نفسياً وعاطفياً.
- أكثر من المزاح مع الأطفال
ربما تستغربون هذا الأمر أعزاءنا القراء، إلا أنه في الحقيقة تربية الأطفال بحاجة إلى الكثير من المزاح لتلطيف الأجواء وتقليل توتر العلاقة بين الأهل والأبناء؛ لذلك لا بأس ببعض المزاح مع أطفالك من وقت إلى آخر.
- كن إيجابياً
بالتأكيد جميعنا يعرف أن الأمل والتفاؤل والتفكير الإيجابي أمور معدية؛ لذلك إن كنت تريد أن يصبح أطفالك أكثر أملاً وتفاؤلاً بالمستقبل، ننصحك بأن تكون إيجابياً في كل تفصيل من تفاصيل حياتك اليومية لكي يكتسب الأطفال هذه الصفات منك.
- لا تتمسك بهم بشكل مؤذي
ربما تكون هذه الجملة غريبة بعض الشيء لذلك سنحاول أن نفسرها لكم بأبسط شكل ممكن؛ عندما يبلغ الأطفال عمراً محدداً قد يحاولون التمتع ببعض الاستقلالية وهذا حقهم، سواء كان بالخروج من المنزل بالأوقات التي يريدونها، أو بالعيش بالسكن الجامعي بدلاً من منزل والديهم أو ربما يبحثون عن عمل ما! هذه الأمور كلها طبيعية ومتوقعة وضرورية لتكوين شخصياتهم، لذلك لا تقفوا بوجه أطفالكم عند قيامهم بهذه الأمور.
انتبهوا إلى هذه الأمور لضمان تنشئة ناجحة للأطفال
قد نتفاجأ في بعض الأحيان بالتعرف على أطفال بقمة الانضباط حيث يقومون بالذهاب للنوم متى ما طلبت منهم ذلك أو ربما يصلحون خلافاتهم فيما بينهم بدون أي مشاجرات أو صراخ! ما السبب؟ بالتأكيد السبب في ذلك هو التربية السليمة للأطفال. في هذه الفقرة سنتعرف على سر الكامن خلف التربية المثالية للأطفال.
حدد القواعد الأساسية لأطفالك
يعتقد معظم الأطفال أنه بإمكانهم القيام بأي شيء على الإطلاق، وهنا تأتي مسؤوليتك عزيزي القارئ في الحدّ من هذا التفكير ووضع القواعد السليمة لتصرفات أطفالك.
- على الرغم من أننا أخبرناك سابقاً بضرورة عدم الإسهاب بالشرح، إلا أنه من الضروري أكثر أن نخبر أطفالنا بالأسباب التي تدفعنا إلى تجنب بعض التصرفات، أي أنه عندما تخبر طفلك بضرورة عدم شتم الآخرين، عليك أن تخبره بالسبب لكي يفهم سبب طلبك هذا.
- لا تنس أن تخبر طفلك بامتنانك وشكرك عندما يقوم بأي تصرف سليم، وخاصةً إن كنت قد طلبت منه أن يقوم بهذا الأمر منذ فترة طويلة وتذكر وحده القيام به مجدداً؛ هذا الشكر والثناء يعززان من شعور الطفل بقيمته وبقيمة تصرفاته الحميدة في المنزل أو المدرسة أو أي مكان آخر.
- درب ضميره! هذا صحيح عزيزي القارئ، بإمكانك أن تدرب طفلك على فهم أخطائه ببعض الخطوات البسيطة، وأهمها هي عدم تحسين مزاجه مباشرةً في حال كان يشعر بالسوء لكسره لإحدى القواعد التي وضعتها له سابقاً. أعطه بعض الوقت للتفكير بأخطائه قبل تحسين مزاجه وإخباره بأنك قد سامحته بشرط ألا يكرر فعلته لاحقاً.
طور مهارات حل المشاكل لديه
أحد الأسباب الرئيسية لتصرف الأطفال بشكل سيء هو شعورهم بالعجز والإحباط نتيجة عدم قدرتهم على حل المشاكل التي تواجههم، فما هو دور الأسرة في هذا الأمر؟
- اسمح لأطفالك باتخاذ القرارات وتحمل نتائج القرارات التي يتخذونها، وفي حال واجهتهم بعض المشاكل حاول أن تساعدهم بشكل بسيط للغاية بحل هذه المشاكل لكن دعهم يقومون بالجزء الأكبر من هذا الأمر.
- شجع أطفالك على المحاولة والاستمرار بالمحاولة حتى الوصول إلى غايتهم، وحاول أن تبعدهم عن الاستسلام والضعف والتسليم بكل ما هو سهل فقط!
- دعهم يفكرون ولا تفكر عنهم، عندما يأتي طفلك إليك بمشكلة ما ويسألك عن طريقة حلها، لا تحلها مباشرةً له، بل اسأله "كيف برأيك يمكن حل هذه المشكلة؟" وناقشه قدر المستطاع، بدلاً من أن تقدم له الحل الجاهز على طبق من ذهب.
دربهم على الصبر
لا أحد يحب الانتظار وخاصةً الأطفال الصغار، فماذا نفعل عندما يقول لنا طفلنا بأنه لا يستطيع انتظار إخوته ليتناول الطعام معهم ولأنه يريد أن يأكل قبلهم؟ إليك هذه الخطوات لتدريب أطفالك على الصبر.
- دعهم ينتظرون! لا تقبل بكل شروطهم ولا تدعهم يستغلون حبك لهم وعواطفك تجاههم، عودهم على الانتظار والصبر من خلال بعض الأمور البسيطة مثل انتظار اجتماع كل أفراد الأسرة قبل تناول الطعام.
- دعهم يشاركون ببعض الأنشطة التي تشجع على الصبر، على سبيل المثال حل الألغاز أو زراعة بعض الورود وانتظار نموها أو غيرها من الأنشطة المشابهة.
ركز على التعاطف
من الضروري أن تعلم أطفالك أهمية التعاطف لكي لا تنشئ أبناءً متوحشين لا يعرفون أهمية المشاعر في العلاقات الاجتماعية.
- شجع طفلك عندما يقوم بأي مبادرات تدل على اللطف والمشاعر الجياشة في التعامل مع الآخرين وقدر له تصرفاته هذه.
- في حال قام طفلك بتصرف غير لطيف، لا تطلب منه تغيير هذا التصرف بل قم بأمره بتغيير هذا التصرف وتحسينه والاستعاضة عنه بتصرف أكثر لطافة، وفي حال أذى مشاعر غيره بتصرفه هذا لابد من أن تدفعه إلى الاعتذار من الشخص المتأذي.
في النهاية، لابد من التركيز على أساليبنا التربوية من أجل ضمان النمو السليم للأطفال في جميع فترات حياتهم. في حال كان لديكم أي استفسار لا تترددوا في سؤال خبراء حلوها المتواجدين دوماً لمساعدتكم.
[1] مقال "الأبوة والأمومة"، المنشور في Psychologytoday.com، تمت مراجعته في 19/7/2019.
[2] مقال Stephanie Pappas and Elizabeth Peterson، "خمس وعشرون نصيحة علمية لتربية أطفال سعداء وأصحاء"، المنشور في Livescience.com، تمت المراجعة في 19/7/2019.
[3] مقال Robin Westen، "السر المفاجئ لتربية طفل جيد السلوك"، المنشور في Parents.com، تمت المراجعة في 19/7/2019.