من أين يحصل الطفل على معلوماته وما هي مصادر المعرفة للأطفال؟

ما هي المصادر الأساسية لمعلومات ومعارف الأطفال؟ كيف يمكن استغلال مصادر معلومات الطفل بالشكل الأفضل؟ ما أهمية التعرف على مصدر معلومات الطفل؟ ثم كيف يمكن تطوير وتنمية المعلومات الجيدة التي يحصل عليها الطفل وإبعاده عن الخاطئ منها؟
من أين يحصل الطفل على معلوماته وما هي مصادر المعرفة للأطفال؟
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

لا تحصى كمية المعلومات والمعارف الموجودة في لحياة، والتي يبدأ الإنسان باكتسابها ما أن يولد ويستمر في تجميعها حتى نهاية حياته، وهذه المعلومات والمعارف هي التي سوف تؤهله للعيش في هذه الحياة والتأقلم معها، ومصادر هذه المعلومات مختلفة ومتعددة بحسب نوعها ومستواها وقدرة الفرد ووسيلته في الحصول عليها، ويعد ما يكتسبه منها الطفل في مرحلته العمرية المبكرة بمثابة الأساس والأرضية التي سوف تؤهله للتعايش مع محيطه وتطوير معارفه في المستقبل، ولذلك كان من الضروري التعرف على المصادر الرئيسية التي ينهل منها الطفل معلوماته ويكتسب معارفه ويتعلم أكثر عن بيئته وحياته.

في إطار عملتي التربية والتعليم نسعى دائماً لإيجاد وسائل لغرس بعض الأفكار أو القيم في شخصية أطفالنا، أو البحث عن طرق تساعد في رفع مستواهم التعليمي والدراسي، وفي الحالتين يمكن استغلال المصادر الرئيسية لمعلومات الأطفال في بلوغ هذه الغيات، ويتم ذلك من خلال:

التعرف على مصادر المعلومات الأكثر تأثيراً: فبالنظر إلى اهتمامات الأطفال بشكل عام أو اهتمام وميول بعضهم الآخر بالتحديد، يمكن التعرف على بعض مصادر المعلومات لديهم والتي تعتبر الأكثر تأثيراً في تعلمهم وبالتالي يمكن استغلال هذه المصادر للمساعدة في غرس بعض القيم أو المعلومات في عقلوهم، فعلى سبيل المثال تعتبر المشاكل التي تعترض الطفل ويعالجها أثناء اللعب من أكثر الأشياء التي تساهم في بناء خبراته وتوسيع مداركه وتنمية قدرته على الابداع والابتكار ومن خلال دمج هذه الألعاب من مع ما نريد غرسه في شخصية الطفل يمكن ضمان ثباتها لديه واكتسابها من قبله بالشكل الأمثل.

التعرف على ميول الطفل ورغباته ومواهبه: حيث أن تحديد ميول الطفل والمعلومات التي تعتبر مهمة بالنسبة له دون سواها يساعدنا في التنبؤ بالمجالات التي قد ينجح أو يبدع فيها ويبدي استعداداً للتعلم أكثر حولها، وانطلاقاً من معرفتنا بهذه الأشياء يمكن صقل اهتماماته وتنمية مواهبه الخاصة التي يتميز فيها وتطوير معلوماته ومعارفه حولها.

تساعد معرفة مصدر معلومات الطفل في عملية التوجيه والضبط والرقابة عليها: ليس بالضرورة أن تكون جميع المصادر التي ينهل منها الطفل بعض المعلومات مضمونة وجيدة سواء من حيث نوع المعلومة التي تقدمها للطفل أو من حيث جودة وصحة هذه المعلومة، فمثلاً تنتشر الكثير من المعلومات الخاطئة أو الخطيرة على شبكة الانترنيت المتوفرة في هذه الأيام لمعظم الأطفال والتي يجب ابعاد الطفل عنها وحمايته منها، والتعرف على هذه المواقع يعتبر الخطوة الأولى في عملية الرقابة عليها وتوجيهها.
 

animate

كل ما يقع تحت حواس الطفل الخمسة هو مصدر للمعلومات بالنسبة إليه، فالطفل وخاصة في صغر سنه يتعلم حول أي شيء عن الموجودات من خلال التفاعل المباشر معها مستفيداً من إحدى هذه الحواس، وبعدها ينتقل للمرحلة التالية التي يحلل فيها المعلومة التي تلقاها ويفهمها ثم يخزنها في ذاكرته ويجعل منها جزء من خبراته ومعارفه، ومن أهم المصادر التي ينهل منها الأطفال معلوماتهم:

الأهل وعملية التربية: أسرة الطفل بجميع مكوناتها من أب وأم وأخوة تعتبر الأكثر تأثيراً في شخصية الطفل والمورد الأهم لمعلوماته وخاصة في الطفولة المبكرة، وذلك بسبب طبيعة علاقة وتعلق الطفل بأسرته من جهة وبسبب الوقت الذي يقضيه معهم من جهة أخرى، وعملية التربية بشكل عام تعتبر وسيلة مستمرة لغرس المعلومات والقيم والأفكار لدى الطفل وبهذا يعتبر الأهل وعملية التربية من المصادر الأساسية لمعلومات الطفل.

المدرسة والتعليم: وهنا يحصل الطفل على معلوماته الممنهجة والمنظمة والهادفة، ويتشارك هذا المصدر جميع الأطفال تقريباً، وتكمن أهميته في أنه مصدر واعي للمعلومات ومحدد سواء من قبل المعلم أو المتعلم وأنه متطور باستمرار ويجري البحث دائماً عن وسائل أفضل لضمان حصول الطفل على معلوماته بطريقة أسهل وأكثر صحة ورسوخ في ذهنه.

وسائل التواصل والاتصال: حيث أن وسائل الاتصال أصبحت اليوم متاحة بشكل كبير مثل شبكة الانترنيت والهواتف النقالة والحواسب والأجهزة الذكية بأنواعها المختلفة وهي تعتبر من المصادر التي تحتوي كم هائل من المعلومات حول كل شيء، وهذه المصادر تعتبر متوفرة لجميع الأطفال تقريباً، ولكن ما يعيب هذه المصادر أن معلوماتها ليست دائماً صحيحة وآمنة بالإضافة لصعوبة الرقابة عليها من قبل الأهل.

الإعلام وبرامج الأطفال والرسوم والمتحركة: فالأطفال يقضون جزء كبير من أوقاتهم أمام شاشات التلفزيون، وهذه الشاشات تعرض الكثير من البرامج سواء المخصصة للأطفال مثل بعض الأغاني والرسوم المتحركة أو الكبار مثل الأخبار والأعمال الدرامية والسينمائية بالإضافة للبرامج الفنية، وهي تسهم من خلال تعلق الأطفال بها في بناء بعض معارفهم واطلاعهم على أفكار وثقافات ومعلومات متنوعة قد تكون جيدة ومهمة وتمارس دوراً تعليمي وتربوي أو قد لا تناسب ثقافة الطفل ورؤية والديه التربوية.

 اللعب والنشاطات اليومية: خلال اللعب اليومي العادي يتعرف الأطفال على الكثير من الأشياء[1] في محيطهم، حيث أن ألعاب الأطفال تتطلب منهم الكثير من النشاطات أو العبث بما حولهم وهم بهذا ودون تخطيط مسبق يتعرفون على خواص أي شيء يتعاملون معه ويلعبون به ويطورون مهاراتهم في اللعب ويكتسبون الكثير من المعلومات أثناء اللعب.

 الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية: كل فرد موجود ضمن منظومة علاقات الطفل يمتلك شخصية فريدة وأفكار وخبرات خاصة ومعلومات عديدة اكتسبها خلال حياته، والطفل خلال تعامله وتفاعله معهم سواء الأصدقاء أو الأقران والأقارب أو الكبار مثل المعلمين ومعارف الأهل وحتى البائعين والجوار يتعرفون على أفكارهم وخواصهم هذه ويكونون عنها معلومات أو يتبادلون معهم معلوماتهم ومعارفهم، كما يحصل عندما يتعلم الطفل لعبة جديدة من أطفال آخرين لم يكن يعرفها سابقاً.

مواقف الحياة وظروفها: الحياة مليئة بالظروف والمواقف منها الجيد والمفيد ومنها الضار والسيء، وفي الحالتين فإن كل موقف يتعرض له الطفل أو ظرف يمر به يحمل معه معلومة أو خبرة جديدة يكتسبها الطفل من خلاله فعندما يحرق الطفل نفسه بالماء الساخن أو أي مصدر للحرارة يتعرف على خطورة هذه المسألة ويكون خبرة ومعلومة جديدة عنها، وهذه الوسيلة في تحصيل المعلومات ليست حكراً على الأطفال وإنما تستمر مع الفرد طيلة حياته.

الملاحظة والتجريب والاكتشاف: قد يكتسب الطفل الكثير من معلومته من خلال ما يعرف بالملاحظة البسيطة فخلال حياته اليومية قد يقع تحت نظر الطفل الكثير من تصرفات الأهل أو ملاحظة سلوك الآخرين[2] وردود أفعالهم واستجاباتهم تجاه مواقف معينة، وهو من خلال تجريب ما لاحظه يكتشف الكثير من المعلومات والأفكار المرتبطة بهذه الاستجابات، فالطفلة الصغيرة تلاحظ أن والدتها تضع مواد التجميل وتفهم أن هذا يجعلها أجمل فتحاول تقليد والدتها وتجريب هذا الأمر.

 المحاولة والخطأ: أي كان المجال الذي يجب أن يكتسب الطفل بعض المعلومات حوله ويكون خبرات عنه فإن وسيلة المحاولة والخطأ تعد من الوسائل الأكثر نجاحاً وتأثيراً، فعندما يجرب الطفل مثلاً ربط حذائه دون مساعدة للمرة الأولى فإنه قد يفشل في ذلك ثم يكرر المحاولة من جديد ولكن مع إدخال تعديل ما على طريقة ربطه ويختبر النتائج الجديدة وإن أخفق سوف يعيد التجربة مرة أخرى مع تعديل جديد حتى ينجح أخيراً، وبهذه العملية يدرك الطفل نقاط البداية والنهاية وجدوى كل طريقة ولماذا لم ينجح في المحاولات الأولى.
 

الهدف من دراسة أي موضوع متعلق بالأطفال والطفولة هو تحسين وسائلنا التربوية في التعامل مع الأطفال وتعليمهم وصقل معارفهم وشخصياتهم، ومصادر معلومات الأطفال إذا ما تمكنا من تحديدها وأحسنا التعامل معها يمكن استغلالها في تحقيق هذه الأهداف التربوية والتعليمية، وذلك من خلال العديد من الوسائل التي يجب أن نضع فيها باعتبارنا ميول الأطفال ورغباتهم: 

الاستفادة من مصادر معلومات الأطفال في تلقين العلوم المعارف الضرورية: حيث أن المصادر الطبيعية لمعلومات الطفل والتي يحصل عليها بشكل تلقائي بدون منهج محدد أو خطة منظمة تعتبر أكثر تأثيراً في سلوكه وشخصيته، ومن هنا فإن استغلال هذه المصادر وربطها مع بعض المعلومات أو الأفكار المراد اكتسابها من قبل الطفل مثل الربط بين الرسوم المتحركة وبعض المهارات اللغوية يمكن أن يأتي بنتائج ممتازة في عملية اكتساب الطفل لهذه اللغة وترسخ بعض قواعدها في ذهنه.

تعليم الطفل عن طريقها العادات المرغوبة في المجتمع: فمن خلال التقليد والمحاكاة أو الاقتداء التي تعتبر من مصادر المعلومات الهامة يمكن تلقين بعض العادات الاجتماعية المرغوبة للطفل عن طريق النصيحة والإرشاد أو تقديم النموذج المثالي من السلوك أمام الطفل.

إتاحة الفرصة للتجريب والاختبار: حيث يجب أن يترك الطفل على هواه في تجريب المسائل التي لا تعتبر خطيرة، فما يجربه الطفل بنفسه ويكتشف منه المعلومات يعتبر من أكثر الأشياء رسوخاً في ذهنه كمعلومات[3].
تحذير الطفل عن طريق الملاحظة الملموسة من بعض المخاطر: تتميز أغلب مصادر معلومات الطفل الطبيعية بأنها قائمة على الملاحظة والاختبار وبذلك تكون أكثر قدرة على الاقناع، ويمكن من خلال هذه الميزة تعليم الطفل وتحذيره من المخاطر المنتشرة حوله من خلال مشاهدته ولمسه لنتائجها مثل مخاطر النار أو قوابس الكهرباء والأماكن المرتفعة والأدوات الحادة.
 

بهدف تحقيق الاستفادة الأفضل من المعلومات التي يحصل عليها الطفل والخبرات التي يكتسبها، من الضروري التعرف على مصادر هذه المعلومات والقيام بعملية تنمية لها وانتقاء منها، ومن ثم استبعاد الخاطئ أو المضر منها وتثبيت الجيد والضروري في المخزون المعرفي للطفل، وتتم هذه العملية من خلال مجموعة من تقنيات التعلم: 

كأسلوب الثواب والمكافئة والعقاب: وهي تقنية معروفة في الأوساط التربوية التي تعتمد على عقاب الطفل على الاستجابات والتصرفات السيئة والمكافئة على الأفعال والسلوكيات الجيدة مثل مكافئة الطفل عند اكتسابه لمعلومة جديدة هامة.

أسلوب الخطأ والمحاولة وعقد المقارنات: عندما يخطئ الطفل ويحاول من جديد فإنه يكون معلومة جديدة عن الموقف الذي يختبره وهي طريقة ممتازة في تجربة المعلومات وتطويرها

الإعادة والممارسة والتكرار: فأي شيء غير مستخدم قابل للاندثار والضمور ويجب استخدام المعلومة التي تعرف عليها الطفل وممارستها باستمرار حتى تبقى مترسخة في ذاكرته.

تعد المعلومات التي يحصل عليها الطفل من مصادرها الأساسية أكثر ثبوتاً ورسوخاً في ذهنه، حيث أن حصوله على هذه المعلومة يتم هنا عن طريق الملاحظة المباسرة أو الاختبار الحي، والفرصة المتاحة لتجريب هذه المعلومة وتحليلها وتركيبها قبل تحويلها إلى جزء من ثقافته وخبرته، ومن هنا وبهدف ضمان حصول الطفل على معلوماته من المصادر الأفضل وبالوسائل الأمثل كان من الضروري التعرف على هذه المصادر وأنواعها وكيف يمكن تنميتها وانتقاء الأفضل منها.
 

[1] مقال مركز الطفل والأسرة "يكتسب الأطفال معرفة قوية عن طريق اللعب" منشور في vanderbilt.edu، تمت مراجعته في 20/7/2019.
[2] مقال KENDRA CHERRY "كيف يؤثر التعلم بالملاحظة على السلوك" منشور في verywellmind.com، تمت مراجعته في 19/7/2019.
[3] مقال KENDRA CHERRY "كيف تؤثر الخبرة والتجربة على نمو الطفل" منشور في verywellmind.com، تمت مراجعته في 19/7/2019.