العناية بالصحة النفسية والعاطفية
هناك العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها العناية بصحتنا الجسدية، ولكن هل فكرتم من قبل بأهمية العناية بالصحة النفسية والعاطفية؟ في الحقيقة يجهل العديد من الأشخاص أهمية وضرورة العناية بالصحة النفسية والعاطفية، لذلك قررنا في هذا المقال تسليط الضوء على هذا الجانب المهمش من صحتنا على أمل تحسينه بأسرع وقت ممكن.
هل تؤثر عواطفنا على صحتنا؟
من الضروري للغاية أن نعرف أن الاستقرار النفسي والعاطفي يلعب دوراً هاماً في حياتنا بشكل عام، ولهذا السبب يجب علينا أن نوليه الكثير من الاهتمام في تفاصيل حياتنا اليومية؛ إن كنت تعتقد عزيزي القارئ أن هذا الكلام مجرد رأي شخصي، فيؤسفنا أن نخبرك بأنك مخطئ. لقد أثبتت الدراسات أن المشاكل النفسية وعدم الاستقرار العاطفي قد يخلقان بيئة مناسبة لظهور الأمراض في الجسم. على سبيل المثال، قد تسبب ضغوط العمل اليومية والإجهادات النفسية الناجمة عن الأعمال التي نقوم بها الكثير من أمراض القلب والأوعية الدموية.
ليس هذا فقط، بل من الممكن أن تضعف المشاكل العاطفية من مناعة الجسم بشكل عام وبالتالي ستزيد من احتمالية إصابته بالأمراض المزمنة. ولكن تذكر عزيزي القارئ أن الأمر يجري بطريقة معكوسة أيضاً! أي أن الاستقرار النفسي والعاطفي يحميان الإنسان من الوفاة المبكرة ومن الأمراض العديدة التي يمكن أن يصاب بها[1].
لهذا السبب أعزاءنا القراء، قد ترغبون بتحسين صحتكم النفسية والجسدية، وسنرشدكم إلى هدفكم من خلال فقراتنا القادمة.
لماذا ننصحك بالاهتمام بصحتك النفسية؟
جميعنا يحاول أن يزور طبيبه بشكل دوري من أجل التأكد من سلامة جسده وخلوه من الأمراض، لكن هل فكرنا من قبل بأهمية الاطمئنان على صحتنا النفسية؟ أو أهمية الحفاظ على استقرارنا العاطفي؟ كما ذكرنا سابقاً فإن علاقة الصحة النفسية بالصحة الجسدية مهمة للغاية وهي ما يطلق عليها اسم علاقة العقل بالجسد، ولكن ما هي الفائدة الكبيرة لاستقرار حالتنا النفسية؟
يقول جوف ناغل (Geoff Nagle) البروفيسور المختص بالطب النفسي وعلم الأعصاب، إن الأطفال بحاجة إلى والديهم اللذين يتمتعان بالصحة النفسية والعقلية الجيدة والقادرين على إظهار الحب والعطف والحنان لأطفالهم في كل لحظة، أي أن استقرارك النفسي والعاطفي سينعكس على أطفالك أيضاً! ليس هذا فقط، بل إن الوضع النفسي الإيجابي الذي يتمتع به الوالدين سينعكس على حياة جميع أفراد المنزل وستستمر تأثيراته الإيجابية خلال جميع فترات حياة الأطفال حتى بعد أن يكبروا[2].
لذلك ننصحكم أعزاءنا القراء بأن تراعوا وضعكم النفسي لكي تتأكدوا من انعكاس تأثيراته الإيجابية على جميع مناحي حياتكم وحياة أطفالكم.
طرق الحفاظ على الصحة النفسية
لأن صحتكم تهمنا أعزاءنا القراء، قررنا في هذه الفقرة أن نتناول أهم الطرق التي من شأنها أن تساعدكم على تحسين صحتكم النفسية بشكل كبير، ولهذا السبب نتمنى أن تتابعوا هذه الفقرة معنا لعلها تساعدكم بالوصول إلى مبتغاكم[3].
- تكلم عن مشاعرك
إن التكلم عن المشاعر يساعد على تحسين حالة الصحة النفسية عندكم، أي أن التكلم عما تشعرون به وعما يخالجكم من أحاسيس قد ينعكس بشكل إيجابي عليكم وعلى صحتكم النفسية والجسدية؛ لذلك ننصحكم بعدم كبت أي إحساس تشعرون به لئلا تزيدوا الوضع سوءاً.
- حافظ على نشاطك
ما علاقة النشاط بالصحة النفسية؟ قد تستغرب عزيزي القارئ هذه العلاقة إلا أن العلم قام بإثباتها، وتبين أن القيام بالتمارين الرياضية بل وحتى المشي لبضع دقائق في الهواء الطلق يساعد على تحسين المزاج وزيادة جودة الصحة النفسية والعقلية للإنسان.
- تناول الطعام الصحي بشكل منتظم
يحتاج عقل الإنسان وصحته النفسية إلى العديد من العناصر الغذائية المتواجدة في أصناف الطعام الصحية المتنوعة، ولهذا السبب يجب علينا ألا نتجاهل حاجة عقلنا للطعام وأن نتناول الأطعمة المغذية والمفيدة له. بهذه الطريقة نستطيع أن نحافظ على سلامة عقلنا وأن نقِ أنفسنا من أي مشكلة نفسية في المستقبل القريب.
- ابتعد عن المشروبات الكحولية
قد يعتقد البعض أن شرب المشروبات الكحولية يحسن من مزاجهم ويساعدهم على التغلب على مشاكلهم النفسية، ولهذا السبب نرى أن معظم الأشخاص الذين يعانون من المشاكل النفسية يلجؤون إلى الكحول كحل لمشاكلهم جميعها. في الحقيقة إن المشروبات الكحولية لا تقدم لكم إلا مهرباً قصير الأمد وراحة نفسية لا تتعدّى بضع ساعات، ولكن آثارها السلبية تستمر معكم طوال العمر، لذلك ننصحكم بعدم اللجوء إلى الشراب والاستعاضة عنه بالطرق الأخرى التي نتناولها في هذا المقال.
- لا تنقطع عن العالم الخارجي
ربما يعتقد بعض الأشخاص بأنهم قادرين على الحصول على الراحة النفسية عن طريق الانعزال وعدم التواصل مع الآخرين، إلا أن هذا الأمر خاطئ وهذه المعلومة مؤذية للغاية، فالتواصل الاجتماعي ضروري لصحتك النفسية مهما كان هذا التواصل سطحي أو بسيط؛ ننصحكم أعزاءنا القراء بأن تحاولوا الحفاظ على أواصر الحب والمودة تجاه الآخرين من أجل تحسين حالتكم النفسية.
- لا تخجل من طلب المساعدة
نحن نعلم أن القراء الأعزاء يشعرون في بعض الأوقات بالكثير من الضغوطات الناجمة عن العمل أو الوضع المادي أو الاجتماعي أو حتى التفكير السلبي. ولكن يجب علينا في هذه الظروف ألا نكابر على أنفسنا لأننا في النهاية مجرد بشر! لا تخجلوا من طلب المساعدة من أصدقائكم في حال أردتم الحديث عن مشاعركم ولا تخجلوا من طلب مساعدة المختصين في حال كنتم تشعرون بأنكم تملكون مشكلة نفسية حقيقية. الأمر طبيعي للغاية وجميعنا نتعرض له بشكل يومي.
- خذ بعض الاستراحات
سواء كنت تحاول أن تظهر بمظهر موظف الشهر النشيط، أو كنت تريد الانتهاء من جميع واجباتك المنزلية بسرعة قياسية، ننصحك بأخذ بعض الاستراحات التي تسمح لك بالاسترخاء واستعادة طاقتك لكي لا تشعر بالكثير من الضغوطات النفسية. بهذه الطريقة أنت تسمح لعقلك بالتركيز من جديد وتوزيع المهام بشكل متناسب مع الوقت المتبقي لك بدون أن تشعر بالضغط الناتج عن خوفك من عدم الانتهاء بالوقت المحدد.
- مارس شيئاً تحبه
هل تعتبر نفسك رياضي جيد؟ هل تحب الرسم أو الفنون بشكل عام؟ هل لديك شغف بالقراءة؟ أياً كان ما تحبه ستكون نصيحتنا الدائمة لك هي ممارسة النشاطات والرياضات التي تحبها؛ والسبب في ذلك هو أن قيامك بما تحب من أنشطة أو غيرها يساعدك على الاسترخاء وتحمل الضغوطات اليومية التي تختبرها.
- اقبل نفسك
لا يوجد أي سبب في العالم يدفعك لتغيير حقيقتك عزيزي القارئ! عليك أن تكون فخوراً بمن أنت ويجب على الجميع أيضاً ألا يخجلوا من أنفسهم. كونوا واثقين بأنكم جميلين وأنكم متميزين وبأنكم قادرين على تحقيق ما تحلمون به.
كيف نحسن من صحتنا العاطفية؟
ذكرنا سابقاً في هذا المقال أن الصحة النفسية والصحة العاطفية متلازمين بشكل دائم، ولكن هل تختلف طرق العناية بالصحة النفسية عن طرق العناية بالصحة العاطفية؟ تابعوا معنا هذه الفقرة لتتعرفوا على هذا الموضوع وبشكل خاص لنتعلم معاً الطرق التي تساعدنا على زيادة استقرارنا العاطفي وتحسين صحتنا العاطفية[4],[5].
- اعرف مشاعرك!
من الضروري للغاية أن نقوم بجلسة صراحة مع أنفسنا قبل الدخول في أي علاقة اجتماعية أو عاطفية على الإطلاق، وفي هذه الجلسة اسألوا أنفسكم، ما الذي تشعرون به تجاه الشخص الجديد؟ وهل هذه المشاعر صادقة أم أنها مجرد ردة فعل نتيجة حادثة أو علاقة سابقة؟ واستمروا على هذا المنوال حتى تتأكدوا من حقيقة ما تشعرون به لكي تضمنوا عدم أذيّة أنفسكم عاطفياً.
- ضع حدودك العاطفية
تختلف طريقة تعامل كل شخص مع الآخرين، ولكن في حال كنت تبحث عن الطريقة الأكثر سلاماً على صحتك العاطفية، فبالتأكيد هي طريقة وضع الحدود! هذه الطريقة فعالة للغاية وتسمح للآخرين بفهم أنه مهما كانوا قريبين منك، سيتوجب عليهم ألا يتجاوزا الحدود التي وضعتها لهم.
- رفّه عن نفسك بالطريقة التي تريدها
الرفاهية مفهوم كبيرو يختلف من شخص إلى آخر، قد يرى البعض أن الرفاهية بالنسبة لهم تعني الخروج مع الأصدقاء أو سماع الموسيقى أو تناول وجبة طعام مميزة! إلا أنه من مفاهيم الرفاهية أيضاً عدم الدخول في أي علاقة عاطفية لفترة محددة من الوقت وهذا أمر صحي في الحقيقة. لذلك إن شعرت بأنك بحاجة إلى هذا النوع من الرفاهية لا تدع كلمات الأصدقاء تغير رأيك بل كن مليئاً بالثقة بنفسك وبقرارك.
- اصنع صندوق الأدوات العاطفي!
ما هو هذا الصندوق؟ لا تستغرب عزيزي القارئ هذا المصطلح، فهو لا يعني صندوقاً حقيقياً، بل هو كناية عن الطريقة التي تجمع بها خبراتك العاطفية وتجاربك النفسية لتستفيد منها ولمراجعتها قبل الخوض في أي تجربة عاطفية جديدة.
- راقب حالتك المزاجية
من الضروري أن تراقب مزاجك عزيزي القارئ لكي تعرف الأسباب التي تدفعك إلى الغضب أو القلق أو التوتر وتجنبها من أجل الحفاظ على صحتك العاطفية بأفضل شكل.
- تقبل جميع المشاعر
قد يعتقد بعض الأشخاص أن كبت الغضب أفضل من الإفصاح عنه، ولكنهم لا يعلمون أنهم بهذه الطريقة يؤذون أنفسهم نفسياً وعاطفياً! ومن الضروري أيضاً أن تتقبل عزيزي القارئ فكرة أنك بشريّ وعرضة للغضب، لذلك عندما تسوء الأمور لا بأس بالإفصاح عما تشعر به لكي تتخلص من هذا العبء الداخلي.
- اسأل نفسك
من المهم أيضاً عزيزي القارئ أن تفهم أسباب الأحاسيس التي تشعر بها، لذلك اسأل نفسك عندما تنزعج "لماذا شعرت بالانزعاج؟" وناقش نفسك لتعرف ما إن كان السبب كافياً للانزعاج أم أنه يوجد خلل بالطريقة التي تشعر بها ويجب إصلاحه.
في النهاية، حاول عزيزي القارئ أن تتأكد من سلامة صحتك النفسية والعاطفية بشكل دائم لكي تشعر بالسعادة والهناء في حياتك الشخصية والعائلية. لا تنسوا التواصل مع خبراء موقع حلوها للإجابة عن أي استفسار يراودكم.
[1] دراسة Sarah Stewart-Brown تاريخ (1998)، "الاستقرار العاطفي وعلاقته بالصحة"، المنشور في ncbi.nlm.nih.gov، تمت المراجعة في 21/7/2019.
[2] مقال مختصة الصحة العاطفية الاجتماعية Shannon Lindquist، "أهمية الحفاظ على صحتك العاطفية"، المنشور في canr.msu.edu، تمت المراجعة في 21/7/2019.
[3] مقال "كيف تعتني بصحتك العقلية"، المنشور في mentalhealth.org.uk، تمت المراجعة في 21/7/2019.
[4] مقال الطبيبة Abigail Brenner، "خمسة طرق لتعتني بنفسك عاطفياً"، المنشور في psychologytoday.com، تمت المراجعة في 21/7/2019.
[5] مقال Margarita Tartakovsky، "تسعة طرق فعالة للاعتناء بصحتك العاطفية"، المنشور في psychcentral.com، تمت المراجعة في 21/7/2019.