10 خطوات لرفع الاستحقاق وزيادة الثقة بالنفس
تقبل النفس والتصالح معها، والشعور بقيمتها واستحقاقها للسعادة والأشياء الجيدة في الحياة من أهم ما يميز الإنسان السوي المستقر نفسيًا الذي يشعر بالرضا عن حياته، ولا يعني هذا أن هناك من تمضي حياته بدون الشعور بالضيق أو الشك في النفس أو ضعف الثقة أحيانًا، ولكن الشعور بالاستحقاق يجعلك تتجاوز مشاعر الإحباط بشكل أسرع، وتتعامل مع الفشل بطريقة إيجابية.
كل الناس معرضون للشعور بالإجهاد وانخفاض تقدير الذات في بعض الأوقات، ولكن بالنسبة للبعض فإن الشعور بتدني احترام النفس وعدم الجدارة والنقد الداخلي هو الأصل، مما يجعلهم يوقفون تطور أي فرص جيدة سواء كانت علاقات أو فرص عمل أو نجاحات لشعورهم بعدم جدارتهم.
وفي هذا المقال نلقي الضوء على أسباب ضعف الثقة بالنفس، وكيفية رفع الاستحقاق وتقدير الذات.
غالبًا ما يأتي الشعور بعدم الاستحقاق من مواقف في الماضي أثرت على نظرة الإنسان لنفسه. قد يكون الشخص عاني في ماضيه من الصدمة أو الشعور بالعار أو الذنب لفترات طويلة، أو تعرض لتجارب سلبية أثرت على نظرته للعالم، وقد يكون كبر وهو يشعر بالغضب أو الحزن مما منعه من الاعتناء بنفسه بشكل جيد، أو نشأ على الشعور بالدونية نتيجة لسخرية المحيطين و تقليلهم من شأنه مما جعل لديه اعتقادًا بأنه لا يستحق الأشياء الجيدة.
التجارب والخبرات السلبية في الماضي يمكن أن تتحول إلى ما يشبه معول الهدم الذي يشكك الإنسان في مزاياه، وضعف الثقة يجعل النجاح وتطوير الذات في غاية الصعوبة، وتشير بعض الدراسات[1] إلى أن 87% ممن تعرضوا للتنمر في مراحل حياتهم المبكرة انخفض لديهم احترام الذات والشعور بالقيمة، مما جعلهم أكثر حساسية تجاه النقد، وأكثر معاناة مع القلق، ويتجنبون باستمرار المواقف الصعبة، وينسحبون من الأحداث الاجتماعية.
والشيء المثير للانتباه أن الطريقة التي تشكلت نظرة الإنسان فيها لنفسه في ماضيه قد تجعله يقوم بالتخريب الذاتي غير المقصود، فكلما أصلح شيئًا في حياته أفسد شيئًا آخر، وإذا أقلع عن عادة سيئة، وقع في براثن عادة سيئة جديدة، وهكذا.. فهو يقاوم التحسينات في حياته بشكل خفي.
ومن مظاهر الهدم الذاتي ألا يكمل الإنسان ما بدأه، وأن يخرب علاقاته، وأن يجد صعوبة في اتخاذ طرق إيجابية لإدارة المواقف، والوقوع في الإدمان بأي صورة، وإيذاء النفس بطرق مختلفة، فالشعور الداخلي بعدم الاستحقاق يدفع بالإنسان إلى حلقة مفرغة من تخريب الأشياء الجيدة في حياته مما يزيده شعورًا بعدم استحقاقه، فيخرب حياته بشكل أكبر، وهكذا.
رفع الاستحقاق من أهم العلامات على طريق النجاح وعيش حياة غنية بالإنجاز والرضا التوازن. إليك أهم 10 نقاط لرفع استحقاقك وزيادة الثقة بالنفس[2]:
- الاعتراف بمشاعر عدم الاستحقاق
الاعتراف بشعور ما لا يعني الاستسلام له، على العكس، بمجرد تحديد المشاعر والاعتراف بها فإنه يسهل تجاوزها، وعندما تقر بأن لديك شعورًا بعدم جدارتك واستحقاقك فإنه لا يسيطر عليك لأنك تصبح أكثر وعيًا لوجوده. - اكتشف ما الذي يجعلك تشعر بعدم الاستحقاق
لا يمكنك إصلاح ما لا تعرفه.. هذه واحدة من أهم قواعد العلاج المعرفي السلوكي CBT، يجب أن تقضي وقتًا في معرفة أسباب شعورك بعدم الاستحقاق.
قد يكون الغوص في مشاعر عدم الاستحقاق ومحاولة اكتشاف جذورها أمرًا مؤلمًا، ولكنها خطوة أساسية في استعادة الثقة بالنفس، وحتى يكون مستقبلك أكثر إيجابية يجب أن تسامح نفسك وتتحرر من المشاعر العميقة الجذور التي تعيقك من إصلاح حياتك والشعور باستحقاقك لحياة أفضل.
قد تكتشف أن السبب الرئيسي في شعورك بعدم الاستحقاق هو إخفاقاتك، أو ربما العكس نجاحاتك التي جعلت الكثيرين يغارون منك ويعاملونك بشكل سيء ويتهمونك بالغرور، أو الأوصاف السلبية التي كان يخلعها عليك المقربون، أو نظرة المحيطين والمجتمع للناس وأسباب استحقاقهم للحياة الجيدة مثل الشكل ونوع التعليم ومكان النشأة، وقد تتغير بعض هذه الأمور ولكن يبقى الشعور بعدم الاستحقاق لصيقًا بالإنسان، لذا فإن اكتشاف السبب الحقيقي للشعور بعدم الجدارة والاستحقاق وتحليله والتغلب عليه ومناقشته وتجاوزه يمثل خطوة كبرى في طريق الثقة والكفاءة. - التحرر من ضغط التوقعات
لدى الجميع ذكريات من الماضي توجد الشعور بعدم الاستحقاق، والتي كثيرًا ما ترتبط بالفشل في تحقيق أمر ما، أو التسبب في خيبة أمل الآخرين مثل الوالدين والمعلمين، وأولى خطوات استرداد الاستحقاق هو رحمة الذات، والتحرر من ضغط توقعات المجتمع، بل وتوقعات النفس، والتركيز على تفهم الناس وتقبلها، لأن التوقعات غير الواقعية التي يتعرض لها الطفل، والمعايير العالية التي يرسمها المجتمع والأسرة للنجاح والتقدير قد تدفع النشء إلى الشك في الذات، خاصة في ظل جو عام تنافسي وقليل التعاطف ولا يراعي الفروق الفردية مما يوصل الإنسان إلى نقطة سيئة من كراهية الذات. - كن فخورًا بمواهبك ونقاط قوتك
كل شخص لديه أشياءً جيدة ونقاط قوة. عندما يهاجمك الشعور بعدم الاستحقاق وضعف الثقة فإن تذكرك وتركيزك على مواهبك يعيد التوازن والشعور بالجدارة إليك. - توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين
لا شيء يقلل احترامنا لذواتنا أكثر من المقارنات غير العادلة، إذا نظرت إلى جوانب تفوق الآخرين عليك باستمرار فإن مشاعرك نحو نفسك ستزداد سوءًا وستعتاد على ملاحظة ما يقلل قيمتك لا ما يزيدها.
قد يكون التوقف عن المقارنات أمرًا صعبًا خاصة وأن الثقافة العامة من حولنا تشجع باستمرار على المنافسة، بالإضافة إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وولع الكثيرين بمشاركة صورهم وأماكن تنزههم ولحظاتهم السعيدة ونجاحاتهم، ولكن المقارنات سلوك مضلل للغاية، فما يظهر لك من الأشخاص لا يعبر عن حقيقة حياتهم. - تخلص من وهم المثالية
السعي نحو المثالية في كل شيء يخلق ضغطًا هائلًا، فالمثالية هي مجرد وهم يتم التركيز عليه في وسائل الإعلام المختلفة، ولكن الحقيقة أنه مجرد اصطناع.
ويرتبط ضغط مطاردة الكمال والسعي للمثالية بالتوقعات العالية التي تضعها لنفسك أو يضعها الآخرون، وهي من أهم مسببات ضعف الثقة والشعور بعدم الكفاءة، وفي المقابل فإن تقدير الإنسان لإنجازاته مهما كانت صغيرة، وتذكره لنجاحاته يزيد من شعوره بالثقة. - تدوين الإنجازات
الشعور بالإنجاز يرفع هرمونات السعادة وخاصة الدوبامين، خصص مدونة ورقية أو إلكترونية، واقتطع من وقتك 20 دقيقة يوميًا لتدوين إنجازاتك مهما كانت صغيرة، حتى ولو كانت أنك لم تدخل في جدال معتاد مع أحد الأشخاص الذين يستفزونك، أو أنك قللت من استهلاك السكر.. أيًّا ما كان الإنجاز اكتبه وستعتاد مع الوقت على تقدير نفسك والتركيز على الأمور الجيدة التي تفعلها وتحققها. - العناية بالجسم
الطريقة التي تعامل بها جسمك تكشف الكثير عن طريقة تفكيرك في نفسك. لا تحتاج إلى ممارسة الرياضة بشكل مكثف، أو اتباع نظام غذائي صارم حتى تكون مهتمًا بجسدك وترفع شعورك بالاستحقاق، يكفي أن يكن روتينك العادي صحيًا، وأن تحرك جسمك، وتتناول الفواكه والخضراوات وتتجنب الوجبات السريعة، وتشرب الماء بشكل كافي.
العناية بالصحة ومظهر الجسم، وإعطاء الوقت للاهتمام والعناية بالبشرة والشعر والأسنان والصحة العامة يزيد مشاعر القيمة الذاتية، وعلى الرغم من أن احترام الذات ينبع من الداخل، ويرتبط بأمور شعورية وفكرية إلا أن الاهتمام بالجسم يؤكد على الشعور بالأهمية والاستحقاق لحياة صحية. - اختيار الملابس
الملابس التي نرتديها لها تأثير على شعورنا بأنفسنا، فاتباع صيحات الموضة حتى ولو لم تكن تعجبك تؤكد لديك الشعور بسيطرة الآخرين على إحساسك بالجمال، والخوف من ارتداء ألوان أو أنماط معينة رغم أنها تعجبك لشعورك بأنك بدين أو نحيف أو أن سنك لا يتناسب معها يزيد من شعورك بعدم الاستحقاق لأن تفعل وتحصل على ما تحب... ارتدي بشكل جميل وفق ذوقك، كن أنيقًا حتى في المنزل فهذا يزيد من شعورك بالثقة والاهتمام بالنفس. - سيطر على صوتك الداخلي
الصوت الداخلي الناقد ليس هلوسة سمعية، وإنما مجموعة من الأفكار المحبطة والمزعجة تفرض نفسها على العقل الشعور وتعيق قدرة الشخص على التكيف وتقدير الذات وإنشاء علاقات سويّة[3].
الصوت الناقد الداخلي ليس ضميرًا ولا مرشدًا أخلاقيًا، لأنه يتميز بصيغته المهينة التي تزيد مشاعر الكراهية الذاتية بدلا من تحفيزنا على اتخاذ خطوات لتحسين حياتنا بطريقة بناءة.
يمكن السيطرة على صوت النقد الداخلي بالوعي به، ومعرفة أهم الانتقادات التي توجهها إليك نفسك، والتعامل معها بسخرية وعدم اهتمام، ويساعد أيضًا في إيقافه وتحويله التمرن على التوكيدات الإيجابية، وترديد كلام جيد عن نفسك.
وختامًا فإن رفع الاستحقاق والعمل على زيادة الثقة بالنفس ضرورة للشعور بالرضا واتخاذ خيارات جيدة وتنفيذها، وهو أمر يحتاجه الجميع للتخلص من تأثير التجارب والخبرات المؤلمة، والأذى المباشر وغير المباشر الذي سببه الغير.