تربية الأبناء على محاسن الأخلاق
يتشرب الطفل كل شيء يراقبه حوله، من خلال تقليد البالغين، كذلك من خلال تعليمه الأخلاق والآداب وتعزيزها لديه، من قبل الوالدين والمعلمين والأقارب والأخوة والأخوات الأكبر سناً، فكيف تزرع المبادئ الأخلاقية و تراعاها لدى الصغار؟ وما هي أهم النصائح حول تعليم الطفل الآداب والأخلاق الحسنة؟
نصائح مفيدة في تعليم السلوكيات الأخلاقية للطفل
إذا كنت تريد أن يكون لطفلك سلوك جيد ويتمتع بأخلاق حميدة؛ يجب أن تتأكد من اتباعك النهج الأخلاقي الذي تريد للطفل تعلمه، حيث لا يمكن أن تدفع الطفل للسلوكيات الحسنة بالقول بل بفعل ذلك أمامه كقدوة حسنة، إن الخطوة الأولى لتعليم طفل مبادئ وسلوكيات أخلاقية، هي أن تكون نموذجاً يحتذيه، كما يمكنك أن تستفيد من النصائح التالي [1]:
- ممارسة السلوكيات الأخلاقية في المنزل: لن يفهم طفلك ما هو متوقع منه دون أن تتحدث وتتواصل معه بطريقة فعّالة ومن دون القواعد المنزلية والعواقب أيضاً، التي يجب أن يعرف ماهيتها جيداً، حيث يمكن أن تشرح هذه القواعد من خلال ألعاب وأنشطة مسلية، يمكن اختيارها بما يتناسب مع عمر طفلك وقدرته على الاستيعاب.
- اصطحب أطفالك إلى الأماكن العامة: بمجرد قيامك بتعليمه قواعد السلوك في المنزل وتعزيزها لديه، اصطحب الطفل إلى المطاعم والمكتبة ومراكز التسوق وأماكن عامة أخرى، حيث يمكنه ممارسة ما تعلمه وتطبيق سلوكياته على أمور واقعية، كذلك سيتعلم مما يراقبه في سلوكيات الآخرين سواء الجيد أو السيء منها.
- تعليم العبارات المهذبة: هناك كلمات وعبارات مهذبة يجب أن تكون من بين أول المفردات الأساسية التي يتعلمها كل طفل، بحيث يجب عليك استخدامها أثناء تحدثك مع الأطفال الرضع والأطفال الصغار وفي عمر ما قبل المدرسة والتعليم أيضاً، مثل: "من فضلك" و"شكرا لك" و"هل لي أن.." و"عفوا" و"لا شكرا لك".
- تعزيز إيجابيات الطفل: كل الأطفال يحبون الثناء والمديح، خاصة عندما يأتي من أحد الوالدين أو من شخص يحترمونه ومولعين به، ففي كثير من الأحيان يستجيب أولياء الأمور لسلوكيات أطفالهم غير المرغوب فيها فقط، متجاهلين أعمالهم الإيجابية! مما قد يكون له نتيجة عكسية، حيث يريد الأطفال أن ينتبه إليهم ذويهم والبالغين بأي طريقة ممكنة، حتى لو كان ذلك يعني قيام الطفل بسلوكيات سيئة وغير مرغوبة، لذا عليك تشجيعهم عندما يكونون مهذبين.
- كن صبوراً مع الطفل: من خلال تعليمه أهمية احترام مشاعر واحتياجات الآخرين، كذلك أثناء تعليمه الاستماع أكثر وقيمة الإصغاء لأفكار الآخرين حتى يعبروا عنها كاملة، والأهم هو التحدث بشكل أقل احتراماً لدور الآخرين في التعبير عن وجهات نظرهم، وأهمية التواضع ومحبة الآخرين وعدم الحكم عليهم بشكل قاسٍ، عندها ستبدأ سلوكيات الطفل الأفضل في التألق.
- كن مرشداً لطفلك: يجد الكثير من الناس أنهم بحاجة إلى شخص ما يستمع إليهم ويقدّر أحلامهم ويتعرف على رغباتهم وأهدافهم.. كذلك طفلك، لذا ساعده على وضع أهداف اجتماعية من شأنها أن توفر له أفضل الفرص للتواصل والتفاعل مع الأشخاص الآخرين بشكل يومي، فأنت لا تريد أن يكون طفلك عرضة للتنمّر ولغضب الآخرين، لذا حدد وقتاً للتحدث معه والاستماع إليه حول النقاط الحساسة التي قد يعاني منها عند التفاعل مع الآخرين.
- تعليمه آداب المائدة: حيث تتضمن قواعد السلوك الصحيحة؛ أخلاقيات المائدة والطعام، لذا ابدأ في تعليم أطفالك الأساسيات والإتيكيت المناسب للمائدة منذ سن مبكرة.
- صحح أخطاء الطفل لحظة وقوعها: في كثير من الأحيان لا يدرك الأطفال الصغار جداً ما يفعلونه، على سبيل المثال: إذا كنت تتحدث مع صديقك، فقد يظن طفلك أنه من المناسب مقاطعتك، اطلب العفو من صديقك وأخبر طفلك أن مقاطعة حديثكم غير مناسبة، وقم بفعل ذلك لأي مخالفة سلوكية يرتكبها طفلك، تأكد من أنك لطيف ورقيق في مثل هذه المواقف، خاصة إذا كان لديك طفل شديد الحساسية، فقد ترغب في التحدث معه على انفراد عندما يتصرف بسوء؛ وليس أمام الضيوف أو الغرباء.
- آداب الكلام: في كثير من الأحيان قد يخطأ الوالدين حول تعليم أطفالهم أنماط الحديث؛ باستخدام لغة لا يريدون أن يقلدها أطفالهم، وهنا تحتاج إلى أن تكون قدوة في السلوك الصحيح، كي لا يتكلم طفلك بطريقة عفوية وقد تكون غير مهذبة؛ مارس بنفسك أنماط الحديث الطيب حتى يقوم الطفل بتقليدك، فضلاً عن تعويده على التحدث بنبرة هادئة وبكلمات واضحة.
- لا تتعنت: يقلد أطفالك عنادك وتعنتك على بعض الأمور، فإذا كان لديك آراء وقناعات لا تتزحزح حول مجموعة معينة أو شخص معين أو موقف ما؛ يجب ألا تجعل ذلك طبع راسخ لديك أو سلوكيات تمارسها أمام طفلك دائماً، ولأنه يلتقط كل ما تقوم به أو تقوله، قم بتعليمه أن إطلاق الأحكام على أشخاص آخرين ومواقف معينة أمر لا طائل منه، لأنه يمكن أن يغير رأيه وقناعاته على مرّ السنين.
كيف يمكنك أن تربي أطفالاً لطفاء ويهتمون للآخرين؟
بذور التعاطف والعطف والرحمة موجودة لدى البشر منذ بدايات الحياة، وكي تربي أطفالاً ذوي أخلاق عالية ويتمتعون بالقدرة على تقديم الرعاية، فإنهم يحتاجون إليك لمساعدتهم في كل مرحلة من مراحل الطفولة؛ للعمل على تنمية هذه البذور، بحيث تعمل على تنمية اهتمام الأطفال بالآخرين، لأنه الشيء الصحيح الذي يجب عليه فعله، وعندما يتعاطف الأطفال مع الآخرين ويتحملون المسؤولية؛ من المحتمل أن يكونوا أكثر سعادة وأنجح في حياتهم كبالغين، كما سيكون لديهم علاقات أفضل وهي عنصر رئيسي في تحقيق السعادة، كما يعتمد النجاح المهني على التعاون مع الآخرين، وهذا ما يظهره الأطفال الذين يتعاطفون منذ سن مبكرة، فيما يلي مجموعة من الإرشادات لتربية طفل قادر على الرعاية واحترام الآخرين [2]:
- العمل على تطوير علاقة تقوم على الرعاية والمحبة مع أطفالك: حيث يتعلم الأطفال العناية والاحترام عندما يُعاملون بهذه الطريقة، وعندما يشعر أطفالك بأنهم محبوبين؛ فإنهم يرتبطون بك، وهذا التعلق يجعلهم أكثر تقبلاً لقيمك وكل ما تعلمهم إياه، كما يتخذ حب الأطفال أشكالاً متعددة، مثل الاهتمام باحتياجاتهم البدنية والعاطفية، كذلك توفير بيئة أسرية مستقرة وآمنة، مع إظهار المودة واحترام تفرّد شخصياتهم، والاهتمام الحقيقي بحياتهم، من خلال التحدث عن الأشياء التي تهمهم، والتأكيد على احتياجاتهم والثناء على جهودهم وإنجازاتهم.
- قضاء وقت منتظم مع الطفل: وقت تسوده العواطف والمحبة، وذلك من خلال قراءة القصص قبل النوم أو القيام أي نشاط مشترك عن طريق اللعب أو الأعمال المنزلية.
- المحادثة ذات المغزى: كلما كان لديك وقت مع طفلك، قم بطرح بعض الأسئلة، التي تبرز أفكارك ومشاعرك وتجاربك، اطرح أسئلة مثل: "ما هو أفضل جزء من يومك؟ وما هو الجزء الأصعب؟"، "ما الذي أنجزته اليوم والذي تشعر بالرضا عنه؟"، "ما هو الشيء الجميل الذي فعله أحد زملائك اليوم؟ ما الشيء الجميل الذي فعلته؟ "، "ما هو الشيء الذي تعلمته اليوم - في المدرسة أو في الباحة مع رفاقك أو في طريق العودة إلى المنزل؟".
- رعاية الآخرين أولوية وعواقبها الأخلاقية كبيرة: من خلال دفع الأطفال من خلال توقعات أخلاقية مثل الوفاء بالتزاماتهم، وفعل الشيء الصحيح حتى عندما يكون الأمر صعباً مثل الاعتذار عن الخطأ بحق شخص ما، كذلك الدفاع عن مبادئ هامة كالعدالة، والإصرار على أن يحترمهم الآخرين، حتى لو جعلهم هذا غير سعداء أو لم يتصرف أقرانهم بنفس الطريقة.
- يحتاج الأطفال إلى ممارسة رعاية الآخرين والامتنان: من المهم أن يعرب الطفل عن تقديره للأشخاص المهمين والذين يساهمون بشكل إيجابي في حياته، لأن التعبير عن الامتنان من الأرجح أن يُنشأ أطفالاً مساعدين وكرماء وعطوفين ومتسامحين، بالنتيجة سيكونون أكثر سعادة ويتمتعون بصحة وعافية جسدية ونفسية.
- تعليم الطفل التعاطف مع الآخرين: لا سيما من هم خارج دائرة أسرته وأصدقائه في المدرسة، من خلال تشجيع الطفل لملاحظة وجهات نظر ومشاعر أولئك الذين قد يكونون عرضة للخطر، مثل طفل جديد في المدرسة أو طفل يعاني من بعض المشاكل العائلية، كذلك امنح طفلك بعض الأفكار البسيطة لاتخاذ الإجراءات العملية، مثل مساعدة زميل الدراسة الذي يعاني من مشكلة أكاديمية أو بسبب تنمر الزملاء عليه، كذلك التواصل مع طالب جديد، بالإضافة إلى تشجيع الطفل على الإصغاء جيداً، خاصة إلى أولئك الذين يتعرفون عليهم.
- تشجيع الطفل على إحداث تغيير إيجابي في حياة الآخرين: من خلال تشجيعه على حل مشكلاته الخاصة وإدارة مشاعره الصعبة مثل: الحزن والغضب، وازرع لديه قيمة مساعدة الآخرين من أصدقائه وأقرانه في التعامل مع المواقف السلبية، وشجعه على التعاون مع الآخرين في حل المشكلات، وفكر معه بصوت عالٍ في حال تحدث عن مشكلة يتعرض لها أحد زملائه في المدرسة؛ للعمل على إيجاد الحلول المناسبة من وجهة نظره.
- ضبط النفس: يرتبط تعليم الطفل هذه المهارة بكل ما سبق من مهارات ممارسة الرعاية والتمتع بأخلاقيات عالية، حيث يمكنك تعليمه ضبط نفسه بخطوات: أن يهدأ ثم يتنفس بعمق عبر الأنف والزفير عبر الفم ثم العدّ إلى خمسة، دربه على هذه التقنية وعندما تراه يعاني من الضيق، ذكره بالخطوات وقم بها معه، واعمل مع الطفل على حل الجدالات بينكما، كي يتعلم كيفية حل نزاعاته خارج المنزل أيضاً، والأهم من كل ذلك هو تعليم الطفل كيفية وضع الحدود مع الآخرين ومعك أنت أيضاً، كي يتمتع بشخصية مستقلة.
في النهاية.. تربية طفل يحترم الآخرين ويهتم لمشاعرهم، وينشأ في بيت يحترم أخلاقيات السلوك الجيد؛ من المهام الصعبة للوالدين والقائمين على رعاية الطفل، لكن النتائج التي ستجنيها أنت وطفلك تستحق كل وقتك وصبرك المبذول، شاركنا بتجربتك من خلال التعليق على هذا المقال.
[1] مقال روبن Robin Bickerstaff Glover، "تعليم الطفل الآداب"، منشور على موقع thespruce.com، تمت المراجعة في 05/08/2019
[2] مقال "تربية طفل قادر على تحمل المسؤولية"، منشور على موقع harvard.edu، تمت المراجعة في 05/08/2019