مشاكل المراهقين وكيفية حل مشكلات المراهقة
تعتبر فترة المراهقة من أصعب الفترات العمرية على الأبناء والآباء، فهي الفترة التي يبدأ بها الطفل بتكوين شخصيته المستقلة، وبنفس الوقت هي الفترة التي يقع بها الطفل بالكثير من المشاكل، مما يترتب على والديه فهم هذه المشكلات ومحاولة مساعدته على حلها. في هذا المقال سنتعرف معاً على هذه المشاكل وطريقة حلها، فتابعوه معنا.
كيف تفهم ابنك المراهق؟
يشعر الآباء بالفرح والفخر بكل ما يقوم به أطفالهم الصغار، بل ويشجعونهم على القيام بأي شيء يريدونه؛ إلا أنه ما إن يكبر الأطفال قليلاً ويصلوا إلى سن العاشرة أو الحادية عشر، حتى يدخل الآباء في حالة من الاكتئاب نتيجة تغير تصرفات أطفالهم. الأطفال في هذا العمر يحاولون استكشاف كل ما هو جديد، ويتغيرون بشكل كبير على الأهل، ولكن هل يستحق هذا الأمر انزعاج واكتئاب الآباء؟ بالتأكيد لا، لأن كل ما في الأمر أنه يدخل الأطفال في هذا العمر مرحلة المراهقة التي تعد من أصعب المراحل العمرية.
علينا كآباء أن نقدر خصوصية أطفالنا في هذا العمر، ونساعدهم على تكوين شخصيتهم؛ كما علينا أن نفهم أن الأطفال في هذا العمر يتعرضون للكثير من التغيرات والضغوطات الجديدة، حيث تتم إعادة تشكيل الدماغ في هذه المرحلة ليتأقلم مع نضوج ونمو الأطفال، ولهذا السبب سوف تلاحظون أن أطفالكم غريبون عنكم بتصرفاتهم وأقوالهم[1].
ما الذي نقوم به إذاً في هذه المرحلة؟ علينا أن نفهم مشاكل أطفالنا، ونساعدهم على حلها. وهذا ما سنتعرف عليه في فقراتنا القادمة.
ما هي مشاكل المراهقين في هذه الأيام؟
تختلف المشاكل من عمر إلى آخر ومن جيل إلى آخر، فعلى سبيل المثال، مشاكل المراهقين منذ خمسين عام ليست نفس مشاكل المراهقين في هذه الأيام؛ ولهذا السبب، قررنا أن نتعرف في هذه الفقرة على مشاكل المراهقين الحالية والمعاصرة[2].
- الاكتئاب عن المراهقين
يعتبر الاكتئاب من أكثر المشاكل التي يتعرض المراهقون لها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك أكثر من 3.2 مليون مراهق مكتئب في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، حسب المعهد الوطني للصحة العقلية لعام 2017 [3]. مما يعني أن أكثر من 13% من المراهقين يعانون من الاكتئاب قبل بلوغهم سن الرشد. ليس هذا فقط عزيزي القارئ، بل إن معدل الاكتئاب عند الفتيات المراهقات زاد أيضاً في العقد الأخير لنتوصل إلى نتيجة مفادها أن أكثر من 8% من المراهقات اليوم يعانين من الاكتئاب.
- التنمر في المراهقة
يعاني الكثير من المراهقين من التنمر في المرسة الثانوية، وسواء كان هذا التنمر نفسي أو جسدي أو لفظي فإنه يبقى من أسوأ الأمور التي قد يتعرض لها المراهق. يبدو أيضاً أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ساعد في انتشار التنمر بشكل أكبر عن طريق تصوير بعض الفيديوهات التي يعتقد المتنمرون أنها ظريفة، ومن ثم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يؤدي إلى تأذي نفسية المراهق وجرحه بشكل كبير.
- النشاط الجنسي في مرحلة المراهقة
يبدو أن النشاط الجنسي من أكثر الأمور المهمة التي يجب على الوالدين أن ينتبهوا إليها؛ حيث تقول البروفيسورة دانا هيلمريتش أن معظم المراهقين في المدارس الثانوية وبداية الجامعة ينشطون جنسياً؛ مما قد يسبب لهم الأمراض وغيرها من المشاكل النفسية والصحية.
- المخدرات في المراهقة
للأسف يعاني الكثير من المراهقين من مشاكل المخدرات وذلك بسبب سهولة الإيقاع بهم وجرهم نحو الممنوعات في هذا العمر. قد يصعب عليك تصديق هذا عزيزي القارئ، إلا أنه يوجد نسبة كبيرة جداً من المراهقين الذين يتعاطون المخدرات ويدخنون الحشيش والماريجوانا يومياً بدون علم أي شخص بهذا السلوك. ننصحك أن تبقي عينك على ابنك المراهق ولكن بحذر شديد، لأن أي مشكلة معه في هذه المرحلة قد تدمر علاقتكما إلى الأبد[4].
- شرب الكحول في مرحلة المراهقة
هناك الكثير من المشاكل الخطيرة التي قد يتعرض لها طفلك المراهق، ومن أهمها شرب الكحول! لا تستغرب عزيزي القارئ فحتى أولئك الأشخاص الذين بالكاد وصلوا إلى مرحلة المراهقة يبدؤون بشرب الكحوليات بدون علم أهلهم. لذلك شعرنا أنه من الضروري أن نؤكد عليك بأن تراقب تصرفات طفلك بحذر.
- السمنة عند المراهقين
يعاني الكثير من الأطفال والمراهقين في جميع دول العالم من السمنة الزائدة والأمراض الصحية المترافقة مع السمنة، والسبب في ذلك هو اتباع أنظمة غذائية عشوائية غير مفيدة للجسم، والاعتماد على الأطعمة الجاهزة وشرب الكثير من المشروبات الغازية وغيرها من المشروبات المحلاة.
- مشاكل أكاديمية في المراهقة
يعاني الطلاب المراهقون في المدارس الثانوية من الكثير من المشاكل الأكاديمية، كالتسرب من المدرسة وعدم إكمال التعليم، وحتى في حال إكمال التعليم فإنهم يعانون من بطء الاستيعاب وقلة المثابرة وعدم القدرة على مجاراة أقرانهم فيما يتعلق بالدرجات النهائية للاختبارات.
- مشاكل متعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي بين المراهقين
على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي هي طرق مذهلة للتواصل والتكلم مع الأشخاص الذين نحبهم؛ إلا أن أثرها السلبي واضح على المراهقين. يعمد المراهقون إلى تصفح هذه الوسائل والتكلم بواسطتها طوال اليوم مما يخلق حالة من الإدمان عليها، وبالتالي عدم القدرة على التركيز على المهام الضرورية التي يجب على المراهق تنفيذها.
- العنف على الشاشة
هل كنتم تعلمون أن العنف الذي يشاهده أطفالكم على شاشة التلفاز أو الذي يظهر في الألعاب الالكترونية ينعكس بشكل واضح على طبيعة علاقة أطفالكم المراهقين مع أقرانهم؟[5] هذا صحيح أعزائي القراء، لذلك ننصحكم بمراقبة البرامج التلفزيونية والأفلام التي يتابعها أطفالكم المراهقين من أجل تجنب انتشار هذا النوع من العنف في حياتهم.
نحن نعلم أن هذه المشاكل صعبة التصديق، وبالتأكيد نحن لا نقصد أن طفلك يتعرض بالضرورة لهذه المشاكل حتى ولو كان مراهقاً؛ كل ما نريده هو تسليط الضوء على بعض المشاكل التي يتعرض لها ويقع ضحيتها الكثير من المراهقين حول العالم. لذلك حاول أن تتفاهم مع طفلك المراهق بدون أي شجار أو صراخ أو عراك، بل حاوره وناقشه وقم بتوعيته حول هذه المشاكل.
طريقة التحدث من المراهقين
نحن نعلم أنه من الممكن أن يكون الحديث عن أحد المشاكل السابقة مع طفلك المراهق أمر صعب للغاية على كلا الطرفين، لذلك لابد من البحث عن الطريقة المناسبة لفتح مثل هذه الأحاديث مع أطفالك المراهقين أليس كذلك؟ نحن نعتقد أن أحد أفضل الأساليب لفتح مثل هذه الأحاديث هو أن تسأل طفلك بشكل مباشر عن رأيه بأحد هذه المواضيع، مثلاً "ما رأيك بانتشار المخدرات بالمجتمع؟ هل تعتقد أنها مشكلة حقيقية في مدرستك؟"، بهذه الطريقة تستطيع أن تبدأ الحوار مع طفلك بدون أن يشعر بأنك تستجوبه. وتذكر أن تؤكد على صرامتك فيما يتعلق بهذه المواضيع كالمخدرات والكحول، لكيلا يفكر طفلك بتجربة هذه المواد الضارة على الإطلاق[2].
كيف تساعد طفلك المراهق على حل مشاكله؟
لابد من أنك تريد أن تساعد طفلك المراهق بشتى الوسائل والطرق الممكنة، ولكنك تواجه صعوبة في الدخول على حياة المراهقين؛ لا مشكلة عزيزي القارئ، في هذه الفقرة سنتعرف معاً على الخطوات التي تمكننا من الدخول لحياة أبنائنا والمساعدة في حل المشاكل التي تواجههم[6].
- تحديد المشكلة
إن الخطوة الرئيسية في حل أي مشكلة هي أن تقوم بتحديد هذه المشكلة، لذلك قبل أن تبدأ بالتكلم مع ابنك المراهق حول تصرفاته في الآونة الأخيرة، حاول ترتيب أفكارك وتحديد المشكلة الرئيسية التي تريد أن تحلها. ننصحك أيضاً باستعمال أسلوب لطيف لا يدل على الهجوم على الطفل، مثلاً عندما يخرج طفلك بشكل دائم بدون أن يخبرك بمكانه، أخبره أنك تعلم أهمية خروجه مع الأصدقاء ولكن كل ما تريده هو أن تتأكد من أنه بخير ولهذا تطلب منه أن يخبرك بوجهته قبل الخروج من المنزل.
- ابحث عن أسباب المشكلة
ساعد طفلك على معرفة أسباب المشكلة وجذورها، فأنت بالنهاية لا تريد التخلص من نتائج وآثار المشكلة بل تريد أن تصلح الأسباب الأولية التي أدت لظهور هذه المشكلة من الأساس. لذلك عليك أن تفهم تماماً الأسباب التي أدت إلى قيام طفلك ببعض التصرفات المزعجة ومناقشته بها، وتجنب النقاش فيما يتعلق بالنتائج بحد ذاتها فهذا النقاش غير مفيد على الإطلاق.
- أعد قائمة بالحلول الأولية الممكنة
لا تنتظر من طفلك المراهق أن يقدم لك حلولاً منطقية مناسبة لجميع الأطراف، بل عليك أنت أن تقوم بإعداد قائمة بهذه الحلول، ومن ثم مناقشة طفلك بها لكي تبحثا معاً عن الحل الأفضل والأكثر ملاءمةً لكل منكما.
- قيم حلول المشكلة مع طفلك المراهق
عندما تنتهيا من مناقشة الحلول التي وضعتماها وتوصلتما إليها من أجل حل أي مشكلة تواجه طفلك أو أي مشكلة تسبب طفلك بها؛ اجلسا معاً وقيما هذه الحلول من 1 إلى 10، وتأكدا من أن النتائج التي توصلتما إليها مناسبة لكلاً منكما.
- تنفيذ الحل
الآن بعد أن وضعنا الحلول المناسبة وقيمناها ووصلنا إلى الحلول النهائية، لنبدأ بتنفيذ هذه الحلول، ولنراقب وضع أطفالنا لمدة أسبوع او اثنين أملاً بتحسين المشكلة وحلها؛ من الضروري في هذه المرحلة أن تعطي طفلك الحرية والثقة لتنفيذ ما اتفقتما عليه لكي يشعر بأنه عضو مهم وفعال في الأسرة وبأنه جزء من حل المشكلة وليس جزءاً من المشكلة فقط.
- مناقشة نتائج الحل
هل نجحتما في حل المشكلة؟ هل تم التخلص من الآثار السلبية التي كان طفلك يعاني منها؟ هل تخلص طفلك من التصرفات التي كانت تزعجك؟ في حال كان الجواب نعم، فيسعدنا أننا ساعدناك على حل مشكلتك. أما إن كان جوابك هو النفي، فننصحك بإعادة الخطوات السابقة وتجربة حل مختلف.
مشاكل إضافية خاصة بالمراهقين
هناك بعض المشاكل الإضافية التي قد يتسبب بها المراهقين؛ ولأن هدفنا هو مساعدتكم، قررنا في هذه الفقرة تناول هذه المشاكل الإضافية، لتسليط الضوء عليها، لكي يكون مقالنا هذا عوناً لكم في كشف مشاكل المراهقين.
- تقليل احترام الوالدين من قبل المراهق
من الممكن أن يقوم المراهق في إحدى فترات حياته بتقليل احترامه لوالديه، وهذه المشكلة منتشرة بشكل كبير للغاية، لذلك ما الذي يمكننا القيام به لحل هذه المشكلة؟ يكمن الحل باحترام المراهق وإخباره بأنك بجانبه دائماً وأن قله احترامه لك لن تقلل من مقدار حبك له؛ بهذه الطريقة ستجبر طفلك على حبك واحترامك بدون أي عقوبة تفرضها عليه.
- رفاق السوء في مرحلة المراهقة
قد يتنزه طفلك المراهق مع بعض المراهقين من أصحاب السمعة السيئة في الحي أو المدرسة، مما سيضطرك لمنعه عن مرافقتهم خوفاً من أن يجرونه إلى طريق السوء معهم، فكيف تقوم بذلك؟ لا تنتقد أصدقاء طفلك على الإطلاق، لأنك بنقدك لهم ستوجه إهانة كبيرة لطفلك ولخياراته، حاول ترشيح بعض الأصدقاء له، أو عرفه على أشخاص تثق بهم، وإن لزم الأمر اطلب من المدرسة أن تنتبه لتصرفات الأشخاص الذين يرافقهم طفلك.
- إدمان الأجهزة الإلكترونية بين المراهقين
للأسف هذه المشكلة اليوم هي مشكلة الكبار والصغار، لذلك ليس من العدل أن نضعها ضمن مشاكل المراهقين فقط؛ ولكن مع هذا، يعاني العديد من المراهقين من مشكلة إدمان هذه الأجهزة، فما الحل؟ يمكنك أن تحد من استعمال هذه الأجهزة في المنزل بشكل عام، وأن تحدد وقتاً معيناً يومياً لاستعمال هذه الأجهزة؛ كما يمكنك تغيير كلمة سر شبكة الإنترنت بشكل يومي لمنع الأطفال من استعمالها بدون إذنك.
في نهاية مقالنا، هناك بعض النصائح الخاصة التي يمكننا أن نقدمها لكم في هذا المقال من أجل التعامل السليم مع الأطفال المراهقين من أجل حل جميع المشاكل الخاصة بهم، أو المشاكل التي يتسببون هم بها؛ ما هي هذه النصائح؟ تابع معنا هذه الفقرة لتتعرف عليها.
- حاول أن تبقى مسيطراً قدر الإمكان على طريقة لبس أطفالك المراهقين الذكور والإناث.
- يمكنك أن تناقش مشاكل الموضة واللباس مع أطفالك بدون أن تفرض رأيك عليهم بشكل قسري.
- التحقق من أن أصدقاء أطفالك ليسوا رفاق سوء.
- التأكد من التزام الأطفال بالمدرسة وتشجيع المراهقين على القيام بالنشاطات المتنوعة التي تتعلق بالدراسة.
- تعليم المراهقين أن الاعتذار واجب عند القيام بخطأ ما.
- علموا أطفالكم المراهقين أن الاختلاف لا يعني الخلاف، وأنه يحق لكل شخص أن يحظى برأيه الخاص.
- أكدوا على ضرورة اعتماد الأطفال على أنفسهم.
- عززوا وادعموا مهارات ومواهب اطفالكم بشكل دائم.
- لا تسخروا من أطفالكم، أو من مشاكل أطفالكم على الإطلاق.
- اغرسوا القيم الفاضلة في نفوس أطفالكم، وأخبروهم بضرورة الالتزام بهذه المبادئ والقيم.
في النهاية، قد يكون التعامل مع الأطفال في فترة المراهقة صعباً للغاية، ولكنه ليس مستحيلاً. نتمنى أن نكون قد قدمنا لكم المساعدة التي تحتاجونها في هذا المقال.
[1] مقال البروفيسورة Dana L. Helmreich، "فهم دماغ طفلك المراهق"، المنشور في ptaourchildren.org، تمت المراجعة في 23/8/2019.
[2] مقال المعالجة النفسية Amy Morin، "أشهر 10 مشاكل تواجه المراهق في هذه الأيام"، المنشور في verywellfamily.com، تمت المراجعة في 23/8/2019.
[3] تقرير صادر عن المعهد الوطني للصحة العقلية، "الاكتئاب الرئيسي"، المنشور في nimh.nih.gov، تمت المراجعة في 23/8/2019.
[4] تقرير صادر عن الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، "المراهقون والماريجوانا"، المنشور في aacap.org، تمت المراجعة في 23/8/2019.
[5] دراسة Craig A. Anderson وBrad J. Bushman وباحثون آخرون (2017)، "عنف الشاشة وسلوك الشباب"، المنشورة في pediatrics.aappublications.org، تمت المراجعة في 23/8/2019.
[6] مقال "حل المشكلات مع المراهقين: خطوات ونصائح"، المنشور في raisingchildren.net.au، تمت المراجعة في 23/8/2019.