علامات التحرش بالأطفال وأثر التحرش الجنسي على الطفل
يتكرر الحديث عن التحرش الجنسي بكافة أشكاله، لكنه يبدو مرعباً حين يتعلق بالأطفال، خصوصاً إذا ما عرفنا حجم الأثر الذي يتركه ذلك على شخصية الطفل ومزاجه ونشأته ومستقبله، لذلك اخترنا في مقال التحرش الجنسي بالأطفال أن نضع إجابات وافية لأسئلة كثيرة متعلقة بهذا الشأن، لعل أهمها: كيف أعرف أن ابني تعرض للتحرش الجنسي؟ كيف أحمي ابني من التحرش؟
مفهوم التحرش الجنسي في اللغة: تقديم مفاتحات جنسيّة مهينة، وغير مرغوبة، ومنحطّة، وملاحظات تمييزيّة.
تعريف التحرش الجنسي بالأطفال اصطلاحاً: نوع من أنواع الاستغلال الجنسي للطفل، ويكون باتصال جنسي بين طفل وشخص بالغ، من أجل إرضاء رغبات جنسية عند الأخير، مستخدماً القوة والسيطرة على الطفل، كاستخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق، أو يكون بين قاصرين فارق العمر بينهما يفوق خمس سنوات. والسن الفاصل المعتبر لدى غالبية دول العالم هو 18 سنة، فكل شخص تحت سن 18 يعد قاصراً، ومافوق هذا يعد مراهقاً. ويشمل التحرش تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي، ويتضمن غالباً التحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المُتحرش جنسياً.
ويمكن إجمال صور التحرش الجنسي بالأطفال والاستغلال الجنسي لهم بالتالي:
• مجامعة الأطفال.
• الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الصور والأفلام الإباحية.
• التقاط صور إباحية للأطفال ونشرها.
• ممارسة النشاط الجنسي أمام الأطفال.
• تشجيع الطفل على الأداء الجنسي، خصوصاً أمام الآخرين.
• كما اعتبرت منظمة اليونيسيف زواج الأطفال أخطر صور الاستغلال الجنسي لهم، واعتبرته النوع الأكثر انتشاراً في العالم.
كثيراً ما يتساءل الآباء القلقون حول أعراض الاعتداء الجنسي على الأطفال، أو كيف أعرف أن ابني تعرض للتحرش الجنسي؟
غالباً ما يصعب إثبات التحرش الجنسي بالطفل، حيث تشير الإحصائيات إلى أن واحداً من كل 3 أطفال تعرَّضوا للتحرش الجنسي يكتمون ذلك، اعتقاداً منهم بأن لهم ذنباً في ما حدث، أو بسبب تأثير المتحرش عليهم، إذ يسعى غالباً إلى إقناعهم بأن الحادث أمر طبيعي، ويجب أن يبقى سراً خاصاً بهم، كما قد تُعرَض عليهم رشوة أو يتعرضون للتهديد من المعتدي، لهذه الأسباب فلا بد من ملاحظة الطفل جيداً وباستمرار، لنتمكن من التثبت بأن الطفل تعرض للتحرش الجنسي، وإليكم بعض العلامات التي تظهر على الطفل في حالة التحرش الجنسي به:
• تغيرات في سلوك الطفل: قد تبدأ على الطفل الذي تعرض للتحرش مظاهر عدوانية وعنف، بالإضافة إلى الانعزال والتعلُّق والحزن والاكتئاب، كما قد يعاني من صعوبات في النوم، وقد يحدث لديه سَلَس ليلي، وهي متلازمة التبول اللا إرادي حيث لا ينجح الإنسان في السيطرة على فتحات المثانة المسؤولة عن إخراج البول، ويتبول على ملابسه وفراشه خلال النوم.
• تجنُّب المتحرش: قد يكره الطفل أو يخاف من شخص ما، ويحاول أن يتجنب البقاء معه وحيداً.
• السلوك غير الملائم جنسياً: الأطفال الذين يتعرَّضون للتحرش الجنسي يمكن أن يتصرَّفوا بطرق غير مناسبة جنسياً، أو يستعملوا لغة بَذيئة سوقيَّة.
• المشاكل الجسدية: مشاكل الأطفال الصحية من أعراض التحرش الجنسي أيضاً، مثل الألم أو التقرُّح في المنطقة التناسلية والشرجية، أو العدوى المنقولة جنسياً، وقد يحصل حمل لدى الفتيات.
• المشاكل في المدرسة: قد يجد الطفل المعتدى عليه صعوبة في التركيز والتعلُّم، ويمكن أن يعاني من التأخر الدراسي ويبدأ تحصيله بالتراجع.
• مفاتيح الأدلة: يمكن أن يعطي الأطفال تليمحات وقرائن تعمل كعلامات ودلائل على حدوث التحرش، من دون إظهار ذلك صراحة.
ولكن ما هو أثر الاعتداء الجنسي على الطفل؟ وكيف يمكن حصر نتائج الاعتداء الجنسي على الأطفال؟
قد يؤدي التحرش الجنسي إلى ضرر جسدي وعاطفي خطير لدى الأطفال، سواء على المدى القصير أم المدى البعيد، ويمكن تقسيم أضرار التحرش الجنسي على الأطفال إلى نوعين: الأثر الجسدي، والأثر النفسي للتحرش على الأطفال.
• الأثر الجسدي للتحرش: وتكون بإيقاع أثر مؤلم على جسد الطفل، تحس به الوصلات العصبية عن طريق الشعيرات الدموية المنتشرة في أجزاء الجسم، وتنقله إلى الذهن، ويرتبط به ألم نفسي إلى جانب الألم الحسي المباشر، ولذلك يتضاعف أثره، ويقوى تأثيره. فإصابة الطفل إصابة شديدة غير عرضية متعمدة قد تنتج عن أي اعتداء من أي نوع يتعرض له الطفل مثل الضرب بالسياط، وحشو فمه لخنق الصوت، وَلَكْمِ وضرب الوجه، كذلك الدفع بعنف والرجرجة الشديدة، والركل بالرجل، والقرص، والعض، والخنق، وشد الشعر، والحرق بواسطة السجائر، والماء المغلي، أو أشياء أخرى ساخنة. وتأخذ الإساءة الجسمية للطفل أشكالاً متنوعة، ولكنها دوماً تتشابه في نتائجها.
• الأثر النفسي للاعتداء الجنسي على الأطفال: الاعتداء الجنسي على الأطفال يمكن أن ينتج أضراراً نفسية على المدى الطويل والقصير، والتي تسبب اضطراباً نفسياً في وقت لاحق في حياة الطفل، وتكون هذه الأمراض نفسية، أو عاطفية، أو اجتماعية، ومن هذه الأمراض: الاكتئاب، واضطرابات ما بعد الصدمة، والقلق، واضطرابات الأكل، وسوء تقدير الذات، ومرض تعدد الشخصيات، والضغط النفسي، والاضطراب العصبي، والألم المزمن، ومشاكل في التعلم، وسوء التعامل مع الأدوية، والسلوك المدمر للذات، والقسوة على الحيوانات، والجريمة. وقد تصل إلى الانتحار بعد البلوغ.
عند التأكد من وقوع التحرش الجنسي على الطفل فلا بد من الامتثال للسؤال: ماذا أفعل إن تعرض ابني للتحرش الجنسي؟ وهنا سنتحدث عن كيفية التعامل مع طفل تعرض للتحرش الجنسي:
• عرض الطفل على الطبيب: يجب اصطحاب الطفل المتعرض للتحرش إلى طبيب نفسي وإلى طبيب مختص بالأمراض التناسلية وذلك لتجنب الأعراض التي قد تنجم عن الاعتداء الجنسي على الطفل، والتي ذكرناها سابقاً.
• العطف والحنان: إفاضة العطف والحنان على الطفل، لتبديد الطاقات السلبية وإشاعة الطاقة الإيجابية لديه.
• الحفاظ على خصوصية الطفل وأسراره: لا يجوز البوح بما حصل مع الطفل لغير الأطباء والخبراء النفسيين بهدف العلاج. فلا يجب أن يخرج السر عن نطاق البيت كي لا يتعرض الطفل لأي إزعاج خارجي أو أي نظرات شفقة.
• تجنب المبالغة: يجب الحرص على عدم المبالغة في حماية الطفل بعد تعرضه للتحرش لدرجة تقييد حريته وإشعاره بالضعف.
• مقاومة عزلة الطفل: تفعيل كل الطرق التي من شأنها أن تعيد دمج الطفل في المجتمع، فتبتعد به بذلك عن العزلة، وعن التقوقع على ذاته، الذي من شأنه أن ينتج لديه مشاعر سلبية، قد تؤدي به إلى سلوكيات سلبية ومدمرة.
يقول الباحثون إن تحرش الأطفال ببعضهم بعضاً جنسياً، إنما يأتي من باب الفضول المتأتي من اكتشاف أعضائهم الجنسية، ما يؤدي تدريجياً في بعض الظروف إلى التحرش الجنسي، لذلك يقول بعض المختصين بأن هذه الظاهرة طبيعية، لكن يجب أن تسترعي اهتمام أولياء الأمور، والعمل على توجيه الأطفال وتوعيتهم حيال هذا الأمر، حتى لا يقع التحرش.
والحالة الوحيدة التي لا تكون فيها هذه الظاهرة طبيعية هي عندما يكون سبب تحرش الطفل بطفل آخر هو تعرضه نفسه للتحرش الجنسي سابقاً مما يجعله يطبق ما تعرض له على غيره من الأطفال!
يتساءل الآباء والأمهات الحريصون عن طرق حماية الطفل من التحرش الجنسي، إذ نجدهم يتساءلون: كيف أحمي ابني من التحرش الجنسي؟
ويقدر الخبراء أن هناك عدة نقاط ينبغي التعامل معها في هذا الصدد، نعرضها ضمن مجموعة نصائج لحماية الطفل من التحرش الجنسي:
• تنبيه الأطفال بأن المناطق الحساسة ممنوع لمسها، أو اقتراب الآخرين منها، وفي حال حاول أحدهم لمس المنطقة الحساسة، فيجب إخبار الوالدين.
• تحذير الطفل من الانفراد مع أي شخص بالغ في مكان منعزل بعيد عن الآخرين.
• تحذير الطفل من الذهاب إلى الحمام في المدرسة أثناء الحصص، حيث قد ينفرد به أحدهم، لذلك فعليه أن يستغل فترة الفسحة.
• غرس روح الدفاع في نفس الطفل، وإشعاره بمدى خوف وجبن المعتدي.
• إحاطة الطفل بالحب والحنان والإشباع العاطفي، حتى لا يبحث عنهما عند شخص آخر وينخدع بذلك.
• عدم ترك الطفل وحده في الأماكن العامة كالأسواق والملاهي والمطاعم.
• عدم السماح له بالنوم في بيوت الأقارب والأصدقاء، حيث إن أغلب قصص التحرش تحدث هناك.
• ألا يستجيب الطفل لدعوة رجل غريب يقترب منه في سيارته، أو أي وسيلة يغريه بها.
• تحذير الطفل من تلبية دعوة الإغراءات المادية والمعنوية التي قد يقدمها له أحدهم.
ازدادت نسبة التحرش بالأطفال في الوطن العربي في الآونة الأخيرة، حيث أن المشكلة تكمن في عدم الكشف عن جرائم التحرش خشية الفضيحة، فتشير الدراسات والإحصائيات العالمية إلى أن نسبة الأطفال الذين تعرضوا للتحرش في العالم هي 70%. حيث تفيد إحصائية ألمانية أن نسبة التحرش الجنسي بالطفل قد تصل إلى 15%، أي ما يعادل 200 ألف حالة سنوياً، فيما تثبت دراسة أمريكية أن 83 % من الأطفال قد تعرضوا للتحرش الجنسي. كما أن هناك بعض الدول العربية أعلنت عن بعض إحصائيات التحرش الجنسي بالطفل في الوطن العربي، داخل إطار العائلة، ونعرض بعضها هنا:
• التحرش الجنسي بالأطفال في الأردن: تؤكد عيادة الطبيب الشرعي في وحدة حماية الأسرة في الأردن أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة، شملت 174 حالة إساءة جنسية، كان المعتدي فيها من داخل العائلة في 48 حالة، وكان المعتدي معروفاً للطفل الضحية مثل الجار أو القريب، في 79 حالة، وفي 47 حالة كان المعتدي غير معروف للطفل، أو غريباً عنه.
• التحرش الجنسي بالأطفال في لبنان: أظهرت دراسة صادرة عن جريدة "لوريان لوجور" أن المتحرش ذكر في جميع الحالات، وأن الضحايا كنَّ 18 فتاة، و 10 أولاد تتراوح أعمارهم ما بين سنة ونصف إلى 17 سنة، وأشار المؤتمر اللبناني الرابع لحماية الأحداث إلى ارتفاع عدد الاعتداءات الجنسية على القاصرين، خاصة الذكور منهم، على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين .
• التحرش الجنسي بالأطفال في السعودية: كشفت دراسة أعدت في المملكة العربية السعودية عن التحرش الجنسي بالأطفال أن نسبة التحرش الجنسي بهم مرتفعة، إذ يتعرض طفل واحد من بين كل 4 للاعتداء الجنسي، وثمة دراسة أجريت في السعودية أيضا حول إيذاء الأطفال جنسياً عام 2002 بينت أن 49.23% ممن هم في سن 14 من إجمالي عدد السكان السعوديين حسب آخر تعداد آنذاك، تعرضوا للتحرش الجنسي، وبالرغم من ذك ما زالت نسبة الاعتداءات الجنسية على الأطفال غير معروفة وذلك بسبب تكتم الأطفال، أو حتى الأسر، خوفاً من المعتدي القريب أو الفضيحة.